3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    عامل يعيد 3 هواتف مفقودة داخل نادٍ بالإسماعيلية ويرفض المكافأة    أسعار الفراخ اليوم السبت 26-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    القانون يحدد ضوابط العمل بالتخليص الجمركى.. تعرف عليها    الحبس وغرامة تصل ل2 مليون جنيه عقوبة تسبب منتج فى تعريض حياة المستهلك للخطر    وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني لتركيا    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لأكثر من 65 مليار دولار سنويًا لمواجهة الحرب مع روسيا    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    «أغلى عملة في العالم».. سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه اليوم السبت 26 يوليو 2025    رسميا خلال ساعات.. فتح باب التظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025 (الرسوم والخطوات)    تامر حسني يلتقط صورة مع جمهور حفله في العلمين على أنغام «خلونا نشوفكم تاني»    بسبب راغب علامة.. نقابة الموسيقيين تتخذ إجراءات قانونية ضد طارق الشناوي    مينا مسعود لليوم السابع: فيلم فى عز الظهر حقق لى حلمى    «بالحبهان والحليب».. حضري المشروب أشهر الهندي الأشهر «المانجو لاسي» لانتعاشه صيفية    «جلسة باديكير ببلاش».. خطوات تنعيم وإصلاح قدمك برمال البحر (الطريقة والخطوات)    5 طرق بسيطة لتعطير دولاب ملابسك.. خليه منعش طول الوقت    عقب إعلان ماكرون.. نواب ووزراء بريطانيون يطالبون ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطين    مصدر أمني: أبواق جماعة الإخوان الإرهابية فبركت فيديو بشأن احتجاز ضابط بأحد أقسام الشرطة بالقاهرة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    رغم هرولة الشرع للتطبيع، مروحيات إسرائيلية تستبيح مقر "الفرقة 15" بالسويداء    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسين يونس : قراءة تختة الرمل فبراير 2015
نشر في شباب مصر يوم 25 - 02 - 2015

لقد أصبح مفهوما لأي مستخدم لوسائل الاتصال الالكترونية ..إن المعلومات الكثيرة تثير ربكة في فهم الأحداث و اتخاذ القرار تفوق تلك التي تحدثها المعلومات الضنينة
صفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك و تويتر و غيرها ) مكتظة بالأخبار عن ما يجرى في منطقتنا من أحداث .. بعض هذه الأخبار مفبركة بإتقان أو إهمال من اجل إشاعة فكرة ما .. وأخرى غير دقيقة .. و القليل هو ما يمكن الاعتماد عليه .
ولقد وصل عدم اليقين في صحة الخبر إلي درجة استخدام التكنولوجيا الحديثة للدس بصور و فيديوهات و أحاديث وقصص .. وأساطير كلها لم تتعد حدود خيالات صاحبها و مع ذلك يتداولها البعض علي أساس أنها حقائق فيحدثون بلبلة .. وضبابا .. قد يكون في بعض الأحيان ذو تأثير شديد الضرر
لذلك فلقد تعودت منذ فترة عند تقيمي للأمور أن أعود للأساليب التقليدية في التحليل و الفهم التي تبدأ من أساسيات بديهية متعارف عليها و موثوق من درجة صحتها .
قراءة تختة الرمل ( تعبير عسكري لمعرفة موقف القوات الحليفة و المعادية ) سوف يربكنا بكثرة المشاركين و تنوع ولاءاتهم .. وتعدد أساليب قتالهم .. بحيث يمكن القول بان النابل قد اختلط بالحابل في فوضي تدعي الست كوندليزا أنها خلاقة .
ولنبدأ بأمريكا .. التي تحارب التيارات الإسلامية المتشددة في العراق وسوريا و تدعم دون خجل رسميا نفس التيارات في ليبيا مطالبة الأطراف المتصارعة بإيجاد صيغة ملائمة للتعايش .
أمريكا طبقا للكلاسيكيات السياسية .. ورثت تركة الاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الثانية .. واشتراكها في القتال متأخرا في آخر جولة بعد أن شكلت الحرب سببا في رواج اقتصادي امن لمجتمعها بعيدا عن المعارك .. بتصنيع الأسلحة وبيعها لاى مشتر يمتلك الثمن .
أمريكا بعد انتهاء الحرب أطلت علينا بثوبين .. أحدهما عندما طلبت تركيا من بريطانيا دعمها لمواجهة اتحاد ستالين السوفيتي .. فإحالتها لأمريكا .. لتكون المقطورة الأولي في قطار التبعية الأمريكية بالمنطقة ..ونحن نعلم مدى التغييرات الاقتصادية الحادة التي واجهت تركيا الحديثة .. و التدهور الذي لحق به .. بسبب التبعية الكاملة للفارس القادم من العالم المجهول عبر المحيطات .
