كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    جولة ليلية لمحافظ الغربية في بسيون لمتابعة رصف شارع عمر زعفان    21 دولة ومنظمة دولية ترفض اعتراف اسرائيل بإقليم «أرض الصومال»    اليمن.. العليمي يثمن استجابة تحالف دعم الشرعية لحماية المدنيين بحضرموت    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    سلوت: من الجيد أننا لم نتعادل مع ولفرهامبتون    الداخلية تكشف حقيقة تعرض سيدة للابتزاز بالبحيرة    نقابة الصحفيين تكرم الزميلين خالد أبو بكر وسمر إبراهيم من جريدة الشروق ضمن جوائز الصحافة المصرية    خبير تشريعات: توثيق 1500 فيديو لمرشحين خلال 6 جولات يشتكون من انتهاكات    وزير الصحة يكرم الزميلة الصحفية مروة صالح في يوم الوفاء الطبي 2025    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    ضبط شخصين لقيامهما بتجميع بطاقات الناخبين وشراء الأصوات بالفيوم وسوهاج    لبلبة: نيللي كريم موهوبة والعمل معها تجربة إنسانية وفنية مميزة    اتحاد جدة يتقدم على الشباب في الشوط الأول    أندية برازيلية تتحرك لخطف جناح النصر في يناير    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    وزير الشباب ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    إبراهيم عيسى يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد الملحد    باحثة فلكية: 2026 سنة الحصان النارى وحظوظ للجميع بدرجات متفاوتة    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    "القصير" يتفقد غرفة العمليات المركزية للجبهة الوطنية لمتابعة جولة الإعادة بال19 دائرة الملغاة    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تقود الإنسانَ شهواته؟
نشر في شباب مصر يوم 14 - 07 - 2012

فُطر الإنسانُ على حب الحياة الدنيا والإقبال عليها بكل ما أوتي من عزم وصلابة، ومَحْوَر حياته كلها لتحقيق تلك المآرب المصالح، وهذا ليس عيبا في الإنسان، فقد قرر الله سبحانه وتعالى جملة من الشهوات في فطرة الإنسان ومنحه حق إشباعها والسعي من أجلها، ولكنه لم يترك الأمر غُفلا من التنظيم والتدبير.
وذكرت هذه الشهوات في القرآن الكريم في سياق واحد متتابعة في الآية الرابعة عشرة من سورة آل عمران: {زين للناس حب الشهوات من النساءِ والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث}، وجاءت مرتبة حسب نظرة الإنسان إليها، فكان حبُّ النساءُ في أول تلك الشهوات، ومعلوم بالضرورة أنه لا حياة بشرية واجتماعية ومجتمعية صالحة من حيث المنطق إن خلت من النساء، فالنساء هن أساس تكوين المجتمعات البشرية، فاقتضت حكمة الله أن تكون حواء ثانيَ المخلوقات البشرية بعد آدم عليه السلام، وجاء في الأثر أنه قد مال إليها ميلا طبيعيا فطريا، واستمرت هذه السنة في بنيه وستظل حتى قيام الساعة.
ولا يستطيع رجلٌ أن يتخلى عن المرأة مهما كانت الظروف والأحوال، ولذلك كان هذا السعي الحثيث من الرجل لأن يقترن بامرأة تبادله المشاعر الإنسانية، التي تؤهلهما لأن يشكلا أسرة، تساهم في تأدية الوظيفة العليا من إيجاد الخلق، ألا وهي عمارة الكون.
لقد وضع حب النساء في أعلى قائمة الشهوات البشرية، لأنهن أساس الحياة، وأساس التكوين البشري والمجتمعي، وكل ما يأتي بعده من شهوات مسخر من أجل هذه الغاية، فكل ما ينتجه الإنسان من ثروة فإنه يبذلها من أجل أن يكون له زوجة يرتاح إليها وترتاح إليه، فلا عجب إذن أن تكون النساء أولا، فهن محور الحياة البشرية.
ومن هذه الشهوة التي هي أم الشهوات إن صح التعبير تنطلق الشهوة الثانية التي أشارت إليها الآية السابقة، ألا وهي شهوة أن يكون للإنسان أولاد، يرى فيهم نفسه ويمثلون بالنسبة إليه امتدادا طبيعيا وبيولوجيا لحياته، فهم يحملون صفاته الوراثية والخلُقية، وهم جزء منه حقيقة، ولم يتأسف كثيرا إذا ما مات وكان له أبناء، فهم منه، ويواصلون مسيرة الأب حقا وحقيقة، وقد تجلت هذه الفكرة في الوعي الشعبي الجماهيري من خلال مجموعة من الأمثال والقصص الشعبية، التي هي في الواقع تعبير عن فطرة الإنسان وآماله وتوقعاته.
