أنا من جيل لم نعاصر سنوات الإحتلال في مصر ولم أعش هذه الأيام المليئة بالكفاح والوطنية والفدائية التي شهدتها البلاد منذ الإحتلال الإنجليزي وحتى قيام ثورة 23 يوليو ومن ثم انتصار حرب أكتوبر المجيدة، ولكن عشت وتعايشت معها من خلال حكاوي بعض أفراد عائلتي من الذين كانوا شباباً ممن يمثلون هذا الجيل حينذاك الوقت وكذلك من بعض الأفلام الوطنية والوثائقية التي من خلالها كنت أسمع بعض الشعارات الوطنية مثل (عاشت مصر حرة مستقلة.. يحيا الهلال مع الصليب.. نموت نموت وتحيا مصر) والتي دبت فيا روح الوطنية وتنبهت بمعني الفداء بروحي في سبيل تحرير الوطن من الاحتلال الغاشم والآثم وكم تمنيت كثيراً أن أكون في هذا الوقت من شباب هذا الجيل، ودائما كان يتردد في ذهني سؤال محير .. هل يوجد في هذا الزمان مصالح شخصية تفوق مصلحة الوطن؟!! أم كان هناك حب وتكاتف بين مختلف طبقات الشعب لمصلحة هذا الوطن والكل علي قلب راجل واحد دون النظر إلي أية دوافع آخري، وبعد نجاح ثورة 25 يناير وتحدث عنها العالم بأنها أعظم الثورات في التاريخ، إلا إننا وللإسف نعيش الآن حالة من التخبط السياسي نري أقنعه لوجوه كثيرة توعد بوجه وتعمل بوجه آخر وكذلك حالة من العشوائية الخلاقه لتكون في صالح فئه علي حساب فئة آخري، والتشكيك في النوايا وحالة من اللغط السياسي بين جميع القوي السياسية والغير مبرر وأخيراً وليس أخراً الصراع الجاري والتخبط بالقول والفعل بين مرشحي رئاسة الجمهورية في جميع وسائل الإعلام المختلفة، ولكن الغريب والعجيب أن الجميع يتحدث عن حب مصر والعمل علي إرتقائها والنهوض بها بشتي المجالات وتوفير الرفاهية لجميع الشعب المصري، ولكن الأفعال التي تحدث علي أرض الواقع تبين عكس ذلك تماماً، كفانا نفاقًا وكذباً وتدليساً فالشعب المصري أبا أن يعيش طليقاً فلم ولن يسمح أن يعيش تعيساً ، لذلك أفيقوا يا سادة .. أفيقوا يا سادة ... كونوا صادقون مع أنفسكم ، قبل أن تكونوا صادقين معنا ومن سهوا عليهم الأمر فالنذكرهم بأننا الآن بصدد ثورة قام بها شباب مصر الواعي الذي لم يقبل أن نعيش مكسورين بدون حلم وبدون أمل وكأننا اجتمعنا جميعاً واتفقنا دون أن يعرف بعضنا البعض علي أن نأخذ بثأرنا من هذا النظام البائد لنبني وطناً بمعني الكلمة قادراً علي احتضان كافة المصريين بكل شرائحه وطناً له مبادئ إجتماعية (العيش حرية عدالة إجتماعية) في ظل ديمقراطية حقيقية تقبل الرأي والرأي الأخر وعدالة إجتماعية حقيقية دون تمييز بين شرائح الشعب الواحد، ولكن في ظل الظروف العشوائية والغوغائية التي نعيش فيها حالياً لا يقبل فيها أي فرد الرأي والرأي الأخر وبمجرد أن نختلف معه في الرأي أصبحت عدو له ويتم إتهامك بأنك ضد الثورة ومن (الفلول أو عميل) ، وهل هذا ثمار ثورة 25 يناير التي ابهرت العالم أجمع؟!!! ، في الحقيقة ينتابني شعور بأننا إعتدنا علي أن نظلم بعضنا البعض بغير وجه حق ، وإذا كان اللوم كل اللوم والغضب والإطاحة بالنظام السابق الفاسد الذي كان شغلهم الشاغل هو نهب ثروات ومقدارت هذا الوطن العظيم ومضاعفة ثرواتهم (نسوا الله فأنساهم أنفسهم) فعلينا أن نتعلم من هذا الدرس ونحافظ علي مكاسب هذه الثورة الربانية ونتقي الله في مصر وإذا لم نتوحد جميعاً للنهوض بهذا الوطن فسوف ننجرف إلي ما لا يحمد عقباه. فعلي السادة مرشحي الرئاسة المحتملين اتركو المصالح والخلافات وتصفية الحسابات الشخصية جانباً واتحدوا علي حب مصر وتكاتفوا جميعاً علي إزدهار ورخاء هذا الوطن وريادته بين دول العالم فمصر ليس للمصريين فقط بل لكل العرب بل لكل العالم ايضاً، ولا تعبثوا بها مثل الذين عبثوا بها من قبل واتقوا الله في هذا الشعب العظيم ولا تبتغوا المال بغير حق فإن (المال رأس لكل الشرور إذا إبتغاه قوم فسدوا وضلوا عن الإيمان وعنقوا أنفسهم بأوجاع كثيرة) .. ألا يستحق هذا الشعب العظيم أن يعيش حياة كريمة .. ألا يستحق شعب مصر أن يعيش حالة من التفاؤل بمستقبل أفضل .. ألا يستحق شعب مصر أن تعود لهم البسمة الصافية والصفاء الذهني لهم من كل الهموم ... اللهم بلغت اللهم فاشهد. بقلم : محمود رمضان شحاتة محمد