الخطاب الأول للبابا لاون الرابع عشر.. نداء إلى السلام والوحدة    أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم.. بيتكوين تهيمن بحصة سوقية قدرها 63.9%    محافظة الجيزة تزيل حالات بناء مخالف بمنطقة المنصورية فى الهرم    الأونروا تدين اقتحام قوات إسرائيلية لمدارس فى القدس الشرقية    تشيلسى ضد يورجوردين.. البلوز يتفوق بهدف فى الشوط الأول.. فيديو    ترامب يأمل في حل المشكلة النووية الإيرانية دون قصف ويريد للإيرانيين النجاح الكبير    تشكيل تشيلسي - الشباب يغلبون على موقعة حسم التأهل لنهائي دوري المؤتمر    تصفيات كأس العالم - فلسطين تواجه عمان في الأردن    طاقم إسعاف كفر الشيخ يجري عملية ولادة لسيدة في محطة قطار    المعاينة: ماس كهربى وراء حريق شركة أدوية بالأزبكية    أحمد داود وخالد كامل يحضران ندوة فيلم الهوى سلطان بمهرجان المركز الكاثوليكى    الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنوية لنهاية الحرب العالمية الثانية    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    أخبار مصر اليوم.. بوتين يستقبل السيسي في الكرملين    "أوتشا": عنف المستوطنين بالضفة الغربية فى تزايد    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    نفس توقيت نهائي الكأس.. ديسابر يعلن ضم ماييلي لقائمة الكونغو الديمقراطية في يونيو    الزمالك يدعم فريق اليد ب 3 صفقات استعدادا للسوبر الأفريقي وكأس الكؤوس    محافظ سوهاج يتفقد مركز الكوثر الطبى ويوجه بخطة عاجلة لتشغيله    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    معدات ثقيلة لرفع سقف موقف قوص المنهار فوق 40 سيارة (صور)    رائحة كريهة تكشف عن جثة خمسيني متعفنة بالحوامدية    النواب يناقش تعديل قانون مهنة الصيدلة وتنظيم إصدار الفتوى الشرعية    تقرر مد مسابقة توفيق الحكيم لتأليف المسرحي .. اعرف تفاصيل    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    أكشن بتقنيات عالية.. الإعلان التشويقي لفيلم المشروع X ل كريم عبد العزيز    فعاليات تثقيفية متنوعة ضمن دوري المكتبات بثقافة الغربية    مسابقة قرائية بمكتبة مصر العامة    ياسمينا العبد: كنت متأكدة إني هبقى سبب فشل مسلسل «موضوع عائلي 3» (فيديو)    أمين الفتوى: لا يجوز للزوج أخذ "الشبكة" من زوجته رغمًا عنها بعد الزواج    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    القومى للبحوث: اكتشاف إنزيم مهم من فطر الاسبرجليس لتقليل الكوليستيرول بالدم    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    وزارة الشباب والرياضة ... شكراً    طلاب جامعة الدلتا التكنولوجية يشاركون في معرض HVAC-R.. صور    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    نيوم يدخل على خط المنافسة لضم سعود عبد الحميد.. والاتحاد يتصدر السباق    غموض حول اختفاء فتاة ببنها.. والأسرة تناشد الأمن مساعدتها في العودة    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    زوجة الأب المتوحشة تنهى حياة طفلة زوجها بالشرقية    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقدان البرلمان العراقي استقلاليته وهيبته
نشر في شباب مصر يوم 25 - 08 - 2013

لقد انتظر الشعب العراقي وقتاً طويلاً كي يكون كباقي شعوب الدول البرلمانية الدستورية لكي يساهم من خلال البرلمان إلى تطوير الدولة وأقامتها على أسس حضارية تتجلى فيها الحريات العامة والخاصة ومبادئ الديمقراطية ولتنهى إلى الأبد النظرة الرجعية التي ترى في قيام مؤسسة برلمانية صحيحة تقوم بواجباتها ووفق الدستور وان تتمتع هذه المؤسسة باستقلاليتها كما السلطات القضائية والتنفيذية ، كما أن استقلالها عبارة عن خطر يهدد مصالح الرجعية والدكتاتورية ووجودها الذي بقى يهيمن على الحياة السياسية حقب عديدة من السنين وفي الوقت نفسه رافضةً بشكل قاطع تبادل السلطة سلمياً، إلا أن مما يؤسف له أن هذا التدهور الحاصل في عمل وقيام البرلمان العراقي الحالي استمر بدون معالجات جذرية لكي يُنقذ من تدهوره والمشاكل التي تحاصره من الداخل والخارج وبقى يراوح في مكانه إلا من بعض القرارات والقوانين القليلة بالنسبة للفترات الزمنية التي قام فيها..
