لا يخلو أى بيت من الخلافات الزوجية التى قد تصل إلى ذروتها فيتخذ الزوجان قرار الانفصال فترتفع معدلات الطلاق بصورة كبيرة وخصوصًا بين المتزوجين حديثًا الذين تحطمحت أحلامهم ومشاعرهم الوليدة على صخرة الواقع بسبب عدم قدرة أحد الزوجين على مساندة واحتواء الطرف الآخر فى محنته، أو يذهب أحد الزوجين إلى أحد المراكز المتخصصة فى حل الخلافات الزوجية للتنفيس عما يعكر صفو حياته حتى يتم لم شمل الأسرة من جديد. تقول د.داليا الشيمى خبيرة المساندة النفسية والعلاقات الأسرية ومديرة أحد مراكز الاستشارات الزوجية، إن الرجل كائن ذو طابع خاص ولا تصح الحياة بدونه فهو سند المرأة فى الحياة، وإذا قام بمهامه الحقيقية نحوها فتحترمه وتقوم بدورها على أكمل وجه ليكونا معًا وجهى العملة التى بدون أحدهما لا تستقيم الحياة، ولكن قد تعترى حياتهما الزوجية الكثير من المنغصات إما بسبب تدخلات الأهل أو الغيرة والشك الزائد عن اللزوم فتنفجر الشحنات المكبوتة داخل المرأة على هيئة صراخ دائم فى وجه الأبناء أو تبكى دائما على حظها السيئ لينعتها زوجها بأنها أصبحت زوجة نكدية أو ينتهى بهم المطاف على أعتاب محاكم الأسرة التى تعج بالكثير من المشاكل والخلافات التى حصر لها، وفى هذا الصدد، تحاول مراكز حل الخلافات الزوجية تقريب وجهات النظر بين الزوجين وحل مشكلاتهم قبل أن يتصدع أركان المنزل ويصبح آيلا للسقوط بسبب العند والمكابرة من أحد الطرفين. وتشير الشيمى إلى أن النساء من مختلف الأعمار من أكثر المترددات على المركز لحكى مشكلاتهن الأسرية فى تربية أبنائهن أو مشكلاتهن الزوجة، وتوجد العديد من المشكلات التى تعانى منها النساء مثل: «التوقعات المسبقة عن الزواج»، «الغيرة والشك»، «مشكلات النساء فى العلاقة الحميمية»، «تدخل الأهل فى الحياة الزوجية»، «كيفية اختيار الشخص المناسب للزواج»، «عدم إنفاق الزوج فى المنزل»، «اقتحام خصوصية الطرف الآخر». وتعد «التوقعات المسبقة عن الزواج ودور كل زوج فى مؤسسة الزواج» إحدى أهم المشكلات الزوجية لأنها تنجم عن تصورات الزوجين عن الحياة الزوجية ودور الشريك والتى قد تبتعد عن الحقيقة، لأن الشاب أو الفتاة يستقى معلوماته من حديث الأسرة أو الأصدقاء أو وسائل الإعلام وغيرها من المنافذ التى توضح للشباب طبيعة الحياة الزوجية، ومشكلة التوقعات تنجم لأنها تؤخذ من الكثيرين بطريقة جامدة وكأنها كتاب مرسل على الرغم من خصوصية العلاقة الإنسانية فهى تعد علاقة دينامية متفردة وتختلف حسب ظروف كل زوجين. أما الغيرة الزائدة على الحد للزوج، فتنبع لأن الزوج دائمًا ينتظر من زوجته أن تسيء له أو تخونه أو تخرج على الأخلاقيات فى حالة وجوده، وهو فى هذه الحالة يشك فى أخلاقها وأنها من ستدفع بالآخرين للخطأ معها، أو ليس لديه دليل على ذلك فقد تكون شخصية محترمة ولكنه يعتبر ذلك غطاء لشىء آخر، أو علاقته متوترة بها ومشغول دومًا بسلوكياتها. وفيما يتعلق بشكوى المرأة من زوجها وعدم إنفاقه على المنزل فهى ليست جديدة لدى العاملين فى مجال الإرشاد الأسرى والزواجي، لكنها عادة ما تنحصر فى مستويات اجتماعية معينة، كما أنها ترتبط لدى الكثيرين بشخصية الرجل الذى يقوم بها. وتضيف «الشيمي» أنه من آفات الحياة الزوجية أيضًا تدخل طرف ثالث فى إدارة العلاقة بين الزوجين، فالزوجان حين يتزوجان ينتقلان بجماعتهما المرجعية، فكل منهما يأخذ معه فى عقله وحكمه على الأمور ومعاييره مجتمعه وجماعته التى تعلم وعاش وسطها وهذا أمر طبيعي، ولكن غير الطبيعى هو أن يتصرف الطرف الدخيل لصالح أحد الطرفين فقط.. ومن أمثلة التصرفات غير المقبولة أيضًا هو «اقتحام خصوصيات الطرف الآخر» وذلك من باب الفضول والرغبة الملحة فى معرفة كل شىء عن الطرف الآخر فيلغى أحد الزوجين الحدود الشخصية للآخر، فمثلًا تصر الزوجة على معرفة أصدقاء زوجها ومجال عمله بدقة ورصيده فى البنك، وكم يعطى لأخيه مساعدة له فى دراسته ونفس الشىء بالنسبة للزوج. وتختم د.داليا حديثها بأهمية تدبر معنى الآية الكريمة «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» فالسكن هو كل ما استرحت إليه واستأنست به، والمودة تعنى المحبة، والرحمة تعنى الشفقة، أى جعل بينكم تراحمًا وتعاطفًا ينشأ بالزواج وينمو عندما يثمر ثمراته من بنين وبنات وما يستقر فى نفوس الآباء نحوهم من بر وعطف ورقة ورحمة حتى تشمل أقارب الأبناء من جهتى الزوجين، فتصبح عواطف الود والرحمة أساس التعامل فى المجتمع الأسرى والإنسانى وتستقيم الحياة، ومن لم يتدرب على هذا التعامل الإنسانى المتراحم فليس جديرًا بمكانته فى المجتمع لأن فاقد الشيء لا يعطيه. على جانب آخر، تقول د.ايمان عبدالله استشارية الصحة النفسية وخبيرة العلاقات الأسرية: إن من أكثر الحالات التى تسبب الخلافات الزوجية هى «الخيانة الإلكترونية» حيث تشتكى الزوجة من أن زوجها يخونها مع أخريات عن طريق إجراء حوارات قد تمتد لساعات بصفة يومية عبر الشات وقد تتطور العلاقة بين الزوج وعشيقته الافتراضية إلى ما لا تحمد عقباه، ويحدث الأمر نفسه بالنسبة لبعض الزوجات التى قد تجد الإنترنت متنفسًا لها ووسيلة للتسلية وذلك نتيجة غياب الزوج وانشغاله الدائم عنها حيث لا يقوم الزوج بتدليلها كما كان يفعل أيام الخطوبة، ومن هنا يجب أن تشغل السيدات أوقات فراغهن بتنشئة الأبناء وتعليمهم القيم والأخلاق الحميدة.