«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة: التوطين ومشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
نشر في شباب مصر يوم 26 - 05 - 2018


عناوين فرعية:
(مصطلحا "لاجئ" و"مهاجر" - اللاجئون في نظر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين - المهاجرون في نظر المفوضية السامية - اللاجئون والتوطين - اللاجئون الفلسطينيون - القرار الأممي 194 - المقاربة الدولية لمشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين -مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين الدولية - المشاريع "الإسرائيلية" والعربية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين - مقترح توطين الفلسطينيين في سيناء المصرية "صفقة القرن" - ما هي "صفقة القرن"؟ - "صفقة القرن" كما نقلها تقرير "إسرائيلي" - "صفقة القرن" أو "الصفقة التصفوية الأمريكية التاريخية" كما عرضها الدكتور صائب عريقات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية)
التوطين ومشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
(من مشروع ماك غي 1949 إلى صفقة القرن الأمريكية وخطة عباس للسلام - 2018)
مصطلحا "لاجئ" و"مهاجر"
وفق ما جاء في صفحة "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – UNHCR" على شبكة الإنترنت، فإنه مع بلوغ عدد النازحين قسراً حول العالم، في تموز/يوليو 2016، حوالي 65 مليون شخصاَ، واستمرار توارد أخبار عبور البحر الأبيض المتوسط بواسطة القوارب في عناوين الصحف العالمية، بقى استخدام مصطلحي "لاجئ" و"مهاجر" محط اهتمام وسائل الإعلام وعامة الناس على حد سواء.
هل من فرق بين المصطلحين، وهل هو بتلك الأهمية؟
نعم، هناك فرق بين المصطلحين والفرق كبير. فلكل من المصطلحين معنى مختلف عن الآخر والخلط بينهما يسبب مشاكل كثيرة للاجئين والمهاجرين على حد سواء.
من هم اللاجئون في نظر المفوضية؟
اللاجئون هم أشخاص فارون من الصراع المسلح أو الاضطهاد. وقد بلغ عددهم مع نهاية عام 2015 ما مجموعه 21.3 مليون شخص، وغالباً ما يكون وضعهم خطراً جداً ويعيشون في ظروف لا تُحتمل تدفعهم إلى عبور الحدود الوطنية بحثاً عن الأمان في الدول المجاورة، وبالتالي يتم الاعتراف بهم دولياً ك"لاجئين" يحصلون على المساعدة من الدول والمفوضية ومنظمات أخرى. ويتم الاعتراف بهم كلاجئين بشكل خاص لأن عودتهم إلى وطنهم خطيرة جداً ولأنهم يحتاجون إلى ملاذ آمن في أماكن أخرى. وقد يؤدي حرمان هؤلاء الأشخاص من اللجوء إلى عواقب مميتة.
لقد حدد القانون الدولي تعريفاً للاجئين ويوفر لهم الحماية. ولا تزال اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئ وبروتوكولها لعام 1967 فضلاً عن نصوص قانونية أخرى كاتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لحماية اللاجئين لعام 1969 الركن الأساسي في حماية اللاجئين في العصر الحديث. وقد أُدخلت المبادئ القانونية الثابتة في هذه الاتفاقيات في عدد لا يحصى من القوانين والممارسات الأخرى الدولية والإقليمية والوطنية. وتعرّف اتفاقية عام 1951 اللاجئ وتحدد الحقوق الأساسية التي يتعين على الدول ضمانها للاجئين. ومن أهم المبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي هو وجوب عدم طرد اللاجئ أو إعادته إلى أوضاع تهدد حياته وحريته.
ولحماية اللاجئين أوجه عديدة، تشمل حمايتهم من الإعادة إلى المخاطر التي فروا منها، واستفادتهم من إجراءات اللجوء العادلة والفعالة، والتدابير التي تضمن احترام حقوقهم الإنسانية الأساسية للسماح لهم بالعيش بكرامة وتساعدهم على إيجاد حلول طويل الأمد. وتتحمل الدول بشكل أساسي مسؤولية تأمين هذه الحماية. لذا، تعمل المفوضية عن كثب مع الحكومات مقدمةً لها المشورة والدعم عند الحاجة للقيام بمسؤولياتها.
من هم المهاجرون في نظر المفوضية؟
المهاجرون هم أشخاص يختارون الانتقال ليس بسبب تهديد مباشر بالاضطهاد أو الموت، بل لتحسين حياتهم بشكل أساسي من خلال إيجاد العمل أو في بعض الحالات من أجل التعليم أو لمّ شمل العائلة أو أسباب أخرى. وعلى عكس اللاجئين الذين لا يستطيعون العودة إلى وطنهم بأمان، لا يواجه المهاجرون مثل هذه العوائق للعودة. فإذا اختاروا العودة إلى الوطن سيستمرون في الحصول على الحماية من حكومتهم.
ويعتبر هذا الفارق مهماً بالنسبة للحكومات الفردية. إذ أن الدول تتعامل مع المهاجرين بموجب قوانينها وإجراءاتها الخاصة بالهجرة، ومع اللاجئين بموجب قواعد حماية اللاجئين واللجوء المحدّدة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي على حد سواء. وتتحمل الدول مسؤوليات محددة تجاه أي شخص يطلب اللجوء على أراضيها أو على حدودها. وتساعد المفوضية الدول على التعامل مع مسؤولياتها في حماية طالبي اللجوء واللاجئين.
وتدخل السياسة في مثل هذه المناقشات. وقد يحمل الخلط بين اللاجئين والمهاجرين عواقب وخيمة على حياة اللاجئين وسلامتهم، والخلط بين المصطلحين يمكن أن يصرف الاهتمام عن الحماية القانونية الخاصة التي يحتاج إليها اللاجئون، مما قد يؤدي إلى إضعاف الدعم العام للاجئين وقضية اللجوء في وقت يحتاج فيه المزيد من اللاجئين إلى هذه الحماية أكثر من أي وقت مضى. يتعين علينا معاملة البشر جميعهم باحترام وكرامة وضمان احترام حقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين. في الوقت نفسه، يتعين علينا توفير استجابة قانونية مناسبة للاجئين بسبب محنتهم.
