أنا شابة في الثلاثين من عمري. حاصلة علي بكالوريوس هندسة. نشأت في اسرة ثرية. فوالدي رجل أعمال عربي يعيش في مصر منذ أكثر من 45 عاماً. وأمي مصرية ربة منزل تفرغت لتربيتي واشقائي. وولدت وعشت في احضان اسرتي مستقرة وسعيدة واحسن والديّ تربيتي و كنت علي قدر كبير من الجمال يجذب الكثيرين إلي ّ لكن مضي بي قطار العمر ووجدت نفسي في نهاية العشرينات ولم اتزوج بعد رغم كثرة من يتقدمون لي. ولا أريد أن أطيل عليك في مقدمات وسوف أدخل في المشكلة باختصار والتي تتلخص في أنني قبلت الارتباط برجل أعمال يفترض أنه من عائلة كبيرة ومحترمة وله أسم كبير في تجارته التي ورثها عن والده. وبعد فترة تعارف دامت لعدة شهور قبل الخطوبة وافقت واسرتي عليه وكانت الحياة بيننا وردية وهادئة خاصة انني عرفته لفترة طويلة قبل الخطوبة. ولن أخفي عليك سراً أنه وقع اختياري عليه وتمسكت به رغم معارضة الجميع. في البداية عليه سواء من قبل أهلي أو أصدقائي. فجمالي اللافت ولكوني من عائلة محترمة وثرية جعلني محط أنظار الخاطبين. لكني فضلت هذا الشاب لأنه من أحد أصحاب الاعمال وكما يقال عنه ¢ابن سوق¢ وله خبرة في الحياة. كما قبلت التعرف عليه بعد إلحاحه و متابعته لي بنظراته المعجبة طوال عام كامل في أحد الأماكن العامة التي كنت اتردد عليها لاذاكر فيها أنا وصديقتي. وسرعان ما طلب مني التقدم لخطبتي. وبالفعل وخلال الشهور الأولي من الخطوبة كنت أسعد دائماً بحرصه علي معرفة أدق تفاصيل حياتي ظنا مني أنه من فرط حبه لي يغار عليّ. وتعاملت معه بحسن نية وكنت أطيعه وزنفذ كل كلامه لأنني وجدت في حبه لي الحياة الجميلة الوردية التي كنت أرسمها في خيالي إلي أن أهداني خطيبي في عيد ميلادي أحدث موبايل ولَم أعلم انه الفخ الّذي نصبه لي للتجسس عليّ وعلي أسراري وعلي كل تفاصيل حياتي وحتي المكالمات التليفونية التي استقبلها وأجريها. أوالدردشة مع صديقاتي علي الفيسبوك والواتس آب. وشيئا فشيئا بدأت هناك عدة أشارات تتبين لي وكان يجب أن اتنبه لها سواء لسوء خلقه وتعاليه في معاملته لي. أو التقليل من شأني وبخله في الشبكة ومتطلبات الزواج رغم شدة ثرائه. لكني فضلت المضي قدما في الخطبة لانه الوحيد الذي أسر قلبي الذي ظل حصنا منيعا لسنوات. لكن المفارقة ان فضوله وشكه المرضي هو ما كتب فصل النهاية دون ان افعل شيئا. فقد اصر علي حفر قبر علاقتنا بيديه بتتبع محادثاتي ببرنامج تجسس ثبته علي الموبايل الذي أهداه لي. وكشف جميع محادثاتي التي كنت احكي فيها خلافاتنا وايضاً نصائح أصدقائي لي بالانفصال عنه. وبعد توسلات مني. تم الصلح بيننا لكنه واصل افتعال الخلافات والمشاكل وفرض عليّ قطع علاقتي بأصدقائي وأقاربي الذين نصحوني بتركه في محادثاتنا. وأصبح يشك في قيامي بالتواصل معهم مجددا. الي ان اكتشفت انه يُزعم التدين وحسن الخلق. لكنه يعيش حياة ¢سي السيد¢ بكل تناقضاتها بينما يحسّن اخفاءها وفي المقابل يعد علي الانفاس. وبعد تأكد شكوكي حول عودة علاقاته القديمة. واجهته فأصر علي الإنكار وانه ليس من حقي محاسبته. ولَم احتمل وجهه القبيح الذي عاود الظهور بوقاحة هذه المرة فلم يكلف نفسه حتي عناء الكذب او الإنكار لاتهاماتي وتساؤلاتي. قلبت الطاولة وأصررت أنا وأهلي علي الفراق رغم صعوبته الشديدة علي نفسي. والآن أعيش في حالة من الصدمة والإنكار. كما أن كرامتي لا تسمح لي مطلقا بالاستمرار مع شخص مهووس بالتجسس والشك في الآخرين. بينما يحلل لنفسه فعل ما يحلو له. ولو عاد وقدم لي مثل الارض ذهبا