لجان ترشيح المتقدمين لمنصب العميد بكليات ومعاهد جامعة القاهرة تنهي أعمالها    أسبوع الحسم، آخر مستجدات قانون الإيجار القديم    مدير الإغاثة الطبية بغزة: 17 ألف طفل يعانون من سوء تغذية شديد    تشكيل ليفربول المتوقع أمام ميلان    تجديد حبس سائق بتهمة سرقة 6 ملايين جنيه من مالك شركة يعمل بها بالعمرانية    الأرصاد تحذر من ذروة موجة حارة تضرب القاهرة    مطار مرسى علم يستقبل 184 رحلة من 15 دولة أوروبية الأسبوع الجاري    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    كيم جونج أون لجيشه: يجب الإستعداد ل«حرب حقيقية في أي وقت»    الكونجرس الأمريكي: 75% من سكان غزة يواجهون مجاعة عقب الحصار الذي فرضه نتنياهو    قائمة الجامعات الأهلية المعتمدة في تنسيق 2025.. دليل شامل للطلاب الجدد    تنسيق 2025.. موعد المرحلة الأولى لطلاب الثانوية العامة وأسماء الكليات المتاحة لكل شعبة (تصريحات خاصة)    أسعار الخضروات اليوم السبت 26 يوليو في سوق العبور للجملة    حالة المرور اليوم، سيولة مرورية نسبية وأحجام محدودة في محاور القاهرة الكبرى    تعرف شخصية ليلى زاهر في مسلسل وادي وبنت وشايب    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    توفيق الحكيم، كره المرأة بسبب هدى شعراوي وعبد الناصر كان يعتبره "الأب الروحي"    «لو ابنك بلع مياه من حمام السباحة؟».. خطوات فورية تحميه من التسمم والأمراض    «خبراء يحذرون»: لا تغلي «الشاي مع الحليب» لهذا السبب    «لماذا ينصح بتناول لحم الديك الرومي؟»... فوائد مذهلة لهذه الفئات    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    رابطة الأندية توجه الدعوة لأبو ريدة لحضور قرعة الدوري    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أسفار الحج (9).. زمزم والنيل    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو 2025.. الجنيه الذهب ب37040 جنيها    الأهلى يزاحم الهلال على ضم نونيز من ليفربول    خدمة جوجل فوتو تضيف أدوات لتحويل الصور القديمة إلى مقاطع فيديو متحركة    أبو حلاوة يا تين.. عم محمود أقدم بائع تين شوكى فى مصر عمره 65 سنة.. فيديو    3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    بعد أزمات فينيسيوس جونيور، هل يتحقق حلم رئيس ريال مدريد بالتعاقد مع هالاند؟    «سبوتيفاي وأنغامي» يكشفان عن صاحب المركز الأول.. عمرو دياب أم تامر حسني؟    2 مليار جنيه دعم للطيران وعوائد بالدولار.. مصر تستثمر في السياحة    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    «هيسجل إمتى بعيدًا عن ضربات الجزاء؟».. تعليق مثير من الغندور بشأن زيزو مع الأهلي    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    إيطاليا: الاعتراف بدولة فلسطين ليس ممكنا إلا باعترافها بإسرائيل    برج الحوت.. حظك اليوم السبت 26 يوليو: رسائل غير مباشرة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    بيان من المستشار القانوني لنقابة الموسيقيين للرد على الناقد طارق الشناوي بعد أزمة راغب علامة    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    حماس: لم نُبلغ بوجود أي إشكال بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ونستغرب تصريحات ترامب    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    قفزة في أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 26 يوليو 2025    رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفصال جنوب السودان مجرد اشاعة
نشر في شباب مصر يوم 14 - 10 - 2010

لقد قيل الكثير في تعريف الإشاعة ،وقد درسنا في كلية الاعلام ان الإشاعة هي كل معلومة أو خبر يقدم للتصديق ،من شخص لآخر, دون أن يكون له معايير أكيدة للصدق , فالإشاعة هي بث خبر من مصدر ما في ظرف معين ولهدف يريده المصدر دون علم الآخرين . وهي الأحاديث والأقوال والأخبار والقصص التي يتداولها الناس , دون أمكانية التحقق من صحتها أو كذبها . فالإشاعات تنتقل وتنتشر كلما ازداد الغموض ونقص المعلومات حول الأخبار التي تنشرها هذه الإشاعات .
