محافظ الإسكندرية يهنئ الرئيس والشعب بانتصارات أكتوبر    وزيرة التنمية المحلية تبحث مع محافظ الفيوم المشروعات التنموية والخدمية وجهود تطوير المحميات الطبيعية    محافظ الغربية يجوب مدينة وقرى بسيون ويوجه بتنفيذ مطالب الأهالي    الضفة.. مستوطنون إسرائيليون يعتدون على قاطفي زيتون فلسطينيين مع بدء موسم قطف الثمار    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    الأهلي ينعى سمير محمد علي لاعب الزمالك ومنتخب مصر الأسبق    الدوري الإنجليزي.. أستون فيلا يفوز على بيرنلي بهدفين لهدف    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    التشكيل الرسمي لمباراة مانشستر سيتي وبرينتفورد في البريميرليج    البحيرة.. إصابة 7 أشخاص إثر حادث سير بوادي النطرون    2 نوفمبر.. نظر محاكمة شقيقين قتلا عاملًا ب 3 طلقات في الجيزة    السكة الحديد تُسير الرحلة ال23 لإعادة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    تامر حسني يطلق من كان يا مكان إهداء لمهرجان نقابة المهن التمثيلية لتكريم رموز المسرح المصري    "الإسكندرية السينمائي" يحذر من نشر أية أخبار كاذبة حول المهرجان    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ الدقهلية التعاون في تطوير المنظومة الصحية بالمحافظة    روبيو: لا يمكن تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل في العالم    احتجاجات بتل أبيب وأسر الرهائن يدعون ترامب ونتنياهو لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار    أستون فيلا يواصل انتصاراته فى الدورى الإنجليزى بفوز مثير ضد بيرنلى    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    وزير التموين: تكثيف الرقابة والتصدى الحاسم لحالات الغش التجارى    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    مائدة فن العرائس تختتم فعاليات مهرجانها الأول من التشكيل إلى الخيال    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    احتفالات الثقافة بنصر أكتوبر.. معرض حرب أكتوبر المجيدة في الذاكرة الوطنية بالهناجر    الصين: إجلاء 347 ألف شخص قبل وصول إعصار ماتمو إلى اليابسة    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    استجابة مطمئنة للعلاج .. تعرف على تطور حالة إمام عاشور    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان إدارة المنتزه أول التعليمية    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احمد علي الشمر : زيارة مقامات الأولياء..فى الوطن العربي والعالم الإسلامي
نشر في شباب مصر يوم 17 - 08 - 2011

ظاهرة زيارة مقامات وأضرحة الأئمة والأولياء والصالحين فى العالم العربي والإسلامي، ظاهرة تراثية تاريخية قديمة ومعروفة، وترتبط إرتباطا جذريا وثيقا بالعقيدة وبالتراث الإسلامي، وقد عرفها المسلمون منذ فجرالإسلام، حيث كان المسلمون كما هومعلوم بحسب تواترالكثيرمن الروايات التى وردت، فى مرويات وصحاح المسلمين سنة وشيعة، قد مارسوها فى زمن وحياة الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وفى هذا السياق أحاول رصد نماذج مختصرة لبعض مظاهرهذه الظاهرة المنتشرة فى الوطن العربي والعالم الإسلامي، وهي ظاهرة إستمرت فى الإنتشاروتتابعت أحداثها وتياراتها المختلفة على مرالأزمنة والعصور، وهوتتابع طبيعي مستمرلمظاهرهذه الممارسات كما هوملحوظ على مرالأجيال، حيث أصبحت هذه الظاهرة تمثل إمتدادا تاريخيا وتراثيا لقيم ومؤثرات وموروثات التراث والثقافة الإسلامية، التى أصبح يتوارثها الآباء عن الأجداد مع مختلف العصوروالعهود والأزمان، وحتى وصلتنا فى عصرنا الحديث.
وعند طرحي لهذه الظاهرة، أجد أنه لابد لي وأن أستأنس بعرض رأي بعض علماء المسلمين فى قضية ظاهرة الزيارت ذاتها، بسبب وجود بعض الشبهات عليها من قبل بعض فرق المسلمين،
ولهذا فسوف أستعرض بعض الأدلة والفتاوي والآراء لاحقا التى تجوزممارسات هذه الظاهرة من قبل علماء أكبرالمؤسسات والهيئات الدينية السنية فى العالم الإسلامي، آلا وهي مؤسسة الأزهرالشريف.
