جهاز المنصورة الجديدة: بيع 7 محال تجارية بجلسة مزاد علني    «تعليم البحيرة»: انتظام امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل    البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني يصل غمرة لبدء زيارته الرعوية    السبت 11 مايو 2024 .. نشرة أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    الشرقية تتصدر محافظات الجمهورية في توريد القمح ب522 ألف طن    الشرقية تستعد لاستخراج 1023 شهادة بيانات خاصة بالتصالح على مخالفات البناء    عيار 21 الآن: سعر الذهب اليوم السبت 11 مايو 2024    أسعار الأسماك اليوم السبت 11-5-2024 في الدقهلية    وزير الإسكان يتابع موقف التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي في تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة    رئيس الإمارات يؤكد وقوف بلاده مع الكويت في كل الإجراءات نحو استقرارها    محمود ناصف حكما لمباراة الأهلي وبلدية المحلة    سفيان رحيمي يقود تشكيل العين لمواجهة يوكوهاما بنهائي أبطال آسيا    ضبط 7 أشخاص بحوزتهم مخدرات في القاهرة    مصرع مهندس في حادث تصادم مروع على كورنيش النيل ببني سويف    سرقة هواتف وتكاتك.. القبض على 4 لصوص بالقاهرة    توقعات موعد عيد الأضحى 2024 في الجزائر: شغف وترقب    16 نصيحة لطلاب الثانوية العامة 2024 للإجابة عن الأسئلة المقالية في الامتحانات    لهذا السبب.. بسمة بوسيل تتصدر تريند "جوجل"    شروط وأحكام حج الغير وفقًا لدار الإفتاء المصرية    تفاصيل زيارة وفد صحة الشيوخ لمستشفيات الأقصر    صحة أسيوط: إحالة 7 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيقات العاجلة    وزير الأوقاف: بناء جيل جديد من الأئمة المثقفين أكثر وعيًا بقضايا العصر    "الوزراء" يكشف 5 مفاجآت جديدة للزائرين بالمتحف المصري الكبير (فيديو)    "لا يتمتع بأي صفة شرعية".. الإمارات تهاجم نتنياهو بسبب تصريحاته الأخيرة    وزير الإسكان يتابع تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة    وصول المتهم بقتل 3 مصريين في قطر لمحكمة جنايات القاهرة    وزير الصحة: توفير البروتوكولات العلاجية الأكثر تقدما بالعالم لمرضى الأورام    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    مواجهة القمة والقاع| الهلال يلتقي الحزم للتتويج بلقب الدوري السعودي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم السبت    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د . مصطفى خميس السيد : الانتخابات البرلمانية بين الاصوات الضائعة و الفرص الغير عادلة
نشر في شباب مصر يوم 25 - 02 - 2015


د . مصطفى خميس السيد
لا تعد القوانين التى تنظم العملية الانتخابية مجرد أطر حسابية فنية لتوزيع المقاعد البرلمانية على المتنافسين ، و لكنها تحتوى أبعادآ أخرى سياسية قد تغير من خريطة الحياة النيابية و من ثم شكل النظام السياسى ككل . ذلك أن تقييم أى نظام انتخابى وما يشتمله من طريقة تقسيم الدوائر و حساب النتائج يعتمد على معيارين أساسيين :
الأول هو معيار الأصوات المهدرة ، أى تلك التى حصل عليها المرشحون ، و لكنها لم تترجم فى شكل مقاعد برلمانية .
والثانى هو معيار الفرص المتساوية لكل المترشحين سواء كانوا أفرادآ أو أحزابآ .
وبالتالى فإن النظام الانتخابى الجيد هو النظام الذى يتمكن من تقليل عدد الأصوات المهدرة ويوفر مساواة نسبية بين المتنافسين .
ما رأيكم فى المثال التالى ؟ :
دخل حزب سياسى الانتخابات البرلمانية و حصد 25٪ من إجمالى أصوات الناخبين على مستوى الدولة ككل ، ثم انتهى به الأمر بحصوله على 3.5٪ فقط من إجمالى مقاعد البرلمان . هل هذا النظام عادل ؟
بالقطع لا ، فهذا الحزب خسر ما يزيد على 90٪ من إجمالى الأصوات التى حصل عليها ، أى أنها لم تترجم إلى مقاعد و ذهبت هباء .
