بذور الشك بين الزوجين تظهر عندما يطلب أحدهما "كلمة السر" لحسابات الآخر علي الفيسبوك رشا بدأت تشك في خطيبها عندما كان يظهر "أونلاين" ولا يرد عليها.. ونسرين تعترف: أفتش موبايل زوجي! سامر يقول إن غيرة زوجته دمرت حياته.. ومحمد يرفض "الخصوصية" بين الزوجين د. رباب البصراتى: الزواج شراكة وليس عقد ملكية.. ومن حق كل طرف مساحة من الخصوصية "أكاد أشك في نفسي لأني أكاد أشك فيك وأنت منى، يقول الناس إنك خنت عهدي، ولم تحفظ هواي ولم تصني"، بهذه الكلمات البسيطة التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم عام 1962, وصفت فيها واحدة من أهم وأكبر المشاكل التي تعترض الحياة الزوجية ألا وهى مشكلة "الشك, الغيرة، وعدم الثقة في الطرف الآخر" وهى للأسف تهم متبادلة بين كثير من الأزواج في الفترة الأخيرة خاصة مع زيادة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي, فبالرغم من المزايا المتعددة التى أضافتها التكنولوجيا لحياتنا والتسهيلات الكبيرة فى مختلف المجالات, إلا أنها أثرت بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية وتسببت فى فتور العلاقات العاطفية, فأصبح لكل منا عالمه الخاص، فيحاول أحدهما اختراق عالم شريكه عن طريق معرفة الباسوورد ومتابعة كل ما يخص حياته وحياة عائلته وأصدقائه، فقد أصبحت خصوصية «الباسوورد» سواء كان لموبايل أو إيميل أو أحد مواقع التواصل الاجتماعي, إحدى المشاكل الكبرى المهددة للحب والزواج، فهل يحق للزوج اختراق عالم زوجته الإلكتروني أم هو حق للزوجة أم أن هذا أمر مرفوض أصلا؟ هذا ما سنتابعه في هذا التحقيق التالي ونحاول البحث عن حلول قبل أن تتفاقم الأزمة لتصل إلى طريق مسدود. رأى الفتيات في البداية تقول رشا -26 عاما: خطيبي كان محترماً جدا في بداية فترة تعارفنا ويهتم بي كثيرا، ونظرا لظروف عمله خارج البلاد، كان حريصاً علي معرفة تفاصيل حياتي كلها، وكنت سعيدة بذلك جدا، واستمر هذا الوضع عدة شهور، وبعد فترة بدأت أشعر بتغيير كبير، فبدأ يهملني ولا يجيب على اتصالي أو رسائلي، ويعتذر ويقول إنه مشغول في اجتماعات طول اليوم، حتى بعد انتهاء فترة عمله كنت أراه دائما "أونلاين" ولا يجيب علي أيضا، فبدأ الشك يدخل قلبي، وعن طريق أحد برامج التجسس استطعت أن أحصل علي الباسوورد الخاص به، وبدأت أتابعه ففوجئت بأنه متعدد العلاقات النسائية، وكانت صدمتي كبيرة حينها، وعندما واجهته، أكد انهم جميعا أصدقاء، وبينهم شغل مهم، فلم أستطع تقبل هذا الوضع وقمت بإنهاء العلاقة فورا. ووافقتها في الرأي نسرين -31 عاما- وقالتك أقوم بتفتيش موبايل زوجى على فترات بعيدة، ليس شكاً فيه ولكن من باب الخوف عليه وعلى أسرتنا، ففي هذه الأيام لا شيء مضمون, وخاصة أنني لاحظت منذ فترة اهتمام إحدى صديقاته بالعمل به، وكثرة تعليقاتها علي صوره الشخصية علي الفيسبوك، وسؤالها الدائم عليه في أيام الإجازات، ووجود رسائل بينهما تتعدى حدود الزمالة، وبالفعل أخذت رقمها واتصلت بها وسألتها ما الذي تريده من زوجي؟ وحذرتها اذا فكرت في الاقتراب منه مرة ثانية, وبالفعل انسحبت من حياته، وطلبت نقلها لفروع آخر من فروع الشركة، فلهذا أنا مضطرة إلي متابعته من فترة لأخرى، قبل حدوث كارثة تهدد حياة أسرتي من جديد. رأى الرجال أما من وجهة نظر الرجال فأكد سامر -30 عاما- قائلا: الشك دمر لى حياتي وأسرتي وحرمني من ابنى الوحيد, كل هذا بسبب غيرة زوجتي المرضية التي حولت حياتى لجحيم دائم خلال مدة زواجنا التي استمرت عامين فقط، فكانت تلاحقني وتتابعني دائما بأسئلتها الكثيرة كلمت مين وقابلت مين وسلمت علي مين؟ ومطلوب منى الإجابة عنها وحتى تطمئن كانت تعرف الباسوورد الخاص بى وكانت تقوم بالتفتيش به طول الوقت سواء في المكالمات أو الرسائل علي "الفيسبوك والواتس آب "، وكانت تغير علي حتى من والدتي واخوتي ودائما تشعر أنى احبهم أكثر منها، وحاولت كثيرا أن أوضح لها أن الرجل إذا أراد خيانة زوجته لن يعوقه شيء، وسيجد أكثر من طريقة للتحايل عليها، فقد ينشئ بريدا آخر مخصصاً للنساء أو يشتري خط موبايل جديدا ويتركه في سيارته قبل عودته إلى المنزل، ولكن كل هذا دون جدوى ووصلنا لطريق مسدود وتم الانفصال. ولكن محمد -32 عاما- فله رأى آخر وأكد بقوله: لا يوجد بين الزوج وزوجته أي خصوصية, فبالإمكان أن يرى كل طرف محتويات جوال الآخر, بل إنه حتى رمز القفل لا يكون عائقاً