قال تعالى: (وهو يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات) [الشورى: 25] قال الله تعالى: (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده) [التوبة: 104] وقوله تعالى: (وإني لغفار لمن تاب) [طه: 82] اختلفت عبارة العلماء وأرباب القلوب في التوبة النصوح على أقوال متعددة نطرح امثلة منها: 1- هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع. 2- وقيل الخالصة؛ يقال: نصح أي أخلص له القول. وقال الحسن: النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره. 3- وقال الكلبي: التوبة النصوح الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان على أنه لا يعود. 4- وقال القرظي: يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، وإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيء الخلان. 5- وقال سفيان الثوري: علامة التوبة النصوح أربعة: القلة والعلة والذلة والغربة. 6- وقال الفضيل بن عياض: هو أن يكون الذنب بين عينيه، فلا يزال كأنه ينظر إليه. ** أحكام التوبة: قال القرطبى اتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين؛ لقوله تعالى: "وتوبوا إلى الله جميعا آيه المؤمنون". [النور: 31]. وقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا "{ التحريم:8 } أمر بالتوبة وهي فرض على الأعيان في كل الأحوال وكل الأزمان.... وتصح من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه... وليس على الإنسان إذا لم يذكر ذنبه ويعلمه أن يتوب منه بعينه، ولكن يلزمه إذا ذكر ذنبا تاب منه.. وهكذا كل ما واقع من الذنوب والسيئات كالغيبة والنميمة وغير ذلك من المحرمات التي لم يعرف كونها محرمة، فإذا فقه العبد وتفقد ما مضى من كلامه تاب من ذلك جملة، وندم على ما فرط فيه من حق الله تعالى. شروط التوبة: التوبة في الشرع: 1- ترك الذنب لقبحه. 2- والندم على ما فرط منه. 3- والعزيمة على ترك المعاودة. 4- وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة. فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة. مفاتيح التوبة 1- الإخلاص لله تبارك وتعالى.. فهو أنفع الأدوية، فمتى أخلصتَ لله وصدَقْتَ في توبتك أعانك الله عليها. 2- امتلاء القلب من محبة الله .. إذ هي أعظم محركات القلوب، فالقلب إذا خلا من محبة الله تناوشته الأخطار، وتسلّطت عليه الشرور فاملأ قلبك من محبة الله. 3- المجاهدة لنفسك: فمجاهدتك إياها عظيمة النفع، كثيرة الجدوى، معينة على الإقصار عن الشر، دافعة إلى المبادرة إلى الخير. 4- قِصَر الأمل وتذكّر الآخرة: فإذا تذكّرت قِصَر الدنيا، وسرعة زوالها، وأدركتَ أنها مزرعة للآخرة، وفرصة لكسب الأعمال الصالحة. 5- الاشتغال بما ينفع وتجنّب الوحدة والفراغ: فالفراغ عند الإنسان السبب المباشر للانحراف، فإذا اشتغلتَ بما ينفعك في دينك ودنياك، قلَّتْ بطالتك، ولم تجد فرصة للفساد والإفساد، ونفسك أيها الإنسان إن لم تشغلها بما ينفعها شغلتك بما يضرك. 6- البعد عن المثيرات، وما يذكّر بالمعصية :فكل ما من شأنه يثير فيك دواعي المعصية ونوازع الشر، ويحرّك فيك الغريزة لمزاولة الحرام، قولاً وعملاً، سواء سماعاً أو مشاهدة أو قراءة، ابتعد عنه، واقطع صلتك به 7- مصاحبة الأخيار ومجانبة الاشرار: فإذا صاحبت خيّراً حيا قلبك، وانشرح صدرك، واستنار فكرك، وبصّرك بعيوبك، وأعانك على الطاعة، ودلّك على أهل الخير.. واحذر رفيق السوء، فإنه يُفسد عليك دينك، ويخفي عنك عيوبك، يُحسّن لك القبيح، ويُقبّح لك الحسن، يجرّك إلى الرذيلة، ويباعدك من كل فضيلة. 8- النظر في العواقب :فعندما تفكر في مقارفة سيئة، تأمّل عاقبة أمرك، واخشَ من سوء العاقبة فكما أنك تتلذذ بمقارفة المنكر ساعة، ليكن في خَلَدك أنك سوف تتجرّع مرارات الأسى، ساعات وساعات. 9- هجر العلائق: فكل شيء تعلّق به قلبك دون الله ورسوله من ملاذ الدنيا وشهواتها ومصاحبة الناس والتعلق بهم، وذلك على حساب دينك، اهجره واتركه، واستبدله بغير ذلك، وقوِّ علاقتك بربِّك، واجعله محبوبك. 10- استحضار فوائد ترك المعاصي: فكلما همّت نفسك باقتراف منكر أو مزاولة شر، تذكّر أنك إن أعرضتَ عنها واجتهدت في اجتنابها 11- الدعاء: فهو من أعظم الأسباب، وأنفع الأدوية، بل الدعاء عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يُخفِّفه إذا نَزَل. ومن أعظم ما يُسأل، ويُدعى به سؤال الله التوبة. وأسأل الله ان يتم علينا نعمة التوبة وأن يرزقنا حسن الخاتمة ويملأ قلوبنا بحبه وحب عمل يقربنا إليه.. اللهم آمين