هذا ليس مثال تخيلى ، و لكنه حدث فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى المملكة المتحدة حيث إن التحالف الانتخابى بين حزبى الديمقراطى الاجتماعى و الليبرالى انتهى به الأمر حاصدا 25.4٪ من إجمالى أصوات الناخبين على مستوى المملكة ، ولكنه لم يتمكن من الحصول سوى على أقل من 4٪ من إجمالى مقاعد البرلمان بسبب النظام الانتخابى المتبع هناك . يسمى هذا النظام الأول يكسب First Past The Post . ترجمة ذلك الإهدار بسيطة ، فالحزب حصد المركز الثانى فى العديد من الدوائر الانتخابية ، ولكنه خسر مقاعدها جميعا . السبب لأن النظام الانتخابى يأخذ أصحاب المراكز الأولى فقط مهما كان عدد الأصوات التى حصدتها . تسبب ذلك فى وضع آخر شاذ حيث إنه فى نفس السنة حصد حزب المحافظين 42.4 ٪ فقط من إجمالى الأصوات ، ولكنه حصل على ما يزيد على 60٪ من مقاعد البرلمان . هكذا استطاع أن يشكل الحكومة منفردا فى إهدار فج للفرص الانتخابية ، وفى ترجمة مغلوطة للإرادة الانتخابية !
.........
إذا ما انتقلنا إلى الحالة المصرية فإن الأوضاع تبدو كارثية بلا مبالغة ، وستفضى حتما إلى إهدار الأصوات الانتخابية . هذا الإهدار يعنى تزوير الإرادة الشعبية قانونيآ دون الحاجة إلى الأساليب التقليدية للتزوير . وبمراجعة قانون مجلس النواب الذى أصدره الرئيس المؤقت عدلى منصور ، وحذرنا منه فى حينها ولم يستجب أحد ، وكذلك بمراجعة مشروع تقسيم الدوائر الانتخابية الذى اعتمد من رئيس الجمهورية ، نجد أننا أمام نظام مسخ لا يضاهيه نظام آخر فى العالم بحسب اطلاعى . و بمقارنة القانونين المذكورين مع فصل النظم الانتخابية الذى يتم تدريسه لطلاب قسم العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا ، لوس أنجلوس ، والذى صدر فى 2011، وقمت بشرحه فى كتاب الحزب فى ميزان الدولة ، يمكننى إبداء الملاحظات الموضوعية التالية:
أولآ : فى حين يتبع النظام المصرى نظريآ النظام المختلط ، وهو ما يعنى الجمع نظريآ بين أشهر نظامين انتخابيين فى العالم ، وهما نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبى ، فإن النظام المصرى مال بشدة إلى نظام الأغلبية المعروف فى مصر عرفآ بالنظام الفردى ، حيث إنه يخصص ما يقرب من 75٪ من مقاعد البرلمان للدوائر الفردية بكل مساوئها المعروفة فى مصر والعالم ، بينما تم تخصيص 25٪ فقط لنظام القوائم ( غير النسبية ) فى فلسفة غريبة وغير مفهومة وغير مبررة تعيدنا إلى غلبة المال السياسى والعصبيات والقبليات مجددا .
ثانيآ: يعتبر خدعة كبرى القول أن النظام المصرى نظام « مختلط » . لذلك تمسكت أن أذكر لفظة « نظريآ » فى الملاحظة الأولى ، فالنظام المصرى المعمول به حاليآ هو واقع الأمر نظام « تلبيسى » تأدبآ وبالعامية المصرية نظام « عك » . ليس فى ذلك إجحافآ خاصة حينما تعرف أن كل النظم المختلطة تعنى أنها تجمع بين نظامى « الأغلبية » الذى يقوم بصيغ مختلفة على إعطاء أصحاب المراكز الأولى من المتنافسين الفرديين المقاعد البرلمانية وبين نظام « القوائم النسبية » ، الذى يعطى أكبر قدر من المقاعد للقوائم التى تمثل أحزابآ ميزة « النسبية » . أى يحاول أن يقلل أصواتها المهدرة ، تلك المشكلة الكبرى التى تعترى نظم الأغلبية ، بحيث أن القائمة التى تحصد مثلا 20٪ من أصوات دائرة انتخابية بها عشرة مقاعد تحصل على مقعدين ، أما تلك التى تحصد 30٪ من الأصوات تحصل على ثلاثة مقاعد فى نفس الدائرة وهكذا . أى أن الأحزاب الصغيرة والمتوسطة والجديدة تظل فى المنافسة وتظل قادرة على المشاركة فى التشريع ورقابة الحكومة . أما النظام المصرى فقد فرغ نظام القوائم النسبية من تلك الميزة حينما جعلها أيضا معتمدة على « الأغلبية » . وهنا الخدعة . فالقائمة التى تحصد ال50٪+1 من إجمالى الأصوات الصحيحة ستحصل على كل المقاعد المخصصة ، بينما تخسر كل القوائم الأخرى أصواتها ولا تحصل حتى على مقعد واحد . وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن القانون المصرى لا يقصر القوائم على الأحزاب وإنما يفتحها على مصراعيها أيضا للمستقلين وأن رئيس الجمهورية سيقوم بتعيين 27 عضوا فيكون تعليقنا ، «لا تعليق » .
