* إذا كان الفلسطينيون قد توصلوا لقناعة لا تقبل الشك أخيرا بأن المفاوضات الجارية حاليا مع إسرائيل لن تقودهم إلا لفشل جديد فإن الإسرائيليين يعلنونها صراحة في تباه مقصود. ففي تعبير صارخ عن قناعته لفشل المفاوضات مع الفلسطينيين، أمر وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان الخبراء في وزارته بإعداد خطة سياسية وإعلامية لمواجهة ما سماه خطر إعلان الفلسطينيين بشكل إحادي الجانب عن دولة فلسطينية وخطر الاعتراف العالمي بها، ليبرمان يري وجوب أن تكون إسرائيل مستعدة للرد علي احتمال إعلان كهذا يحظي بدعم الأممالمتحدة أو أن يتم التوجه إلي مجلس الأمن بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية، وهناك اعتقاد إسرائيلي واسع بأن رئيس الحكومة الفلسطينية د. سلام فياض يعمل مع جهات أوروبية والدول المانحة للسلطة للتنسيق في إمكانية إعلان إحادي الجانب عن إقامة الدولة الفلسطينية وسبق لإسرائيل أن حذرت السلطة الفلسطينية من عواقب إعلان كهذا، ولمحت إلي أنهاستري نفسها في حل من كل الاتفاقات الموقعة مع السلطة، وهو ما أكده مجددا نائب وزير الخارجية داني ايالون مما يؤدي إلي نسف عمليةالسلام وتجميدها وتهدد إسرائيل الفلسطينيين بأنها ستقوم بخطوات كبيرة تجعل الفلسطينيين نادمين علي كل قرار اتخذوه دون تنسيق مع إسرائيل دون موافقة إسرائيلية وعدد هذه الخطوات لا ينتهي تبدأ من إعادة الحواجز العسكرية، ومنع العمال الفلسطينيين من العمل في إسرائيل أوتنتهي بإعادة اجتياح الضفة الغربية من جديد. ولأن المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين التي استؤنفت مطلع سبتمبر الماضي في واشنطن تحت إشراف الولاياتالمتحدة فقد توقفت منذ انتهاء العمل بقرار تجميد الاستيطان في الضفة الغربية لعشرة أشهر في نهاية سبتمبر الماضي، ولأن القيادة الفلسطينية أوشكت علي اليأس في التوصيل إناتفاق تفاوضي مع إسرائيل بشأن حل الدولتين، فإن التركيز الحالي للسلطة الآن بات ينحصر في كيفية دفع المؤسسات والمحاكم الدولية إلي إعلان دولة فلسطينية في الضفة الغربيةوغزة والقدس الشرقية حتي وإن كان يبدو هذا الأمر مستعصيا، غلي غرار ما حدث منذ عشرين عاما حينما أعلن الفلسطينيون دولتهم، وكان لهذا الإعلان تأثير طفيف لم يرق لمستوي الحدث، لذا فهم يحاولون الآن الحصول علي إعلان متعدد الأطراف بمباركة الأممالمتحدة حتي يكتسب الشرعية لأنهم أولا وأخيرا وفي كل مغامرة يكونون هم الطرف الضعيف. إن فكرة إعلان الدولة تتلخص في مناشدة الأممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية والموقعين علي معاهدات جنيف لمعارضة الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي للوصول في النهاية إلي نوع من التأكيد العالمي للدولة الفلسطينية التي ستكبل أيدي إسرائيل، حتي وإن كان يدرك الفلسطينيون جيدا أن خيار إعلان دولة فلسطينية مع وصاية دولية سيكون نظريا، إذ ستكون هناك دولة وقرارات، لكن لا وجود لها عمليا وواقعيا، وهي لغة اليائس في التعامل مع أسباب بائسة، لذا كان من الطبيعي أن يري ليبرمان في قيام الفلسطينيين بإعلان أحادي الجانب عن إقامة دولتهم في حال انهارت المفاوضات احتمالا واردا يتحتم علي إسرائيل الاستعداد لمواجهته!! غير أن هناك تشريعات تتحدث عن صوت العقل في إسرائيل بامكانها أن تستبق الأحداث وتنسق مع الإدارة الأمريكية عدة خطوات ايجابية تنفذها من طرف واحد مثل ما يسمي خطة الانطواء التي كان قد طرحها في بداية كلمة ايهود أولمرت، وهي خطة شبيهة بخطة الانفصال عن قطاع غزة. ومن هنا جاء فرض الكنيست الإسرائيلي لنقاش سياسي حاد علي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب الغزلة الدولية التي تعانيها إسرائيل جراء سياسته الخارجية وعجزه عن دفع مفاوضات السلام، فالكثير من النواب رفضوا ادعاءات نتنياهو بأن الفلسطينيين هم المسئولون عن تعطيل السلام وقالوا إن سياسته مبنية علي التهرب، واقتبس أحد النواب ما كتبه توماس فريدمان الكاتب الأمريكي الذي قال: إن القيادة الإسرائيلية تبدو كمجموعة من الأشخاص الذين يقودون سيارة وهم سكاري، واستشهدوا بما نسب من تصريحات إلي رئيس الدولة في إسرائيل نفسها شمعون بيريز الذي دعا إلي وقف المماطلات والتوجه إلي تسوية في موضوع الاستيطان تتيح استئناف المفاوضات محذرا من أن الوضع الحالي كارثي بالنسبة لإسرائيل.