الثورة في مصر، يعتبر أنها نجحت، وأتت بالكثير من أكلها، على الرغم من أن هناك بعض المطالب لم تتحقق إلى يومنا هذا، لكنها في طريقها للتحقق، طالما أن هناك رعاة للثورة، يقفون بالمرصاد لكل من يحاول أن يتحايل عليها. بعض الشباب، كانوا في ظل النظام المخلوع بوقاً له، جعلوا من أنفسهم خداماً له، بل لا أبالغ إن قلت إن بعضهم وضع نفسه وكرامته تحت نعاله، وآخر كان يقبل الأيادي، لينال رضاه، لكي يحصل على ما يريد. وبالفعل حقق كثير من هؤلاء ما يصبون إليه من منافع شخصية، كأراضٍ مجانية، وتهرب من الضرائب والجمارك، وهم ليسوا ببعيدٍ عنا أنظارنا، بل إننا نعرفهم جيداً ونعرف حقيقتهم، ومن ركب منهم موجة الثورة، ليجد لنفسه بديلاً عن النظام السابق، بل إن بعض هؤلاء أعلنوها بصوت عالٍ، وبكل وقاحة، أنهم من قاموا بالثورة، على الرغم من أنهم أكبر الخاسرين من جرائها. سخَّر بعض الكتَّاب أقلامهم الصفراء، لخدمة النظام البائد، ومساعدته على تحقيق مآربه، حتى وصل الأمر ببعض رؤساء تحرير الجرائد أن نصبوا من أنفسهم مرشدين لأمن الدولة، يبلغون عن كل من ينشر شيئاً في جرائدهم ينتقد فيه النظام، أو يفضح فساده، الذي كان منتشراً كانتشار النار في الهشيم. نسب بعض من الأدباء والكتَّاب والمفكرين لأنفسهم الثورة، على الرغم من أنهم لم يكونوا موجودين فيها، وكانوا يتابعونها من خلال أجهزة الإعلام، حتى إننا أصبحنا نرى على صفحات الفيس بوك «شاعر الثورة» و«كاتب الثورة» و«مؤلف الثورة» و«روائي الثورة». ليس هناك ما يمنع هذا أو ذاك من ركوب موجة الثورة، فمرحباً بكل من نسب نفسه للثورة، فالثورة شرف عظيم على صدر كل مصري، سواء كان مشاركاً فيها، أو مناصراً لها، أو متعاطفاً معها، أو متمنياً لها النجاح، أو كاتباً عنها. ما يخصنا في هذا الشأن، الذين كانوا بوقاً للنظام المخلوع، وبعد سقوطه ركبوا موجة الثورة، ونسبوها لأنفسهم، وكأنهم من قام بها، على الرغم من أن القاصي والداني يعرفهم جيداً ويعرف تاريخهم الأسود، وأتمنى من الله أن يهديهم ويصلح بالهم، فنحن كمصريين لا نريد أن نقصي أحداً عن الساحة، بل إننا نرحب بكل من يعمل لخدمة الوطن، حتى لو كان مخطئاً ثم تاب وأناب وأصبح يخدم الوطن بعد أن كان يخدم النظام. لكن على هؤلاء أن يفهموا جيداً أن النظام خلع بالفعل، وانتهى، ولن تقوم له قائمة، وهم بالفعل أخطأوا في حق الشعب، وعليهم التوبة النصوح، ولا داعي أن يعلنوها على الملأ، فبينهم وبين الله، وعليهم أن يحاولوا قدر استطاعتهم أن يخدموا الشعب، ويعملوا لصالحه، ويرتقوا بعملهم ليجعلوه خدمة للوطن، بعدما كان لمصالح شخصية. أما من آذوا الناس، والذين نصبوا من أنفسهم مرشدين وجواسيس على زملائهم، لأمن الدولة، فلن تقبل توبتهم، إلا إذا صارحوا من آذوهم، واعتذروا لهم على ما بدر منهم في حقهم، وطلبوا منهم الصفح والغفران، وإن شاء الله سيقبلون اعتذارهم، لأن شعب مصر من طبيعته أنه عاطفي وودود، وينسى المآسي، ويعفو عن من ظلمه. أسأل الله تعالى أن يصلح حالنا، وأن يهدينا للعمل لصالح بلدنا الحبيب، وأن يحكم فينا من يكون رحيماً علينا، يرعى مصالحنا ويعمل لرقينا... إنه ولي ذلك والقادر عليه. محمد أحمد عزوز كاتب مصري