الثوب الآخر كان مع خروج الأنفاس الاخيرة للإمبراطوريتين الفرنسية و الانجليزية أمام قناة السويس و اوامر ايزنهاور للقوات الغازية بالجلاء .. مع تعهد بالحفاظ علي امن إسرائيل .. التزم به جميع الرؤساء التاليين للجنرال
أمريكا .. كانت عينيها لا تغيب عن أمرين الحفاظ علي تأمين بحيرة الجاز والثاني احتكار السوق الواسعة في الشرق الأوسط و التي أصبحت تمتلك ما تدفعه ... لذلك كان الاتفاق مع الملك سعود ((الحماية مقابل النفط )) و هو الاتفاق الزى صار نموذجا في التعامل مع دول الخليج و إيران و العراق .. وكل من استيقظ صباحا فوجد بئرا للبترول في أرضة هذا الاتفاق توجه أن أصبحت العملة المستخدمة في تداول البترول هي الدولار .. و هو الأمر الذي مازال قائما حتى اليوم يحمي عملة أمريكا من الانهيار .
ما حدث بعد ذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم .. هو خلق مناخ موال لأمريكا في المنطقة .. يعتمد علي أرجل أربعة إسرائيل وحمايتها وتقويتها، تأمين النفط واستخراجه ونقله وبيعة واستخدام عوائده ،محاولات السيطرة علي القوى الإقليمية الكبرى (تركيا ،إيران ، العراق و مصر )،مقاومة اى تدخل سوفيتي في المنطقة وقفل البحار الدافئة أمام سفنه .
و هكذا فكل الأحداث التي تمت .. كانت حوارا بين المارد الجديد و شعوب المنطقة .. في محاولاتها للخروج من أسفل مظلة التبعية .. و فك مقطوراتها من القاطرة الأمريكية ذات القدرات الفائقة القوة . ( وقف عروض بناء السد العالي ، مواجهة تأميم بترول إيران مصدق ، حروب اليمن ، حرب 67 ، انتصارات إسرائيل ، فرض السلام علي مصر والأردن ، مواجهة صدام حسين ، كسر شوكة الأسد في سوريا .. تدمير قدرات القذافي .. وأخيرا الربيع العربي ) كلها كان لأمريكا الكلمة النهائية فيها .
هل فهمنا دور أمريكا الذي لازال قائما كقوة رئيسية .. بادية علي تختة الرمل .. لا تحيد عن أهدافها طول ثلاثة أرباع قرن .
اللاعب الأخر الواضح علي تختة الرمل هو تركيا. التي أضنتها التبعية لأمريكا .. وسببت لها أزمات لازالت قائمة .. بطالة عالية ، رفض من الاتحاد الأوروبي ، جيرة غير مريحة خصوصا مع الأكراد .
تركيا بعد شوط طويل مع اللادينية .. ومحاولة اللحاق بالمعاصرة الأوروبية.. وجدت انه في زمن البتر ودولار .. سيكون ارتداء بردة الخليفة العثماني أكثر ربحية .. فاتت بمسلميها تضعهم في صدر الصورة .. منحيه نفوذ الجيش المحافظ علي علمانية الدولة .. ولتقف زوجة الرئيس مرتدية الحجاب ..في القصر الجمهوري لؤول مرة منذ زمن أتاتورك .
لعبة قيادة المسلمين هذه في الغالب كانت مربحة .. فعندما أحتل الفواحش (قصدي الدواعش ) أبار البترول في شمال العراق وسوريا ،، ضخوا النفط بنصف سعره .. في عروق الاقتصاد التركي المتصلدة لتنتعش .
تركيا تطمع في استخدام الجني الأمريكي الذي دربته و علمته و كبرته في أفغانستان و العراق لكي تقود الإسلام السني مقدمة نفسها لأمريكا .. كأخ توائم لابنها الإسرائيلي . وهكذا نجد أن السلاح التركي و استثمارات الأموال التركية و التسهيلات التركية لتدريب العصاة في الشام والعراق لا تنقطع .. بل تمد يدها في اتجاه سيناء و ليبيا عسي أن تؤمن لنفسها دورا ينقذ اقتصادها و يحافظ علي علاقة مستديمة مع العريس الأمريكي الأسود في البيت الأبيض .