وتأتي ثالث الشهوات لتكشف عن مدى حب الإنسان وتعلقه بالمال، فهو لا يقنع بكثيره، ولا يُرْضي فطرته إلا الاستزادة منه، فلو كان للإنسان واد من ذهب لتمنى أن يكون له واديان، ولن يملأ عين ابن آدم إلا التراب، وهذا من فطرة الإنسان ولا منقصة ولا عيب في ذلك ألبتة، ولكن تصرفات الإنسان غير السوية هي التي تُعاب في أن يستولي على مال غيره، ويحوز كل شيء بأنانية مفرطة وتسلط كامل، وحرمان الآخرين حقهم، وهذا هو المنقصة والعيب والشر عينه.
ولا شك بأن الإنسان الذي امتلك مالا وحاز منه كثيرا أو قليلا، لا بد له من أن يتمتع به، ويظهره في مظاهر شتى، فيقتني ما يبهج ويسعد، فكانت الشهوة الآتية هي المجال المعبر عن ذلك، فالإنسان يسعى لاقتناء الخيل والتباهي فيها، وهذه الشهوة لم تنقطع مع مرور الزمن وتطور الوسائل والأساليب، فما زال الإنسان يحب الخيل ويسعى لاقتنائها، فأثرياء العالم يسعون لذلك في كل زمان ومكان، حتى غدا للخيل مكانة تضاهي المكانة الإنسانية، فلكل فرس أو حصان نسب وشهادة ميلاد، وكان له اسم يعرف به قديما وحديثا، وتعقد للخيل سباقات للجمال والقفز وأشياء أُخَر، وتشهد إقبالا كبيرا من الجماهير عربية وغير عربية، فعلى الرغم من السيارات الفارهة والطائرات العملاقة إلا أنها لم تفلح في أن تقضي على هذه الشهوة المتأصلة في الفطرة الإنسانية.
وأما الأنعام والحرث، فبهما تتعلق حياة الإنسان وعيشه اليومي، فهما أصل غذائه وطعامه بنوعيه الحيواني والنباتي، ويشكلان معا ما تعارفت عليه البشرية بالأمن الغذائي الذي يضمن بقاء الإنسان متمتعا بالشهوات الأولى، فلو امتلك الإنسان أموالا طائلة ونساء كثرا وخيلا مسومة جميلة، وهو لا يستطيع القيام بشؤونها لعدم وجود ما يسد به حاجته وحاجتها، فإنه لا طعم للنعم كلها، وستؤول إلى صفر في محصلتها النهائية وستتلاشى، لذلك كان اهتمام الإنسان بالأنعام والحرث، وتربية المواشي والزراعة دليل حيوية في المجتمع البشري ودليل حب للحياة والرغبة في الاستمرار فيها، ومهما تطورت أساليب الحياة وأشكالها ووسائلها سيظل هاجس الغذاء هو الأهم عند بني الإنسان، وهذا أمر مستقر ولا بد منه ولا مفر، وهذه بدهية لا تحتاج إلى شرح أو بيان.
هذه هي الشهوات التي فُطر عليها الإنسانُ، فهل ستقوده هذه الشهوات وتستعبده، ليخرج عن إنسانيته؟ فهل حبه للنساء ورغبته فيهن تجعله ينسى الهدف الذي شُرع من أجله هذا الحب وهذا الاتصال؟ هل حبه لأبنائه يجعله أعمى بصر وبصيرة عن الحق والواجب في سبيل أن يكون كل شيء لأبنائك فقط؟ هل حبه للمال يجعله يرتكب المحرمات على اختلاف أنواعها؟ هل في سبيل متعته الظاهرية وتباهيه ينسى أن عليه واجبا اجتماعيا وأخلاقيا تجاه المجتمع والناس؟ وهل حرصه على أن يوفر أمنه الغذائي بأنعامه وحرثه يجعله وحشا كاسرا شانا للحروب من أجل أن يحوز ما يحوز من طعام وشراب؟
هنا يجب أن يتفكر الإنسان ويتدبر أنه لا يعيش وحيدا في هذا الكون، وأنه جزء من مجتمع متكامل بعناصر بشرية ومادية ومصالح متشابكة، فعليه أن يدرك أن وجوده المادي الفردي متعلق بجود الآخرين شاء ذلك أم أباه، ولذلك لا بد من أن يتوازن ويلتزم بمجموعة من القيم الإنسانية التي تؤهله أن يكون عضوا فاعلا في مجتمعه، يشارك في مصالحه العليا، يسعى ليحقق مصلحة الآخرين وهو يحقق مصالحه سواء بسواء، ليحترم منحة الحياة الموهوبة له، ولتكون لشهواته متعة حقيقية نفسيا وماديا، تمنحه الرضا والسعادة، وتعبر عن فطرة الإنسان أفضل تعبير وأجمله، فكل حروب البشرية المتعاقبة على مر الأزمان كانت ناتجة عن أنها لم تفقه حق الفقه كيفية التعامل مع الشهوات الفطرية، فاستعبدتها الشهوات وقضت على متعة الحياة وجمالها، وأشقت الإنسان، فما أكفره بنعم خالقه!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.