ننتقل الآن إلى: من [سَعَوْا] إلى إقامة المدينة الفاضلة، أيْ فضلاً عن [التمني] والدعوة فإنهم قد سعوا لإقامة المدينة الفاضلة بالفعل. ومن هؤلاء: إخناتون-سولون [صولون]-كونفوشيوس-أرِسطوطاليس-شيشرون-المسيح عليه السلام-حمدان قرمط والقرامطة-لينين. 1-إخناتون [ الروح الحية لآتون]: هو امنحتب الرابع، من الأسرة الثامنة عشرة الفرعونية، حكم مصر لِ 17 سنة، وتوفي سنة 1336ق.م. شرع فعلاً في إقامة دولة فاضلة تعبد إلهاً واحداً ويحترم مواطنيها بعضهم البعض، لكن للأسف حلمه لم يتجسد على أرض الواقع لفترة طويلة، فما هي إلا سنون معدودات ثم انتهى الحلم. 2-سولون أو[صولون] من أثينا 640ق.م-560ق.م: وهو من حكماء الإغريق السبعة، شاعر وأديب وقانوني وسياسي، صاحب قانون صولون. وهو قانون محترم ويعتبر بذرة جيدة لإقامة مجتمع فاضل، لكن للأسف الحلم لم يكتمل. 3-كونفوشيوس 551ق.م-479ق.م: بتعاليمه الصادقة شرع في إقامة مجتمع فاضل، ولم يكن خيالياً ولكنه كان يستند إلى الواقع. ركز على الحياة الأرضية، ولم يلتفت كثيراً إلى حياة أخرى. حض على مكارم الأخلاق كأرضية صلبة تكفي لإقامة مجتمع فاضل. 4-أرِسطوطاليس 384ق.م-322ق.م: هو فيلسوف يوناني، تلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر، وهو واحد من أهم مؤسسي الفلسفة الغربية. بالرغم من سكونية فلسفته وجمودها فقد سعى لإقامة المدينة الفاضلة من خلال تربيته وإشرافه على الإسكندر المقدوني. 5-شيشرون [ماركوس توليوس سيسرو] 106ق.م-43ق.م: كاتب وخطيب وقانوني وسياسي روماني، وقد سعى بالفعل إلى إقامة مدينة فاضلة. 6-المسيح عليه السلام 4ق.م-33م: على الرغم من أنه قال [مملكتي ليست من هذا العالم]، إلا أنه سعى سعياً حثيثاً جاداً لإقامة مملكة الله في المجتمع الأرضي بإرسال الرسل والمبشرين إلى أرجاء الأرض، وأعلن عالمية دعوته، فهي ليست لليهود وحدهم، بل هي لكل شعوب الأرض. 7-حمدان قرمط [ حمدان بن الأشعث الأهوازي]: تبع أحد دعاة التشيع وهو [ حسين الأهوازي]، ثم خلفه بعد وفاته وأسس الدعوة القرمطية التي أخذت الكثير من مبادئ الإسماعيلية. وقد أسس دولة فاضلة اشتراكية في ثلاث مناطق رئيسية وهي [جنوبالعراق-بادية الشام-البحرين]، ونجحت دعوتهم رَدَحاً من الزمان، من 883م إلى 1074م، أي حوالي 191سنة. قيل عنهم أنهم أباحوا النساء، وهذا ليس بصحيح. أقاموا مجتمع اشتراكي مثالي، مبني على التسامح، فحيث كانوا لا يصلون إلا أنهم سمحوا ببناء المساجد لمن أراد. 8-لينين [فلاديمير ألييتش أوليانوف] 1870م-1924م: محامي وكاتب ثوري روسي ماركسي، وقائد الحزب البُلشفي والثورة البُلشفية-كان يرفع شعار [الأرض والخبز والسلام]. وقد سعى إلى إقامة مجتمع تقل فيه المعاناة إلى أقصى درجة ممكنة. هو وإن كان ملحداً إلا أنه أسس أمة ليس فيها جائع. قصة إلحاد لينين مثل قصة شيوعية النساء عند أفلاطون وعند كامبانيللا، يعني فيلم هندي. قصة انهيار الإتحاد السوفييتي....فيلم هندي. لماذا لم تنهار الصين الشيوعية التي غزت الفضاء، ودخلت دنيا تكنولوجيا النانو والمايكروتشيبس. فيلم هندي. انتهينا من إلقاء نُبْذات عن من دَعَوْا إلى إقامة المدينة الفاضلة، وكذلك من سَعَوْا إلى إقامة المدينة الفاضلة. ننتقل الآن إلى جزئية مهمة، وهي المدينة الفاضلة في القرآن والكتاب المقدس. -في القرآن: آيات [وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً] في أواخر سورة الفرقان، آية 63 إلى آخر السورة. ومن منطوق الآيات، أهل المدينة الفاضلة هم عباد