إذاً، وبالعودة إلى أوروبا والأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين وصلوا بواسطة القوارب إلى اليونان وإيطاليا وأماكن أخرى خلال الأعوام القليلة الماضية، أي من المصطلحين ينطبق عليهم؟ هل هم لاجئون أم مهاجرون؟
في الواقع، هم الاثنان معاً. فغالبية الأشخاص الذين وصلوا إلى إيطاليا واليونان أتوا بشكل خاص من دول غارقة في الحروب أو تُعتبر "منتجة للاجئين" ويحتاجون إلى الحماية الدولية. ولكن نسبة أصغر من هؤلاء الأشخاص أتت من أماكن أخرى، وبالنسبة إلى الكثيرين منهم قد يكون مصطلح "مهاجر" الأصح.
إذاً، في المفوضية نستخدم مصطلحي "لاجئ ومهاجر" عند الإشارة إلى تحركات الأشخاص عبر البحر أو في ظروف أخرى نعتقد فيها بأن أشخاصاً من المجموعتين قد يكونون موجودين - وتحركات القوارب في جنوب شرق آسيا مثال آخر على ذلك. ونستخدم مصطلح "لاجئ" عندما نشير إلى الأشخاص الفارين من الحروب أو الاضطهاد عبر حدود دولية ومصطلح "مهاجر"، عندما نعني أشخاصاً ينتقلون لأسباب لا يشملها التعريف القانوني لمصطلح لاجئ. وتأمل المفوضية أن يحذو الآخرون حذوها، لأنها ترى أن اختيار المصطلحات أمر مهم.
اللاجئون والتوطين
لا يستطيع العديد من اللاجئين العودة إلى بلدانهم بسبب الحروب والصراعات والتمييز والظلم والقهر والقمع والاضطهاد. ويعيش الكثيرون من هؤلاء اللاجئين في ظروف صعبة وخطيرة، أو يعانون من احتياجات خاصة لا يمكن تلبيتها في البلدان التي قصدوها طلباً للحصول على الأمن والحماية. وعادة ما تعمل المفوضية العامة للاجئين التابعة للأمم المتحدة في هذه الحالات على إعادة توطين اللاجئين في بلد ثالث. فإعادة التوطين تعني نقل اللاجئين من بلد اللجوء إلى بلد ثالث يوافق على قبلوهم ويتكفل بمنحهم الاستقرار الدائم في نهاية المطاف.
كُلفت المفوضية بموجب نظامها الأساسي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعادة التوطين باعتباره أحد الحلول الثلاثة الدائمة. وتتميز إعادة التوطين في كونها الحل الدائم الوحيد الذي ينطوي على نقل اللاجئين من بلد اللجوء إلى بلد ثالث. وكان هناك 16.1 مليون لاجئ تعنى بهم المفوضية حول العالم في نهاية عام 2015، ولكن أُعيد توطين أقل من 1% منهم في ذلك العام.
ويشارك عدد قليل من البلدان في برنامج المفوضية لإعادة التوطين، وتربعت الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام الأخيرة على رأس قائمة دول إعادة التوطين في العالم، كما أمنت كل من كندا وأستراليا وبلدان الشمال الأوروبي عدداً كبيراً من الأماكن.
توفر بلدان إعادة التوطين الحماية القانونية والجسدية للاجئ، بما في ذلك تمتعه بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشابهة لحقوق مواطنيها.
في إعادة التوطين يعيش الإنسان تجربة تغيير نمط حياته، مما يعني أنها تجربة صعبة، لكنها مفيدة في ذات الوقت. ذلك أنه غالباً ما يُعاد توطين اللاجئين في بلدان جديدة بالنسبة إليهم، ومختلفة جداً من حيث المجتمع والتقاليد واللغة والثقافة. واستقبال اللاجئين والعمل على دمجهم في مجتمعات جديدة عملية مفيدة للاجئين المعاد توطينهم وللبلدان التي تستقبلهم. وعادة ما تقدم الحكومات وشركائها من المنظمات غير الحكومية الخدمات لتسهيل عملية دمج اللاجئين، كالتوجيه الثقافي والتدريب اللغوي والمهني، فضلاً عن برامج تعزيز إمكانية الحصول على التعليم والعمل.
اللاجئون الفلسطينيون
هذا في ما يتعلق باللاجئين بصورة عامة، أما في ما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين فالأمر يختلف تماماً، لأن الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد الذي أجبر، في العصر الحديث، على مغادرة أرضه بمنطق القوة الذي مارسته ضده عصابات من الصهاينة المجرمين استقدمتهم الإمبريالية العالمية من أوطانهم في الغرب والشرق تنفيذاً لوعد "بلفور" المشؤوم الذي منحته بريطانيا بطريقة منافية للقانون الدولي للمنظمات الصهيونية العالمية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مباشرة، في 2 تشرين الأول/نوفمبر عام 1917.
وعادة ما يعبر اللاجئون الفلسطينيون عن رفضهم القاطع للتوطين في أماكن إقاماتهم المؤقتة، أكان ذلك في البلدان العربية التي أجبروا على النزوح إليها بعد احتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948، أو في بلدان الشتات العالمي التي اضطروا للهجرة إليها، مؤكدين تمسكهم بحق العودة إلى ديارهم تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، كما يؤكدون رفضهم للتعويض عن ممتلكاتهم في فلسطين.
منذ احتلال فلسطين في عام 1948 والمشاريع المطروحة لتوطين الفلسطينيين في البلدان التي لجأوا إليها لم تتوقف. وقد تجاوزت هذه المشاريع الخمسين مشروعا دولياً وعربياً و"إسرائيلياً" و"إسرائيلياً" - فلسطينياً مشتركاً، بعضها استمر الجدل قائما بشأنه بعض الوقت، والبعض الآخر ولد ومات ولم يكد أحد يلتفت إليه. وكان الفشل هو الغالب على كل هذه المشاريع على مدار سنوات النكبة، فلا هي نجحت في توطين هؤلاء اللاجئين ولا هي أنستهم حق العودة إلى ديارهم. أما القرار الأممي رقم 194 الذي ينص على عودة اللاجئين فقد تحول الى مادة تفاوض تحت عنوان "تعويض المتضررين".
