مضحكات مبكيات من زمن الثورات بقلم عزالدين القوطالي تذكر الروايات التاريخية أن ملك بروسيا فريدريك ويليام الأول 1688 – 1740 كان معروفاً بهوسه بالطول والأجساد الضخمة ولذلك أسس كتيبة عسكرية كاملة متكوّنة من جنود يمتازون بالطّول الكبير جدّا والذي يفوق المعدّلات الطبيعية وقد أطلق عليها إسم كتيبة العماليق ، لإيمانه بأنّ مثل تلك الكتيبة من شأنها أن تدخل الرعب في قلوب الأعداء ... والمثير للاهتمام أنه رغم كثرة الحروب التي خاضتها المملكة فإنّ الملك رفض مشاركة كتيبة العمالقة في المعارك لأنها في إعتقاده أثمن من أن تشارك في الحرب ، وبهذا أصبحت تلك الكتيبة في النهاية عبارة عن ديكور ملكي شبيه الى حدّ كبير بكلاب الزينة ... ويبدو أن بعض الأحزاب السياسية في بلادنا قد تأثّرت بهواية الملك البروسي فريديريك ويليام الأول فنسجت على منواله وأتّبعت خطاه في التزيّن بوجوه ثقافية أو فنيّة أو رياضية أو ماليّة وإستغلالها للتسويق الحزبي وإضفاء نوع من البهرجة والفخامة على الحزب ... والغريب أنّ تلك الوجوه المتهافتة على الأحزاب الكبرى تدرك جيّدا أنّ وجودها ديكوري كالألواح الزيتية أو أدوات المكياج أو بعض الأثاث العتيق في الصالونات الحزبية ، ومع هذا تستمرّ في تأثيث المشهد الدّرامي ولعب دور الكومبارس في المسرحية السياسية الكوميدية المسمّاة : ثورة الربيع العربي... ونحن لا نشكّ في أنّ المشار إليهم هم بالفعل عمالقة في ميادين الفنّ والأدب والثقافة والرياضة ، وفي مجالات المال والتجارة والأعمال ، ولكننا لا نشكّ أيضا في أنهم مجرّد أقزام في الحياة السياسيّة ليس لهم رأي أو موقف أو تأثير في صناعة القرار السياسي وإدارة الشأن العام ، إذ دورهم الوحيد هو أن يصطفّوا خلف الحكام ويمدّوا وجوههم التي يعرفها العوام من خلال التلفزة والإذاعة وغيرهما من وسائل الدعاية والإعلام ... وأمثال هؤلاء لا يُخشى منهم أو عليهم ولهذا ترى الحكّام يتسابقون من أجل إقتنائهم كأيّة سلعة كماليّة والتباهي بوجودهم أمام المنافسين والخصوم السياسيين كما تتباهى المرأة الغبيّة بفستان باريسي أو عقد من اللّؤلؤ الخالص أمام أقرانها في حفل بورجوازي كبير يرقص فيه الجميع على نغمات قصيدة إعترافات نمر من ورق والتي قال فيها نزار قباني :. سيخيب ظنك . . من بطولاتي كثيراً . . يا جميلة وستعرفين بأنني نمر خرافي . . وأني لم أكن بطلاً حقيقياً . . ولكن . . كنت أخترع البطولة . . . لا تطلبي مني الصهيل . . فإن خيلي من زمان مستقيلة . . إني حصان قد أحيل إلى المعاش . . وصرت أخشى . . من مواجهة السباقات الطويلة ...