لاتندهشوا ياسادة، لانتشار الأفكار السلفية بين المصريين هذه الأيام إنتشار النار فى الهشيم.. لأنه طالما ينتشر الجهل بين الناس، وتتفشى الخرافة فى المجتمع، فإن تلك هى البيئة المثالية لنمو الأفكار المتخلفة التي يبثها قطعان السلفيين.. فالعقل المصري يعيش الآن أزمة كبرى.. فالمصريون قد أعطوا عقولهم أجازة مفتوحة.. ورفضوا العلم، وآمنوا بالخرافات والسحر والدجل والشعوذة.. وهذه الكارثة تتضح بجلاء، فى دراستين هامتين.. الدراسة الأولى صدرت عن المركز القومي للبحوث الإجتماعية، بقلم الباحث د.محمد عبد العظيم.. وقد ورد بهذه الدراسة مجموعة من الأرقام المفزعة.. فمثلاً ينفق المصريون على السحر والدجل 10مليارات جنيه سنوياً !! ورغم كل ظروفهم المعيشية الصعبة، لكنهم ينفقون هذا المبلغ المهول عن طيب خاطر !!. وتقول الدراسة 0يضا أن 50% من سيدات مصر يعتقدن بالسحر والشعوذة، ويترددن بانتظام على الدجالين !!. وأن عدد هؤلاء الدجالين يتزايد بصورة سرطانية.. وكان عددهم عام 2012 (وهو عام صدور هذه الدراسة) 300 ألف دجال !!. وهذا العدد المخيف، معناه أنه يوجد دجال لكل 120 مصرى !!. ويزعم الدجالون أن لديهم القدرة على شفاء المريض، وطرد الأرواح الشريرة، وفك السحر، وجلب الحبيب، وتزويج العانس... إلخ !!. وتقول الدراسة أيضا، أنه يوجد 274 خرافة يؤمن بها المصريون إيماناً، وتتحكم فى سلوكهم !!. وهذه الخرافات مرض مصرى متأصل، ينتقل من جيل إلى جيل !!. والكارثة أن هذه الخرافات ليست منتشرة بين البسطاء فقط، بل إن الأدهى والأمر، أن 38% من المثقفين والمشاهير فى الفن والسياسة والرياضة هم من زبائن السحرة والدجالين !!. وكان غريباً أن يعلن رئيس نادى الزمالك مرتضى منصور -بلا خجل- أن فريق كرة القدم "معمول له عمل" وأنه قد إنهزم فى بعض المباريات، بسبب السحر الأسود !!. وهذه الخرافات تنتشر في الريف والصعيد على وجه الخصوص، إنتشار الماء والهواء !! ويقول الباحث أن هذه الأرقام المرعبة التى وردت بالدراسة، لو أنها كانت في بلد آخر غير مصر، لقامت الدنيا ولم تقعد !! ورشحت الدراسة قرية "طناح" (على بعد150 كيلو شمال القاهرة) للحصول على جائزة نوبل في الخرافات !!. ففى هذه القرية، تزدهر بصورة رهيبة كل ألوان الخزعبلات :-- قراءة الفنجان، وعمل الأحجبة، وطرد الأرواح الشريرة، والتداوى بالقرآن، وفتح المندل... إلخ.. وأما بخصوص الدراسة الثانية، فقد أعدها د. محمد المهدى أستاذ الطب النفسى.. ويقول د.المهدى أن معظم المرضى النفسيين (80% منهم على الأقل) لايلجؤون للأطباء النفسيين طلباّ للعلاج، ولكنهم يفضلون التردد على الدجالين !! وذلك لأنهم يفسرون حالات التشنج، ونوبات الصرع التى تصيبهم، بأنها مس من الجن، فيذهبون إلى الدجالين لإخراج الجن من أجسادهم !! بينما الحقيقة، أن تلك الأعراض (الصرع والتشنج وغيرها) لها أسباب علمية يعرفها جيدا الأطباء النفسيين (مثل زيادة كهربية المخ) ويعرفون أيضاً علاجها، وهذه الأمراض ليس لها أى علاقة بالجن أوالعفاريت.. والدجالون يتعمدون أن يخلطوا السحر والشعوذة بالدين، حتى يمكنهم خداع ضحاياهم.. ويستشهدون ببعض القصص والأحاديث التى وردت في ذلك التراث العفن الذى يقدسه السلفييون !!.. من ذلك -مثلا- إدعاء السلفيين أن إمرأة ذهبت إلى الرسول تشكو له، أن إبنها قد مسه الجن (بمعنى أن الجن يسكن جسده).. فوضع الرسول يده على رأس الطفل، وصاح فى الجن قائلاً له بلهجة آمرة:-- "أخرج ياعدو الله، أنا رسول الله".. فتقيأ الطفل وخرج الجن فورا من فمه على هيئة كلب أسود !!, وبذلك تم شفاء الطفل، فقامت المرأة بإهداء النبى كبشين !! وتزخر مواقع السلفيين وكتبهم بآلاف الصفحات التي تذكر أدق التفاصيل عن الجن.. فهم يعيشون بيننا، ويأكلون مما نأكل !! وأما القطط والكلاب السوداء، فهى فى حقيقتها شياطين قد تنكرت داخل جسد هذه الحيوانات، وذلك حتى يمكنها الحركة داخل عالم البشر بسهولة !!. والجن يسكن الأماكن الخربة، والمناطق المظلمة، والصحاري، والمناطق النجسه، وأما المرحاض فإنه الوكر الذى تجتمع فيه الشياطين !! وتنصحنا كتب السلفيين بعدم دخول دورة المياة بالقدم اليسرى، وعدم التحدث بصوت عال فى الحمام، وإلا فسوف يلبسنا الجن !! وينصح السلفيون المرأة بعدم الجلوس على الكراسي، وإلا فإن الجن سوف ينكحها من الأسفل !! كما تشرح كتب السلفيين كيفية علاج المس الشيطانى.. ومن بين وسائل العلاج ضرب المريض النفسي ضرباً شديداً، وذلك من أجل إجبار الجن على الهروب من جسده !!. وهذه الوسيلة (الضرب العنيف) يستخدمها بالفعل الدجالين مع ضحاياهم.. وفى بعض الحالات يموت المريض بين يدى الدجال !! إن كل هذه الخزعبلات قد وردت في كتب التراث، للأئمة الذين يقدسهم السلفييون، مثل إبن تيمية، والطبرى، والماوردى، وإبن القيم، وإبن كثير والبغوى، والنسقى، وغيرهم.. والسؤال الذي يعجز قطعان السلفيين عن الإجابة عليه، هو لماذا يترك الجن كل دول العالم، شرقه وغربه، ويفضل أن يعيش معنا نحن المصريين ؟!!. ولماذا لايلبس الجن إلا أجساد المسلمين، وبالذات النساء، وخاصة الجميلات؟ !!. ولماذا لايقترب الجن مطلقا من أجساد الأوروبيين، أو اليابانيين، أو الصينيين، أو حتى أعدائنا الإسرائليين؟!!. لماذا يختفى الجن من بلاد الفرنجة من الكفار والملحدين، ويركز كل نشاطه فى مصر وحدها؟ !!. متى يفيق المصريون من هذه الغيبوبة؟.. متى تنتهى الأجازة المفتوحة التى منحها المصريون لعقولهم؟ !! --------- بقلم/ محمود حسني رضوان كاتب وباحث مصري