وقد يصفني البعض عندما أقول أن انفصال الجنوب السوداني مجرد إشاعة بأني كذاب أشر،هذا إن كان رفيقا بي ولم يلصق بي صفة العته والجنون ،وقد يصفني بالعيش في كوكب آخر، وبعيد عما يجري في السودان، من حراك سياسي وشعبي واسع ،وقد يسألني أحدهم ألم تسمع بتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون ،التي تقول فيها :أن انفصال جنوب السودان حتمي،الم تسمع لتصريحات قادة الحركة بدء من سلفاكير ومرورا بأتيم قرنق وانتهاء بباقان أموم؟ ألم تطالع مقال المهندس الطيب مصطفي قبل إيقاف انتباهته ،ثم بعد فك القيد عنها،ألم تسمع بمسيرات طافت مدن الجنوب مبشرة ومطالبة بالانفصال؟ كيف تقول أن الانفصال مجرد إشاعة،أعترف أن كلماتي هذه هي الإشاعة بعينها ،وما حملني عليها هو أنني ربما شاهدت رقصة مميزة لمجموعة من فتيات قبيلة الزاندي الأنيقات ، ورجالها الأشاوس بمسرح قطر الوطني ، وهم يشاركون ضمن مجموعات أخري في ختام فعاليات الدوحة عاصمة للثقافة العربية،لم أفهم حقيقة الكلمات التي كانت تصاحب تلك الرقصة ،ولكن الذي فهمته أن تلك الفرقة شاركت ضمن وفد السودان ربما لتذكرنا أن السودان ما زال واحدا موحدا، ومثلما عطرت تلك الفرقة الزاندية مساءات الدوحة الجميلة ، فعل الفنان عمر أحساس مع فرقته "مجموعة رسل السلام" فبدأ بأغنية معبرة تقول كلماتها: "بين الدوحة والخرطوم، أواصر للمحبة تدوم"، ثم عددا من أغنياته منها أغنية " و"عرب وفور يعيشوا سوا" التي لقيت تجاوباً كبيراً وتصفيقا حارا من جانب الجمهور،
مما أعطانا أحساسا صادقا أن دارفور هي الأخري، لن تنفصل عن السودان مستقبلا، وكدت شخصيا أعتبر خبر مشاركة الفنان الموسيقار ،محمد الأمين، في ذلك الحفل إشاعة، فبعد أن قدمته مذيعة الحفل الأنيقة تأخر قرابة ربع الساعة عن صعود خشبة المسرح، مما جعل الجمهور وكبار ضيوف الحفل، يشعرون بالملل والحرج في ان،وقال احدهم كان يقف بجانبي ساخرا( الذول ده يمكن يكون حايم في مجمع فلاجيو)(وهو مجمع شهير في العاصمة القطرية الدوحة) وقال آخر ربما يريد ان يقبض حقه قبل اعتلاء المسرح ،وقصص العداد مع فناني السودان لا تحصي ، المهم صعد إليه أحد منسوبي السفارة ولا ندري ماذا دار خلف الكواليس ثم صعد ود الامين، وحيا الجمهور ،وارتجل كلمة رصينة، شكر فيها الجمهور والجالية، وقدم عددا من أغنياته الخالدات.وذكرتني هذه الواقعة بقصة يرويها صديقنا الجميل الكاتب الساخر زكريا حامد مفادها أن أحد بلدياته توفي وكان مقصرا في أداء الصلوات في حياته وعندما حمل جثمانه ليصلي عليه في أحد المساجد ،(حلف عنقريب الجنازة يمين ما يدخل المسجد،فما كان من أحد أصدقاءه الا أن يهمس في أذن المبين ويخاطبه بقوله: يا حج محمد أنت ما راح تصلي، همن اللي راح يصلوا عليك ، فدخل العنقريب توش)وربما قال مندوب السفارة شيئا من هذا القبيل،وربما كان لفناننا الكبير، سببا آخر نجهله، لكني علي أية حال لم استسغ ذلكم الموقف ) فالتحية للصديق الأنيق زكريا والرحمة والمغفرة لذلكم المتوفي، ولعل القصة كانت من اختلاق زكريا،وخياله الخصب دائما وسرعة بديهته ،في التنكيت علي أهله ،فهم والحق يقال أناس طيبون متدينون عكس ما يقال عنهم .
