رحل الإمام فى هدوء وترك لكم دنياكم فارتعوا فيها كما تشاءون.. رحل الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الجامع الأزهر، تاركًا لكم خطاياكم.. وعاركم فالعقوه كما شاء لكم الهوى.. وقفوا أمام عدسات التليفزيون كما تبتغون.. واغرفوا من أموال المنح والهبات التى يضعها لكم أسيادكم فوق الأرض واصرخوا زعمًا بأنكم تدافعون عن الإسلام والمسلمين والأوطان، وأنتم أبعد الناس عن الوطن والضمير.. كان من الممكن لهذا الشيخ الجليل أن يُكلل جميع الآراء التى تُصدر عنه بمعانٍ لن يستوعب معناها الكثيرون.. وكان من الممكن أن يُحاور ويُناور لكى يهنأ بحياة هادئة لكنه أبى على نفسه إلا أن يقول قول الحق.. ويُعبر عن سماحة الإسلام.. وتعامله مع جميع الأديان والبشر برحمة.. فحاول مرتزقة السياسة والإعلام اصطياد تصريحات الرجل بمعانٍ أخرى تُثير الكثير من الغمز واللمز سعيًا لبيع المزيد من نسخهم الصفراء.. وأقحموه فى معارك كثيرة.. لكنه حتى آخر أيامه كان قويًا. لقد وقف حزب شباب مصر مع الرجل فى معارك كثيرة ضد بعض الذين باعوا ضمائرهم فى سوق النخاسة السياسية والصحفية.. وفى لقاءات خاصة عديدة معه أكدت دعمنا له.. ودافعنا عن مواقف الرجل.. فتاريخه وضميره وعلمه ومنصبه رمز لكل المسلمين.. وقد سبق عصره بما يملكه من علوم ومواقف.. ولو كان هذا الرجل لدى أى دين آخر لنجحوا فى الدفاع عنه والحفاظ عليه.. لكننا فى مصر -مع الأسف- وجدنا النخاسين يحاصرونه.. ويهاجمونه ويحاول كل تاجر أن ينال الشهرة من خلال التهجم على شيخنا الراحل.. ووقفت معظم الأحزاب والصحف منه موقف المتفرج.. لكننا فى حزب شباب مصر رفضنا الجلوس فى مقاعد المتفرجين.. كتبنا تضامنًا معه كثيرًا.. وبعثنا له خطابات التأييد لمواقفه التى أثارت جدلاً.. وأكدنا أن الرجل ليس رئيسًا لحزب.. بل هو رمز للمسلمين وليس المطلوب أن يتعامل مع قيم الإسلام وتعاليمه وسماحته بطريقة النخاسين. رحل الرجل فى هدوء وأعطى لكم رسالة قوية أنكم -مع الأسف- لم تستوعبوا علمه.. لم تستوعبوا الرسالة التى حاول أن يُطلقها للعالم من حولكم والتى تتضمن أن الإسلام وسماحته وقيمته من مصر ينطلق.. لكنكم جميعًا وقفتم منه موقف المتفرج، فكان من الطبيعى أن يكون حتى جسده خسارة فيكم.. فاختار أن تكون النهاية هناك بجوار الحبيب المصطفى "صلى الله عليه وسلم".. فاصرخوا الآن كما تشاءون.. أو اضحكوا.. فقد رحل الإمام فى هدوء جريدة شباب مصر الأسبوعية العدد 199 16مارس2010 م