القرار الأممي 194
ينص قرار رقم 194 الصادر بتاريخ 11/12/1948 على إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل. وفيما يلي نص القرار:
"إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل.
(إن الجمعية العامة وقد بحثت في الحالة في فلسطين من جديد:
1 - تعرب عن عميق تقديرها الذي تم بفضل المساعي الحميدة المبذولة من وسيط الأمم المتحدة الراحل في سبيل تعزيز تسوية سلمية للحالة المستقبلية في فلسطين، تلك التسوية التي ضحى من أجلها بحياته. وتشكر للوسيط بالوكالة ولموظفيه جهودهم المتواصلة وتفانيهم للواجب في فلسطين.
2 - تنشئ لجنة توفيق مكونة من ثلاث دول أعضاء في الأمم المتحدة تكون لها المهمات التالية:
أ - القيام - بقدر ما ترى أن الظروف القائمة تستلزم - بالمهمات التي أوكلت إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 (د أ - 2) الصادر في 14 مايو/ أيار سنة 1948.
ب - تنفيذ المهمات والتوجيهات المحددة التي يصدرها إليها القرار الحالي، وتلك المهمات والتوجيهات الإضافية التي قد تصدرها إليها الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
ج - القيام - بناء على طلب مجلس الأمن - بأية مهمة تكلها حالياً قرارات مجلس الأمن إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين، أو إلى لجنة الأمم المتحدة للهدنة. وينتهي دور الوسيط بناء على طلب مجلس الأمن من لجنة التوفيق القيام بجميع المهمات المتبقية التي لا تزال قرارات مجلس الأمن تكلها إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين.
3 - تقرر أن تعرض لجنة من الجمعية العامة -مكونة من الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية- اقتراحاً بأسماء الدول الثلاث التي ستتكون منها لجنة التوفيق على الجمعية العامة لموافقتها قبل نهاية القسم الأول من دورتها الحالية.
4 - تطلب من اللجنة أن تبدأ عملها فوراً حتى تقيم في أقرب وقت علاقات بين الأطراف ذاتها، وبين هذه الأطراف واللجنة.
5 - تدعو الحكومات والسلطات المعنية إلى توسيع نطاق المفاوضات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الصادر في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1948، وإلى البحث عن اتفاق بطريق مفاوضات تجري إما مباشرة أو مع لجنة التوفيق، بغية إجراء تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.
6 - تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لاتخاذ التدابير بغية معاونة الحكومات والسلطات المعنية لإحراز تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.
7 - تقرر وجوب حماية الأماكن المقدسة -بما فيها الناصرة- والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة والعرف التاريخي، ووجوب إخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لإشراف الأمم المتحدة الفعلي. وعلى لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة، لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، أن تتضمن توصيات بشأن الأماكن المقدسة الموجودة في هذه المنطقة، ووجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعنية تقديم ضمانات رسمية ملائمة فيما يتعلق بحماية الأماكن المقدسة في باقي فلسطين، والوصول إلى هذه الأماكن، وعرض هذه التعهدات على الجمعية العامة للموافقة.
8 - تقرر أنه نظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة بما في ذلك بلدية القدس الحالية يضاف إليها القرى والمراكز المجاورة التي يكون أبعدها شرقاً أبو ديس وأبعدها جنوباً بيت لحم وأبعدها غرباً عين كارم -بما فيها المنطقة المبنية في موتسا- وأبعدها شمالاً شعفاط، يجب أن تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة مناطق فلسطين الأخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية.
- تطلب من مجلس الأمن اتخاذ تدابير جديدة بغية تأمين نزع السلاح في مدينة القدس في أقرب وقت ممكن.
- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لتقدم إلى الجمعية العامة في دورتها الرابعة اقتراحات مفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس يؤمن لكل من الفئتين المتميزتين الحد الأقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي الخاص لمنطقة القدس.
- إن لجنة التوفيق مخولة بصلاحية تعيين ممثل للأمم المتحدة يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالإدارة المؤقتة لمنطقة القدس.
9 - تقرر وجوب منح سكان فلسطين جميعهم أقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدية وبطريق الجو، وذلك إلى أن تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات أكثر تفصيلاً.
- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تعلم مجلس الأمن فوراً بأية محاولة لعرقلة الوصول إلى المدينة من قبل أي من الأطراف، وذلك كي يتخذ المجلس التدابير اللازمة.
10 - تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بالعمل لإيجاد ترتيبات بين الحكومات والسلطات المعنية من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك اتفاقيات بشأن الوصول إلى المرافئ والمطارات واستعمال وسائل النقل والمواصلات.
11 - تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.
- وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة.
12 - تفوض لجنة التوفيق صلاحية تعيين الهيئات الفرعية واستخدام الخبراء الفنيين تحت إمرتها بما ترى أنها بحاجة إليه لتؤدي بصورة مجدية وظائفها والتزاماتها الواقعة على عاتقها بموجب نص القرار الحالي. ويكون مقر لجنة التوفيق الرسمي في القدس، ويكون على السلطات المسؤولة عن حفظ النظام في القدس اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين سلامة اللجنة. ويقدم الأمين العام عدداً من الحراس لحماية موظفي اللجنة ودورها.
13 - تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تقدم إلى الأمين العام بصورة دورية تقارير عن تطور الحالة كي يقدمها إلى مجلس الأمن وإلى أعضاء منظمة الأمم المتحدة.
14 - تدعو الحكومات والسلطات المعنية جميعاً إلى التعاون مع لجنة التوفيق وإلى اتخاذ جميع التدابير الممكنة للمساعدة على تنفيذ القرار الحالي.
15 - ترجو الأمين العام تقديم ما يلزم من موظفين وتسهيلات واتخاذ الترتيبات المناسبة لتوفير الأموال اللازمة لتنفيذ أحكام القرار الحالي.
تبنت الجمعية العامة هذا القرار في جلستها العامة رقم 186 ب 35 صوتاً مع القرار مقابل 15 ضده وامتناع 8 كالآتي:
مع القرار: الأرجنتين، أستراليا، بلجيكا، البرازيل، كندا، الصين، كولومبيا، الدانمارك، جمهورية الدومينيكان، إكوادور، السلفادور، الحبشة، فرنسا، اليونان، هاييتي، هندوراس، إيسلندا، ليبيريا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، نيكاراغوا، النرويج، بنما، باراغواي، بيرو، الفلبين، سيام، السويد، تركيا، جنوب أفريقيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية، أوروغواي، فنزويلا.