نعود الي الإشاعة ، فالإشاعة هي عملية نشر الأخبار والمعلومات , ونتائج هذه العملية . وهي تنطلق بسهولة وسرعة عندما تكون الظروف ملائمة، لما تتضمنه من أخبار . وهناك مصدر الإشاعة، وهو الذي يقوم ببنائها وتشكيلها، ويبدأ في نشرها , أكان فرداً أم جماعة , وهناك في السودان حزب عقائدي يساري عريق يجيد فنون الإشاعة ، وهناك متلقي للإشاعة , وناشر ، والشرط الأساسي لانتشار الإشاعة انعدام معرفة الحقيقة , ورغبة المتلقي في المعرفة ، ووجود دافع وفائدة لمطلق الإشاعة لنشرها ،لذلك فإن خبر قرب انفصال جنوب السودان ليس إشاعة بحال من الأحوال ، يطلقها سلفا او باقان او عرمان او هيلاري او أحد احد وإنما حقيقة ، سوف تتأكد إن أجري الاستفتاء، علي حق تقرير المصير للجنوب، في موعده المضروب في يوم9/1/2011م لكن هناك إشاعات كثيرة تصاحب هذه العملية ،وتفرغ وسائل إعلامنا، خاصة المقروءة منها، كما كبيرا من الأخبار،غير الموثوق بها والتي تدخل في باب الإشاعة، وأحيانا الإشاعة السوداء وهي اخطر أنواع الإشاعة لما لها من تأثير تدميري ،فمن قائل أن بترول السودان سوف يقل بعد عامين،وينضب في بحر 15عاما ،ومن قائل أن الحركة الشعبية حشدت اكثر من ثلاثين ألفا من قواتها، التي يقارب عددها مائتي ألف ،في مناطق لا ينبغي لها ان تتواجد فيه، ومن قائل أن الجيش السوداني هو الاخر يحشد قواته في منطقة ابيى، ولا ادري هل هي حقا المنطقة غنية بالنفط ؟ كما تردد وسائل الاعلام الغربية وتتلغف منها وسائل إعلامنا وتردد وتنشر دون تدقيق وتمحيص ،و يقولون أن احتياطي النفط السوداني سوف يتجاوز عتبة سبعة بليون برميل ،ويردد بعضهم ان المكتشف منه في مناطق شمالية اكبر من المستخرج من مناطق جنوبية، ويطلق القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي علي محمود حسنين خبرا يمكن أن نصنفه في خانة الإشاعة، حينما يقول: أن البشير سوف يحتل آبار النفط في ابيى حال انفصل الجنوب ، تماما كما فعل صدام حسين، عندما احتل الكويت في بداية التسعينات ،والخوف كل الخوف ان تصدق إشاعة الرجل ، فيحرق البشير آبار النفط كما فعل صدام بآبار النفط الكويتية، و نحترق نحن جميعا في دويلتي الشمال والجنوب، حينما تجيش أمريكا الجيوش لغزو دويلة الشمال، والقبض علي رئيسها لكن ما لا يعتبر إشاعة في هذا الصدد ، أي موضوع النفط السوداني،أن إسرائيل كانت قد أرسلت البروفسير إيليا هولونفسكي الي الجنوب قبل سنوات عديدة ، في إطار دعمها لحركات التمرد الجنوبية، بهدف تطويق مصر، حسبما قال العميد المتقاعد في الجيش الإسرائيلي موشي فرحي ،في دراسة أعدها لصالح مركز دراسات الشرق الأوسط ، حيث نصح الخبير الإسرائيلي قادة التمرد منذ الانانيا واحد، والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل قرنق، بضرورة الانتفاع بثروتهم النفطية ،وإسرائيل التي حرصت علي إقامة علاقات وثيقة مع حركات تمرد الجنوب المختلفة ،اسوأة بعلاقاتها مع الأكراد، من خلال إستراتيجية طويلة المدي بدأت منذ الخمسينات، ومستمرة الي اليوم ، للسيطرة علي منطقة القرن الأفريقي ومنها جنوب السودان، لما تشكله لمصر من أهمية بالغة ،علي صعيد أمنها القومي وقد صاغ الإستراتيجية كل من بن غوريون واوري لورباني ، وقد استفادت من خلالها حركات تمرد الجنوب، حيث تلقت دعما سخيا، تمثل في تدريب جنود ومد الحركات بأسلحة كانت إسرائيل قد غنمتها من حربها ضد