أمامهما, مضيفاً أنه يخبر زوجته بكل شيء وليس بينهما أسرار, مشيراً إلى أن الحياة شراكة والثقة موجودة ومتبادلة بينهما. رأى علم الاجتماع وفى البداية تقول الدكتورة رباب البصراتى أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية: لقد ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تفشي كثير من المظاهر السلوكية المستحدثة والتي أسهمت في خلق العديد من السلبيات التي تهدد كيان الأسرة في مصر، ومن أحدث هذه الظواهر ظاهرة تجسس الأزواج علي بعضهم عن طريق معرفة الباسوورد الخاص بالطرف الآخر ومحاولة التطفل علي عالمه الخاص، فليس من حق أحد الزوجين التلصص على الآخر, فلعلاقة الزوجية لها أصول وقواعد يجب أن ينميها الأهل في أولادهم منذ الصغر, على رأسها احترام خصوصية الآخر, فمن المرفوض أن يشعر أحد الزوجين أنه تحت المراقبة طوال الوقت, فمن حق الزوجة أن تتحدث مع صديقاتها بحرية دون أن يخترق الزوج خصوصيتها, وكذلك الحق نفسه للرجل, وعلى الزوجين أن يعلما أن الزواج عقد شراكة وليس عقد ملكية, ومن حق كل واحد أن يكون له مساحة من الخصوصية بحياته. وأكدت أن من اهم أسباب "التجسس بين الطرفين" عدم وجود استقرار نفسي نتيجة تعرض الشخص لنوع من أنواع الكبت أو فقدان الثقة بالنفس والإحساس بفقدان القدرة علي الحفاظ علي شريك الحياة مما يدفعه الي تتبع كل صغيرة وكبيرة في حياة الطرف الآخر، وهو داء غير مشروع وغير أخلاقي وغير محمود العواقب لما قد يؤدي اليه من مشكلات قد تصل الي حد الانفصال. وتوصي د.رباب أنه يجب على الزوجين محاولة الإنصات الجيد لبعضهما البعض، ونشر ثقافة الحوار بينهما، و أن الثقة المتبادلة بين الزوجين تجعل كلاً منهما لا يشك بالآخر لحظة, لأنه يعلم أنه أحسن الاختيار على أساس الدين والأخلاق, وبالتالي سيحترم كل منهما خصوصية الآخر, ولن يسعى إلى معرفة كلمة السر أو «الباسوورد» الخاص به, لأنه يعلم أن شريك حياته يخشى الله ويخاف أن يعصيه بأي إساءة, كما شددت علي أهمية الثقة والشفافية بينهما في كافة أمور الحياة حتي لا تتحول الحياة الزوجية إلي ساحة قتال مما يؤثر بالسلب علي الزوجين وخاصة الزوجة لان ذلك الفعل قد يشغلها عن رسالتها الأساسية تجاه رعايتها لأبنائها ولشئون أسرتها. علم النفس أما الدكتور محمد أنور حجاب أستاذ علم نفس بجامعة عين شمس فيقول : إن الزواج هو رباط مقدس مبنى على الثقة والمودة والرحمة بين الطرفين, وعندما يدخل الشك والغيرة المرضية في الحياة الزوجية, تؤدي إلى هاجس التنصت والتجسس بوسائل تقليدية أو حديثة فتكون بداية النهاية، وهناك فرق كبير بين الغيرة والشك، فالغيرة هي فطرة من الله موجودة عند كل البشر مع تفاوت النسب، فهناك غيرة محمودة تكون علي " الأم والأخت والأبناء والزوجة " وهى صفة من الصفات الهامة التي تبحث عنها الزوجة في شريك حياتها، حيث تشعرها باهتمامه بها وخوفه عليها، لكن هناك غيرة مرضية تتحول الي نوع من أنواع الوسواس القهري, وهو مرض يحتاج لمراجعة الأطباء، لان المريض يبقى في دائرة التوتر والقلق وعدم الارتياح ويصيبه الأرق بسبب الأفكار التي تلازمه ولا يستطيع الفكاك منها حتى لو كان مقتنعا بعدم صدقها. ولقد سبب التعلق والبقاء لساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي في ارتفاع الهواجس والظنون السيئة والغيرة الشديدة والشك داخل الأسرة, فأصبح الأزواج ينقبون ويبحثون في كل (حوار أو تعليق أو لايك) يثير الريبة والشك في قلوبهم فتثار المشاكل بينهما مما يؤدى الي تدهور العلاقة الزوجية وانقطاع التواصل والتفكك الأسري. وأوصى د .حجاب بأن العلاقة التي تقوم على الصدق والصراحة التامة بين الطرفين هي بكل تأكيد علاقة قوية لا يمكن أن تهزها رياح المشكلات, فإذا تحلى الزوجان بالشجاعة على اتخاذ الصدق والاحترام أساس لعلاقتهما كان ذلك مؤشراً على مدى إيمانهما والتمسك بحبال الوفاء وعدم السماح لبراثن الخيانة بأن تطال هذا الرابط المقدس مدى الحياة. كما يجب تعزيز الثقة بين الزوجين وعدم الاندفاع إلى الظن السيئ وتتبع خفايا الأمور، لان أساليب التجسس منهي عنها في كافة الديانات لأنها تعد سلوكا غير أخلاقي وتفتح أبواب الشك، وأكد أن نهج الدين الإسلامي الحنيف يطالبنا بالبعد عن مواطن الشبهات, ولقد قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنّ إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا".