عشرات الشباب المصري قدموا عيونهم ثمناً للحرية خلال العام الماضي ، بل وكانوا على إستعداد لتقديم ارواحهم حتى تستكمل الثورة ، لذلك وجب علينا أن نقدم كل ما نستطيع من علم أو جهد أو مال لمساعدة هؤلاء الأبطال ليستكملوا حياتهم بشكل طبيعي .. وكان أول من بادر بذلك هو دكتور العيون إيهاب الريس الذى يحاول الآن هو ومجموعة من زملائه الأطباء مساعدة أكثر من 3800 شاب مصابون فى عيونهم منذ إندلاع ثورة 25 يناير ، رافعين شعار "عيون الثورة" الذى أصبح نشاطاً فعالاً وإيجابياً ، وعن هذه المبادرة يحدثنا الدكتور إيهاب فى حوار خاص لبوابة الشباب ، يقول : فى البداية لم يكن فى عقلى أنا وزملائى من الأطباء المتطوعين أن يتحول العمل الذى نقوم به لخدمة ومساعدة الثوار الذين اصيبوا فى اعينهم في اثناء إشتراكهم فى الثورة او فى الأحداث التى عقبتها إلى مبادرة أو حركة ، فالهدف كان محاولة علاج هؤلاء الشباب بقدر المستطاع، لكن هناك مؤتمر ينعقد كل عام عن العيون والشبكيات .. وقبل انعقاده العام الماضى حدثت الثورة فتأجل المؤتمر، ففكرنا ..لماذا لا يوظف هذا المؤتمر لخدمة مصابي العيون فى الثورة ؟! فقمنا بالإتصال بالاطباء المشاركين فيه ونسقنا معهم ، وبعد ذلك اعلنا عن زيارة عدد من خبراء جراحة العيون ومن يرغب من مصابي الثورة فى العلاج يأتى ، وكان عدد المصابين فى عيونهم نتيجة طلق نارى او خرطوش صادماً للأطباء الزائرين ، فمنذ إندلاع الثورة يوم 25 يناير وما عقبها من أحداث من جمعة الغضب الأولى وموقعة الجمل ومحمد محمود ومجلس الوزراء كانت الأعداد الرسمية التى دونت من خلال احصائيات المستشفى الميدانى وصلت الى 3800 حالة منهم 1700 مصابين في العينين، لم تكن الأعداد وحدها هى المفاجأة ، بل أعمار المصابين .. فجميعهم يتراوح عمرهم بين 20 و35 سنة ، وهذا كان يمثل عبئاً نفسياً كبيراً علينا ، فتخيل أنك تحاول أن تعالج وتنقذ شاباً فى مقتبل عمره كان يمكن أن يكون شعلة نشاط لكن أصابته حولته لشخص يريد احداً بجانبه ليساعده على حركته . ويضيف : أكثر المحافظات التى جاء منها مصابون يطلبون العلاج كانت محافظتى الاسكندرية والسويس ، وعن ماحققته المبادرة من نجاح هو قيام الأطباء الأجانب بالكشف على 40 حالة تم عمل 17 عملية منهم بنجاح ، وعن الحالات التى ليس هناك اى امل فى شفائها هم الشباب الذين اصيبوا فى بداية الثورة بطلق نارى ، فقد تعرضوا لتدمير الشبكية والقرنية وهؤلاء يتم الأن عمل تأهيل طبى ونفسى لهم حتى يستيطعون إستكمال حياتهم بهذا الوضع، فخبراء العيون الذين كشفوا عليهم قالوا لا يوجد شئ زيادة يمكن فعله معهم ، وكانت هذه شهادة للأطباء المصريين. ويتذكر إيهاب الريس اكثر الحالات التى تركت بصمة لديه ، يقول : هناك حالة شاب فقد عينه مع بداية إندلاع الثورة وتمت إجراء عملية له ، واثناء متابعتى له بعد العملية جائنى العيادة هو ووالديه وفوجئت به بعد كشفى عليه يقول لى انا نازل الميدان غدا ، فقلت له هذا مستحيل انت تحتاج لفترة نقاهة وراحة ، فرفض وقال لن اترك زملائى بالميدان بمفردهم ، فهناك من استشهد فداء للحرية والوطن وانا لم افقد غير عين واحده واستطيع ان اثور بالأخرى، الحالة الثانية كانت لفتاة تبلغ من العمر 4 سنوات اصيبت بطلق خرطوش فى عينها وهى تقف في شرفة منزلها بسبب مشاجرة بين البلطجية في وقت الإنفلات الأمنى وغياب الشرطة. ويؤكد الريس على أن مايقوم به هو وزملاؤه لا يقتصر على الثوار والمتظاهرين فقط انما يمكن ان يمتد للبلطجية ، ومبرره فى ذلك أنه طبيب ..فعندما يأتى إنسان له يحتاج المساعدة وحياة بين الحياة والموت فعليه أن ينقذه الأول ثم يتخذ الإجراءات المناسبة معه، يضرب مثل بحالة جاءت له في اثناء احداث محمد محمود مصابه بطلق خرطوش بالعين فتم عمل الإسعافات الأولية لها ومتابعة علاجها بعد ذلك ، هذا المصاب كان بلطجياً يرشق قوات الأمن بالحجارة والزجاج بإعترافه للأطباء ولكنه لا يملك غير أن يتعامل معه كمصاب يحتاج مساعدته . و بسؤال ايهاب الريس عما يتردد من التشكيك فى فقدان الدكتور أحمد حرارة لعينيه وأنه يدعى ذلك يقول : بصراحة أنا لم أقم بالكشف على زميلى الدكتور أحمد، ولكن صعب أن يدعى أحد على نفسه ذلك. وينهى الدكتور إيهاب حديثه معنا برسالة يوجها لكل من يملك المساعدة يقول.. اتمنى ان تستمر هذه المبادرة حتى نعالج الجميع ، ونحن كأطباء عيون وجراحة وتخدير وخلافة متبرعين بأجورنا ومجهودنا لعلاج مصابى الثورة .. حتى المستشفى متبرعة بأجرها ، ولكن لكى يستمر هذا الكيان يجب إنشاء صندوق له يوفر بعض متطلبات المصابين من علاج ووسائل تساعد المرضى وتؤهلهم ليمارسوا حياتهم ، ولابد أن تشاركنا وزارة الصحة بشكل رسمى .. فهم للحق تعاونوا معنا فى تنظيم المؤتمر الذى حضره الأطباء الأجانب وقاموا بإنهاء تراخيص العلاج لهم حتى يمارسوا عملهم بشكل سريع ، ولكن نريد أن تقوم الوزارة بدعوة هؤلاء الأطباء رسميا كل فترة ، وهذا سيوفر الكثير ، فليس جميع المصابين لديهم القدرة على السفر للعلاج فى الخارج.