العرب عامي 1956 و1967 حسبما أشارت تلك الدراسة الإسرائيلية التي اعترفت بان التمرد في الجنوب استطاع احتلال مدن رئيسية بفضل ذلك الدعم ،لذلك يمكننا القول أن الأيادي الاسرائلية تعبث بمقدرات السودان منذ زمن بعيد ،وسعيها لتفتيت السودان قديم،و سوف يستمر، وليس بمستغرب ان تواصل أمريكا،اكبر داعم للكيان الصهيوني المغتصب، ضغطها علي الشمال ،كي يقبل بنتيجة فصل الجنوب كأمر حتمي، كما قالت الوزيرة كلنتون، وبناء علي ما سبق واستنادا الي وجود سفراء مجلس الأمن الدولي خاصة المليحة سوزان رايس مندوبة أمريكا، في السودان هذه الأيام نستطيع القول، ان الوحدة هي الإشاعة واللهث ورائها هو السراب بعينه، الذي نحسه جميعا ماء،ذلك أن مخطط تمزيق السودان، هو مخطط غربي قديم ضد العرب والمسلمين، تقود كبره أمريكا والصهيونية العالمية، وقد نجح في فلسطين ، والعراق ويجري، تنفيذه في اليمن ولبنان وأفغانستان ،ومناطق اخري من عالمنا العربي والإسلامي،وعلي قادة المؤتمر الوطني، ونخب الشمال أن لا يدفنوا رؤؤسهم في الرمال ، بل عليهم تقبل الواقع المرير،الذي حتمته علينا، قوي لها إطماع، دون ان ننسي ان ما حدث أيضا فيه الكثير من صنع أيدينا، وكما قال السفير عبد الله الاشعل،في مقال له في شهر يوليو الماضي ان الرئيس البشير لو ابدي استعداده للاعتراف بإسرائيل واغفل المقاومة العربية،وتخلي عن دعمه لفلسطين،كان سيظل رئيسا للسودان مدي الحياة، وتحافظ له واشنطن علي السودان موحدا، وربما كانت ستسعي الي ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، فيتحول بقدرة قادر عندهم، أي عند أمريكا والمحكمة الجنائية الدولية الأوربية، من قاتل مطلوب للعدالة،الي قديس ينشر السلام والعدل،في أحراش جنوب السودان ،لذلك ليس امام البشير الذي أضاع فرصة ثمينة لحكم السودان الي الأبد ،الا ان يرضخ لقبول إجراء الاستفتاء ،وفق اتفاق نيفاشا، حتي لو قامت الحركة بتزوير نتائجه وعليه أن يسلم بشهادة المراقبين الأوربيين، ومركز كارتر، تماما كما فعل مع نتائج الانتخابات الأخيرة التي حملته الي سدة الرئاسة، ذلك ان أمريكا لم تتوقف كثيرا عند تلك المحطة لان عينيها كانتا علي محطة أهم هل محطة استفتاء فصل الجنوب،وعدم احترامه لمخرجات ونتيجة الاستفتاء، سوف يعني ربما عدم اعتراف الدول العربية، وبعض الدول الاسلامية ،او كلها وعددا من الدول الأفريقية ، وسوف يعني ذلك بالضرورة الانزلاق في طين حرب ضروس، بين الجنوب والشمال ،وسوف يعني ذلك بالضرورة ، تأييد ومباركة واعتراف أمريكا وإسرائيل والدول الأوربية بالدولة الجديدة في الجنوب ،ولنا ان تصور كيف ستدعم الدول العربية ومن يقف مع السودان الشمالي، جهود تلك الحرب في مقابل دعم غربي غير مسبوق للدولة الناشئة، حديثا في الجنوب،نعم انه سيناريو كإرثي كما قال البشير،وعليه سوف تصبح كثير من الإشاعات، التي تطلق حاليا في ساحتنا السودانية ، حقائق ومسلمات، وعلي سبيل المثال لا الحصر نشير فقط الي التالي:
سوف تسحب دولة الشمال الجنسية من مواطني الجنوب، بالمدن الشمالية رغم حديث سلفاكير ووالي الخرطوم، عبد الرحمن الخضر، في هذا الصدد بجوبا،ويعني ذلك أن يحزم إخواننا الجنوبيين حقائبهم ميممين، وجوهم شطر دولتهم الجديدة.وفي المقابل علي إخواننا في مدن الجنوب، مغادرة تلك المدن الي الشمال دون إبطاء، حتي لا يكونوا أهدافا لتفلتات جنوبية لا ترحم ، ويعني عدم اعتراف المؤتمر الوطني بنتيجة الاستفتاء، حال جاء بالانفصال للجنوب، توقف عمليات انتاج النفط في المناطق الجنوبية، خاصة ابيى، سيما أن لم يتوصل الشريكان الي اتفاق بشأن القضايا العالقة حولها ،أما اذا لم يجر الاستفتاء في موعده، وسعت الحركة الشعبية لاعلانة من جانب واحد ،فسوف يعني هذا إلغاء كاملا لاتفاقية نيفاشا، وكل ما جاءت به من بنود وبروتوكولات وغيرها،وستعني مجمل هذه التطورات التي لا يعلم احدا من المحللين الي أين ستنتهي، الي تصعيد شديد لازمة دارفور، وسوف يصعد اوكامبو في المسرح من جديد، مطالبا البشير وإخوانه الي تسليم أنفسهم لمحكمته، وسوف تسانده أمريكا وأوربا في ذلك، وسوف تنعقد جلسات مجلس الأمن صباحا ومساء، من أجل بحث تطورات المشهد السوداني الذي سوف ينفتح امام كل الاحتمالات والسناريوهات، وسوف تصدر عشرات القرارات التي تشدد الخناق علي السودان الشمالي،وما سيحدث لنا ربما ا لن يخطر علي قلب بشر،وقد تتحد حركات تمرد دارفور، مع الحركة الشعبية وتنطلق من الدولة الجديدة ،حتي ولو كانت فاشلة، لكن هل سيقبل الغرب ان تكون الدولة التي عملوا علي ولادتها ،وصناعتها بشتي السبل دولة فاشلة؟ هذا سؤال ستجيب عنه الأيام القريبة، الحبلي بالمفاجات، التي سوف تشيب لها الولدان، والحقيقة المؤكدة أن اقتصاد الدولتين، سوف يتدهور سريعا،وان معاناة الناس سوف تزداد،وان الغربيين سوف يحذرون رعاياهم، من السفر الي السودان شماله وجنوبا ، وقد تجد القاعدة ملاذا لها في الشمال، يغري أمريكا بضرب مواقع عديدة في الشمال بحجة ان الشمال يأوي عناصر إرهابية،وقد تستعين الدولة الجنوبية بمرتزقة من دول الجوار، خاصة من يوغندا وكينيا ورواندا والكونغو،ومن الإشاعات التي سمعتها، ولم أصدقها، ان الحركة الشعبية فعلا جندت داخل صفوفها عناصر من الإقليم، وتمنحهم رواتب تفوق رواتب مواطنيها، بل استجلبت آلاف من مواطني يوغندا وكينيا، وجعلتهم يقيمون بشكل دائم في مناطق الجنوب المختلفة، وقد تعمل علي تمكينهم من المشاركة في الاستفتاء، لترجيح كفة الانفصال ،ومن الإشاعات التي يتم تداولها، ان كميات كبيرة من السلاح يتم تكديسها في ضواحي الخرطوم، من قبل عناصر الحركة الشعبية، لاستخدامها عند الضرورة،وما اكثر الإشاعات، عندما تتداول بين الناس، ونشارك نحن في الترويج لها ،ولذلك دعونا نقول بحسن نية ومخالفين لكل الوقائع، الماثلة أمامنا أن الشريكين سوف يتفقان علي قضايا ومتطلبات الاستفتاء ،وأن الاستفتاء سوف يجري بكل نزاهة وشفافية، وحرية وحيدة من الأطراف كافة، وسوف يجري بالسلاسة التي تتمناها أمريكا، وأن الجيش الشعبي، لن يتدخل لتغيير إرادة المستفتين، وأن الجنوب سيكون جزء من السودان الواحد الموحد،وأنه حتي لو أنفصل فلن يحارب الشمال، ولن يحاربة الشمال ، وسيكون نفطه لصالح مواطني الدولتين .
صمت طلحة جبريل لماذا؟
صديقنا الاستاذ طلحة جبريل مدير مكتب جريدة الشرق الأوسط في المغرب الكبير،قرر أن يفرغ أحبار قلمه في البحر ويطوي أوراقه ،قرر الصمت لأنه ببساطه يري أنه كان ينحت في صخرة صماء صلدة ،وكان يخاطب إذانا صماء، هي الأخري وقلوبا غلفا ، ويتساءل هل الكتابة في الشئون السودانية هي مجرد حضور في دفتر غياب ؟ فيجيب ، إذا كان الأمر كذلك، فلا داعي للكتابة، وكنت قد كتبت إليه رسالة موجزة فور اطلاعي علي قراره الصادم هذا، ورجوته أن يتراجع، وأن لا يطيل الصمت وفيما يلي رسالتي اليه.