ضد القرار: أفغانستان، بلو روسيا (روسيا البيضاء)، كوبا، تشيكوسلوفاكيا، مصر، العراق، لبنان، باكستان، بولندا، المملكة العربية السعودية، سوريا، أوكرانيا، الاتحاد السوفييتي، اليمن، يوغسلافيا.
امتناع: بوليفيا، بورما، الشيلي، كوستاريكا، غواتيمالا، الهند، إيران، المكسيك.)
في الوقت الذي أكد فيه المجتمع الدولي مرارا وتكراراً على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فإن ممارسة الدول الكبرى كانت دوما باتجاه توطينهم. وقد أسهمت الأونروا في توفير الإغاثة والمعونة لهم، إلا أن نشاطاتها وبرامجها المبكرة هدفت إلى إعادة توطينهم من خلال عمليات التطوير الاقتصادي. ففي العام 1950، قامت لجنة التوفيق الدولية "UNCCP" بمجموعة من التدخلات لدى البلدان العربية لضمان الحصول على مساحات أراضِ يستقر عليها اللاجئون الفلسطينيون الذين اختاروا عدم العودة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، وافقت حكومتا الأردن وسوريا على إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين شرط أن يكون قد توفر لهم خيار العودة إلى مواطنهم الموجودة الآن داخل أراضيهم المحتلة، أما الحكومة المصرية فقد قالت للجنة التوفيق أنه سيكون من الصعب توطين اللاجئين في مصر لاعتبارات الكثافة السكانية ونقص الأراضي الصالحة للزراعة.
ولربما أن الموضوع الأكثر أهمية هنا، هو أن لا وجود لحق في التوطين من بين الخيارات الثلاثة المطروحة أمام اللاجئين. ففي الخيار الأول، العودة هي الحق الوحيد بموجب القانون الدولي فقط. وفي الخيار الثاني فيبقى بإمكان اللاجئين الذين يختارون التوطين ممارسة حقهم في العودة حتى ولو حصلوا على المواطنة في أي دولة أخرى. أما في الخيار الثالث فإن حصول اللاجئين على حق إعادة التوطين في بلد ثالث لا يسقط حقهم في العودة إلى وطنهم، عندما يتيسر ذلك.
وباختصار، فإن مسألة اللاجئين الفلسطينيين ستجد طريقها إلى الحل عندما تُعرض عليهم خيارات حقيقية، أي عندما تكون العودة خيارا حقيقيا يكون في متناول أياديهم كبقية الحلول الأخرى مثل إعادة التوطين. وقد عبر عن ذلك السكرتير العام للأمم المتحدة عام 1959 في أعقاب انهيار الجهود الدولية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر برامج الأونروا بقولة: "لن يكون أي اندماج مرضيا أو حتى ممكنا، إذا ما تم عن طريق إجبار الناس على الوجود في أوضاع جديدة بخلاف إرادتهم".
في ذات الوقت فإن الآراء التي يعبر عنها الناطقون باسم اللاجئين تشير إلى أن اللاجئين لن يقبلوا الاندماج بشكل طوعي في حياة مثمرة إلا إذا منحوا حرية الاختيار بما يتلاءم مع قرارات الأمم المتحدة، أو بطريقة مقبولة أخرى، وإذا ما كانت الحرية الآن وسيلة يصوب من خلالها الخطأ الذي يعتبرون أنفسهم قد عانوا منه، وأن يبقى احترامهم الشخصي لأنفسهم مصونا ومحفوظا.
أبرز مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
المقاربة الدولية لمشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
صحيح أن المقاربة الدولية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين ظلت على الدوام تتمسك بمرجعية قرارات الأمم المتحدة، إلا أن المشاريع التي اقترحت مالت إلى تبني فكرة التوطين والتعويض أكثر من إتاحة فرص العودة. ويعد مشروع "ماك غي" (1949) أقدم مشاريع التوطين. وقد توالت المشاريع بعد ذلك.
ففي مقالة نشرها "المركز الفلسطيني - بديل"، أجمل "عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني الأستاذ تيسير محيسن" المواقف والأفكار التي حملتها المقاربة الدولية فيما يلي:
أولاً - اعتماد المقاربة الاقتصادية للتوطين والدمج في بلدان اللجوء. فلجنة "كلاب" أوصت بإيجاد برنامج للأشغال العامة. و"جون بلاندفورد" (1951) أوصى بتخصيص 250 مليون دولار لدمج اللاجئين. ومبعوث الرئيس الأمريكي أيزنهاور إلى الشرق الأوسط (1953-1955) اقترح توطين اللاجئين في الضفة الشرقية للأردن تحت مسمى الإنماء الموحد.
ثانياً - ممارسة الضغط أو الابتزاز أو الإغراء على الدول العربية لإجبارها على القبول بتوطين اللاجئين على أراضيها.
ثالثاً - لم تستثن بعض المشاريع إمكانية إعادة بضعة آلاف من اللاجئين إلى "إسرائيل"، شرط أن توافق "إسرائيل"، ويوافق العائدون على العيش في كنف الحكومات "الإسرائيلية" (جون فوستر دالاس 1955، كينيدي 1957).
رابعاً - بعض المشاريع قامت على أساس مقايضة أو مساواة حق العودة بالتعويض، علاوة على مدخل التنمية الاقتصادية في حل المشكلة (دراسة هيوبرت همفري 1957، مشروع داغ همرشولد 1959، جوزيف جونسون 1962).
خامساً - اشتملت المشاريع اللاحقة للتوطين على تقديم تصورات تفصيلية وعملية تتعلق بالأعداد وأماكن التوطين وغير ذلك. المحامية الأمريكية "دونا آرزت" (1977) قدمت اقتراحاً بتوطين نحو 75 ألف فلسطيني. وتضمن مشروع "فانس" (1969) إنشاء صندوق دولي لتوطين (700) ألف في الأردن و (500) ألف في سوريا وتفريغ لبنان من اللاجئين، كما تدفع تعويضات لأصحاب الأملاك وفق الجداول التي وضعتها لجنة التقديرات عام 1950. كما تضمنت رؤية بيل كلينتون (2000) اقتراح توطين بعض اللاجئين في دولة فلسطينية جديدة وفي الأراضي التي ستنقل من "إسرائيل".
