يعتمد الانسان فى علاج امراضه وفى تخفيف آلامه على الدواء. والاستدواء قديم بقدم البشر على الارض ولا غنى عنه بمر العصور لدرجه جعلت الدواء يحتل ثانى اكبر تجارة رابحة فى العالم بعد تجارة السلاح . وتجمع المراجع والدساتير على تعريف الدواء بشكل عام على انه اى مادة كيميائية لها القدرة على تعديل او تغيير الوظائف الحيوية الطبيعية للكائن الحى حال امتصاصها ودخولها الى الجسم , وعرفته هيئة الدواء والغذاء الامريكية على كونه اى مادة معدة للاستخدام بغرض التشخيص او الشفاء او تخفيف وتسكين الالم وعلاجه والوقاية من الامراض سواء فى الانسان او الحيوان . ومن المسلم به علميا ان المركب الدوائى له شقين اساسيين , اولهما المادة الفعالة وهى العنصر الاساسى للدواء وثانيهما مواد تكميلية او مضافة ( غير فعالة ) كالنشا الذى يستخدم فى صناعة الكبسولات لاخراج المادة الفعالة فى شكل مستحضر دوائى . وهناك سبل مختلفه لاستخلاص مادة الدواء الفعالة , فمنه ما يستخلص من اصل نباتى – بكتريا وميكروبات- ومنه ما يستخلص من اصل حيوان , علاوة امكانية تصنيع الدواء بمعامل ابحاث وتطوير خاصة بشكل يجعله مؤثرا فى بنية الكائن الحى او فى وظيفته الجسديه . ونظرا لان المادة الفعالة فى الدواء هى المعول الاساسى للمستحضر لذا لزم الامر ان تكون امنه وفعاله باخضاعها لمعايير خاصة ثلاث 1- ان تنجز المهمة وتلبى الغرض الذى استخدم من اجله 2- ان تكون خاليه من الاضرار ونافعة بنسبة 100% 3- ان تكون سهلة التناول او التعاطى . ويفهم من السياق السابق ان هناك دواء جيد ( آمن وفعال ) واخر سيئ (غير آمن او فعال ) بل ويتحول فى الغالب الى ضار . فالمادة الفعالة التى هى فى الاصل مركب كيميائى لها قابليه للتحور بالتفاعل فى ظل الظروف البيئية المتغيره وسوء التخزين , ليخلص التفاعل الى مركب مغاير للمركب الاساسى للمادة الفعالة التى من المحتمل ان تتحول داخل الجسم من دواء الى داء . ونظرا لأهمية الدواء فى الاستشفاء والوقاية من الامراض , وفى ذات الوقت خطورت الضرر الناجم منه اذ ما طرأ عليه تغيير او فسدت مادته الفاعلة ، شيد فى اغلب دول العالم هيئات ومنظمات للرقابة على جودة الدواء ومدى فاعليته وصلاحيته , بدءا من استيراد مواده الخام " بالنسبة للدول النامية " مرورا بالتصنيع حتى طرحه للتداوى . ليؤسس على غرار ذلك بمصر الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية بقرارجمهوري لسنة 1976 وكلفت هذه الهيئة طبقا لمادتها الاولى من قرارانشاءها بالقيام بالاعمال الرقابية على الدواء وعلى مستحضرات التجميل وموادها الخام وتطوير واستحداث الوسائل الرقابية بما يتفق مع التقدم العلمى لهذا المجال . واذا كان الامر كذلك فأين دور الرقابة الدوئية فى الآونة الاخيرة من الدواء الغير مطابق للموصفات - والذى كشف عنه احد رؤساء شعب الهيئة بالفضائيات على نحو اثبت خلل خطيرشاب هذه المنظومة بقطاعها المظلم - وطرح ادوية بالاسواق بالأمرالمباشر دون المرور على رقابة او اختبار صلاحية ؟ واين الرقابة من ازمة الادوية المغشوشة التى تجاوزحجمها المليار جنية سنويا والتى باتت تفتك بأرواح المصريين , علاوة على تغيب دورها نحو تهريب الادوية – سواء مخدرو او غيرها - التى تطالعنا عليها وسائل الاعلام يوميا التى تدخل الى البلاد دون ظابط او رابط ؟ فكل هذه دلالة واضحة على تخلف الرقابة الدوائية فى مصرعن الآطر والمعايير الدولية التى تخضع لها منظومة المستحضرات الدوائية فى دول العالم.