علي الجانب الأخر توجد إيران الشيعية.. التي خاضت صراعا طويلا للخروج من عباءة التبعية الأمريكية التي أسسها وصانها وحافظ عليها الشاة رضا بهلوى و مه ذلك لم تنقذه من غيلان الملالي الذين يقودون شعبا جائعا .. مسروقا .. محكوما امنيا(بالسافاك) شديد القسوة والنفوذ.
إيران في ثوبها الجديد خاضت حربا طويلة مع صدام حسين .. كل منهما خيلت له أوهامه انه قادر علي السيطرة علي بحيرة الجاز .. والتحول بفضلها إلي قوة اقتصادية عظمي تضم عوائد بترول العراق و إيران و الخليج و السعودية.
إيران كانت أهدافها بشكل مستمر لا تغيب عن نظرها .. لذلك غذت علاقات أثنية مع شيعة جنوب العراق و تسللت في إتجاة الخليج قافزة من (مملكة البحرين ) ثم دارت نحو اليمن .. وساعدت العلويين بسوريا .. وحزب الله في لبنان .. و كونت ركائز ما مع بتوع حماس .. إيران تسعي لامتلاك القنبلة الذرية و تحويل الخليج العربي للخليج الفارسي .. وهي علي استعداد رغم كل الغاغة التي تقوم بها كعداء لأمريكا و إسرائيل .. إن تجلس علي منضدة الصلح .. وبيدها أوراقها .. لتحديد مناطق نفوذ كل طرف .
الهجوم علي الخليج الغني .. وأخذه رهينة هو الورقة المختفية التي تلعب بها إيران وإن كان العراق الذي تم تمزيقه .. هو الورقة الأساسية المكشوفة في التفاوض .. إيران تهدد بالأغلبية الشيعية و أمريكا مع تركيا تدفع بالسنة .. و الصراع قائم .. حتى تجلس أمريكا علي مائدة المفاوضات .. و تقدم التنازلات خلال رسم الحدود الجديد .
الفارس الرابع علي تختة الرمل .. هم بدو الجزيرة العربية و الخليج ..الذين تربطهم ..بانجلترا .. علاقات استعمارية .. بعيدة الغور عندما .. قسمتهم لإمارات و ممالك و أخرجت كنوز أراضيهم ثم سلمتهم لأمريكا كميراث ما بعد الحرب العالمية الثانية ..بدو الجزيرة العرب .. كانوا دائما مطمعا للصقور المحيطة .. لقد فعل هذا عبد الناصر من خلال القومية العربية .. ولكنه وجد مقاومة سعودية أردنية .. و عدم ترحيب من باقي الإمارات .. لقد كان صوت العرب و احمد سعيد و ام كلثوم .. و المدرسين والأطباء و المهندسين و العمال المصريين .. أدوات الناصرية التي هزت عروش الملوك و الأمراء .. وقادتهم خطوة خطوة .. للارتماء في الأحضان الأمريكية .. ثم القيام بالهجوم المضاد لقومية ناصر العربية ..بتقديم الإسلام السلفي الوهابي و نشرة بين المصريين .
بدو السعودية و الخليج .. للحفاظ علي أنظمتهم .. خاضوا معارك حياة او موت .. في اليمن وعدن .. ثم في مواجهة أطماع صدام حسين بعد إحتلالة الكويت .
لقد كانت القومية العربية الناصرية أو البعثية .. المارد المخيف الذي يهدد تواجدهم الهش . لذلك عندما انهزم كل من عبد الناصر وصدام و الأسد .. في معاركهم ضد أمريكا و إسرائيل .. كان هذا إيذانا .. بالهجوم للسيطرة بواسطة الميلشيات السلفية التي تم تسمينها وعلفها لسنين .. يتوسطها الإخوان المسلمين علي درجات متفاوتة من القرب و البعد عن أصحاب البترو دولار ..
دعاة السلفية أنفقوا عليهم و علي صبيانهم ببذخ من السعودية والإمارات للمجاهدين في أفغانستان و البوسنة والهرسك .. والعراق .. ثم بلاد ما يسمي بالربيع العربي في أسيا و أفريقيا ..آما الإخوان المسلمين فلقد كان الحاضن لهم قطر رغم أن بداية تكوين إمبراطوريتهم الاقتصادية بدا بأموال سعودية في زمن الخروج بعيدا عن الناصرية .
التيارات الإسلامية السلفية ..هكذا .. تكونت لمقاومة القوميين العرب .. ثم استخدمتها أمريكا لدعم مليشيات الأفغان ضد الاتحاد السوفيتي .. ثم توحشت و خرجت عن الطوع .. لتضرب نيويورك و لندن .. وباريس .. ودول في أفريقيا .. وتصبح غولا تم تربيته علي الغالي بنقود البترول و تدريب ماما أمريكا.
