صديقي المهندس منذ أن قامت ثورتنا السلمية وكلما أصابني إحباط أو غرقت فى موجة يأس من محاولات العسكري إجهاض الثورة يقول لي : " لا تحزن إن الله مع ثورتنا ...سبحانه وتعالى أمر بها ويساندها ، والدليل على ذلك أنه كلما هدأت فورة الشارع فعل النظام الظالم فعلا أجج به الغضب وأيقظ الروح الثورية مرة أخرى فى النفوس المحبطة " وأثبتت الأيام صدق كلامه ، فقد عاينته ولاحظته منذ موقعة الجمل حتى اليوم ، كلما تصرف النظام بغبائه تصرفاً صب فى بحر عنوانه الثورة مستمرة فأذهب إلى صديقي المهندس مهرولا فرحا لأقول له : "فعلا عندك حق إن الله معنا" . ومنذ أيام وبعد الانتخابات البرلمانية ثم الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة التحفت بإحباطي مفترشاً يأسى وكتبت أقول ليهنأ الشعب بخيارة ولنهدأ ونتقبل الأمر الواقع حرصاً على ورد جناين مصر من القطف المبكر، و فوجئت باللوم من أصدقائي الثوريين على حروفي الانهزامية وعتابهم الشديد على تصديري لحالتي المحبطة للآخرين . ثم جاءت المحاكمة ونحن هنا لا نعلق على الأحكام أو نناقشها بل مجرد استقراء لها . أنا على يقين أن القاضي أحمد رفعت صادق تماما فيما ادعاه من أن وجدان محكمته مطمئن يقينا لحكمها . فقد بنى أحمد رفعت وهيئته الموقرة حكمهم على ما قُدم إليهم من أوراق ، فإذا كانت الأوراق ناقصة عمداً ، مبتسرة الحروف ، فاقدة الأهلية عن قصد ، لابد أن يأتي الحكم على نفس الشاكلة ، وهنا لا تكون المسئولية على القاضي ولكن تقع على من قدم له أوراق وتحريات فارغة المضمون لا يستطيع أن يستند إليها فى حكمه التاريخي. وأنا على يقين أيضاً أن تلك الإحكام كلها تحمل وقود استمرار الثورة العظيمة من أجل القضاء على كامل النظام البائد واقتلاعه من جذوره. خلاص انتهت المحاكمة وظهرت الحقيقة جلية واضحة مشرقة للشعب المصري الطيب وهى أن النظام السابق هو الحالي ، وأن ما حدث هو مجرد تبادل لأقنعة على نفس الأجساد ، وبالتالي فإن أفلام ومسلسلات وتمثيليات الأستفتاء والانتخابات البرلمانية والرئاسية وتشكيل لجنة الدستور التى أضعنا وقتاً فيها هي مجرد صفقات كما قلنا سابقا بين الأخوان والنظام السابق لعبت فيها جماعة الإخوان دور المحلل وقبضت الثمن. الحل : فلنفعلها مرة أخرى ، واثقين أننا عدنا للمربع رقم صفر وبالتحديد أجواء ديسمبر 2010. فلنفعلها مرة أخرى ، ولكن مع ما اكتسبناه من خبرات عميقة تقلل الخسائر وتزيد المكاسب. فلنفعلها مرة أخرى ، بقائد محدد معروف إما البرادعى وأنا أفضله لأن الأيام أثبتت صدق كلامه وبعد نظره ورؤيته الثاقبة وإخلاصه ووطنيته ، أو حمدين أو أبو الفتوح اللذان انتخبتهما الملايين الثورية ، أو بمجلس رئاسي للثورة يضمهم جميعا ، أثق فى أنه سيعبر على الأقل عن ثلثى الشعب المصرى. فلنفعلها مرة أخرى ، ونخرج فى كل شوارع مصر بتنظيم أكثر مدروس ، وخبرة حقيقة مكتسبة ، وإصرار وتحدى من اجل إسقاط حقيقى وفعلي للنظام وتدمير جذوره وقد عرفناهم وخبرناهم. فلنفعلها مرة أخرى ، ونحن على يقين أن الله معنا يساندنا ويدعمنا لأن مطالبنا مشروعه ، ولأنه سبحانه وتعالى وعدنا فى كتابه الكريم : "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴿11﴾". تحيه لصديقي المهندس ولأصدقائي اللائمين ، وأهلا ومرحباً بقضاء الله وقدره فى المرحلة الثانية الحاسمة من ثورتنا المجيدة.