البرلمانات التي تنتخب بشكل ديمقراطي وتتمتع باستقلالية نسبية كسلطة تشريعية إلى جانب السلطات التنفيذية والتشريعية، تعتبر شريان الحياة القانونية التي تسن من اجل مصلحة الشعب ومصلحة الوطن، وهذه السلطة التشريعية يجب أن تُحترم قراراتها وما تصدره من قوانين تعتبر جامعة لكل فئات الشعب لكي تساهم في بناء الدولة وتقويم أسس للمجتمع السليم نسبياً، ويعتبر البرلمان ممثل الشعب في الدول الحضارية الديمقراطية لأنه ناتج عن الشعب وبدوره يعكس الوعي الاجتماعي الناتج عن عوامل عديدة.
التجربة البرلمانية في العراق تنوعت على امتداد تاريخ تأسيس الدولة العراقية فقد ظهر البرلمان وحسب الدستور الملكي في عام 1953 وتم حله بعد ذلك من قبل رئيس الوزراء في العهد الملكي نوري السعيد بعد أن حصلت المعارضة الوطنية العراقية على مقاعد في البرلمان، بعد ثورة 14 تموز 1958 وما بعدها لم تكن هناك حياة برلمانية ولا برلمان عراقي لكن في عام 1980 وفي عهد الدكتاتور صدام حسين تم تأسيس المجلس الوطني وهو مجلس اختصر على حزب البعث العراقي والمؤيدين له وقد توقف خلال الحرب العراقية الإيرانية ثم ظهر من جديد في عام 1989 حتى احتلال العراق وسقوط النظام الدكتاتوري في 2003، وحسب الدستور الجديد الذي اقر الحياة البرلمانية الدستورية فقد ظهر البرلمان العراقي عام 2005 وهي بداية لإجراء انتخابات تشريعية متتالية آخرها في 7 / آذار / 2010 وبهذا ظهر البرلمان كحالة دستورية مستمرة على الرغم من المثالب والأخطاء والتجاوزات التي صاحبت الانتخابات وتدخلات القوى صاحبة نفوذ المال والسلطة في نتائجها التي ظهرت بعد اعتماد قانون انتخابي غير عادل استطاعت القوى المتنفذة استغلاله لصالحها والاستحواذ على أكثر من (2) مليون صوت انتخابي بدون أي حق وبهذا حرمت القوى الوطنية والديمقراطية من حقها الطبيعي في المقاعد البرلمانية، وأصبح البرلمان العراقي بعد إن تم لوي عنقه حكراً على هذه القوى وتابعاً مريضاً للقوى التي أحالته إلى شبه عاجز إلا فيما يخص مصالحها ومخططاتها، وبهذه الحالة غير الطبيعية البرلمان العراقي الحالي لا يؤدي واجابته بشكل صحيح وكان من المفروض عليه أن يكون بحق وحقيقة ممثلاً للشعب لا برلماناً ضعيفاً في أداء مهماته كسلطة تشريعية وإصدار القوانين التي هي أعمدة للنظام الديمقراطي البرلماني، وفي القوت نفسه نجد تصارع أكثرية أعضائه على مصالحهم وزيادة رواتبهم ومخصصاتهم غير مهتمين بالمخططات التي وضعت لإسقاطه وفقدان الثقة به لا بل أن هذا الضعف افقده هيبته وضعف قدرته على مواجهة التحديات ومن بينها رفض رئيس الوزراء والبعض من الوزراء والقادة الأمنيين الحضور لا بل حتى الاستضافة للبحث في الأوضاع الأمنية المضطربة أو أية أوضاع تهم مصالح البلاد، وهذا دليل على أن البرلمان العراقي الحالي تتحكم فيه البعض من القوى السياسية وهو مسير حسب رغبات وقرارات هذه القوى حتى من خارج البرلمان ولها تأثيرات واضحة على سير عمله وتوجهاته التي خصها الدستور العراقي، وقد انتهى به المطاف إلى ضعف الاستقلالية التي هي أساس النجاح في تنفيذ المهمات الملقاة على عاتقه وبعدم التدخل في شؤونه والتأثير على قراراته مما خلق فجوة ما بينه وبين الحكومة وبالتالي جعله عقيماً في كثير من الأحيان مما اضعف قدرته على القيام بدوره التشريعي بشكل كامل وبدى في أعين مئات الآلاف من المواطنين بأنه برلمان غير مؤهل لتمثيله على الأقل لأكثرية المصوتين في الدورة الانتخابية السابقة في 2010 ولا حتى ممثلاً للكثير من الأصوات التي تعد بالملايين بعدما سرقت وجيرت هذه الأصوات حسب قانون الانتخابات السيئ الصيت للقوى المهيمنة على القرار، وهكذا أصبح البرلمان العراقي ومثلما يقال " لا يهش ولا ينش " بغياب متكرر لعشرات النواب الذي يضعون مئات الملايين في جيوبهم الخاصة وعدم احترامهم للأصوات التي انتخبتهم ولا إلى القوانين المرعية التي تؤكد على حضورهم لكي على الأقل " يحللوا تلك الملايين من الدنانير