ترامب يوقع قانونا يلزم إدارته بنشر ملفات جيفري إبستين تحت ضغط سياسي جمهوري    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أسامة العرابي: رواية شغف تبني ذاكرة نسائية وتستحضر إدراك الذات تاريخيًا    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    إصابة 3 أشخاص في تصادم موتوسيكل بآخر بطريق المنصورة طناح في الدقهلية    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    ليو تولستوي، الفيلسوف الذي شغل بالإنسان في رحلة "البحث عن الله" وهذا ما قاله عن سيدنا محمد    أول تعليق من الأمم المتحدة على زيارة نتنياهو للمنطقة العازلة في جنوب سوريا    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    الجبهة الوطنية: محمد سليم ليس مرشحًا للحزب في دائرة كوم أمبو ولا أمينًا لأسوان    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    بينهم 5 أطفال.. حبس 9 متهمين بالتبول أمام شقة طليقة أحدهم 3 أيام وغرامة 5 آلاف جنيه في الإسكندرية    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    معتذرًا عن خوض الانتخابات.. محمد سليم يلحق ب كمال الدالي ويستقيل من الجبهة الوطنية في أسوان    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشائعة .. مثل الكف.. وتلف الدنيا لف
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 05 - 2009

الشائعة ظاهرة تولد من رحم الخوف أو الأمل أو الأزمات فنموها وتطورها يرتبطان بظروف المجتمع وحالته المزاجية
«طلاق أيمن نور وجميلة إسماعيل»، «اختفاء الأطفال فى الشرقية وارتباطه بتجارة الأعضاء»، «نسب الغياب فى المدارس تصل إلى 75 ٪»، «تلوث مياه النيل بفيروس إنفلونزا الطيور»، «موت طفلة بسبب جرعة شلل أطفال»، «مقتل الفنانة هالة فاخر على يد خادمتها».
الشائعات تنتشر كالنار فى الهشيم فتحرق الأخضر واليابس وأحيانا تختفى كفقاعة صابون، لكن ما مصدرها؟ وكيف تنمو وتنتشر؟ عدة تساؤلات تفرض نفسها، فيقول مثلا روبرت سيلفستر فى كتابه الأكاديمى عن «الثقافة العامة» ( دار نشر). 2001 Organisation إن الشائعة لا تهدف إلى نقل معلومات صادقة أو كاذبة بقدر ما تسعى إلى خلق حالة من التواصل الشفهى بين الأفراد الذين يريدون التأكيد على أهميتهم.
وفى كتاب «شائعة أورليان» للفرنسى إدجار موران الذى يتعرض بالبحث والتحليل لشائعة انتشرت فى الماضى حول اختفاء الفتيات من المحال التجارية بالمدن الفرنسية وارتباطه بتجارة الرقيق الأبيض.
تعرض الباحث الاجتماعى لكيفية نشأة الشائعة قائلا: «الشائعة ليس لها نقطة بداية ولا يوجد مصدر محدد قام بترويجها، كما أن محتواها عادة لا يحتوى على دلائل أو أسماء أو أشخاص، كأننا ننطلق إلى عالم اللانهاية، حيث لا توجد وقائع أو معلومات حقيقية، لكن هناك من يتكلم عنها.
وكلما كان الضمير غائبا كان احتمال التصديق عاليا، ويبدو أن الشائعة ليست لها نهاية، فلا أحد يعلم ماذا حدث بالضبط».
وعلى الرغم من أن الكثير من الإشاعات قد تكون نتاجا اجتماعيا عفويا، فإن بعضها يتولد وفقا لاستراتيجيات محددة، من هنا تتحدد لحظة المخاض. يقول أحد رجال الأعمال الذى رفض ذكر اسمه: «حرب الشائعات أصبحت تكتيكا مهما فى عالم البيزنس فى مصر».
فعلى سبيل المثال منذ عدة أعوام عندما تم افتتاح سلسلة محال إنجليزية، حققت فى البداية نجاحا كبيرا ثم دارت الشبهة حول تخصصيها جزءا من دخلها لصالح دولة إسرائيل.
أصبح هذا السيناريو الجاهز وسيلة فعالة جدا لمحاربة الآخرين، فإطلاق شائعة من هذا القبيل قادر على أن يوقف حال أى مشروع تجارى أو يزيد من ميزانية الدعاية من أجل تحسين الصورة الذهنية. وهى حيلة قد تلجأ إليها شركات الإعلانات لخلق سوق وجلب زبون بطرق ملتوية».
وقد تنطلق شائعات أخرى بشكل عفوى، لكن يتم السكوت عليها لتكبر وتنتشر من أجل تحقيق مصالح شخصية، فمصائب قوم عند قوم فوائد. ففى شهر يوليو الماضى، انتقلت من أحد المقاهى بقرية نخيلة العنب بمحافظة البحيرة شائعة مفادها أن الحكومة سوف تقوم بفرض رسوم قيمتها 4 آلاف جنيه على كل الأزواج المقبلين على الزواج بداية من شهر أغسطس.
حالة من الذعر انتابت العرسان الجدد الذين انهالوا على مكاتب المأذونين قبل الموعد المحدد حتى وصل عدد العقود المحررة يوميا فى مكتب أحدهم إلى أكثر من 15 عقدا فى هذه القرية الصغيرة. المأذون من جانبه «كفا على الخبر ماجور» ولم يكذب الشائعة لأنه مستفيد.
