منذ العصر الاسلامى الأول ارتبط اسم أبو جهل دائما بالجهالة واصبح مضرب للمثل وذلك ليس لنقص العلم والمعرفة فقد كان الرجل على علم ودراية وكان من افصح العرب في زمانه وكان يكنى أبا الحكم لحكمته وفصاحة قوله ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم اطلق عليه ذلك اللقب لرؤيته الحق ونكرانه واصراره على المضي قدما فى ظلام الجاهلية بعد ان بددها الله عز وجل بنور الاسلام فذلك هو الجهل عينه وفى زماننا هذا عاد ابو جهل مرة اخرى .. عاد فى صورة كل رجل يرى الحق ظاهرا واضحا جليا ثم يوليه ظهره منغمسا فى عالم من الراحة والبلادة والجهل تطبيقا للحكمة القائلة ( وكل ذو علم يشقى في النعيم بعلمه وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم ) أصبح الدين عندنا اليوم مجرد تشدد وعنف اما الفقه فى الدين والعلم واختلاف الأراء وتقبل الرأى الأخر بصدر رحب فقد ذهب بذهاب زمن الاسلام الجميل أصحبنا نرى من يرتدى الجلباب القصير ويسدل لحية طويلة هو مثال التقوى والورع حتى وان كان لا يفقه عن دينه شيئا سوى عصبية دينية ليس لها ما يبررها وعدم تقبل أى نقاش فى الدين حتى وان كان من باب الاجتهاد الذى حثنا عليه الاسلام – الا ما رحم ربي – أصبحنا نرى من ترتدى النقاب وهو ليس فرضا بينما لا تصلي ولا تصوم ولا تطيع زوجها ولا يسلم احدا من لسانها ولكن يكفيها ارتدائها للنقاب فهذا وحده كفيلا بدخولها الجنة مهما فعلت بعد ذلك أصبحنا نرى الدنيا تقوم ولا تقعد لمجرد ان أحدا ينادى بمنع مكبرات الصوت خارج المسجد فى رمضان مثلا وينظر اليها من باب انه يمنع كلام الله ان يردد ولكن اذا تخلي عن جهله ونظر الي الامر نظرة موضوعية بعين اليقين كما كان يفعل السلف لرأى ان المسجد بجوار المسجد تتداخل فيه الاصوات فلا تكاد تميز أية واحدة تصدرمن المسجدين في نفس التوقيت .. ثم لمن تجهر بصوت القران فى مكبرات الصوت ؟ لمن يجلس على المقهى ؟ لمن يمشي فى الاسواق ؟ لمن يتابع المسلسلات فى منزله ؟ لمن ؟ ليس الغرض من القرأن أن نضعه على تابلوه السيارة كتميمة بركة .. ولا ان نضع مكبرات الصوت كل يوم يشع منها أيات القرأن أمام المحال لجلب الرزق ومن المحتمل كثيرا أن لا أحد يصلي فيه أحدا ولا يستمع لما يقول ولكنه جذب للرزق والبركة القرأن تفقه وانصات وتدبر وليس مجرد اصوات عالية متداخلة واذا طلبت من أحدا ان يخفض الصوت قليلا لمرض او دراسة او غيرها أتهمك بالكفر وبانك لا تريد ان تسمع كلام الله !!! فهل هناك جهل اكثر من ذلك ؟ أصبحنا نرى الدين مجرد بوست جميل يتداول .. وقصة جميلة يقشعر لها الأبدان .. وخطبة مؤثرة تدمع لها العين حتى اذا ما انصرفنا الى منازلنا مارسنا جهلنا بكل صوره مارسنا جهلنا مع ابناءنا الذين لا يفقهون شيئا فى دينهم سوى أنهم مسلمون وفقط ..