لما قبلت العودة إليه بعد شعوري مجددا بالحرية وان دبلته لم تكن الا أصفاد سجين. ** عزيزتي صاحبة هذه الرسالة فعلاً ومن الشك ما قتل.. فما فعله خطيبك السابق معك في هديته المسمومة والتجسس علي تليفونك الشخصي تصرف غير سليم وغير مقبول بأي حال من الأحوال حتي ولو كان هذا بدافع الحب والغيرة . فهذه الطريقة ليست المثلي للتعامل مع الشك في الزوجة المستقبلية أو شريكة الحياة . فكان الانسب قبل الوقوع في كل هذه الاخطاء الجسيمة هو قطع العلاقة مبكراً طالما هناك ريبة وشك من البداية لان أي حياة زوجية تبني المودة والرحمة والثقة والاحترام المتبادل بين الطرفين. فليس من حق طرف فيها مصادرة حق الآخر في الخصوصية.پ ولذلك يا أختي الكريمة كنت اتمني لوسمعت المشكلة من الطرفين و تحاورت مع هذا الشاب لكي أعرف ماهي الافعال أو التصرفات التي قمتي بها وتسببت في أن يشك فيك كل هذا الشك . فهناك نماذج عديدة من حولنا لشباب وأزواج كانوا أسوياء وتسببت تصرفات زوجاتهم في أن يصابوا بأمراض نفسية ومنها الشك المرضي الذي يستحيل معه الاستمرار في هذا الارتباط.پ وعلي أي حال اذا كنت قد فعلت بعض التصرفات التي أدت الي كل هذه الريبة فيجب ان تغيري من نفسك وتكوني نموذجاً للفتاة الصريحة والواضحة مع من ستختارينه شريكاً لحياتك وألا يكون لديك اسرار تخجلين منها وتصل بحبيبك او زوجك المستقبلي ان يشك فيك كل هذا الشك وابسط ما سيفعله هو الطلاق وكثيراً ما ينتهي الشك به إلي القتل لا قدر الله كما نري يومياً علي صفحات الحوادث.پ وله أقول تصرفك هذا غير سليم أخاف حبيبتك منك ولو كانت زوجتك فأكيد بهذه الفعلة سوف تحكم علي حياتكما بالفشل . لأن من ضمن قواعد الحياة الزوجية ان لا يتجسس الزوج علي زوجته فممكن ان تضع لها قواعد تسير عليها أو مراقبة تصرفاتها لكن لا تصل الي هذا الحد من التجسس. وهنا اذكرك بالآية الكريمة ¢ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولاتجسسواولايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ¢ صدق الله العظيم فكان أكرم لك أن تفسخ الخطوبة وتتركا لبعضكما البعض ذكريات جميلة أفضل من هذه النهاية المأساوية وتبدو انسانا مريضا نفسيا أمام خطيبتك واسرتها. واذا كان الشك الذي بداخلك فاق كل الحدود الطبيعية فعليك ان تعرض نفسك علي طبيب نفسي حفاظاً علي حياتك لانه لا أحد لديه القدرة ان يعيش مع انسان لديه كل هذه الشكوك والظنون وفي النهاية ستجد نفسك وحيداً. وهنا لابد وأن نستعين بأراء الدكتور محمد الجندي رئيس منظمة أمن المعلومات وجرائم الإنترنت والذي استطرد في شرحها في العديد من البرامج والمقابلات حيث اوضح أن التكنولوجيا يمكن ان تسبب كوارث اذا أسئ استخدامها خاصة علي المستوي الاجتماعي وانتهاك الخصوصية. منوهاً إلي ان التجسس علي الموبايلات لم يعد قاصراً علي أجهزة الأمن والحكومات بل أصبح متاحاً لأي شخص من خلال برامج يمكن تحميلها عبر الانترنت أو شرائها بأسعار بسيطة وتتيح للشخص أن يتجسس علي أي نوع من أنواع التليفونات وهذه البرامج منتشرة بكثرة بين من يراقب ابنائه أو الذي يراقب زوجته أومن تراقب زوجها حتي من يراقب الموظفين العاملين لديه. ونوه الدكتور محمد الجندي ايضاً أن أغلب برامج التجسس تتطلب الوصول إلي التليفون المحمول لتركيب برنامج التجسس وتحميله عليه يدوياً. الأمر الذي يتطلب منا ألا نترك هواتفنا تغيب عن أعيننا للحظة. وعدم قبول تليفون هدية من شخص غير موثوق فيه لأنه ببساطة قد يكون قد وضع عليه برنامج