سادساً - تميزت المشاريع المقدمة من وكالة غوث اللاجئين بالطابع العملي كما تجلى الأمر على سبيل المثال في مشروع سيناء، أو تحسين حياة اللاجئين من خلال إعطائهم قطع أرض وقروض لتوطينهم كما جاء ضمن خطة لعام 1959 التي كان هدفها توطين 60% من اللاجئين في الأردن وسورية ولبنان.
سابعاً - تأثرت المشاريع المقترحة بالسياقات التاريخية، فقد أظهرت بعض المقترحات الأمريكية أن أحد محددات الموقف الأميركي تجاه اللاجئين يكمن في مواجهة الخطر السوفييتي في المنطقة، فمشروع أيزنهاور (1957 - 1958) ربط بين التنمية الاقتصادية ومحاربة الشيوعية. كما أن دعوات التوطين في العراق تصاعدت إبان حصاره ومن ثم احتلاله عام 2003. كما اتسمت معظم المعالجات المقترحة قبل صعود الحركة الوطنية الفلسطينية بالطابع الإنساني.
ثامناً - مثلت المشاريع الدولية المقترحة في اغلبها انحيازاً واضحاً "لإسرائيل"، علاوة على أن المجتمع الدولي لم يتخذ أية تدابير عملية للضغط على "إسرائيل" أو إجبارها لتطبيق قرارات الشرعية الدولية. ومع الحرج الذي تسبب به هذا الانحياز، لم تتردد بعض الجهات الدولية في محاولة إبراز هيئات تتحدث باسم اللاجئين بما يفكك قضيتهم ويضعفها أمام الرأي العام العالمي، ومن ذلك أيضاً محاولات وكالة الغوث تحويل قضية اللاجئين من قضية دولية إلى قضية تتحمل مسؤولياتها الحكومات المحلية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية.
مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين الدولية
مشروع ماك غي
في عام 1949 توجه مستشار وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ماك غي إلى بيروت لشرح خطته التي تعتبر من أقدم المشاريع لتوطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم. وهي الخطة التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال لجنة التوفيق الدولية التي تأسست بموجب قرار الجمعية العامة رقم 194 لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين، وتألفت من مندوبي الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا. واستندت الخطة إلى إنشاء وكالة تتكون من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة تهتم بتقديم المساعدات الكفيلة بإنشاء مشاريع تنموية لاحتواء اللاجئين في الدول التي يمكنها القيام بذلك. ونصت خطة ماك غي بالإضافة إلى إعادة مائة ألف لاجئ إلى الأراضي المحتلة، على توطين باقي اللاجئين في عدد من البلدان. وفي الوقت الذي أبدت الولايات المتحدة استعداداً لتحمل التكلفة المالية، اشترطت "إسرائيل" في المقابل اعترافاً كاملا بها، وإعادة توطين المائة ألف لاجئ حيث يتوافق ومصالحها من جهة أخرى، لتنتهي خطة ماك غي بالفشل.
بعثة غوردن كلاب
في عام 1949 أرسلت الأمم المتحدة بعثة للأبحاث لدراسة الحالة الاقتصادية لعدد من البلدان العربية وتحديد قدرتها على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين. وقدمت اللجنة التي سميت باسم رئيسها غوردن كلاب، تقريرها للأمم المتحدة في ذات السنة حيث أوصت الجمعية العامة بإيجاد برنامج للأشغال العامة مثل الري وبناء السدود وشق الطرق وحرف أخرى للاجئين. وقد شرعت بتأسيس صندوق لدمجهم بكلفة وصلت 49 مليون دولار، تساهم فيها الولايات المتحدة بنسبة 70% لإقامة مشاريع تنموية. وبدا واضحاً من خلال بعثة كلاب تركيزها على المقاربة الاقتصادية أكثر من غيرها.
مشروع جون بلاندفورد
تقدم المفوض العام لوكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة جون بلاندفورد إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1951 بمشروع من عدة جوانب، من بينها ما اقترحه ضمن تقريره حول تخصيص ميزانية قوامها 250 مليون دولار، لدمج اللاجئين في الدول العربية.
مشروع إريك جونستون
ما بين عامي 1953 و1955 تردد إريك جونستون مبعوث الرئيس الأمريكي أيزنهاور إلى الشرق الأوسط للقيام بمفاوضات بين الدول العربية و"إسرائيل". وحمل معه مشروعا لتوطين الفلسطينيين على الضفة الشرقية للأردن، أطلق عليه مشروع الإنماء الموحد لموارد مياه نهر الأردن، وتقرر أن ينفذ على خمس مراحل تستغرق كل مرحلة سنتين أو ثلاثاً. وخصص المشروع مساحات كبيرة من الأراضي المروية في الأردن للاجئين الفلسطينيين. ومشروع جونستون كان استمراراً لمشاريع سابقة تركزت على التنمية الاقتصادية كمدخل للتوطين.
دراسة سميث وبروتي
أرسلت لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب الأمريكي في مطلع عام 1954 بعثة استقصاء إلى الشرق الأوسط، وأوصى عضوا البعثة، النائبان سميث وبروتي من ولاية فيرمونت تقريرا في أواخر شباط/فبراير من ذات العام، بممارسة الضغط على الدول العربية لتفتح أبوابها أمام استيعاب اللاجئين. وأرادت البعثة تحديد سقف زمني لوقف معونة الأمم المتحدة للاجئين، لتقوم الولايات المتحدة بتقديم المعونة إلى الدول التي توفر مساكن للاجئين وتمنحهم حق المواطنة. وقد أوصت بعثة تالية سنة 1955 الولايات المتحدة بتخفيف معاناة اللاجئين وتحمل مسؤولية إعادتهم إلى وطنهم أو توطينهم.
مشروع جون فوستر دالاس
ألقى وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس إثر قيامه بجولة في الشرق الأوسط خطابا في عام 1955، تطرق فيه إلى رؤية الإدارة الأمريكية لمستقبل التسوية في منطقة الشرق الأوسط. وطرح قضية اللاجئين كإحدى أهم القضايا، مقترحا إعادة بعضهم إلى فلسطين بشرط إمكان ذلك، وقيام "إسرائيل" بتعويض البعض الآخر، وتوطين العدد المتبقي في البلدان العربية في أراض مستصلحة عن طريق مشاريع تمولها الولايات المتحدة. وقد لقي المشروع معارضة من دول عربية مثل مصر وسورية.
مشروع بريطاني
أعدت وزارة الخارجية البريطانية عام 1955، حسب ما ورد في بعض وثائقها، تقريرا مطولا عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، تمت مناقشته مع الحكومة الأمريكية. وتضمن التقرير عددا من مشاريع التوطين خاصة في العراق. وتم إعداد التقرير بالتنسيق مع السفارة البريطانية في بغداد وقسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط في بيروت، والأونروا وبقية السفارات البريطانية في المنطقة. وحسب ما ورد في الوثيقة التي حملت رقم ( F / 37/115625 ) فقد كان ينتظر موافقة العراق على استيعاب مليون لاجئ على مدى عشرين سنة في المستقبل في حال نجاح المشروع.
مشروع جون كينيدي
ألقى الرئيس الأمريكي جون كينيدي خلال المؤتمر القومي للمسيحيين واليهود انعقد في عام 1957، خطابا عكس بعض تصوراته للصراع العربي "الإسرائيلي" في الشرق الأوسط. وبشأن اللاجئين الفلسطينيين اقترح عودة من يرغب منهم في العودة ليعيش في ظل الحكومة "الإسرائيلية" باسم الصداقة الوفية، وتعويض من لا يرغب منهم في العودة، وتوطين اللاجئين الآخرين عبر القيام بمشروعات اقتصادية في المنطقة.
دراسة هيوبرت همفري
بعد جولة له في الشرق الأوسط، قام بها في عام 1957 وزار خلالها عددا من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، أعد عضو الكونغرس الأمريكي هيوبرت همفري دراسة توثيقية، أكد فيها على أن حق العودة يجب ترسيخه ومساواته بحق التعويض. وأوصت الدراسة بالشروع في مهام ومشاريع لتسهيل إعادة توطين اللاجئين في بعض الدول العربية المحيطة "بإسرائيل". وأشارت إلى أن الجيل الجديد الذي يشكل نسبة كبيرة من اللاجئين، يضعف عنده عنصر الانتماء إلى فلسطين، بالرغم من الضجيج الذي يطلقه القادة السياسيون بشأن حق العودة. وخلصت إلى القول إن إعادة التوطين والتعويض، ووضع برنامج للتنمية الاقتصادية هو السبيل الواقعي لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
مشروع داغ همرشولد
في الدورة 14 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت عام 1959 قدم الأمين العام للأمم المتحدة في حينه داغ همرشولد ورقة حملت رقم أ/4121 تضمنت مقترحات بشأن استمرار الأمم المتحدة في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين. واقترح همرشولد في ورقته توسيع برامج تأهيلهم وتعزيز قدراتهم على إعالة أنفسهم، والاستغناء عن المساعدات التي تقدمها إليهم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. كما اقترح توطينهم في الأماكن التي يوجدون فيها، مع مناشدة الدول العربية المضيفة للاجئين التعاون مع الوكالة الدولية.
مشروع جوزيف جونسون
قدم جوزيف جونسون رئيس مؤسسة كارنغي للسلام العالمي عام 1962 مشروعا كلف به رسميا من قبل حكومته ولجنة التوفيق الدولية التابعة للأمم المتحدة في السنة التي سبقتها ركز على دراسة مشكلة اللاجئين. وقد تضمن المشروع إعطاء كل أسرة من اللاجئين فرصة الاختيار بين العودة أو التعويض، مع اعتبار قيمة التعويضات الكبيرة التي ستتلقاها كبديل إذا اختارت البقاء حيث هي. وبموجب ذلك المشروع يستفيد اللاجئون الذين لم يكن لهم ممتلكات في فلسطين من تعويض مالي مقطوع لمساعدتهم على الاندماج في المجتمعات التي يختارون التوطن فيها. وقد رفضت "إسرائيل" على لسان وزيرة خارجيتها غولدا مائير مشروع جونسون "لاستحالة عودة اللاجئين"، من وجهة نظرها، لأن الحل على حسب قولها هو في توطينهم في البلدان المضيفة.
مشروع مارك بيرون
في عام 1993 طرح الدبلوماسي الكندي مارك بيرون لدى رئاسته الاجتماع الخامس لمجموعة عمل اللاجئين الذي انعقد في تونس، رؤية بلاده لحل أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط عبر التوصل إلى ما سماه "شرق أوسط جديدا من دون لاجئين"، وذلك من خلال منح الهوية لمن لا هوية لهم، وتوطين الفلسطينيين في دول اللجوء الحالية بحيث يتمتعون بالحقوق الاقتصادية والمدنية كاملة.
دراسة دونا آرزت
في كانون الثاني/يناير من عام 1997 طرحت المحامية الأمريكية من أصل روسي دونا آرزت، بحضور مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق ريتشارد مورفي، دراسة أمام مجلس الشؤون الخارجية في الكونغرس، تطرقت فيها إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، وركزت على مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وقد تحولت تلك الدراسة إلى كتاب في ما بعد. وطرحت آرزت في دراستها اقتراحات شملت توطين الفلسطينيين حيث يتواجدون، على أن يوطن لبنان نحو 75 ألف فلسطيني، مع منح كل فلسطيني أينما كان جوازا يتيح له زيارة دولة فلسطين التي ستقام مستقبلا.
رؤية بيل كلينتون
طرح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أواخر عام 2000 فكرة توطين الفلسطينيين في الخارج في أماكن إقامتهم ضمن رؤيته لحل هذه الإشكالية، في سياق حلول أخرى مثل، توطينهم في دولة فلسطينية جديدة، أو توطينهم في الأراضي التي ستنقل من "إسرائيل" إلى الفلسطينيين، أو توطينهم في الدول المضيفة لهم، أو توطين قسم آخر في دولة ثالثة تقبل بذلك.
