مازال الموضوع موصول بإذن الله عن الإمام الليث بن سعد رحمه الله ونقول أن الإمام الليث كان عالما بكل العلوم الدينية والدنيوية في زمانه فهذا الرجل العالم المستنير بفكره وعلمه وزهده وكرمه قضي علي الأفكار المتشددة والتي تسئ للدين الإسلامي الكريم يقول الكاتب الكبير عبد الناصر عيسوي في كتابه القيم (( الليث بن سعد الفقيه المصري )) أن الليث بن سعد كان يذهب في طلب العلم لتعلم الفقه والحديث وتفسير القرآن والسيرة وغير ذلك من أجل التعلم وأيضا لنشر العلم وإفادة الناس في زمنه وقد أخذ عن الرسول الكريم وصحابته الكثير من العلم والكثير من الروايات ومن ذلك منها حكمه السديد بإن مصر فتحت صلحا ، اعتمادا علي ماأمر به سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد أورد ابن زولاق رأي الليث في كتابه ( فضائل مصر وأخبارها ) قائلا :(وفتحت مصر وامتنع عمرومن قسمتها وطالبه الزبير بقسمتها فكتب إلي عمر بن الخطاب يستأذنه فقال لاتقسمها ومن هنا قال الليث بن سعد فقيه مصر أنها فتحت صلحا وقال مالك فتحت عنوة وبلغ قوله الليث بن سعد فقال الإمام الليث نحن أعلم ببلدنا مصر ). ومن تلك الأحكام التي بناها الليث بن سعد علي مافعله الصحابة رضي الله عنهم إعادة بناء الكنائس قال الكندي في كتابه ( ولاة مصر ) مانصه (ثم أذن موسي بن عيسي للنصاري في بنيان الكنائس التي هدمها علي بن سليمان فبنيت كلها بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وقالا هو من عمارة البلاد واحتجا أن عامة الكنائس التي بمصر لم تبن إلا في الإسلام في زمن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم . ومن مؤلفات الإمام الليث بن سعد رحمه الله تعالي المؤلفات الآتية : 1-كتاب التاريخ ويتناول فيه فتح مصر وفتح افريقية وغيرها. 2-كتاب المسائل في الفقه وهذا الكتاب به أقواله في تفسير آيات الأحكام . والإمام الليث له مذهب في الفقه الإسلامي وهذا واضح من كلام الإمام الشافعي رحمه الله وهو ( أن الإمام الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به ) ولذلك يقول ابن الكندي في كتابه (( فضائل مصر)) ( أن الإمام الليث له مذهب فقهي انفرد به ). والإمام الليث له تلاميذ كبار في العلم منهم عبد الله بن وهب وعبد الله بن لهيعة وغيرهم الكثير . والإمام عبد الله بن وهب تلميذ الإمام الليث بن سعد له كتاب قيم جمع فيه نماذج من سنن الإمام الليث وذلك في كتاب (( الجامع في الحديث )) نورد بعض من الأحاديث النبوية التي جاءت عن النبي صلي الله عليه وسلم والتي رواها الليث من سلسلة السند المنسوب له ولغيره ومنها الآتي: 1-أخبرني الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ( من تبرأ من ولده أتي يوم القيامة معقودا بين طرفيه ). 2-وعن الليث بن سعد عن محمد بن عجلان قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إنما الكلام أربعة أن تذكر الله وتقرأ القرآن الكريم أو تسأ ل عن علم فتخبر به أو تتكلم فيما يغنيك من أمر دنياك ). 3-وعن الليث بن سعد عن أبي حفص الدمشقي عن مكحول أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ( العلم بالتعلم والخير عادة وإذا أراد الله بعبده خيرا فقه في الدين ). 4-وعن محمد بن سليم عن الليث بن سعد عن خالد بن أبي عمران أنه بلغه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ( طوبي لمن عمل بعلم ، وانفق من فضل ماله ، وأخزن من فضل كلامه ). 5-وعن الليث بن سعد عن هشام بن منصور عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال: قلت يارسول الله ( أمن الكبر أن ألبس الحلة الحسنة فقال النبي إن الله جميل يحب الجمال ) والحلة الحسنة هي الملابس الجميلة والنظيفة . 6-وعن الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار). 7وعن الليث بن سعد عن سهيل بن بيضاء رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم وسهيل بن بيضاء رديف ( خلف ) رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه علي ناقة قال رسول الله ياسهيل بن بيضاء ورفع صوته مرتين أو ثلاثة كل ذلك يجيبه سهيل فسمع الناس صوت رسوا الله صلي الله عليه وسلم فعرفوا أنه يريدهم فجلس من كان بين يديه ولحقه من كان خلفه حتي إذا اجتمعوا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( من شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله حرمه الله علي النار وأوجبت له الجنة ) . وفي النهاية رحم الله تعالي العالم الجليل الليث بن سعد وجعل الجنة داره ومستقره مع النبيين والصديقين والصالحين فقد كان عالم عميق الفكر مستنير الرأي كريم الخصال زاهد في الحياة كثير التصدق في فعل الخيرات وكان يجمع الناس علي كلمة الحب والخير والوفاء والإيثار والسلام كما أمر الله تعالي في كتابه وسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في خلقه العظيم . المصادروالمراجع : 1-كتاب الليث بن سعد الفقيه المصري للأستاذ عبد الناصر عيسوي السلسلة الثقافية لطلائع مصر . 2-كتاب فضائل مصر وأخبارها لابن زولاق . 3-كتاب الجامع في الحديث لعبد الله بن وهب . 4-كتاب الرسالة للإمام الشافعي . 5-كتاب الفهرست لابن النديم . 6-كتاب ولاة مصر لمحمد يوسف الكندي . 7-كتاب المستدرك في الحديث للإمام الحاكم رحمه الله