عندما دخل الأسود الأفريقي ذو الجذور الإسلامية إلي البيت الأبيض .. كانت خطته استخدام الوحش الإسلامي لتامين أهداف أمريكا الأربعة في المنطقة بدلا من مواجهته علي الأرض الأمريكية المقدسة .. وهكذا .. بدأ التمكين خطوة خطوة .. استقبال جميع الفصائل المرتدية لبردة الإسلام .. تشجيعها بواسط قطر (للإخوان ) و السعودية (للسلفيين ) .. الضغط علي الأنظمة الحاكمة لإتاحة الفرصة لهم بالعمل العام .. ثم القفز علي الهبات الشعبية المضادة للقوميين و العسكر .. ثم تمكين الإخوان المسلمين من الحكم .. سلما كما في مصر وتونس أو من خلال معارك في سوريا و اليمن .. التجهيز للانقضاض علي باقي الأنظمة العربية .. بوضع داعش ( الدولة الإسلامية في العراق و الشام ) في مواجهه مع باقي التيارات الإسلامية بالمنطقة .
هنا تتنبه دول السعودية والخليج للمصير القادم .. فتقاوم .. ثم تواجه .. ثم يغير الجيش المصري توزيع القوى علي تختة الرمل .. فيجد تأيدا من السلفيين في السعودية و عداء من الإخوان المسلمين .. تحتضنه قطر و تركيا .
اللاعب الخامس كما يبدو هي شعوب العراق و الشام بما في ذلك لبنان و الأردن و فلسطين بشقيها ..أو ما يطلق عليه ( عرب المشرق ).
منطقة العراق و الشام .. كانت الأكثر تضررا من الاستعمار العثماني بين شعوب المنطقة .. لذلك سادت بينهم( مسيحيين ومسلمين ) تيارات تنادى بالقومية العربية .. كثقل مضاد و مقاوم للقومية التركية .. وهكذا كان البعث احد هذه التوجهات .. حتى استولي علي الحكم بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية .. مزيحا القوميين العرب و الناصريين .. والشيوعيين .. من خلال تحالفات هشة .. انتهت بأشكال درامية .. القوميين العرب عندما حكموا .. كانوا فاشيست .. يستخدمون أدوات القهر التي أسسها هتلر و موسيليني ثم ستالين وبريا .. لذلك لم يكن من الغريب أن بعد سقوط القومية أن تتحول الشعوب المكبوتة إلي مواجهات مسلحة بين عناصرها المختلفة .. وكل يدعي انه المظلوم الذي من حقه التخلص من نير الأمن و البوليس و تحكم الأنظمة القومية الحاكمة .. تدخل الأمريكان في العراق ..أدى لكسر النظام الهش القائم علي الخوف وتحكم السنة .. ثم أن الشيعة بدعم من إيران أصبحوا في مواجهه مع السنة بدعم من السعودية ثم تركيا واهتمام الأمريكان بسرقة كنوز بابل و اشور .. وبترول الشمال و الجنوب بحيث تركوا جروحهم تتقيح بين شيعة لم يعتادوا الحكم .. وسنة مبعد اغلبهم لأنهم بعثيين أو من جيش صدام حسين ليكونا نواة عناصر المقاومة التي نمت وتضخمت في حرب شعبية بسوريا .. ثم عادت للعراق لتعلن عن نفسها مرتدية بردة الإسلام و تعاليم عفي عليها الزمان تسرق و تنهب و تسبي و تفتح أسواق للنخاسة .. وتنتشر بالرعب .. والإرهاب ..
في العراق و الشام اليوم صراع متعدد الأطراف ..بين الإسلاميين و القوميين .. وبين السنة والشيعة .. وبين تركيا وإيران .. و الجميع ينظرون تجاه بحيرة البترول ..
أمريكا التي تسببت في هذا الوضع الشاذ تتصور أنها قادرة علي ضبط الفوضى الخلاقة و سلسلة الوحش النافر الذي يسعي كما سعي كل من سبقه تجاه رائحة الجاز .. أمريكا تقود حملة تأديب و تهذيب للجماعات التي تخطت دورها .. وتجمع لذلك تحالف دولي واسع .. لضرب وحوش داعش قبل ان يصلوا لمياه الخليج .. لذلك ليس غريبا .. أن يساهم الملوك بالقدر الأكبر من الجهد و التمويل .. فالوحش لو وصل إلي نهر الأردن .. لن يقف امامة عائق ليحتل مكة و المدينة والرياض و الكويت .. و دول الخليج عدا المحروسة قطر بقاعدة نووية أمريكية لا يوجد مثيل لها في العالم .