وقد انصب جل همنا الى تحصيل الدروس العلمية واللغات اما الدين نفسه فأبناءونا يجهلون كل شئ عنه منذ الصغر وللأسف بأيدينا نحن مارسنا جهلنا مع زوجاتنا فلا نعلم من الدين سوى مثنى وثلاث ورباع ..وباتت تلعنها الملائكة ..وهجر الزوجة وضربها ..أما اية حقوق او واجبات لها علينا نصم اذاننا ولا نعلم عنها شيئا ثم نولى مدبرين .. تماما مثلما كان يفعل ابا جهل مارسنا جهلنا فى عملنا فهو بالنسبة لنا مجرد وقت نمضيه طولا وعرضا لا يهم ما انجزنا وماذا قدمنا وبماذا أفدنا وطنا وديننا المهم وفقط هو ماذا حصلنا من أموال ولا يهم اى شئ اخر بعد ذلك من رشوة وغش وتكاسل وتهاون وضياع الحقوق – الا ما رحم ربي – مارسناه في حياتنا العملية فأصبح العالم الجليل اضحوكة وسخرية واصبح ذو المال الجاهل كبير القوم ويجب توقيره .. أصبح الشاب الفقير المتدين المثقف لا يناسب ابنتنا للزواج وذو المال الفاسق الماجن اصبح المناسب الذى سيوفر لها حياة كريمة نطمئن عليها بعد موتنا .. أصبح المتبسط فى ثيابه لا يملأ العين ابدا والمغالى فيها يبهرنا حتى وان كان من داخله خاويا .. أصبح العلم يستقى من برامج اعلامية لأناس يقبضون الثمن قبل ان يتحدثون بكلمة ونحن وراءهم ننساق في جهلهم ولا ندرى انه يراعون مصالح كثيرة ولا يراعون الله ابدا .. أصبح من يشترى كتابا احمق ومن يشترى السجائر مودرن .. أصبح من يقرأ فهو مدعى للعلم ومن يجهل فهو عاقل بصمته وعدم محاوراته ومناقشاته .. اصبحت من تعف نفسها بليدة لا تجارى العصر ومن تتبرج وتتماجن تثير اعجاب كل المحيطين بها !! .. أصبح طالب العلم يضيع عمره هباء وطالب المتعة ذكى يعرف كيف تعاش تلك الحياة .. أصبحت الأمهات مصدر للجهل لفطرتهن والبنات مصدر للتقدم بمعصيتهن .. أصحبت الراقصة أما مثالية تنال الاعجاب ولا عزاء للأمهات الصالحات .. أصبح الأب مدعاة للحياء ونداريه اذا رأه اصدقاءنا بملابسه البسيطة التى كانت سببا في نفيس الثياب التى نرتديها .. أصبح من ينصح لله يعمل فيها مصلح اجتماعى ومن يدلنا على درب السوء سببا في البهجة والسعادة .. أصبح الدين تخلفا والتقدم التكنولجى الها يعبد في بلاد المسلمين !! واذا ما استمعنا الى نقد او وعظ سارعنا جميعا بأننا فى منأى عن كل ذلك وقبلنا ايدينا وجها وظهرا بأننا لا نفعل كل ذلك ولله الحمد فمن يفعل اذا” ؟ اذا ما عاد ابا جهل الأن ونظر لحالنا لانفجر ضاحكا من جهلنا برغم كل التقدم من حولنا فليس الجهل ان تسجد لصنم وفقط .. لا .. فقد تعددت الاصنام من حولنا الان .. صنم المال والشهوة والجاه كلها الهة تعبد الأن من دون الله من قبل اصحابها فالجهل ليس فى قلة تحصيل العلم وفقط .. لا … الجهل الحقيقى هو ان تحيا وسط كل تلك النعم التى انعم الله بها عليك وتبقي من داخلك خاويا جسدا صما اذنيك غلف قلبك عميا بصيرتك ذلك هو الجهل الحقيقى والذى به سنتغلب عليه كثيرا عند عودته عودة أبا جهل عماد السعدنى - كاتب مصرى