ذكرت صحيفة "ذي اوبزرفر" البريطانية اليوم؛ ان من المتوقع ان تتحدى ليبيا الأممالمتحدة بعقد محاكمة على اراضيها لسيف الإسللام القذافي، ابن دكتاتور ليبيا المخلوع، وأن لا تسلمه للمحكمة الجنائة الدولية، وفقا لوثائق جديدة نشرت مؤخرا. جاء ذلك في نطاق تقرير اعده مراسلها كريس ستيفن في طرابلس نقلا عن محامي المحكمة الدولية في لاهاي. وفيما يلي ترجمة لما جاء في هذا المقال: تتهم تقارير اعدها محامو المحكمة الجنائية الدولية ليبيا بإعداد برنامج لعرقلة الجهود الرامية لجلب سيف إلى العدالة في لاهاي. وليبيا ملزمة، بموجب قوانين الاممالمتحدة، بتسليم سيف- الذي تم إعداده ليخلف والده معمر القذافي- للمحكمة الجنائية الدولية، التي وجهت اتهامات له بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وعلى اي حال، فالحكومة الليبية مصممة على محاكمته في اراضيها، ومن المتوقع أن تنقل سيف إلى سجن بالغ التحصين في طرابلس هذا الاسبوع. سيف، 39 عاما، اتهمته الجنائية الدولية بالمساعدة في تنظيم حملة النظام السابق الدموية، التي شملت التعذيب والقتل والاغتصاب وقصف الثوار الليبيين. وقد أسرته وحدات ميليشيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أثناء محاوته الهروب عبر الصحراء. وما يزال محتجزا في بلدة الزنتان الجبلية. ولكن بدلا من تسليم سيف للجنائية الدولية، وفقا لما يطلبه مجلس الامن الدولي، تصر ليبيا على أن المحاكمة يجب ان تجري على اراضيها. وتظهر وثائق المحكمة أن محامي الدفاع يشتكون من أنهم واجهوا مقاومة وتشويشا من جانب السلطات الليبية. وكتب خافيير- جان كيتا، المستشار الرئيسي في مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية :"يبدو أن سلطات الإدعاء العام استغلت وضع التحقيقات المحلية من أجل تلبية الضغوط السياسية والاستراتيجية، التي تطالب بعدم نقل سيف إلى الجنائية الدولية". وسجل كيتا أنه خلال الزيارة الوحيدة التي سمحت بها الحكومة في طرابلس للقاء سيف الإسلام، اخبره المسؤولون أن المتهم لا يحتجز على خلفية جرائم دولية، ولكن "لفشله المزعوم في الحصول على ترخيص لجملين وتنظيف مزارع للأسماك". وعندما أصرت الجنائية الدولية على أن تتقدم ليبيا بطلب رسمي لعقد المحاكمة على أراضيها الوطنية وافقت طرابلس على بدء العملية يوم 30 نيسان (أبريل)، لكن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل اعلن بشكل منفرد ان المحاكمة ستبدأ يوم 13 نيسان (أبريل). وكتب كيتا في الوثائق التي ارسلها للمحكمة : "من الواضح أن الجنائية الدولية ليست في موقف يمكنها من إصدار قرار حول تحريك القضية إلى ما بعد محاكمة سيف، وصدور الحكم عليه وتنفيذه. ويمكن أن يكون تأجيل تسليم سيف بالتالي على حساب حياته". ورفض ليبيا التعاون مع الجنائية الدولية قد يثير تساؤلات حول التزام النظام الجديد بحكم القانون. وقد اتهمت منظمات حقوق الإنسان ليبيا برفض اتخاذ اجراءات ضد الميلشيات المتهمة بتعذيب المتهمين في مراكز الاحتجاز. وثارت مخاوف في بريطانيا وكندا واستراليا بسبب فشل السلطات الليبية في اعتقال رجال الميليشيا الذين تم تصويرهم وهم يلوثون قبور قتلى دول الكومنويلث في الحرب العالمية الثانية في مدينة بنغازي الشرقية الشهر الماضي. وتقول منظمات