لا شك أن أحداث العباسية الأخيرة التي وقعت مساء الجمعة الماضي الموافق 4 مايو 2012 تركت جرحاً غائراً في نفوس المصريين وألماً في داخل كل مصري يحب وطنه ويخاف عليه ، ويخشي عليه وعلى هذه الثورة من سوء المنقلب.. ولكن الأمر الذي برز في هذه الأحداث الدامية أن هناك لعبة ما .. لعبة كبري ومخطط كبير موضوع بدقة ودهاء وروية ومنفذ بدقة وإحكام .. وهدفه الوحيد الظاهر لكي ذي عينين هو الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين وكل الجماعات المنتمية للتيار الديني ، ووضعهم في موقف يجعل الشعب كله يكرههم ويظن بهم ظن السوء .. ومتى ؟! قبل الانتخابات الرئاسية بعشرين يوماً فقط ؟! أليس هذا شيء عجيب ؟! فمنذ أن فاز التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية بأغلبية كبيرة وسحق القوي المعادية له وأدركت هذه القوي عجزها عن مواجهة التيار الإسلامي مواجهة عادلة في صندوق الانتخاب ، وترك الرأي الحر للشعب المصري ليقول كلمته بدون أي ضغوط .. نقول عندما أدركت هذه القوى إنها إذا دخلت في مواجهة عادلة مع القوي الإسلامية فهي خاسرة لا محالة لجأت للطريق الآخر .. طريق الدس والوقيعة والشائعات الكاذبة والتآمر مع الكل ضد التيار الإسلامي وكل الأحزاب المنتمية له ؟! وبدأت الوقيعة .. وكان أولها محاولات إفشال الانتخابات التشريعية وتأجيلها لا حفاظاً على مصلحة مصر بل حفاظاً على مصالحها الشخصية وتأجيلاً للمعركة حتى تنتهي من تنفيذ مخططها التآمري الكبير .. وكلنا يذكر كيف نزلت قوي متعددة إلى التحرير مطالبة بتأجيل الانتخابات التشريعية رغم عدم وجود أي مبرر لتأجيلها وخلافاً لرغبة جموع الشعب المصري التي كانت تريد أن تخطو الخطوة الأولي في طريق الديمقراطية .. وعندما فشلت خطتهم وباءو بخيبة أمل مرة كشفت لهم عن حجمهم الحقيقي في الشارع المصري ، لجئوا للإدعاء بتزوير الانتخابات .. الغريبة أن المتابع للانتخابات وجد أن إدعاءات التزوير سبقت إجراء الانتخابات نفسها .. وكأن هؤلاء السادة من التيارات المعروفة لنا جيداً قد صاروا أولياء من أولياء الله الصالحين مكشوف عنهم الحجاب ، ويعلمون بالأمور قبل وقوعها .. ولا أنسي في أثناء إجراء انتخابات مجلس الشعب وأثناء قيام التليفزيون المصري باستطلاع أراء بعض المواطنين أن ظهر شاب لا يدل منظره إلا على أنه ( شمام ) ، قذر الوجه مبهدل الثياب يرتدي ملابس عصرية لا تناسبه وتشعر أنها ليست ملابسه له بل هي ( شحاتة ) وظهر ليجيب على سؤال المذيع حول رأيه في سير عملية الانتخاب بقوله : " لما روحت اللجنة لقيت قوات بوليس وجيش حول اللجنة فرجعت تاني .. هي دي الديموكراتي ؟! " وطبعاً لم يقل لنا نابهة زمانه ما علاقة تأمين اللجنة الانتخابية من الخارج بالديمقراطية من عدمها .. الأنكي أن الذي قام بتحفيظه هاتين الكلمتين ليقولهما نسي أن يعلمه النطق الصحيح لكلمة ديمقراطية باللغة الإنجليزية فنطقها ديموكراتي بينما نطقها الصحيح هو ديموكراسي ! وحدثت الانتخابات ولكن سبحان الله يا أخي .. يبدو أن العارفين بالله في التيارات المعادية للتيار الإسلامي سرهم باتع ومكشوف عنهم الحجاب لدرجة جعلتهم يتوقعون الفشل للمجلس قبل أن يعقد أولي جلساته ! قوي خارقة والله جعلنا الله وإياكم من كراماتهم ! وحتى عندما بدأ المجلس أولي جلساته كانت التهم جاهزة لا تنتظر على تقييفها على مقاس الإسلاميين ! فهم يحاولون السيطرة على كافة اللجان بالمجلس .. ثم هم ينوون السيطرة على المجلس لمصالحهم الشخصية والحزبية .. ثم هم لا يعبرون عن طموحات وأماني الشعب المصري وكأن الشعب المصري كان ( ولا مؤاخذة ) مش موجود عندما تمت الانتخابات وجاء شعب آخر أنتخب التيار الإسلامي ثم ذهب في حال سبيله دون علم الشعب المصري وبدأت المرجيحة .. ولعبة حاوريني يا كيكة فالإخوان خانوا الثورة لأنهم لم يعودا ينزلون الميدان .. فإذا نزلوا الميدان فهم يهدفون إلى سرقة الثورة والإخوان متواطئون مع المجلس العسكري ويقضون شهر العسل معه في جمصة .. فإذا اختلفوا مع المجلس العسكري أصبح المجلس العسكري محبوب الجماهير والإخوان هم العوازل الوحشين وإذا قال الشعب نريد اليمين وقال لهم الإخوان آمين .. قال الشعب نريد اليسار وأنتم سرقتم الثورة وفعلتم وفعلتم وفعلتم .. وجاء إعلامنا المبارك ، الذي يعمل وسيظل يعمل عقوداً طويلة بعقلية مبارك وأتباعه ، ليشارك في التحريض على الإخوان .. وصار الإخوان يُهاجمون ولا يسمح لهم بالرد ! وحتى إذا سمح لهم بالرد فهم كاذبون طبعا حتى من قبل أن يفتحوا أفواههم بكلمة ! وتخلي بعض معدي البرامج عن أبسط قواعد المهنة وهو كفالة حق الرد وصاروا يستضيفون ضيوفاً متعددين لا عمل لهم إلا مهاجمة الإخوان بالذات دون أن يقوموا ، وكما ينص على ذلك قانون العمل الإعلامي ، أحداً من المنتمين للإخوان أو لحزب الحرية والعدالة ليعرض وجهة نظرهم ويرد على الاتهامات الموجهة لهم بل إن الأمر وصل بالبعض خاصة في برنامج أستديو 27 لتحميل الإخوان مسئولية أحداث لا دخل لهم بها ولم يشتركوا فيها من قريب أو بعيد كأحداث شارع محمد محمود وأحداث وزارة الداخلية .. بل إن الوقاحة بلغت بالبعض حد تحميل الإخوان مسئولية بعض الأحداث التي رفضوها وكانوا ضدها منذ البداية وبسبب ذلك الموقف خروج من يتهمهم بالتواطؤ مع المجلس العسكري وخيانة الثورة !! ولله في خلقه شئون فلم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه حتى لتلفيق التهم المباشر بوقاحة وبرود دم لم أري في حياتي مثيلاً لها وعلى رأسها أكذوبة ( جماع الوداع ) التي روج لها ولي الله الصالح المكشوف عنه الحجاب " عمرو عبد السميع " وتلقف الجميع الأكذوبة وأخذوا يهللون ويعلنون استنكارهم وشجبهم لهذه الفضيحة دون حتى أن يكلفوا خاطرهم مشقة التأكد من صدق المعلومة التي هي كاذبة من أساسها الأعجب أن كل المواقع التي تطبل وتزمر لهذه الأكذوبة تنشر الخبر دون أن تجد في واحدة منها رابط فيديو أو ملف صوتي واحد ، واحد فقط ، تم تسجيله أثناء مناقشة هذا القانون العجيب في مجلس الشعب .. وما ذلك إلا لأن هذا التسجيل لا وجود له من الأساس والسبب أبسط لأن هذا القانون القذر أصلا ً لم يخطر ببال واحد ممن ينتمون للتيار الإسلامي أن يحلم به في نومه وليس أن يناقشه في البرلمان ! المصيبة أنك لو فتحت فمك بكلمة وسألت أين الدليل .. فخذ عندك " أنت خائن للثورة " " أنت عميل للإخوان " " أنت تقبض من الإخوان " " أنت قذر وحقير و...... " ولا داعي لذكر الباقي ويكاد أحدهم أن يقول لك إن الإخوان يعطونك " كنتاكي " لتدافع عنهم ! من قال أن الثلاثين عاماً التي قضيناها تحت حكم مبارك لم تؤثر علينا ، ولم تؤثر على عقولنا وفكرنا وطريقة معالجتنا للأمور فسبحان الله .. ها نحن نقتفي أثر مبارك ونحذو حذوه حذو النعل للنعل .. وكما أفتري هو على الثورة في بدايتها باتهامات باطلة منها ( الأجندات ) و( الكنتاكي ) و( الحصول على أموال من منظمات مشبوهة لتخريب مصر ) ها نحن وبالحرف نكرر نفس السيناريو ، بالمللي ، مع الإخوان المسلمين دون أن نسمح لهم حتى بحق الدفاع عن أنفسهم .. والغريب إن إعلامنا المزيف المخادع يكذب في كل شيء ولا نصدقه في أي شيء .. لكن عندما يتعلق الأمر بالإخوان ، بمهاجمتهم والنيل منهم والافتراء عليهم ، يصير إعلامنا رمزاً للصدق والعفة والطهارة والقدسية ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ! ونسينا كل خطايا هذا الإعلام وأخطائه .. ونسينا المثل العفن الذي قدمه لنا أثناء الثورة وبحر الأكاذيب التي أغرقنا فيه حتى لم يعد أحد خارج القاهرة والإسكندرية والسويس وبعض المحافظات الكبرى الأخرى يعرف ما الذي يجري في وطنه بالضبط ونسينا إعلامنا الرشيد عندما أعلن أثناء الثورة وعرض صوراً لملتحين معلناً أنهم من الجماعة المحظورة ( أي الإخوان المسلمين ) وأنه تم القبض عليهم أثناء قيامهم بعمليات سلب ونهب .. بينما كان الإخوان وأي كان رأينا فيهم موجودين في الميدان مع أخوتهم المصريين يداً بيد .. ونسينا أنه طول فترة حكم " مبارك " لم يكن هناك من يعارضه بحق سوي الإخوان .. ونسينا أن المجموعة الوحيدة التي تم حظرها قبل الثورة هي الإخوان ونسينا أن الأحزاب الأخرى التي تكيل التهم الباطلة للإخوان الآن وتتمهم بالتواطؤ وخيانة الثورة لم يكونوا سوي صور كرتونية باهتة تتبني شعار ( معارضة خلينا حبايب يا ريس ) .. حتى أحجم الكثير من الشباب عن الانضمام لهم لأنها بلا محتوي ولا مضمون .. حتى إن بعض هذه الأحزاب المعارضة المغلفة بالبطولة كانت تتلقي دعماً مادياً من بابا مبارك !! كل هذا تم محوه بجرة قلم وصار الإخوان هم السبب في كل مصائب الوطن وهم الخونة المتواطئين .. والمصيبة إنهم متهمين بالتواطؤ مع الجميع ! فمرة هم متواطئون مع المجلس العسكري .. ثم هم متواطئون مع السلفيين .. ثم هم متواطئين مع المخربين .. ثم هم متواطئون مع الجنزوري .. ثم هم متواطئون مع أعداء الجنزوري الذين لا يريدون الاستقرار لمصر ! ولن أتعجب إذا فتحت التليفزيون ذات يوم لأجد أحد الضيوف يتهم الإخوان المسلمين بالتواطؤ مع اليهود أو مع سفاح إسرائيل " شارون " ! وساعتها تعالي وأفتح فمك وقل لهم يا عالم " شارون " شبه ميت في غيبوبة منذ سنوات .. وفوراً ستصبح خائن للثورة وعندك أجندات إخوانية ، 12 لون ، وتأخذ كنتاكي من أجل أن تبيع الثورة لهم ! وجاءت أحداث العباسية وشهدنا العجب العجاب وآلمنا جميعاً قيام البعض بمهاجمة وزارة الدفاع وهى جريمة لا تغتفر .. الغريب أن الاتهام للإخوان سبق وقوع الأحداث نفسها ! وشهدنا متظاهرين يخرجون من التحرير باتجاه وزارة الدفاع .. ورغم أن هؤلاء المتظاهرين لو كانوا ينتمون لأي تيار ليبرالي أو علماني لأصبحوا شهداء أبرار أطهار والجيش هو المجرم في حقهم ، ولكن ولأن بينهم بعض من ينتمون للتيار الإسلامي ، فإنهم أصبحوا سفاحين مجرمين