صوت صرخات الفتاة شراة العلوية وهي تستغيث مستمسكة بثيابها التي تنتزع عنها قبل اقتيادها إلى الأسر تنادي: وا معتصماه .. وا معتصماه .. أثار روح الحماسة والمروءة والشهامة في الخليفة المعتصم ليتجه إليها بجيش فتح مدينة أنقرة ثم مدينة عمورية بالأناضول ليفك أسر ابنة عمومته حفيدة الإمام علي .. وقد فك أسر الشريفة الهاشمية قائلا لها: سمعت ندائك وأنا على سريري فقلت لبيك لبيك ألقيت الكأس وقلت والله لا أشرب إلا بعد فك الشريفة من الأسر .. صوت استغاثة الفتاة شراة العلوية بتركيا هو تكرار لصوت استغاثة جدتها السيدة زينب بنت علي بالعراق وهي تستغيث مستمسكة بثيابها التي تنتزع عنها قبل اقتيادها إلى الأسر تنادي: يا محمداه .. يا محمداه .. بناتك سبايا .. وذريتك مقتلة .. وبعيدًا عن توالي صرخات استغاثة نساء آل البيت من بعد صدور أوامر يزيد بن معاوية تشريدهم في البلاد عقب قتل رجالهم بكربلاء .. وبعيدًا عن تحقيق ذلك لنبوءة النبي الشريفة في قوله الصحيح: ( إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا و تشريدا و إن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية و بنو المغيرة و بنو مخزوم ) .. وبعيدًا عن صوت الصريخ الذي يفتح له الإمام المهدي مدينة القدس كما في النصوص الصحيحة .. فقد جاء صوت السيدة زينب وحفيدتها تكرار لصوت أمهم سيدة نساء العالمين فاطمة في ندائها على النبي قبل الدفن والذي أخرجه البخاري وفيه قالت عليها السلام: يا أبتاه من ربه ما أدناه .. يا أبتاه إلى جبريل ننعاه .. يا أبتاه جنات الفردوس مأواه .. يا أبتاه أجاب ربا دعاه .. أثر صوت نداء السيدة فاطمة ( يا أبتاه ) لم يثير مشاعر الحزن فقط بين الصحابة بل أصبح هو نداء الصحابة ب ( يا محمداه ) في حرب اليمامة مع مسيلمة الكذاب عقب وفاة النبي .. وبات ( يا محمداه ) هو نداء الصحابة في كل حروب نجد بشرق الجزيرة العربية .. فأقوال علماء الخوارج بأن النداء بغير الله شرك بالله أرها أقوال قد حملت معني شرك آل البيت والصحابة .. وأقل ما يقال هو طعن فيهم جاء عن جهل بنداءات آل البيت وذريتهم وعن جهل بنداءات الصحابة وتابعيهم .. ولأنها أقوال جائت عن جهل فقد ألصقت تهمة الشرك بالشريفة الهاشمية شراة العلوية خفيدة الإمام علي والتى انتصر لها وأرد وأمحو القول بشركها .. ولأن أقوال علماء الخوارج قد سارت على مدى القرون خلف بعضها كعربات القطار فذلك أظهر بوضوح تركهم المتعمد للنبي وإهمالهم المقصود لنصوص شريفة صرح فيها النبي إجابته النداء ب ( يا محمد ) إذا نودي به وهو في قبره الشريف كما في هذا الجزء من النص الصحيح الذي ضمه الألباني إلى سلسلته الصحيحة وفيه قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لئن قام على قبري فقال : يا محمد لأجبته ) .. وإن كان النص النبوي الشريف في النداء عليه بعد الوفاة مع ندءات آل البيت والصحابة على على النبي بعد الوفاة قد تم التغطية عليها للاندثار فما يمنع الآن من إظهارها لتصحيح أمر النداء على الميت .. وما المانع من إعادتنا قراءة النداء على الحي في قوله تعالى عن إخوة يوسف: ( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ) .. وما يمنع إعادة فهم نداء الفتاة شراة العلوية و طلب إغاثتها من الحي من خلال قوله تعالى: ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ) .. فلننظر كتاب الله والنصوص الشريفة الشارحة له لنسمع ونرى بهما باطن الأنفس الخفي من خلال أثر الصوت .. فهو مفتاح من مفاتيح المعرفة بإلهام الأنفس وباب من أبواب التمييز بين أنفس تغلغل في عمقها المروق من الدين فخرج من أعماقها الشرك بالله وبين أنفس تغلغل في عمقها التمسك بالدين فخرج من أعماقها الإيمان بالله .. .. لعلنا نفهم معا ذلك وندرك المقاصد الإيمانية من أثر صوت نداءات آل البيت ونداءات الصحابة.. من وا محمداه .. إلى ما بعد .. وا معتصماه .. باحث إسلامي علاء أبوحقه