يَتخيل رؤساء أحزاب النظام أنهم يخوضون معارك انتخابية حقيقية بشأن الدفاع عن مُسمى مُصطلح الديمقراطية والنزاهة الانتخابية.. وهذه المعارك تبدو في واقع الأمر وهمية، جاءت بوادرها في تشكيل قائمة وطنية لخوض انتخابات الشيوخ، دون تشكيل أي قائمة أخرى منافسة حتى ولو من أحزاب المعارضة المصطنعة حفاظاً على الشكل العام للانتخابات. يُمكن لِقادة هذه الأحزاب- الهامشية والكرتونية- أن يَعملوا في مجالات مثل التسويق والتصوير والأزياء والعِطور، لِكونهم بارعين في إقناع أنفسهم وتصوير أنفسهم بكل حِرفية أنهم يَخوضون معركة انتخابية حقيقية. يَكذب على نفسه وعقله من لا يَرى وجود أحزاب ينطبق عليها مصطلح الكرتونية والهامشية كما في تعددها المُبالغ فيه، والذي يَزيد عددها عن 87 حزبًا، حسب الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات. لِكون محاولة تصدير ديمقراطية الانتخابات النيابية بتشكيل قائمة وما تلاها من مُسميات ما هو إلا محاولة للضحك على الذقون وليس الشعب. كان بإمكان أحزاب النظام أن تُشكل قائمة أخرى منافسة لها من الأحزاب المعارضة المصطنعة- مثل الحزب الذي يَقوم ممثله بانتقاد الحكومة ليل نهار في مجلس النواب- وأن يَكون على رأس القائمة المنافسة لا أن يَنضم حزبه لهذه القائمة التي تأتي بدون منافس. أخطأنا خطأ كبيرًا حينما تركنا لهذه الأحزاب الكرتونية التحكم في مصير هذه الانتخابات، فالشارع المصري لا يَعرف أسماء رؤساء الأحزاب.. فما بالك بالأسماء التي تطرحها هذه الأحزاب في الانتخابات...!! تتكرر مشاهد أخطاء الأحزاب في من يُمثلها في الانتخابات القادمة حينما أعلنت عن صاحب أشهر مطاعم الأكل في مصر وأغنى أغنياء دكاترة أطباء الأسنان في مصر خوض الانتخابات باسم حزبهم. لم يكن بوسعنا انتقاد القائمة الوطنية لو كانت هذه الأحزاب قوية وقادرة على تمثيل نبض الشارع بكل فاعلية، حيث أن الأحزاب الحقيقية هي من تشكلت عكس قاعدة الهرم المقلوب التي نكتب بها الخبر الصحفي.. إلا أن هذه الأحزاب تشكلّت من أعلى إلى أسفل وليس العكس.. والدليل على ذلك أن القيادات العليا في هذه الأحزاب الهامشية هيَّ من تقوم ب تعيين قيادات المستويات الوسطى ثم المستويات التي تليها وصولاً إلى قيادات المراكز والقرى دون إعمال حقيقي لآليات الانتخاب التي قد تُفرز قادة حقيقية وليس شكلية جاءت عن طريق الأموال أو مستمد نفوذها من النظام. من مصلحة النظام التفاضل الحقيقي بين المصالح والأولويات، لأنه في ضوء ما سبق من انتخابات نيابية ماضية كان تعبيرًا للمشهد الذي نعاني منه حاليًا سواء في ضعف الكوادر أو في من يمثل الشارع بشكل حقيقي. ومن مصلحة النظام أيضًا إعطاء الشعب مساحة تعبير حقيقية في انتخابات الشيوخ والبرلمان المرتقبين حتى يَشعر الشعب أنَّ له دور حتى ولو كان رمزيا بدلا من إهمال صوته الانتخابي نهائيًا. وختامًا، إذا ما استمر النظام في الإصرار على تشكيل قائمة وطنية واحدة دون منافسة من قائمة أخرى حتى ولو شكلية أو الدفع بمرشحين تربطهم المصالح بالأحزاب أكثر من الأولويات على المقاعد الفردية فإن مجلس النواب القادم بغرفتيه لن يَحظ بغطاء كامل من الشعبية الحقيقية أو حتى الطبقة السياسية.. وسيكون النظام هو المُطالب الأول بالدفاع والتبرير لأي قضية تريد إيضاح وليس نواب الشعب لأنهم يُمثلون أنفسهم في المقام الأول. حفظَ اللهُ مِصرَ وَشعبها ومُؤسساتها.