ورغم أن الشائع المعروف فى الإعلام والصحافة وحتى الأدبيات أوالثقافة العربية بشكل أعم، تبين بأن ظاهرة شد الرحال لزيارة مقامات وأضرحة أئمة أهل البيت عليهم السلام والأولياء والصالحين رضي الله تعالى عنهم، هي ظاهرة فريدة إختصت بها الطائفة الشيعية فى العالم الإسلامي، إلا أن الأمرمختلف تماما عن ذلك وهذا ما أريد أن أوضحه هنا، فالحقيقة القائمة على الأرض تجافي تلك الشائعات التى خصت بها الشيعة دون غيرهم من طوائف المسلمين، وأكثرها شائعات مشوهة إستمرت لعهود طويلة، بسبب عوامل كثيرة ومعروفة لسنا بصددها الآن، ولكن فيما يبدوأن أهمها فى عصرنا الراهن، هوعامل التعتيم والتهميش الإعلامي والثقافي الذي فرضته ظروفهم كأقليات وكيانات تعيش داخل الأنظمة العربية والإسلامية، لها ممارساتها وطقوسها المتمايزة، والتى بقيت محافظة عليها مع اختلاف العصوروالعهود، ورغم ماتواجهه من حملات تشويهية فى جانب تأدية هذه الممارسات.
وأما لماذا إشتهرالشيعة بمظاهرهذه الظاهرة في زيارة الأئمة والأولياء بصورة خاصة، فهذا لأن الطائفة الشيعية تدين فى عقيدتها بالولاء لأئمة أهل البيت، فهم العترة الطاهرة التى أوجب الله محبتهم وفرض طاعتهم، وهم ورثة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فى علمه وسيرته وخلقه وأخلاقه.
كما أن مقاماتهم ومراقدهم ومشاهدهم قد إشتهرت وعرفت منذ القدم، وأصبحت معالم مضيئة ومشعة يعرفها القاصي والداني، تأخذ بقلوب وألباب جميع المسلمين وتهوي إليها أفئدتهم، فلا غرابة فى أن يصبح الشيعة من أوائل زوارها، فكان ومازال غالبية الشيعة ومنذ مئات السنين يحرصون على التمسك بهذا التراث، ولايتوانون فى تحمل المشاق وشد الرحال لزيارة أئمتهم والسلام عليهم، وكذلك فى إحياء مناسبات ذكرى وفياتهم وولاداتهم، وهذا بالقطع لايخرج عن نهج ديننا الإسلامي الحنيف، الذي يحثنا على محبة الله وطاعته والتقرب إليه وإلى رسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين، رغم مايشاع عليهم فى هذا من تشنيع لاشك بأنه محض إفتراء وتشويه ليس إلا، ومن هنا سلطت عليهم الأضواء وعرفت واشتهرت الطائفة الشيعية الإمامية أكثرعن غيرها من طوائف المسلمين عبر ممارسة هذه الطقوس المتمثلة فى زيارة مقاماتهم المشهورة، التى يحرصون على زيارتها بشكل مستمروعلى مدارالعام وكلما واتتهم الفرصة، بجانب حرصهم على التمسك بإحياء مناسباتهم.
ورغم ذلك فإن ظاهرة شد الرحال وزيارة مقامات وأضرحة الأولياء الصالحين، لعموم مختلف طوائف المسلمين من غيرالشيعة فى العالم العربي والعالم الإسلامي، هي ظاهرة حقيقة ومعروفة ولاتقبل الشك، وهي معلومة أيضا لدي جميع المسلمين فى أنحاء المعمورة، وإن كانت بنسبة أقل عن الطائفة الشيعية، فلا ينفي ذلك ممارستها من قبل جميع المسلمين قولا وفعلا وعملا، وبشكل علني وواضح وبكامل حرياتهم وقناعاتهم، المتتصلة بعقائدهم وتراثهم العريق الذى هو تراث جميع المسلمين، لأن من بديهيات الأمورهي أن أئمة أهل البيت والصالحين ليست محبتهم وموالاتهم حكرا على المسلمين الشيعة فقط، وإنما هي مفروضة على جميع المسلمين، ولذلك فإن هذه الظاهرة يتم ممارستها من قبل أكثر طوائف المسلمين فى أنحاء العالم، رغم عدم تسليط الأضواء عليهم من قبل الإعلام أوالمناشط الثقافية أوالمنبرية.