يبقي علي التختة فارسين أساسيين هما مصر و إسرائيل وفرسان أخرى ترقب بحذر في أوروبا والشمال الأفريقي .. و دول حوض نهر النيل .
إسرائيل الدولة الوحيدة المستفيدة من قتال العرب و المسلمين وذبحهم بعضهم لبعض و هدر بترولهم وعائدة في شراء الأسلحة و خوض معارك بعضها لا يزيد عن العاب الأطفال .. والجميع يحرصون علي التأكيد للقادة الاسرائيلين و الأمريكان أن حدودها خط احمر و مواطنيها لهم حصانة تهم الجميع . . إسرائيل أصبحت بذلك البلد الأمن العصري التوجهات .. الذي يمتلك قوة لا يستهان بها ضمنها قنابل ذرية مستعدة للتفجير مع اى بادرة خطورة .. إسرائيل تنعم بمراكز بحوث متطورة .. وعلماء يحصلون علي نوبل .. و إنتاج قومي يفوق العديد من الدول المحيطة من حيث نصيب الفرد .. ونظام ديمقراطي حديث ومحترم .. وتقف لتشاهد ما يحدث حولها مبتسمة .. فلقد أصبح من المستحيل أن يتجمع العرب ثانيا من اجل القضية الفلسطينية .. وحدودها ..أمنة أمنة ، أمنة ومع ذلك فقواتها المسلحة علي أهبة الاستعداد لضرب غزة و من يتشدد لها .
علي تختة الرمل تبدو مصر بحدودها التي تتجاوز الأربعة آلاف كيلومتر .. كما لو كانت محاصرة .. في الشرق يحتل سيناء أعداد من المليشيات السلفية التي تزرع المخدرات وتتاجر فيها .. وتفرض الإتاوات و تسرق و تنهب .. و تؤوى عقارب وتعابين الإخوان المسلمين القادمين مع ( حماس) غزة و من الشرق أيضا يأتي من البحر لاحمر كل أنواع المهربين .. و العملاء و الجواسيس .. ولا يمكن التحكم في تدفقهم عبر ألف كيلومتر شواطئ غير مأهول أغلبها .
من الجنوب يوجد نظام سلفي شديد الرجعية .. متمترس في السودان منذ عقد أو عقدين .. وله قواعده التي يدفع بها متسللة إلي اى منطقة يجدها مناسبة .. لمغامرات تهريب الأسلحة و المخدرات و البشر .
من الغرب و بطول ألف كيلومتر توجد مليشيات في حالة فوضي كاملة غير مسيطر عليها .. تهرب سلاح ترسانة القذافي المنهوبة .. وتجار المخدرات .. و تقدم ملاذا آمنا لجماعات إرهابية طردت من مصر و لازالت تحلم .. بعرشها .
من الشمال شواطئ أخرى بطول ألف كيلومتر .. يمكن ان ترمي بمراكب للمغامرين .. كما حدث قرب دمياط
في الداخل توجد جماعات الإخوان المسلمين و السلفيين .. تعيش علي إحداث القلاقل لقاء أجور تدفع لها ببذخ قادمة من الخليج .
المصريون .. توقف واعن الانتهاج إلا إنتاج الاطفالا .. و يعيشون في حالة متدنية من الفاقة و المرض .. والتعليم المتخلف .. وتسود بينهم أفكار وهابية.. مشجعة علي الكسل و الإنجاب .. و البلطجة و الإرهاب ..
و مع ذلك .. ورغم عشرات السنين من القهر و السكون في بركة راكدة .. فان هذا الشعب و جيشه ..كان قادرا علي حماية الحدود .. و الهبة ضد الإخوان المسلمين .. وتأديبهم .. ومطاردة السلفيين في سيناء ووقف زحفهم من ليبيا فيما يشبه المعجزة .
هذه هي تختة الرمل كما رايتها في فبراير 2015 يحزن فيها المصريون لذبح عدد منهم في ليبيا ..ولكن سرعان ما يفرحون لان جيشهم قام بالرد علي الجناة .. تختة الرمل لازالت ترتوي بدماء القتلى في كل مكان بسبب أن شيطانا اسود يسكن في البيت الأبيض فتح صندوق بندورا فخرجت منه كل شرور الجماعات الإسلامية تسعي بيننا .
بقلم/ محمد حسين يونس
كاتب روائي وباحث مصري
مرفق مع المقال صورة شخصية خاص بي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.