مشروع إلينا روز لشتاين
قدمت إلينا روز لشتاين عضو مجلس النواب الأمريكي ورئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط ووسط آسيا مع عدد من أعضاء مجلس النواب مشروعا للكونغرس عام 2006، في محاولة لصناعة قرار يدعو الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى مطالبة الدول العربية باستيعاب الفلسطينيين المقيمين على أرضها، وحل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، ومعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين بواسطة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
المشاريع "الإسرائيلية" والعربية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين
أنكرت "إسرائيل" مسؤوليتها عن التسبب في نشأة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين منذ البداية، وألقت باللائمة على الجانب العربي وحملته مسؤولية حلها. وفي مقالة نشرها "المركز الفلسطيني - بديل"، استخلص الأستاذ "تيسير محسين" بعض الأفكار من جملة المشاريع التي اقترحتها "إسرائيل":
أولاً - أجمعت المشاريع "الإسرائيلية" المقترحة على منع عودة اللاجئين، وعلى توطينهم في البلدان المضيفة لهم أو في بلدان أخرى ودائماً بتمويل دولي أو عربي. هذا ما خلصت إليه لجنة بن غوريون عام 1948، وكذلك مشروع ييغال ألون بعد عام 1967 الذي دعا إلى توطين اللاجئين في سيناء. كما اقترح أبا إيبان (1968) التوطين في أماكن اللجوء بمساعدة دولية وإقليمية.
ثانياً - بعض المشاريع غير الرسمية تضمنت بصورة أو بأخرى بعض "التنازلات" ويمكن تفسير الأمر برغبة "إسرائيل" بالحد من الضغط الدولي أو تجنب الحرج أو الخديعة في أحيان أخرى لاصطياد تنازلات بالمقابل من الطرف الفلسطيني أو الأطراف العربية. فقد تضمن مشروع ليفي أشكول (1965) اقتراحاً باستعداد "إسرائيل" للمساهمة المالية. واشتملت دراسة أعدها شلومو غازيت (1994) على اقتراح بعودة بعض لاجئي سنة 48 ونازحي 1967 إلى مناطق الحكم الذاتي.
ثالثاً - دفعت أطراف "إسرائيلية" مختلفة بالعديد من الأفكار والمقترحات، والممارسات التي تنطوي على عنصرية شديدة، وتعكس درجة الخوف من بقاء مشكلة اللاجئين بلا حل، أو حلها بعودتهم إلى ديارهم التي شردوا منها. مارست "إسرائيل" الابتزاز على الدول العربية بطرحها مشكلة يهود الدول العربية، والدعوة إلى الوطن البديل في الأردن، وهي فكرة طرحها بن غوريون وتضمنها مشروع ألون (1968) وتمسك بها شارون بهدف السيطرة على الضفة الغربية، وُشنت حرب 82 كمحاولة لتحقيق هذه الفكرة. ومن ذلك أيضاً السعي المحموم لإزالة المخيمات واستهدافها في كل الحروب.
رابعاً - من التكتيكات التي اتبعتها "إسرائيل" في مواجهة مشكلة اللاجئين: الضم الزاحف (دايان)، تشجيع الجذب الاقتصادي والرحيل الإرادي (العملية الليبية 1953-1958)، المساومات مع الأطراف الإقليمية والدولية (التوطين في العراق)، التأهيل والتذويب، المذابح (1982)، استدراج الطرف الفلسطيني لتقديم تنازلات بوهم تشجيع مبادرات السلام (جنيف 2002).
أما العرب، فظلوا على الدوام يتمسكون بحق العودة ورفض أي شكل من أشكال التوطين، وأصروا على ضرورة الكفاح من أجل التحرير والعودة حتى منتصف سبعينيات القرن العشرين. ولاحقاً تبنى الفلسطينيون هدف إقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع مع حزيران/يوليو 1967 والتشديد على حقي تقرير المصير والعودة طبقاً لقرار 194. وكذلك فعلت الدول العربية باستثناء بعض الحالات التي وافقت فيها بعض الحكومات على مشاريع توطين بالتعاون مع وكالة الغوث وفي ظل الضغوط الممارسة عليها أو الإغراءات المقدمة إليها، مثل مشروع توطين سيناء (1955)، ومشروع الرمدان (1953)، ومشروع موسى العلمي ومشروع استغلال مياه الأردن (1955). حافظ المخيم على رمزيته ورفضت الحركة الوطنية الفلسطينية بمجملها أي محاولات لإزالة هذا الرمز، بما في ذلك مشاريع تحسين ظروف معيشة اللاجئين في المخيمات أو ربطها بالخدمات البلدية في المدن المجاورة.
مع انطلاق "مسيرة التسوية" في عام 1991، واصلت الغالبية العظمى من الفلسطينيين والعرب التمسك بحق العودة ورفض التوطين، غير أن ثمة اتجاهات جديدة برزت في صفوف نخبهم وأنظمتهم الرسمية. اتجاه ولد ضعيفاً رأى إمكانية مقايضة حق العودة بالدولة المستقلة وبناء شرق أوسط جديد وإنهاء حالة الصراع مرة وإلى الأبد. الاتجاه الثاني كان أكثر خطورة وأوسع انتشاراً في صفوف النخب والقيادات عبر عنه بعبارة "حلول إبداعية متفق عليها" لمشكلة اللاجئين. واللافت أن معظم المشاريع المقترحة تأسيساً على هذه الفكرة، جاءت بالشراكة مع أطراف "إسرائيلية" رسمية وشبه رسمية ودائماً برعاية دولية. من ذلك وثيقة أبو مازن - بيلين (1995)، مشروع نسيبة - ايالون (2002)، وثيقة جنيف (2003)، وثيقة اكس آن بروفانس (2007). تضمنت هذه المشاريع، بصورة أو بأخرى، الأفكار التالية: تحسين شروط حياة اللاجئين حيث هم إلى حين، اعتراف "إسرائيل" بالمسؤولية عن مشكلة اللاجئين دون تحمل التبعات بالضرورة، العودة إلى أراضي الدولة الفلسطينية أو حمل جنسيتها والبقاء في الشتات كجاليات، عودة رمزية "لإسرائيل" على فترات زمنية متباعدة ومن خلال لم الشمل، التعويض المجزي مع التأهيل والتوطين، العودة إلى أراض تتخلى عنها "إسرائيل" ضمن تبادل الأراضي.
