" لا يوجد أصعب من التهميش وانتزاع الوطنية والاتهام بالخيانة ، وهو ما يصيبنا بالألم والمرارة ، نحن نعيش في وادي وأهل مصر في واد آخر وكأننا نعيش في جزيرة منفصلة ولا نرتبط بالولاء والانتماء إلي هذه البلد مثلهم تماما .. وربما أكثر " هذا ما قاله لنا خضير سالم شيخ قبيلة المزاينة أكبر قبائل جنوبسيناء .. وأخرج الشيخ خضير ما يحمله بصدره من مرارة عدم الاهتمام التي يعاني منها البدو لسنوات طويلة ، يقول : يريدون أن يسلبوننا إرادتنا وحقوقنا ، ومن أبسط حقوقنا في الحياة الصحة والتعليم ، فهناك تعمد لأن يكون البدو أقل تعليما بل أن كثيرا منهم لديهم أمية وهذا مخطط حتى لا يصلون إلي درجة من الوعي الذي يجعلهم حريصين علي المطالبة بحقوقهم. ويتدخل نور جمعة أحد شباب البدو الذي يبلغ 26 عاما في حديثنا قائلا : الشاب البدوي لا توجد لديه أي فرص مقارنة بشباب مصر والفرص الكثيرة التي أمامهم ، نحن مصريون في البطاقة الرسمية فقط ولكن الحكومة لا تعترف بنا جزء من هذا الوطن ويتم اتهامنا دائما بالخيانة رغم أنه لا يوجد بدوي واحد تزوج من إسرائيلية ولا يوجد بيننا من سافر للعمل في إسرائيل .. فهم كانوا ومازالوا أعداء لنا لأنهم احتلوا أرضنا ونحن أكثر من تضرر منهم لسنوات, ونحن أول من سيدافع عن سيناء في حالة أي اعتداء عليها ونرفض أن نتصف بيهود سيناء , والغريب أنه حتى وسائل الإعلام التي تصل إلي كل مكان لا تريد أن تأتي إلينا أو تتناول مشاكلنا أو حتى استضافتنا في أحد البرامج لنقول رأينا كمواطنين مصريين ننتمي إلي هذا البلد ، ويبدو أن الانتماء بالنسبة لهم يختلف عن مفهومنا له ، فنحن بالنسبة لهم مجرد " حبر علي ورق " رغم أننا ننتمي لمصر قلبا وقالبا . وعن فرص العمل المتاحة لشباب البدو أكد نور : ليس أمام الكثير منا أي فرص ، حتى شركات البترول أو السياحة تأتي لتقام علي أرض سيناء بدون أن يكون لنا نصيب من العمل بها, فلابد أن تقوم الحكومة بتعديل القوانين علي أن يكون لأولاد البلد نسبه من العمالة بالشركات الموجودة بسيناء, لأن بعضنا لا يعمل إلا في التخديم علي العمليات السياحية أو الأمن لبعض القرى ولكنها كلها مهن مهمشة ولا توجد كيانات حقيقية للعمل بها لدرجة أنه أي شاب منا حتى يمكنه إقامة أي مشروع خاص به لابد من وجود ضمانات ويواجه بسيل من المعوقات التي تحول بينه وبينه تنفيذ مشروعه . وعن حالة الخدمات الصحية في سيناء يقول صالح صباح : لا توجد لدينا أي مستشفيات متخصصة ولكن المستشفي الموجودة عبارة عن هيكل فقط ومبني فارغ من مضمونه حيث أن المستشفي من المفترض أن يتوافر بها عدد من التخصصات إلا أن هذا لم يتحقق سوي في مستشفي واحد فقط وهو مستشفي شرم الشيخ ومن يمرض هنا لا سبيل له إلا أن ينزل إلي الوادي – ويقصد بها القاهرة – للعلاج أو الوفاة , حتى أن أبسط التخصصات مثل الرمد لا توجد هنا ويوجد دكتور للجراحة العامة وآخر للباطنة فقط, وطبعا حال الدكاترة من حال المعلمين ورغم حصولهم علي بدل للسفر لبعد المكان إلا أن كثير منهم غير ملتزم بالتواجد لبعد المسافة ولا يوجد مدارس كافية ويتم تعلم الأولاد علي حسابنا الخاص في دروس فقط لكي يتعلم القراءة والكتابة ، فالتعليم هنا بالمجهودات الذاتية, لدرجة انه لا يوجد من بين البدو من هو دكتور أو مهندس أو قيادي أو له أنشطة سياسية. ويضيف الشيخ محمد إسماعيل أنه حتى في الانتخابات الأخيرة اعتقدنا أن البلد سوف تشهد نهضة وأنه سيكون لنا وضع وصوت مسموع وأن يكون لنا ممثلون في المجلس ، ولكن الانتخابات جاءت مخيبة للآمال ، فكيف وأن جنوبسيناء كلها بدو وليس من بينهم من ينتمي إلي حزب الحرية والعدالة .. لكن مرشح هذا الحزب فاز بحصوله علي 14 ألف صوت ! ولكن مازالت هناك أمور تسير وفقا للنظام القديم علما بأن البدو ليس لهم مطالب علي الإطلاق . وعن مشاركتهم في 25 يناير القادم أكد إسماعيل الأحمدي أن البدو منذ قيام ثورة يناير لم يقوموا بأي وقفات أو اعتصامات أو مطالب رغم أن الحياة هنا سيئة ومتدنية إلي حد كبير خاصة بعد تراجع السياحة والتي يعتمدون عليها مصدر رزق ، وأكد " العديد من الشباب يلجأون الآن إلي البر للصيد و"لو وجد قوت يومه يبقي ملك", ولكننا لن نشارك في احتفالات 25 يناير لأي سبب لأننا لن نستفيد شيئا ولكننا إذا أردنا شيئا سنقوم نحن بورة البدو وستكون ثورة خاصة بنا وعلي أرضنا هنا في سيناء ولن نذهب إلي ميدان التحرير " .