التي يقبضونها كرواتب ومخصصات" ويقوموا بواجبهم الوطني لإنجاح التجربة البرلمانية الدستورية وليس خدمة مصالحهم الذاتية ولاستغلال الأوضاع بشكل انتهازي من اجل الحصول على الأموال، وهكذا قتلت الفرحة في صدر الشعب العراقي الذي كان يأمل بوجود برلمان حقيقي يقوم بواجبه تجاه قضايا المواطنين الملحة وقضية العراق الوطنية وليس برلماناً تسيطر عليه الطائفية بأحزاب الإسلام السياسي وقوى سياسية مشغولة بمصالحها لا ترى المخاطر التي تكمن في انهيار التجربة البرلمانية وهدفها إسقاط البرلمان ودفع الشعب لزيادة الشك بقدرته واستقلاليته ليكون كباقي البرلمانات في الدول البرلمانية الدستورية حيث الاستقلالية تلعب دوراً متميزاً في التشريعات والقرارات لصالح المجموع وليس فئة محددة دون غيرها ، فإذا لم تتم معالجة أوضاع البرلمان العراقي الداخلية والخارجية فسوف يبقى دوره هامشياً عاجزاً عن أداء مهماته لكي يكون احد الأسس الأساسية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية، فمهما بالغوا في الكلام وأكثروا في إطلاق التصريحات حول جلساته أو تأجيلها لسبب واحد هو الغياب أو امتناع بعض الكتل من حضور جلساته بقرارات حزبية سياسية لا تتماشى مع ما نص عليه الدستور، وإذا بقت الحالة على ما عليها الآن فسوف ينتج عن الانتخابات التشريعية القادمة برلماناً لا يختلف عن البرلمان الحالي إلا بتغير البعض من الأسماء لتستمر حالة الشللية والضعف ولن يكون برلماناً حقيقياً يمثل الشعب، وهذه الأحزاب والكتل لا يهمها مصير البلاد ولا عواقب تدخلاتها التي تخلق أجواء من المشاحنات والخلافات السياسية أكثر مما هو عليه، ولهذا تتحمل هذه الأحزاب والكتل المسؤولية لضعف وهزال دور البرلمان العراقي الحالي، ولن تجدي محاولات الترميم السطحي للتغيير لان البرلمان بات مرهوناً للتنافس السياسي الحزبي والطائفي وستبقى جلساته التي يتغيب عنها اعتيادياً أكثر من 100 عضو برلماني وتؤجل إذا لم تستوفي النصاب القانوني عبارة عن عمل روتيني لأكثرية أعضاء المجلس وقد ينجز البعض من القوانين والقضايا وفق أهميتها للكتل المتنافسة وليس للشعب أما القوانين المهمة التي ينتظرها الشعب مثل قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وقانون النفط والغاز وقانون العمل والأحوال الشخصية وقانون التقاعد وقوانين أخرى مهمة فإنها تعطل وتؤخر وترَحل إلى دورات أخرى وبهذا تستمر حالة التشرذم والخلافات وخلق المشاكل بين الكتل البرلمانية، كما تجري محاولات على أكثر الصعد لعدم تشريع القوانين إلا وفق المصالح الحزبية والطائفية.
إن الذين يزايدون على عمل البرلمان واتهامه بشتى التهم هم الذين يضعون العصا في عجلة عمله وهؤلاء هم من الكتل المتنفذة التي بيدها القرار وإمكانيات تعطيل عمله وضعف هيبته وبالتالي جعله برلماناً ضعيفاً غير قادر على أنجاز مهماته الضرورية، على هؤلاء أن يكفوا من التدخل في شؤونه ولا يستغلوا الأوضاع الأمنية المضطربة التي تزداد اضطراباً وتوسعاً يوما بعد يوم وعند ذلك سنرى كما في البلدان الديمقراطية والدستورية نجاحه وسيره الطبيعي في تشريع ما هو صالح للبلاد، لتكف القوى السياسية والدينية الكبيرة بعدد أعضائها عن ممارسة شدّ الحبل فيما بينها لكي يقوم البرلمان بعمله بشكل صحيح وتخليصه من حالة الشللية في الكثير من أعماله وجلساته التي لا تثمر إلا القليل والقليل جداً في عرف العمل الايجابي والإنجاز السريع، من يريد أن يكون البرلمان قادراً على الوقوف أمام التدخل في شؤونه وعدم التجاوز على استقلاليته كسلطة تشريعية عليه أن يلزم أعضائه بالحضور وعدم الغياب أي بالكلام الفصيح اختيار النواب الذين يضعون ضمائرهم نصب أعينهم لمصلحة العملية السياسية ومصلحة العراق، وأن يحترم الدستور ويتخلص من أنانيته الحزبية والمصلحية والطائفية منتقلاً بشكل واضح إلى الوطنية البناءة وتغليب مصالح كل الشعب على مصالحه الضيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.