فلوتتبعنا ممارسات هذه الظاهرة بشكل عام فى الوطن العربي والعالم الإسلامي، لوجدنا أنه لايكاد بلد عربي أوإسلامي يخلومن مثل تلك المراكزوالمقامات الإسلامية التى توجد بها تلك الأضرحة والمقامات لبعض الأولياء الصالحين، والتى تهوي لها أفئدة الزوارمن المحبين والعاشقين لحب الرسول وآله من أئمة الهدى وأصحابه وأوليائه الصالحين والتابعين، فمن الناذرجدا أن يخلو بلد عربي أو إسلامي لاتوجد به مثل هذه المآثر من المراقد والمراكز والمقامات والمزارات التى تمتلأ وتغص بالمئات بل بالآلاف المؤلفة من الزوارالذين يقصدونها ويشدون الرحال إليها من كل حدب وصوب، تارة للزيارة وأخرى لإحياء ذكرى وفيات أوموالد تلكم العترة الطاهرة من الأئمة والأصحاب والأخياروالتابعين والصالحين، سلام الله ورضوانه عليهم أجمعين.
وتشيرمعظم التقاريروالإحصاءات المصورة والمنشورة، عبرالكثيرمن المراكز والموسوعات ومواقع الشبكة الألكترونية، تشيرإلى حقائق قد تكون مجهولةعن الكثيرمنا حول إنتشارهذه الظاهرة وعن وجود تلك المراكزوالمقامات والأضرحة، والممارسات التى يؤديها أويقوم بها زوارها فى نطاق مظاهرهذه الظاهرة فى بلدان العالم العربي والإسلامي، والتى من بينها كما تذكرها تلك المصادر..اليمن وبعض بلدان الخليج وسوريا ولبنان والأردن والعراق وفلسطين وتونس والمغرب وليبيا والجزائروالسودان ومصروتركيا وموريتانيا ونيجيريا وإيران وأفغانستان والهند وباكستان وأندونيسيا وغيرها.
ورغم أن مظاهرأغلب طقوس هذه الممارسات والزيارات فى أكثرتلك الأماكن، يغلب عليها الطابع الصوفي بطرقها وعاداتها المتعددة والمعروفة بموالاتها وحبها لآل البيت والصحابة والأولياء الصالحين رضوان الله تعالى عنهم، إلا أن ذلك لا يؤثرعلى طبيعة نهجهم الإسلامي واندماجهم مع مجتمعهم المسلم بمختلف توجهاته المذهبية، ودون أن يؤثرذلك على طبيعة العلاقة، أوأن يكون هذا مدعاة للقذع والدم والتشنيع أوإثارة الشقاق فيما بينهم لاسمح الله، بل أقول أن بعضهم يفاخربإنتسابه إلى أهل السنة والجماعة والسلف الصالح، فلا يرون فى ذلك تناقضا فى ممارساتهم التى تأتي فى ذات معتقدات تراثهم وقيمهم الإسلامية الأصيلة، فى موالاة ومحبة الرسول الأكرم وأهل بيته وصحابته الأخياروأوليائه الصالحين..على أنني لابد وأن أبين هنا ملاحظة هامة فى هذا السياق، وهي أنه رغم حسن النية فى أداء هذه الممارسات التى يقوم بها البعض لإحياء الذكرى والمناسبات لهؤلاء الأخيار، إلا أنه يحصل أن يقوم البعض ببعض الممارسات غيراللآئقة والمنافية لقدسية مثل هذه المناسبات، وأنا شخصيا قد لاحضت بعضها حينما كنت أحضرمناسباتها فى مصر، عندما كنت أقوم بتغطياتها الصحفية
لعدة سنوات أثناء إقامتي فى القاهرة، ولكن هذا كما نوهت لاينطبق على جميع الزوار والمحتفلين.
ويحيي الشعب المصري على سبيل المثال، وهو نموذج حي وصادق لمعظم الشعوب العربية والإسلامية التى تحتفي بمثل هذه المناسبات، يحيي إحتفالاته السنوية لهذه المناسبات بحضورورعاية كبارالشخصيات والجهات المعنية بالدولة، فى المحافظات التى تحوي تلك المقامات والأضرحة الشريفة، وذلك فى حفل إفتتاحي كبيرتشرف عليه المشيخة العامة للطرق الصوفية برعاية محافظ المدينة.
