إنه الزمن الجميل عشناه و لا ابالغ إذ قلت اننا استمتعنا به حقاً ، كنت فى المرحلة الابتدائية من التعليم ومازلت أتذكره جيداً كنا نستيقظ فى الصباح و نجهز للذهاب إلى المدرسة و كانت أمي تعد لنا طعام الإفطار و كان الرديو يذيع لنا كل ما يخطر ببالك من أخبار مرور و رياضة و نصائح فكنت أذكر جيداً إلى حد الحفظ كلمات كانت تردد فى الصباح تحمل التفاؤل و الابتسامة فى الإذاعة ( غمض عنيك و امشى بخفة و دلع الدنيا هي الشابة و انت الجدع تشوف رشافة خطوتك تعجبك لكن تبص تحت رجليك تقع و عجبي ...!) كلمات تتظاهر بالخفة و لكنة تحمل معنى جميل لمن يتعمقها و يتمعنها ثم . 'أبلة فضيلة 'و حواديتها التى تحمل هدف نبيل و توجيه و إرشاد لما يجب أن يفعله الاطفال و ما لا يجب أن يفعل و برفق و توجيه غير مباشر و بدون توبيخ تتسلل المعلومة أو النصيحة داخل الطفل عن طريق' أبلة فضيلة 'و حواديتها التى تمثل من وجهة نظرى موسعة كبيرة لكيفية تقويم الأطفال . ثم برنامج آخر يحمل طرح لمشاكل المصالح الحكومية و بيرقراطيتها المميته و تراخى الموظفين فى تأدية أعمالهم و حال المواطن المسكين الذى أنهكته كثرة المشاوير و التردد على تلك المصالح من أجل خدمة ما يريدها من هؤلاء الموظفون فى قالب توضيحى و صوت أدائى يجسد الواقع فى صوت الأستاذ 'رأفت فهيم ' و كانت الاجابة دائماً ( فوت علينا بكره يا سيد )توصيل المشكلة بدون سب أو شتم أو تطاول من المذيع على المسؤولين ...كما يحدث هذه الأيام . 'ثم خفيف الروح و الظل الذى كان يقدم النصائح المختصرة فى ( كلمتين و بس ) الجميل الأستاذ ' فؤاد المهندس ثم برنامج تعليم معانى الصفات و ما تحمله الكلمات من عمق و قوة فلسفية (كان لى صديق فيلسوف بأقوال الحكماء شغوف سألته يوماً عن ...) و هذا الصوت الدافئ كان صوت الجميلة الأستاذة 'سميرة عبد العزيز، و كان يرد الفيلسوف صاحب الصوت القوى المميز الاستاذ 'سعد الغزاوى ' و كان يقول لها بنيتى فى قصتى اجابتى فاسمعيها يا بنيتى .... ثم يجيب عن سؤالها بطريقة فلسفية حتى يمل من كثرة أسألتها فيقول لها بنيتى هذا أمر شرحه يطول و أنا اليوم مشغول ....فتقول الجميلة له إلى الغد إذاً يا فيلسوف . و كنت أنتظر اليوم القادم بفارغ الصبر كي أسمع ما السؤال الجديد الذى ستوجهه البُنية للفيلسوف حقاً أنه ليس الزمن الجميل بل أنه الزمن الذى صنع الجمال ، حين أنظر لأبنائنا أشعر انهم لم يعيشوا جمال الزمن لم يتنفسوا العطر الطيب الذى تنفسناه نحن ، فهم يعيشون عصر صاخب كله مشاحنات إعلام يحمل مذيعيه بدل من اللسان فى الفم كرباج ، سياسة أصبحت شغلة من لا شغلة له ، متأسلمون من أجل المناصب و المقاعد ، كان فى زماننا الشئ إن لم يكن كامل الوضوح لم يكن على الأقل مزيف فكان رجال الدين ما لهم شئ فى السياسة و لكن هدفهم التقرب من الله و تعليم الناس أوامر الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و لكننا نجد الأن على شاشات التليفزيون راغبين السياسة يتحدثون فى الفقه و أمور الدين التى تحتاج دراسة و تعليم ثم يخئطون و يتخاطئون و نجد المتأسلمين و هم يتحدثون بحسب أهوائم و يتدخلون فى أمور السياسة و هم فيها لا يفقهون ، وهذا ليس فقط و لكن أصبح الأن كله بيتكلم فى كله فتح المجال للتحدث فيما تفهم و مالا تفهم و الكل لازم يجرب حظه و لكن من الجميل إن كله يقدم برامج للطبخ و ما أجمل الخلطبيطه ، فعلاً جيل هذا الزمان مساكين فهم أبناء لأم مشوهة و أب مجهول بقلم إنتصارحمدان