تجسس ومن خلاله يمكنه الوصول إلي الرسائل والمكالمات والشات علي الفيس والواتس والفايبر. ولفت إلي أنه للاسف الناس لا تشعر بالمشكلة إلا مع وقوع الكارثة ولان الوقاية دائما خير من العلاج لابد وان نتنبه إلي ضرورة حماية اسرارنا الخاصة وان يخصص لهواتفنا المحمولة كلامات سر قوية بها حروف وارقام ورموز يصعب الوصول إليها. كما حذر من قبول بعض البرامج أو التطبيقات علي الفيسبوك غير معروف مصدرها أو كتابة بيانات الحسابات لأي سبب مقنع. وأشار إلي أن المحاكم ممتلئة بالقضايا لاصحاب محلات المحمول وصيانة الاجهزة استطاعوا استرجاع صور الشخص الذي قاموا بشراء تليفونه القديم وهناك من ابتز الفتيات والنساء ونشر صورهن علي الانترنت والفيس. مؤكداً أنه من السهل التعرف علي ان تليفوناتنا بها برامج تجسس وذلك اذا وجدنا التليفون يقوم بعمل إعادة تشغيل فجأة أو البطارية تنفد بشكل مفاجئ أو تلقي رسائل غريبة من أرقام مجهولة أو انتهاء باقة النت فجأة دون استخدامها بشكل كامل. وعلي الجانب الأخر تري الدكتورة حنان أبو الخير. استشاري العلاقات الزوجية. أن مثل هذه الشخصيات الشكاكة يصعب معها الحياة أو الاستمرار في علاقة. فهناك فرق بين الغيرة الطبيعية السوية والغيرة المرضية فالأولي من حق الرجل ان يغير علي حبيبته او خطيبته او زوجته من فرط حبه وحفاظه عليها وهي غيرة محمودة. و حق مشروع وواجب. وهي طبيعة متأصلة في النفس البشرية. أما الثانية التي تصل لحد الشكوك والتجسس فغالباً صاحبها مصاب بالشك المرضي ويحتاج إلي علاج نفسي ودوائي للسيطرة علي مثل هذه التصرفات غير السوية. وتضيف أن هذا الشخص غالباً قد تعرض لعقدة نفسية منذ الصغر أدت إلي اصابته بالشك المرضي. وللاسف اذا ما وقعت الفأس في الرأس وكانت هذه الفتاة قد تزوجت منه فسوف تتحول حياتهما الزوجية إلي جحيم لا يحتمل لانها لن تستطيع بأي حال من الأحوال التعامل معه. ومن هنا تأتي أهمية فترة الخطوبة في أكتشاف عيوب وطباع وسلوكيات كل طرف للأخر وليس لكي نذهب للسينما أو للسير علي الكورنيش في حين أن هذه الفترة التي تسبق الزواج خصصت لكي نتأكد أن هناك قبولاً وتوافقاً وتكاملاً مع الطرف الآخر من عدمه. وتؤكد الدكتورة حنان أن علي كل فتاة مقبلة علي الزواج وليس لديها التجارب الكافية أن تعلم أن هناك عيوباً في شخصية الخطيب أو الخطيبة لا يمكن التغاضي عنها. ويجب أن تتنبه الفتيات ويحكمن عقولهن مبكراً للتفرقة بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية لأن للاسف معظمهن ينجرفن وراء مشاعرهن ويعتقدن أن هذا الحصار النفسي من قبل الخطيب هو من فرط حبه وغيرته عليها فتشعر بالسعادة أنه يمنعها من الخروج أو يمنعها من مصادقة اصدقاء لها بعينهم وقد لا تتنبه من خطورة هذه السلوكيات المرضية إلا بعد الزواج. وتطالب خبيرة العلاقات الزوجية كل فتاة بالتقرب من أهلها واشراك الأم في حياتها الجديدة إعمالا بالمثل القائل ¢ ان كبر ابنك خاويه ¢ وذلك نظراً لأن والدتها أكثر منها خبرة وتري بعين العقل لا العاطفة المسيطرة علي الابنة وقد لا تري نتيجة حبها لخطيبها بعض العيوب التي قد تكون واضحة لدي من هم اكثر منها دراية وتطلعاً لتجارب فعلية في هذه الحياة. وغالباً ما تفشل الخطبة أو الزيجة المبنية علي الشك لأنه في علاج مثل هذه الحالات يوجد ما يعرف بالمساحة المقدسة من الحرية بين الازواج والزوجات ليمنح كل طرف للاخر مساحة يستطيع خلالها الحركة بحرية ومن هنا تنصح كلا الطرفين في حسن اختيار شريك الحياة.