البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى فارق عالمنا الدنيوى إلى العالم الآخر، ليس كأى شخص مصري، إنه عشق مصر وترابها، فعشقه الوطن وامتزج فيه، ونال حب المصريين جميعًا مسلمين ومسيحيين ومثقفين وعامة الشعب، إنه أحد حكماء مصر الذى كانت له مواقف أكثر من رائعة فى كل القضايا فاستحق بجدارة أن ينال لقب الزعامة سواء كانت دينية أو سياسية.. ورغم كل التيارات السياسية المتباينة والمختلفة داخل الوطن، إلا أن الجميع اتفق على حكمة الرجل التى كانت لها الآثار الرائعة فى مواقف كثيرة. لقد كان البابا شنودة رمزًا وطنيًا من رموز مصر أفنى حياته فى خدمة الإنسانية جمعاء، وهو القائل «إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه وإنما هى وطن يعيش فينا».. هذا الرجل جسد بحق معنى المواطنة بكل ما تحمله الكلمة من معان، ولذلك استحق أن يحظى بتقدير المصريين جميعًا مسلمين قبل المسيحيين ولذلك استحق بجدارة احترام العالم بأسره.. شجاعة البابا شنودة جلبت على رأسه صداعًا كبيرًا ولكنه لم تلن له قناة فقد كان قادرًا على احتواء كل الأزمات التى كانت تلاحق الوطن وكانت له مواقف لا تصدر إلا عن حكيم ندر أن يجود الزمان به. لقد انحاز البابا إلى مصر وقضاياها الوطنية، وامتلأ قلبه بحب الجميع فأحبه العامة قبل الخاصة، التف الجميع فى مصر على حب هذا الزعيم بشكل لم يحدث لقامة مصرية قبل ذلك، له من المواقف الوطنية الكثير والكثير، لا أحد يستطيع أن ينكرها عليه أو يحجبها عنه، لأن أدواره الوطنية تعد درسًا لكل من يريد أن يتعلم معنى المواطنة الحقيقية التى تسعى مصر الثورة أن ترسمها مستقبلاً للبلاد.، وللحق فإن للبابا شنودة الثالث، دورًا رائعًا فى الموقف الأمريكى بشأن مصر، ومشروع المخطط الصهيونى الذى يهدف إلى اضعاف الأمة العربية وتقسيم كل دولة عربية وعلى رأسها مصر، فالبابا شنودة يرى أن زلزلة إسرائيل الحقيقية هى وحدة الأمة العربية ضد المشروع الصهيو أمريكى الذى يهدف إلى تفتيت الأمة العربية دولة، دولة ويرى البابا أن مقاومة إسرائيل ومنع برطعتها فى المنطقة لا يأتى إلا بوحدة الأمة العربية وتكاتف زعماء العرب، لا بتفرقهم وخلافهم. ولهذا كان هناك الموقف الرائع للبابا بمنع الاخوة المسيحيين من الحج إلى بيت المقدس طالما أن القدس تئن من نير الاحتلال، وله مقولته المشهورة، لن نحج إلى القدس إلا مع اخواننا المسلمين بعد تحريرها. بالاضافة إلى موقفه العظيم من رفض اتفاقية كامب ديفيد وصدامه مع الرئيس الراحل أنور السادات الذى جلب على رأسه صداعًا كبيرًا. يرحم الله حكيم الوطن والزعيم الخالد الذى عشق مصر فعشقته مصر بكل أطيافها السياسية والدينية.. ويلهمنا الله الصبر والسلوان على رحيل هذه القامة الوطنية الرائعة.