انطوت المقاربة العربية لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين على تناقضات، فمن جهة تمسك العرب بحق العودة ورفضوا التوطين، ومن جهة أخرى أبدوا استعداداً دائماً للمساومة والمقايضة، إلى درجة أنهم وافقوا في أحيان على حرمان اللاجئين من أبسط حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والمدنية بحجة رفض التوطين، الأمر الذي لا يقل خطراً عن التوطين، من حيث:
- خلق بيئة طاردة تجعل اللاجئ يؤثر الرحيل أو الانتقال والهجرة إلى أماكن أخرى في هذا العالم. - إضعاف العزيمة النضالية بتحطيمه نفسياً وجعله يعيش حالة من الخوف المتواصل والعزوف عن الفعل الاجتماعي والسياسي والكفاحي الفاعل.
- إعطاء الذريعة للمؤسسات الدولية للتعامل مع قضية اللاجئين بوصفها قضية إنسانية، لا قضية سياسية.
لجنة ديفيد بن غوريون
شكل رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق ديفيد بن غوريون لجنة في آب/أغسطس من عام 1948 هدفت مهمتها إلى منع عودة الفلسطينيين. وشملت التوصيات التي رفعتها في تقريرها الأول، توطين اللاجئين في البلدان المضيفة، كسورية والأردن بمساعدة من الأمم المتحدة، ويفضل في العراق. وقد اقترح بن غوريون ذلك أيضا على رئيس وزراء فرنسا الأسبق غي مولييه أثناء اجتماعه به سنة 1956.
مشروع الجزيرة
أعلن حسني الزعيم الذي قاد انقلابا في سورية عام 1949 قبوله توطين ثلاثمائة ألف لاجئ في منطقة الجزيرة في شمال سورية. وجاء ذلك في سياق مشروع منطقة الجزيرة الذي اتفقت عليه وكالة الغوث الدولية مع الحكومة السورية عام 1952 والذي حمل مقاربة اقتصادية لمسألة توطين الفلسطينيين المتواجدين في تلك المنطقة. وقد رفض بن غوريون هذا المشروع لأن حسني الزعيم ربط ذلك بالمطالبة بتعويض اللاجئين وتقديم مساعدة لهم. ويضاف إلى ذلك اتفاق آخر أبرم بداية عام 1953 بين الولايات المتحدة وحكومة أديب الشيشكلي لتوطين الفلسطينيين في سوريا. وقد رصدت وكالة الغوث ميزانية للقيام بمشاريع تهدف إلى تأهيل الفلسطينيين المتواجدين هناك، منها مشاريع زراعية. لكنها توقفت عند المراحل الأولى لكون الأرض التي وضعتها سورية بتصرف وكالة الغوث كانت غير قابلة للاستثمار، مع ارتفاع التكلفة.
مشروع سيناء
وافقت الحكومة المصرية على مشروع توطين قسم من لاجئي قطاع غزة في سيناء في الفترة بين عامي 1951 - 1953. وعقدت اتفاقا مع وكالة الغوث يمنحها إمكانية إجراء اختبارات على 250 ألف فدان تقام عليها عدد من المشاريع. لكن المشروع ووجه برفض شعبي مصري، مما اضطر الحكومة المصرية إلى إصدار بيان تراجعت فيه عن موضوع التوطين، واعتبرت المشروع غير ذي جدوى. واعتبر هذا المشروع من أهم المشاريع التي قدمت لتوطين اللاجئين الفلسطينيين من مدخل اقتصادي.
مشروع ليفي أشكول
تقدم رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق ليفي إشكول في إحدى جلسات الكنيست عام 1965 بمشروع نص على توجيه جزء من الموارد الكبيرة للمنطقة باتجاه إعادة توطين اللاجئين ودمجهم في بيئتهم الوطنية الطبيعية التي اعتبرها الدول العربية، وأبدى استعداد "إسرائيل" للمساهمة المالية إلى جانب الدول الكبرى في عملية إعادة توطين اللاجئين كحل مناسب لهم و"لإسرائيل".
مشروع إيغال ألون - 1967
طرح إيغال ألون هذا المشروع عام 1967، ودعا فيه إلى فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء استغلالاً لظروف "عجز السلطات المصرية في فرض سيطرتها الأمنية في سيناء" وهي الحالة التي تشبه الأوضاع التي استجدت مع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، بعد إطاحته بالإخواني محمد مرسي.
مشروع إيغال ألون - 1968
طرح إيغال ألون وزير العمل في حكومة ليفي إشكول مشروعا متكاملا للتسوية مع الأردن عام 1968. وقال ألون في مشروعه: إن "إسرائيل" وحدها لا تستطيع حل المشكلة بأسرها، أو الجزء الأكبر منها اقتصاديا وسياسيا وديموغرافيا. والمشكلة كما رآها ألون تقع في خانة تبادل السكان. فقد استوعبت "إسرائيل" اليهود، والدول العربية تستوعب اللاجئين العرب بنفس العدد.
دراسة شلومو غازيت
أصدر مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب عام 1994 دراسة لشلومو غازيت رئيس الاستخبارات "الإسرائيلية" الأسبق، بعنوان "قضية اللاجئين الفلسطينيين، قضايا الحل الدائم من منظور إسرائيلي". وتناولت الدراسة حل قضية اللاجئين من خلال عودة بعض لاجئي عام 1948 ونازحي عام 1967 إلى مناطق الحكم الذاتي وفقا للاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. ويتم استيعاب الباقين في الدول العربية المضيفة. ورأى غازيت أنه يجب حل وكالة الغوث الدولية ونقل صلاحياتها إلى السلطة الفلسطينية والدول المضيفة. وقسم جانب التعويض المادي عن حق العودة، إلى تعويض جماعي لتطوير ودمج اللاجئين في أماكن إقامتهم، وتعويض شخصي يصرف للعائلات، ويقدر بعشرة آلاف دولار للعائلة الواحدة بدون اعتبار لقيمة الممتلكات المفقودة.
وثيقة أبو مازن - بيلين
عقب توقيع اتفاقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.