يريدون تقويض الدولة المصرية وتفكيك الوطن ! ومن المتهم .. الإخوان طبعاً هو في غيرهم ! ورغم إعلان الإخوان إنهم لن يخرجوا من ميدان التحرير وقيامهم بتفكيك منصتهم والمغادرة فإن تهمة أحداث العباسية ستلبسهم حتى لو كانوا في مجرة آخري أثناء وقوعها ! وهكذا واستنادا لوجود بعض الملتحين وسط متظاهري العباسية لبست التهمة الإخوان فوراً ودون تحقيق أو بحث ولا هدي ولا كتاب منير ! وتباري تجار المواقف في الشجب والاستنكار وكيل التهم للإخوان ناسين أنهم هم بأنفسهم وبنفس عيونهم الوقحة كانوا منذ أسابيع قليلة يدافعون دفاعاً حاراً عن كل من يهاجم وزارة الداخلية من الإلتراس الأهلاوي أو غيرهم ويقذفونها بالطوب والحجارة والمولوتوف ويحاولون اقتحامها ، ويصفونهم بالثوار والمتظاهرين السلميين ويطالبون بمحاسبة المتسبب في سقوط الضحايا والشهداء ويتهمون المجلس العسكري فيهم ! لكن عندما يضم المتظاهرين بعض الملتحين فهي فرصتهم الذهبية .. وتنقلب الآية ، ويتخلوا عن مبادئهم في لحظة ، بل في أقل من لحظة وحياتهم ، ويتحول المتظاهرين لمجرمين سفاحين يريدون تدمير الوطن ، والمتهم هو الإخوان طبعاً كالعادة.. بل الكارثة القبري أن التليفزيون المصري وصلت به الوقاحة والبجاحة حد أن يعلق أحدهم أثناء عرض لقطات لجنازة شهيد الجيش في أحداث العباسية قائلاً بالحرف عن أهالي الشهيد والمصابين ( ويتهمون الإخوان المسلمين ) ! سبحان من يبدل ولا يتبدل ويغير ولا يتغير .. بالأمس كان التليفزيون المصري مصراً على تطبيق العدالة وعلى عدم توجيه أى اتهامات قبل إجراء التحقيقات ولكن سبحان الله ، عندما يتعلق الأمر بالإخوان ، يتحول التليفزيون فجأة إلى محقق وقاضي ووكيل نيابة ويعلن اسم المتهم على رؤوس الأشهاد .. لاعقاً مبدأه السابق في ضرورة انتظار نتائج التحقيقات ! ولما لا .. إن أبناء مبارك وخدامه لا يزالون قابعين في أستديوهات ماسبيرو وزواياه يبذلون جهدهم للانتقام من الإخوان أعداء بابا مبارك الألداء ! ولكن هل يستطيع أحد ممكن يكيلون التهم للإخوان جزافا أن يقول لنا : لماذا يفعل الإخوان ذلك ؟! ما هي مصلحتهم في إثارة الجيش والشعب عليهم ؟! هل هو غباء الإخوان بلغ حد يدفعهم لإثارة الشعب والجيش عليهم قبل الانتخابات الرئاسية بأقل من شهر ؟! أم أنه غباء من لم يسألوا أنفسهم هذا السؤال البسيط ؟! لماذا يفعل الإخوان ذلك وما هي مصلحتهم ؟! ما هي مصلحتهم في الاصطدام بالجيش والمجلس العسكري والشعب المصري كله قبيل الانتخابات الرئاسية بأسابيع قليلة ؟! ما هي مصلحتهم والمادة الثامنة والعشرين من الإعلان الدستوري لم تمسهم بصورة كبيرة لأنهم لديهم مرشح بالفعل ولن يؤثر عليهم إلغاءها أو عدم إلغاءها كثيراً ! وهل وجود ملتحين في وسط المتظاهرين دليل على انتمائهم للإخوان أو للتيار الإسلامي عامة ؟! ألا يسهل تربية اللحية وحمل الرايات السوداء لأي أحد يريد الانتقام من الإخوان وجلب معاداة الشعب المصري كله لهم قبيل الانتخابات الرئاسية وأخيراً أذكركم بكلمة إمامكم " عادل الإمام " الذي وقفتم جميعاً وراءه ونسيتم أنه كان موضوع على رأس قائمة العار في الثورة المصرية : " ما هو كارل ماركس كمان مربي دقنه .. ولا عايز تقول إن كارل ماركس إخوان مسلمين هو كمان " ؟!!!!!!!!! وعجبي