الرحمن، أيْ أنهم تحت سلطان وقوة اسم الله [الرحمن]، أي أنهم هم الرحماء،المرحومون، والرحمة تكون للنفس وللغير كما أن الظلم يكون للنفس وللغير [ظلمنا أنفسنا]. والذي يرحم نفسه، لا يوردها مواطن الزلل. وقد وعدنا الله جل وعلا بإقامة الجنة على الأرض، وهو صادق في وعده بإذنه. قد تم مدح قرى وذم أخرى، كما تم مدح مدن وذم أخرى: -فالقرى منها ظالمٌ أهلها ومنها عادلٌ أهلها -والمدن منها ظالمٌ أهلها ومنها عادلٌ أهلها. ومن هذا، فإني أرى أن وحدة بناء الدولة في المدينة الفاضلة هي كيان بين القرية والمدينة. وقد اقترحت له اسم [قرْمَدينة]. وهو ما سنتكلم عنه بعد قليل، عندما أطرح فكرتي عن المدينة الفاضلة، مدينة الإنسان، ما هي؟، وما هي ملامحها؟. في الكتاب المقدس: كما قلنا، على الرغم من أن المسيح قال [مملكتي ليست من هذا العالم]، إلا أنه سعى بالفعل لإقامة مملكة الله على الأرض. والمسيحيون منقسمون بين: -هل قامت مملكة المسيح منذ بداية الكرازة[التبشير]؟ -أم مملكة الله لم تقم إلى الآن وأنها ستأتي في بداية الألف سنة السعيدة التي سيحكم فيها المسيح في مجيئه الثاني. طبيعة المدينة الفاضلة في الكتاب المقدس: -الحرية[لكنها الحرية الحقيقية].... 2كورنثوس17:3 [وأما الرب فهو الروح، وحيث روح الرب هناك حرية]، غلاطية1:5 [فاثبتوا إذاً في الحرية التي قد حررنا المسيح بها، ولا ترتبكوا أيضاً بنير العبودية]، غلاطية13:5 [فإنكم إنما دعيتم للحرية أيها الإخوة، غير أنه لا تُصَيِّروا الحرية فرصة للجسد]. -السلام..... حيث دُعي المسيح رئيس السلام، ودعى إلى السلام، يوحنا27:14 [سلاماً أترك لكم، سلاماً أعطيكم]، إشعياء6:9 [ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام]. -التحرر من لعنة الناموس[الشريعة].....بالطبع هنا الناموس يعني الأمور التعبدية والكَفَّارية التي يتحملها الشعب أو الكاهن نيابة عن الشعب، وليست الأوامر والنواهي الأخلاقية، فهذه لا يمكن اسقاطها. التحرر من لعنة الناموس تعني [إسقاط التكليف] غلاطية21:2 [لأنه إن كان بالناموس بر، فالمسيح إذاً مات بلا سبب]. غلاطية10:3 [الآن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة] إذاً كانت الشريعة[التكاليف] حارس ومؤدِّب لنا حتى يستعلن ملكوت الله. غلاطية3:(23-25)[......كنا محروسين تحت الناموس.....الناموس مؤدبنا إلى المسيح.....بعدما جاء الإيمان، لسنا بعد تحت مؤدب]. ننتقل الآن إلى جزئية غاية في الأهمية وهي: -هل ما يكرز[يبشر] به محمد يمكن أن يقيم دولة فاضلة؟ -هل أقام محمد مدينة فاضلة؟! أقول: القرآن يمكن أن يقيم مدينة فاضلة. كيف؟. بشيوع حفظه ودراسته وفهمه، وقلنا بأن فهمه يكون بالمنطق المناسب له، وبتأني، واستخدام الجدل كوسيلة لفهمه. أما الإسلام المحمدي سنِّيَّاً كان أو شيعياً، المستند إلى نصوص الحديث والمرويات وتراث الأئمة، والقرآن بفهم ابن كثير وابن تيمية فلا يمكن أن يقيم إلا مدينة الواق واق. أما محمد في زمنه، فهل أقام مدينة فاضلة؟، بالطبع لم يُقم مدينة فاضلة، ولا يمكنه أن يقيم مدينة فاضلة. لماذا؟، لضعف أخلاقه[أخلاق محمد]، ولا يتوهم واهم أن محمداً أقام مدينة فاضلة في مجتمع المدينة، إلا إذا كان مُغَيَّباً تحت أُطُر اللاوعي، أو كان ضعيف الأخلاق، تماماً كمحمد. وفق وجهة نظري، ونظريتي، فإن يسوع، ومحمد ليسا شخصيات تاريخية، ولكننا نتعامل معهما كما لو كانا شخصيتين تاريخيتين. نكمل في المقالة أو المقالتين أو المقالات التالية. أرجو ألا أكون قد أطلت.....وشكراً.