جُرم يتفاقم، حرام يُحلله شباب باتت قدراتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية يحكمها عقار أو شراب، أو أي مُذهب يُذهب عقولهم، ويُشعل شهواتهم غير الأخلاقية. "المخدرات (المسكنات) السبيل الوحيد للنسيان ولتسكين الآلام" يستخدمها شبابنا في كل الأعمار من فترة الطفولة للكهولة، مدعين أن مصاعب الحياة هي من تدفعهم لتلك الحيل، للهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال. ما هي المخدرات ؟ومن هو المتعاطي؟ وما هو الإدمان ؟ ومن هو المدمن؟ أسئلة عديدة إجابتها في نقطتين (مادة تُفقد الحياة ، وشخص فاقد للحياة ) المخدرات بأنواعها ليست رؤيا حديثة، ظهرت منذ ما قبل التاريخ، استخلصها الإنسان من نباتات عدة، ومثلما يحدث حيال اكتشاف شيء من الموجودات، يسعي البشر لتحريكه حتى لا يظل جامدا، عُدلت تلك النباتات وطورت أساليب تهريبها إما بشكل دوائي أو مواد صناعية، كيميائية وغذائية، ولا أعني بذلك أنها طُورت للسفك بالبشر فقط، فبعض هذه الأنواع يُستخدم كعلاج طبي. "ولكن أينما وجد الخير وجد الشر"، ففي الآونة الأخيرة تحالف المروجين للمخدرات مع منظمات إرهابية دولية ليضربوا عصفورين بحجر واحد (نهب الأموال، وهدم الأمم). والملاحظ في الوطن العربي استفحال في انتشار المخدرات وبائعيها ومتعاطيها، فالموقع العربي الإستراتيجي يُعد أرض خصبة لمثل هذه التجارة السوداء، وصبا المجتمع العربي وخاصة الشباب المصري خير راعي لتلك التجارة حيث احتياجاتهم الاقتصادية. وتشير النسب في أوطاننا إلى فاجعة حقيقية، حيث وصل عدد المدمنين في الوطن العربي إلي 10%، ومن المؤسف أن يندرج أطفال لم تتجاوز أعمارهم 12عاما ضمن فئة المدمنين، المستخدمين للسموم علي مختلف صورها، ومن ثم لا أمل ولا عمل ولا علم ولا نتاج. وعلي الرغم من طرح الأديان والأبحاث للخطورة الجسدية والعقلية الناتجة عن المخدرات مثل السرطان، وإتلاف الجهاز العصبي، وغيرها مما لا تُخفيَ علينا جميعاً، "يستمر المدمن مستلذاً متناسياً ماذا سيحدث بعد"!! وهذا لأن هناك الأخطر الذي يجعل ذائق مبيد الحياة يتابع جرعة الموت حياً. وهو ما يسمي بالاعتماد البدني والاعتماد النفسي، أشير إلي هذين النوعين من الأمراض لكونهما السبب في غاية كل شيء وآخره، (الاستمرار، والدمار) الاعتماد البدني: حالة مرضية من اعتماد فسيولوجي للجسم حيث الاستمرار في تناول ما تعود المرء على أخذه، وما يجعله عند محاولة التوقف عن التعاطي يكتشف أعراض مرضية جسيمة ممكن أن تؤدي به إلي الموت، ومن هنا فلجوء المتعاطي إلي المخدر لم يَعُد للبهجة أو اللذة مثلما البداية. وإنما هدفاً لإخماد آلام وإخفاء عوارض وظواهر مرضية. الاعتماد النفسي: وضع مرضي يُشعل رغبة قهرية شديدة في حصول المرء علي المادة المُدمن عليها، حيث تدور حياة الفرد منذ الجرعة الأولي في البحث عن المواد المخدرة الأكثر تأثيراً، لتتدهور بذلك حياته اجتماعيا، اقتصاديا ومهنيا. والمعادلة هنا تكمن فيما تتيحه لنا (الأُسر والحكومات)، من أبناء منغمسين في عالم الإنترنت والفضائيات دون رقيب، وزراعة وتجارة وتهريب السموم لتُصبح تجارة المخدرات تجارة عالمية تمولها بنوك وشركات. "صحوة" لا يمكننا أن نتغافل أو نتغاضى عن تلك الظاهرة المنسية التي باتت تهدد أوطان، تقذف بالأعمار. فهناك حوالي 200 ألف شخص يلاقي حتفه سنوياً بسبب الإدمان. أضحت المشاكل السياسية هي قضايا العصر وأغفلنا النظر عن كارثة الأمس واليوم والمستقبل، ولا يستثنى أحداً من المسئولية. والتي تقع علي عاتق كل مسئول سواء أسر، هيئات تعليمية ودينية، حكومات. أما نحن ولحين صحوة كل مسئول من سُباته العميق، دعونا نبحث في أنفسنا وأدياننا عن حل لمشاكلنا بعيداً عن استخدام المسكنات "التي لا تُسمن ولا تغني من جوع."