الحب عطاء وتضحية ، وأعظم قصص الحب البشرية إنتهت بجراح أحد المحبين أو كلاهما ، فقد تتعدد أسباب الفراق وتزداد لوعته على المحبين ، أو قد يكتوى أحدهم بنار وألم وعذاب الهجر والفراق ، وما أصعب على النفس من أن ترى من تحبهُ مع شخصاً آخر ، أو تحاول أن ترسم على شفتيك إبتسامة ليست حقيقية وقلبك ينزف بالدماء ، ولكن من أجل سعادة من تحبه تفعل هذا عن طيب خاطر ، فليس بيدك إلا الصبر ، مع أن الصبر فى هذه الحالة يكون أمّر من الجرح نفسه ، ولكنها قواعد الحياه التى نعيشها ، نتقابل ونتفارق ، ونتوافق ونختلف ، وليس بيدنا أختيار ماترتاح قلوبنا إليهم ، كما أيضاً ليس بيدنا أن نتمسك بهم أونفارقهم ، لأنها أقدار مكتوبة علينا قبل أن نولد وتستقبلنا الحياه . ومع أن العلم أثبت أن الإنسان بإمكانه العيش بعد موت عقلهِ لأيام وشهور وسنوات وهو مايعرف ( بالسكتة الدماغية ) ، ولكنَ الإنسان لا يمكنه العيش لو توقف قلبهِ لعدة دقائق ، ومع هذا أختلف معهم فى ذلك ، فقد يعيش الإنسان بقلبٍ ميت ويظل على قيد الحياه ، لأنه قلبُُ خالى من المشاعر والأحاسيس ، قلبُُ يعمل كالآلة ، لا يقوم إلا بوظيفته الديناميكية فقط ، فالقلب ليس عضلة فقط تضخ الدماء ، ولكنه كتلة من المشاعر التى تعمل كردار للإنسان يوجهه إلى من يحب ومن يكره ، ولمن يستريح له ولمن يبغضه ، وقد يكون القلب فى بعض الحالات كالزجاج الذى يتعرض للكسر ولا يفيد معه الإصلاح ، ويصبح قطعاً صغيرة متناثرة على الأرض لا يمكن تجميعها مرة أخرى ، وفى حالات أخرى يكون القلب صلباً يتحمل كافة الأزمات التى يمر بها ويعتاد عليها من كثرة ماتعرض له هذا القلب لجروح من محبينه أو المقربين منه . ولكن أعظم درجات الحب هو أن تسلم وجهك وقلبك وكل مافيك لله ، وترضى بما قسمه لك ، وكتبه عليك ، لترى عظمة حب الرحمن أمام ضئالة حب من سواه ، وهوان كل عظيم من الجروح أمام غضبهِ منك أو عدم رضاءهِ عليك ، فرحاب حب الرحمن ورسولهِ أوسع وأشمل بكثير من رحاب العشق البشرى الزائل ، فقد تخسر إنساناً تحبه لظرفٍ ما ، ولكنك لا يمكن أن تخسر رضاء ربك عليك ، ورحمته بك وهو قادر على الفتك بك عندما تعصاه وتجهر بمعصيتك له ، ولكنه حليم لا يغضب ، وصبور على عبادهِ التى تُذنب ، ورحيم مع أنه قادر على البطش بنا ، إلهُُ لا يحاسبنا بقدر أعمالنا ، ولكنه ينظر لنا بعين الرحمة ، ويرأف بضعفنا أكثر من رأفتنا نحنُ بحالنا . إلهى : لم يكن بيدى إلا أن أرضى بقسمتك ، لأنى أعلم أن حكمتك وراء ماقدّرت لى ، لأن الغيب بيديك تعلمهُ ولا نعلمه ، فقد نكره شيئاً ويكون لنا خيراً ، أو نحب شيئاً ويكون لنا شراً ، ولكن يامعين إعنّا على مانحن عليهِ ، واجعل لنا البصر والبصيرة فى الحكم على الإمور ، وهب لنا الصبر على البلاء ، ونعمة الشُكر فى الضراء ، كما نشكرك فى اليسر والسرّاء ، وثبّت قلوبنا على حبّك وحب حبيبك وحب من يحبك ، وإجعله الحب الأول والأخير لنا ، واجعل نصيبنا فى شخصىٍ صالح يخشاك ، يكون لنا سنداً ومعينا على عبادتك كما تُحب وتشاء ( آمين ) .