ثالثآ : سيزيد العجب حينما نعرف أنه لا تساوى ولو حتى نسبة بين المقاعد المخصصة للقوائم القائمة على الأغلبية لا على النسبية ، فهناك قائمتان بهما 45 مقعدآ و قائمتان اخريتان بهما 15 مقعدا فقط فى عدم تجانس فج بين الدوائر الانتخابية وبين جمهور الناخبين . و سيزيد عجبك أكثر و أكثر حينما تعرف أنه فى كل دول العالم التى تأخذ بالنظام الفردى المشار إليه مسبقآ فإنها تعتمد أسلوبآ محددآ فى احتساب النتائج و ذلك للمساواة بين المرشحين ، فهى إما أن تأخذ بنظام « الأول يكسب » على علاته كما هو الحال مثلا فى المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة ، أو أنها تأخذ بنظام الجولتين مشترطة أن الحائز على المقعد يحصد 50+1٪ على الأقل من الأصوات الصحيحة ، وهو النظام المتبع فى فرنسا والذى تم اتباعه أيضا فى مصر لسنوات طويلة ، أو أن تأخد بنظام الصوت البديل مثلما كان الحال فى أستراليا أو الصوت الفردى غير المتحول كما هو الحال الآن فى تايوان أو حتى 1993 فى اليابان ، ولكن مصر جمعت بين أكثر من نظام حتى داخل المقاعد الفردية !
فهناك دوائر فردية خصص لها مقعد واحد ، وغالبآ ستعتمد على أسلوب الجولتين ، بينما هناك دوائر أخرى تم تخصيص لها مقعدين بل ونوع ثالث من الدوائر تم تخصيص ثلاثة مقاعد له .
..........
ولا أعلم أى فلسفة تلك التى تجمع بين كل هذا فى احتساب الدوائر الفردية لما فى ذلك من فجاجة فى إهدار الأصوات وعدم المساواة فى وزن المقعد النيابى ، فمثلآ التنافس فى الدائرة الفردية دائرة « العطارين » بمحافظة الأسكندرية والمخصص لها مقعد واحد غالبآ سيجرى التنافس فيها بنظام الجولتين ، وهو ما يختلف جذريآ عن شكل التنافس وطريقة احتساب الأصوات فى الدائرة الانتخابية بدائرة « الرمل » بنفس المحافظة والمخصص لها مقعدين لأنها غالبآ ستجرى الانتخابات بها على جولة واحدة بينما سيتم احتساب الأصوات بها بنظام الصوت الفردى غير المتحول أى سيتم أخذ أصحاب المراكز الأول والثانى بغض النظر عن تمكن أيآ منهما من نسبة ال50٪+1 المشترطة فى دائرة العطارين لأنه لا معنى للدخول فى جولة ثانية فى هذه الحالة ! وإذا ما قارنا شكل المنافسة واحتساب الأصوات المختلف فى دائرتى العطارين او الرمل بدائرة ثالثة ولتكن على سبيل المثال دائرة « المنتزة » التابعة لنفس المحافظة والمخصص لها ثلاثة مقاعد فإن أصحاب المراكز الثلاثة الأولى ( لاحظ أن صاحب المركز الثالث قد يحصد مثلا 25٪ فقط من الأصوات ) سيحصدوا مقاعد الدائرة ، ومن هنا نكون أمام نظام مشوه يشترط على عضو فى دائرة حصد ما لايقل عن 50٪+1 من إجمالى الأصوات بينما يسمح لآخر بالحصول على المقعد ب40٪ فقط مثل فى دائرة ثانية ، وثالث ب25٪ وربما أقل وهكذا .
هذا نظام مشوه وغير معمول به فى أى دولة فى العالم بلا مبالغة ، يضرب الأحزاب ، ويهدر الأصوات ، ويؤسس لا مساواة عجيبة فى طريقة ونسبة الأصوات اللازمة للحصول على المقعد حتى فى الدوائر الفردية فضلآ عن دوائر القائمة ، وهو نظام بلا شك تشوبه عدم الدستورية . كفى تشويهآ وتلاعبآ بحياتنا النيابية والسياسية ، أم أننا نبحث عن مزيد من الإثارة والاستقطاب على حساب الوطن ؟
د . مصطفى خميس السيد
الباحث فى شئون الأحزاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.