دولية غير حكومية إن قرار حكام ليبيا الجدد بتحدي الأممالمتحدة هو رهان خطير بالنسبة لحكومة ما تزال تعتمد إلى حد كبير على النوايا الدولية الحسنة. وقال ريتشارد ديكر، من منظمة "هيومان رايتس ووتش" في نويورك :"إطار العمل هنا أعده مجلس الأمن الدولي الذي تبناه بالإجماع. وستكون خسارة كبيرة لمصداقية الحكومة الليبية الجديدة إذا انتهكت قرار المجلس الأمن". وأدى رفض مماثل من جانب السودان لتسليم متهمين للممحكمة الجنائية الدولية إلى فرض عقوبات على الخرطوم. ولم تدشن ليبيا بعد نظاما فعالا للمحاكم، ولم تعلن عن التهم التي ستوجه لسيف القذافي. كما لم تمنحه الحق في التحدث مع محام، او تلقي زيارات من افراد عائلته أو حتى، كما تظهر وثائق المحكمة، إدخال طبيب أسنان لمعالجته من ألم أضراس مزمن. وحصلت صحيفة "أوبزرفر" الشهر الماضي على الحق الحصري في الدخول للسجن الفاخر، الذي بني داخل حدود سجن موجود حاليا، لاحتجاز سيف في إحدى ضواحي طرابلس. وتشمل المرافق ملعبا لكرة السلة وطباخا وعناية طبية على مدار الساعة. ومن المتوقع أن يحتجز سيف في هذا السجن خلال محاكمة وعدت الحكومة أنها ستنتهي قبل الانتخابات البرلمانية في حزيران (يونيو) المقبل. وقال مارك مارزينسكي من منظمة العفو الدولية : "النظام القضائي في ليبيا ما يزال مشلولا من الناحية الفعلية. وإذا قرأتم وثائق المحكمة الجنائية الدولية، فمن الواضح أن السلطات الليبية لم تقم باي عمل قضائي يتيح لها عقد هذه المحاكمة". وتقول ليبيا إن لها الحق في محاكمة مجرمي الحرب على أراضيها. وأصر وزير العدل الليبي، علي خليفة عاشور، علنا على أن الجنائية الدولية وافقت على ان تجري المحاكمة على الاراضي الليبية- وهو أمر تنفيه المحكمة. وبدا الأسبوع الماضي أن صبر لاهاي قد نفد عندما أبلغ القضاة ليبيا أنهم لن يقبلوا مزيدا من المُهل وأصدروا ما يعادل "تحذيرا نهائيا" لتسليم سيف القذافي. وتصميم ليبيا على إجراء المحاكمة فيه سببه جزئيا رغبة الليببين العاديين في رؤية الرجل، الذي تسبب لهم في ذلك القدر الكبير من المعاناة قبل الثورة العام الماضي وبعدها، يتم إخضاعه للمساءلة من جانب الذين قام بترويعهم. كما أن عددا من المسؤولين الذن لهم ارتباطات بالنظام السابق ربما لا يرتاحون إذا عرفوا أن سيف سبحصل على منبر للدفاع عن نفسه إذا أرسل إلى لاهاي. وليس فقط المسؤولين في ليبيا : فإذا تمكن سيف من الوصول إلى الجنائية الدولية فإن محققين آخرين سيصطفون لمقابلته. والمحققون البريطانيون والأميركيون يتلهفون على معرفة تفاصيل الصفقة التي أبرمها سيف، واسفرت عن إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي المدان بتفجير لوكربي عام 2009، وما اذا كان لهذه الصفقة علاقة بعقود نفطية لشركة "بي بي" البريطانية. كما سيسعى مسؤولون فرنسيون للتحقيق مع سيف حول اتهامات إعلامية بأنه رتب لتحويل اموال ليبية لصالح حملة انتخابات الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي عام 2007. سيف الرجل الماجن، الذي درس في بريطانيا، سيتمكن من عرض الجانب الذي يخصه من الفضيحة التي احاطت بكلية لندن للاقتصاد، عندما ظهر أنه تعهد للكلية بمليون ونصف المليون من الجنيهات الاسترلينية بعد أن منحته درجة دكتوراه مثيرة للجدل..