ففى مدينة طنطا بمحافظة الغربية بمصر، وهي نموذج لهذه الإحتفالات وكمقر لمقام العارف بالله السيد أحمد البدوي رضي الله تعالى عنه، والذي يرجع أصل نسبه إلى الإمام الحسين عليه السلام، تقام أكبرتظاهرة مليونية فى مصربهذه المدينة كل عام، حيث تزحف الجموع المليونية إليها، من كافة المدن والقرى والأرياف والأقاليم والنجوع المصرية، رجالا ونساء شيبا وشبابا وأطفالا للأحتفال بمولد السيد البدوي، فيحضر الحفل عدد من المسؤلين وكبارالشخصيات وممثلين ومندوبين عن وزارة لأوقاف المصرية، ونخبة من علماء الأزهرالشريف وشيوخ وأتباع الطرق الصوفية، ووفود من مختلف أنحاء الدول العربية والإسلامية، ويتخلل الحفل عادة الكثيرمن الفقرات الخطابية للمسؤلين والمشاركين، والتى تحث فى مجملها على دعوة المسلمين إلى توحيد كلمتهم ورص صفوفهم، وإلى أهمية نشرقيم المحبة والتقارب والتسامح والوسطية ونبذ الفتن فيما بينهم، والعمل على طاعة الله ومحبة رسوله وأهل بيته.
ومن اللافت فى هذا الحفل الكبيرالذى يقام أمام قبالة مسجد السيد البدوي، إقامت عشرات السرادق الخاصة بالإحتفال الذى تغص به ساحات المسجد والأسواق المحيطة به، بجانب السرادق الكبيرلمئات الصواري والمخيمات التى تقام فى الساحة العامة لمدينة طنطا لأصحاب الطرق الصوفية المختلفة، وبحضورمئات الألوف من الحشود البشرية التى تتوافد على المكان خلال أيام الإحتفالات التى تستمرنحوأسبوع وتغص بعشرات الألوف من المحتفلين والمنتمين للفرق والطرق الصوفية المتنوعة المصرية والعربية الذين هبوا إليها من داخل مصروخارجها للإحتفال بهذه المناسبة، كمايلاحظ خلال هذه الإحتفالات والجموع الغفيرة المشاركة، إنتقال وحضورالمواكب الضخمة من أصحاب الخدمات والمحلات التجارية والباعة الجوالة المحملون بجميع السلع والبضائع المتنوعة، كباعة الألعاب والحلويات والمرطبات والمأكولات والملابس وأنواع الفننون الأخرى، كمسارح التسلية والسيرك والألعاب السحرية واستوديوهات التصويروأعمال الرسوم، الخاصة بالأطفال ونقش الحناء، بجانب ألعاب المراجيح وسيارات الأطفال، وغيرذلك من أنواع الأسواق المتنوعة التى توفرهناك لمرتادي هذا الإحتفال الكبير.
وتشهد برامج الإحتفالات فى هذه المناسبة والتى تقام على مدارالأسبوع وتستمرفعالياتها يوميا حتى الساعات المتأخرة من الصباح، تشهد برامج دينية تشمل التواشيح والأهازيج والأذكاروالإنشاد والإبتهالات الدينية، التى يؤديها ويرددها جموع المحتفلون، كما تتناول الخطب والمواعظ الإرشادية، فى الدعوة والتعريف بحق ومكانة ومحبة وفضل وموالات آل البيت عليهم السلام، هذا فيما يستمرسيل توافد الزواروالقادمين وهم بالألاف إلى ساحات الإحتفال، من أرجاء القرى والأرياف والمدن المصرية حتى الساعات المتأخرة من اليوم التالي، وهم يركبون ويمتطون مختلف أنواع وسائل المواصلات من السيارات والعربات والمركبات التى تجرها الخيول والبغال، مصطحبين معهم جميع أفراد عائلاتهم من الأطفال والشيوخ والعجائز، حرصا منهم للمشاركة فى هذه الإحتفالات، وحضورالليلة الختامية التى يطلق عليها المصريون(الليلة الكبيرة) تقربا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين الطاهرين كما يعتقدون بذلك.
وإذن فإن هذه الإحتفالات الكبيرة التى تقيمها وتحييها طوائف المسلمين لزيارة مقامات الأئمة والأولياء والصالحين وإحياء ذكرى مناسباتهم، ومصرفيها نموذجا، فإنما تدلل على أنها ظاهرة مشتركة لاتقتصرعلى الطائفة الشيعية فحسب، وإنما تشمل الكثيرمن طوائف المسلمين التى تلتقي معها فى إحياء هذا التراث العريق.
وأما عن رأي وأدلة وفتاوي علماء المسلمين فى قضية إباحة وإجازة هذه المارسات، فإن مصادرها كثيرة ومعروفة فى كتب التراث، فضلا عن تواترالروايات والأحاديث والفتاوي حول التأكيد على صحتها من كبارعلماء المسلمين قديما وحديثا، وأورد هنا وبإيجازتلافيا للإطالة بعضا من موارد وآراء وفتاوي بعض الأساتذة والعلماء فى أكبرمؤسسة علمية دينية فى أنحاء العالم الإسلامي، وهي مؤسسة الأزهر الشريف.