وقد تولد الشائعات أيضا لدواع أمنية فى أوقات بعينها بهدف توجيه الانتباه لاتجاه معاكس. «هذا ما يعرف بالنظرية الأمريكية» كما يلخص أحمد . ح، صحفى متخصص بالحوادث، موضحا أن الأمن أحيانا يخلق الشائعة ويروج لها.
فخلال أزمة عبارة السلام 98 ومع عجز السلطات الأمنية فى الوصول للجانى وغضب الناس بدأت بعض الجهات تطلق شائعات حول تفاقم مرض إنفلونزا الطيور على الرغم من عدم وجود جديد وذلك لإلهاء الجماهير عن كارثة غرق أكثر من ألف مصرى فى العبارة.
ثورة الإنترنت
رحلة نمو وتطور الشائعة قد تأخذ مسارات متعددة، فالمجتمع المصرى يتسم بشيوع الثقافة الشفهية ومن ثم يميل إلى تصديق الروايات التى تصل إليه عن طريق الاتصال الشخصى أكثر من المعلومات التى تبثها وسائل الإعلام.
تقول الدكتورة عزة عزت مدرسة علم نفس إعلامى بكلية آداب المنوفية: «أجرينا عدة تجارب حول نشأة الشائعة ومدى انتشارها عن طريق إطلاق مجموعة من الشائعات وانتظار ردود الأفعال، ووجدنا أن الإشاعة تسير مثل كرة الجليد.
فكل شخص قد يتحول إلى «حارس للبوابة» (Gate keeper) ويضيف لها من خلال خبراته السابقة. تكبر الشائعة وتنمو وقد تتحور فى ثوان وتصل إلينا مرة أخرى بشكل جديد تماما كما لو كنا نلعب كالأطفال لعبة «تليفونى خربان».
ذلك هو نفس ما أكده جان نويل كابفيرير فى كتابه الشائعات (ترجمته للعربية تانيا ناجيا) حول كيفية نشأة الشائعة، فهو يقول إن الجماعة تميل إلى إعادة تركيب الأحجية المكونة من أجزاء مبعثرة من القصص التى سردت على مسامعها، وكلما قل عدد الأجزاء المتوافرة.
ازداد تأثير العقل الباطن للجماعة على تأويل المعلومة. والعكس صحيح، فكلما زاد عدد الأجزاء أصبح التأويل أكثر اتفاقا مع الواقع. يشرح الدكتور عاطف العبد أستاذ الرأى العام ووكيل كلية الأعلام بجامعة القاهرة أن الشائعات عادة ما تنم عن ثلاث حالات: الأمانى والأحلام والخوف.. فى هذه الحالات تتشكل الشائعة وتتلون حسب الوسط الذى تتكون فيه وفقا لخبراته السابقة وتتصاعد كاللبلاب.
فى مصر مثلا تنمو بطريقة المتتالية الهندسية كما يوضح الدكتور عاطف العبد مضيفا أن تسعينيات القرن المنصرم شهدت ثورة بالنسبة لطرق تكوين الشائعات وسريانها لاسيما بعد دخول «الثلاثى المرح»: الإنترنت، الفضائيات، المحمول واختراقه قلب المجتمع.
يضيف الدكتور عاطف العبد: «هناك 166 ألف مدونة بخلاف المنتديات مما يجعل الإنترنت أرضا خصبة للإشاعات، مثلا ظهرت إشاعة تلوث مياه النيل بإنفلونزا الطيور من خلال المنتديات ثم رسائل التليفونات المحمولة فأصيب الناس بذعر لمدة يومين على الأقل، فعن طريق خاصية البلوتوث يمكن أن يبعث أحدهم برسالة لجمع من الناس دون أن يعرف مصدرها».
سريان الشائعات قد يعيد إلى الذاكرة الكادر العبقرى للمخرج الراحل صلاح أبوسيف فى فيلم «الحرام» عندما مزج بين سريان النميمة والشائعات فى لقطة نادرة تجمع مابين تناقل الشائعة من فم لأذن وبين صياح الدجاج داخل الحظيرة.
ثمة مواسم بعينها تغزر فيها الشائعات مثل الحروب والأزمات ووقت دخول المدارس ومع قدوم موسم الصيف، فالناس تحتاج فى هذه الحالات لسماع ما يطمئنها أو يقدم لها النصح فيجعلها تأخذ حذرها.
وتضرب الدكتورة نادية رضوان استاذة الاجتماع بجامعة قناة السويس مثالا على شائعات الأزمات بتلك التى راجت أيام نكسة 67 وزلزال 1992 وفى أعقاب موجات الغلاء المتتالية.
«نحن شعوب لم تترب على الشفافية بل على القهر، الأمر الذى يضفى على الشائعة نوعا من شرعية الوجود». ثم تضيف أستاذة الاجتماع: «انتشار الأمية قد يزيد من تكاثر الشائعات فى مجتمعنا الذى يفتقد إلى منطقية التحليل وتلقى الخبر.
فشائعة كتلك التى انتشرت أخيرا حول رسالة لمحمول ينتهى رقمه ب111 تسبب نزيفا فى المخ لا يمكن أن تجد لها مكانا فى مجتمع أكثر ثقافة».
تغذى، أيضا، بعض الصحف ووسائل الإعلام الشائعات فتجد فيها مجالا خصبا للأفكار، مستندة أحيانا إلى ما نقوله بلغتنا العامية الدارجة: «مافيش دخان من غير نار» وأيضا «مافيش طق من غير حق» وغيرها من المقولات الشعبية التى تساعد على انتشار الشائعة ورواجها، ففيها منطقية تزيد على منطقية الشائعة نفسها فوراء كل دخان، خيط من الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.