آخر مقال لماذا ؟ إضاءة
رجح لي أن أتوقف عن الكتابة، وبالتالي الابتعاد عن ما يجري لنا وما يجري حولنا في السودان. توقف وجدت أنه يعرض نفسه ثم يطرح نفسه ثم يفرض نفسه. في بعض الأحيان يكون الصمت ابلغ من
الكلام لقد اخترت الصمت (طلحة جبريل)
لماذا اخترت الصمت استأذنا طلحة؟
ليس مثلك من يختار الصمت، بل الذين ليس لديهم ما يقولونه، وأولئك القصار، الذين لا يسمع احدا لهم ،من حقك ان تكتب ،عن كل الكيانات السياسية ،ومن حقك ان تحلل واقعنا المتهرئ، لسبب بسيط ،هو أنك تملك من الخبرات، والأفق السياسي، ما يجعلك أفضل بكثير جدا من مدعيي السياسة في بلادنا ،وليس مثلك من يصمت ،في موسم الإثمار الجيد، فنخلتك الباسقة، أستاذ طلحة، يهزها الان كثيرون ،علها تمطرهم برطب جني ،يرطب أكبادهم ،ولست وحدي من يقول ذلك .
أتفهم صمتك لبرهة، لأسبوع أو لشهر، ذلك أن النفوس اذا كلت ملت، والقلم لو أصبح يفرغ أحباره دوما ،ربما عاني من بعض أعراض إسهال الحروف ،لكن يراعك محصن ولله الحمد، ضد تلك الأعراض، أتفهم توقفك لوقت وجيز، لدواع خاصة ،وهموم تشغلك كالتأليف وغيره ،لكن الصمت مطولا، رغم انه في كثير من الأحيان اغلي من الذهب عيار 24 لكنه ليس طيبا في كل الأوقات ،رغم تقديري واحترامي لقرارك الصادم، لذا أرجوك ان لاتطيل الصمت ،حتي لا تترك فراغا امام القراء، الذين يقدرون ما يخطه يراعكم ،من درر ومن حقك بالطبع أن ترتاح قليلا،ربما لرؤية المشهد السوداني بأريحية اكبر، وتفكر أعمق في مالأته، لكن لا أحسبك اخترت قرار الصمت في الوقت المناسب ،فبلادنا تمر كما تعلم أفضل مني، بمنعطف خطير وعاصف، ويؤسف المرء ان أهل السياسة، فيه، من تياري
المعارضة والحكم، أصابهم نوع من التبلد، والعقم إن لم نقل البلاهة، فلا الحكومة تستمع للمعارضة ،ولا المعارضة تخلص للوطن فحسب، بل نراها تشمت من المؤتمر الوطني، رغم اننا أيضا لا نبرأه هو الاخر ، من كل ما فعل بنا طوال عقدين من الزمن ، وتظن المعارضة أنها ستكون بمنجاة مما يصيب الوطن الكبير،من تمزق وتشظي ، وربما يحسب البعض ان قطار الانفصال ،سوف يتوقف عند محطة فصل الجنوب، وأننا قد لا نعود للحرب ثانية،لكن ربما يمضي القطار ابعد مما نتصور.
صمتك سيغري البعض لملئ الفراغ الذي سوف يتركه غياب قلمك، الامين الصادق، وعلي كل امل أن يكون حديثك عن الصمت مؤقتا ، ومهما يكن فإننا نتظر عودة قلمكم مجددا للتنوير مع خالص مودتي .
سليم عثمان
وكان رده علي رسالتي قصيرا وموجزا وحاسما وقاطعا،انه قرر أن يصمت في تناول الشأن السوداني لأجل غير مسمي ولا يريد ان يسجل حضورا في دفتر غياب فقط ، لذا وأنا أنقل رأيه هذا أناشد الأخ الصديق عادل الباز بأن يقوم بكل ما في وسعه لإقناع أخونا طلحة بالعدول عن قراره هذا ، كما أدعو الزملاء الآخرين لفعل الشئ نفسه عسي ولعل يسمع إليهم. وخلاصة القول أن صمت الرجل ليس إشاعة بل حقيقة واقعة للأسف الشديد
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.