- فهذا فضيلة الشيخ علي جمعة الإمام الأزهري ومفتي جمهورية مصر العربية..يؤكد(بأن زيارة آل بيت النبوة من أقرب القربات وأرجى الطاعات قبولاً عند الله. وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصى أمته بآل بيته كما حث على زيارة القبور فقال: «زوروا القبورفإنها تذكر الموت»وأولى القبوربالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبورآل البيت النبوي الكريم لأن في زيارتهم ومودتهم براً وصلة لرسول الله) وهذا الجزء المختصرهوحديث مطول لسماحته فى هذا السياق.
- وهذه فتوى صادرة من دارالفتوي بمصرمقيدة برقم 184 لسنة 2007م وجاءت جواب على سؤال حول ذات الموضوع، نختصرها بمايفيد موضوعنا فى إجاباتها(التبرك بزيارة مقامات أهل البيت الكرام وغيرهم من الصالحين، فإن زيارة آل بيت النبوة من أقرب القربات؛ وأَولى القبور بالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبورآل البيت النبوي الكريم، لأن في زيارتهم ومودتهم برًّا وصلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل إن زيارة الإنسان لقبورهم آكد استحبابًا وأكثر ثوابًا من زيارته لقبورأقربائه، كما قال أبو بكرالصديق رضي الله عنه:«والذي نَفسِي بيَدِهِ لَقَرابةُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَحَبُّ إلَيّ أَن أَصِلَ مِن قَرابَتِي»فتكفيرفاعل ذلك مخالف لإجماع المسلمين، بل قائل ذلك أَولى بالكفرمِمن كفّّره)
- وفى جواب آخرلمفتي مصربرقم (8/ 291مايولسنة 1997م)منشوربموقع وزارة الأوقاف المصرية، حول مشروعية زيارة الأضرحة..أجاب فيه سماحته بالتالي(الأضرحة شأنها شأن سائرالقبورفى أن زيارتها سنة لما فيها من فوائد للزائروالمزور، ففيها للزائرعبرة وعظة، كما فى قوال النبى صلى الله عليه وسلم:" كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور، فإنها تزهد فى الدنيا وتذكرالآخرة " وقوله: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد فى زيارة قبرأمه، فزوروها فإنها تذكر الآخرة " وفى الزيارة نفع للمزور بالسلام عليه والدعاء له، وبما تقدم ذكره من أنس الميت بمن يزوره، وقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم آداب الزيارة التى منها أن نقول ما علمه السيدة عائشة رضى الله عنها " السلام عليكم أهل الديارمن المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون"
- وهذا رابط لموقع دارالإفتاء المصرية، وبه فتوى حول موضوع شد الرحال لزيارة الأولياء وحكم النذروإقامة الموالد..يمكن الرجوع إليه لمن يريد زيادة إطلاعه، ففيه الجواب الكافى والوافي عن هذا الموضوع.
دار الإفتاء المصرية - شد الرحال لزيارة الأولياء، وحكم النذروإقامة الموالد
- وأخيرا أورد حديثا مختصر للدكتور احمد عمر هاشم، وهو أحد أعمدة الفكروالمنهج الصوفي فى المؤسسة الأزهرية‏,‏ وعضوا فى المجلس الصوفي الأعلي وممثلا للأزهرالشريف بالمشيخة العامة للطرق الصوفية المصرية‏, وقد صرح به عندما تعرضت بعض الأضرحة فى مصرللحرق من قبل بعض المتطرفين، ونقتطع منه مايهم موضوعنا وقد قال فيه مايلي(أن زيارة الأضرحة ومقامات آل البيت والأولياء- نداء قرآني واستجابة لأوامر نبوية- وأضاف..أن قوما يذكرون الله في مساجدهم ويقتدون بالرسول ويحبونه ويحبون آل بيته والرسول وصانا بذلك: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعم وأحبوني لحب الله واحبوا آل بيتي لحبي- يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله.. يكفيكمو من عظيم فخرأنكم من لم يصل عليكم فلا صلاة له- شرع الله لنا في كل صلاة نقول اللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد فلماذا تعادون أولياء الله وآل بيت رسول الله, وبعض الذين يحبونهم ويجلونهم..؟
إذا كنتم تريدون ان تحرموا زيارتهم حرموا زيارة كل القبورإذن, والرسول صلي الله عليه وسلم، يقول كنت قد نهيتكم عن زيارة القبورألا فزوروها واذا كانت الزيارة جائزة أليس من الأولي أن تجوز لآل البيت الذي وصي القرآن والرسول بهم..؟
احمد علي الشمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.