النجمة العالمية نجوى غراب: العمر مجرد رقم فى البطاقة الشخصية أنفق على السباحة وتكاليف المشاركة في البطولات من "معاشى" رفضت أن أحكم على نفسى بالموت بمجرد وصولى لسن الستين.. فعدت لمنافسات السباحة بعد غياب 42 عاماً أتدرب لمدة ساعة ونصف 5 مرات أسبوعيا لكى أنافس بطلات العالم أنا بطلة مصرية من الألف إلى الياء .. وعبد اللطيف أبو هيف هو مثلى الأعلى أثبتت أن الإرادة والطموح لا يرتبطان بسن، وطالما أن الإنسان على قيد الحياة فعليه أن يعيشها كما يجب، فالسن ليس إلا رقما فى البطاقة الشخصية، بينما العمر الحقيقى هو ما يعيشه الإنسان ويحقق فيه أهدافه وطموحاته بالشكل الذى يرضيه ..هى السبّاحة المصرية العالمية نجوى غراب التى أتمت 75 عاما، لكنك عندما تتحدث معها تشعر كأنك تجلس أمام شابة فى الثلاثينات من العمر، فهى بشوشة ونشيطة ومحبة للحياة، عشقت السباحة منذ طفولتها وحققت بطولات عالمية حتى سن 18 عاما، ثم توقفت بعد ذلك لتكمل دراستها بكلية الآداب قسم لغة فرنسية، ثم أصبحت مدرسة لغة فرنسية بإحدى المدارس الخاصة وخلال تلك الفترة كانت تمارس السباحة باستمرار كرياضة عادية تتقنها وفى نفس التوقيت كانت منشغلة بمسئوليات الزواج والبيت والأبناء، وبعد بلوغها سن المعاش قررت أن تبدأ حياتها الجديدة بشكل مختلف وعادت إلى هوايتها وعشقها الذى لم يمت طوال هذه السنوات ... فى حوارنا التالى تفاصيل أكثر عن تجربة السباحة العالمية نجوى غراب.. - بداية، ماذا كان دافعك وراء عودتك إلى السباحه مرة اخرى بعد بلوغك سن المعاش؟ أمارس رياضة السباحة منذ أن كان عمرى 4 سنوات وحصلت على بطولات عالمية فلم أتوقف عن ممارسة هوايتى ورياضتى المفضلة بانتظام، لكننى انقطعت فقط عن المشاركة فى المسابقات مثلى فى ذلك مثل غيري من السباحين، حيث نتوقف عن البطولات والمسابقات مع بلوغ سن 18، ثم انشغلت فى حياتى الخاصة من زواج وإنجاب ورعاية بناتى، ومع بلوغى سن المعاش علمت أن العالم يطبق ما يعرف بسباحة "الأساتذة" أو ال masters والتى وصلت إلى مصر تقريبا فى عام 2005، وقتها تحركت البطلة التى بداخلى وقررت أن أستفيد من الفكرة لأمثل بلدى فى البطولات العالمية. - كلامك وطموحك، يتنافى تماما مع حالة الإحباط والحزن التى عادة ما تصاحب أى شخص عند بلوغ سن المعاش، كيف تغلبت على تلك المشاعر ؟ أنا لدى يقين بأن الحياة تتوقف بأمر الله تعالى وحده والموت لا يفرق بين شاب أو مسن أو طفل، فلماذا أحكم على نفسى بالموت بمجرد وصولى لسن المعاش ؟! بالتأكيد أن الله وهبنا الحياة كى نعيشها ونشكره على هذه النعمة الجميلة وأن نستمتع بها وليس بالإكتئاب والحزن وانتظار الموت، وأعتقد أن كل من يمتلكون مشاعر سلبية مع بلوغ سن المعاش لم يضعوا لأنفسهم هدفا لهذه المرحلة من الحياة وبالتالى يفتقدون الإرادة أيضا وعليهم ألا يضيعوا أعمارهم بلا هدف. - بصراحة، هل استعادة لياقتك البدنية مرة أخرى كان أمرا سهلا ؟ الأمر ليس سهلا على الإطلاق، فعندما قررت العودة كان لدى هدف أساسى هو المشاركة فى بطولات عالمية ومنافسة بطلات أخريات من كل دول العالم فكان لابد من دراستهم جيدا لأننى فى النهاية لن أضع نفسى فى موقف محرج، وهذا الأمر يتطلب تدريب لمدة ساعة ونصف 5 مرات أسبوعيا والتزام شديد طوال الوقت فالأعذار غير مقبولة إطلاقا، لكننى أقوم بهذا الجهد وأنا فى قمة سعادتى رغم قسوتة وشدته . - ماذا عن نظامك الغذائى؟ أنا لدى نظام غذائى صارم جدا، فهناك بعض الممنوعات وهى تقريبا الغالبية العظمى من السكريات والمياه الغازية والدهون والمقليات والخبز، وأتناول الفواكه والخضراوات الطازجة والزبادى والمنتجات الدايت وهذا ليس فقط من أجل السباحة ولكن أيضا للحفاظ على صحتى . - شاركت مؤخرا فى بطولات عالمية عديدة وحققت نجاحات كبيرة بحصولك على ميداليات ومراكز، فما البطولة الأقرب لقلبك حتى الآن ؟ أول مشاركة لي كان عمري 68 عاماً للكبار في جوتنبرج في السويد وحققت المركز ال 11 علي العالم ثم شاركت فى بطولة أخرى فى إيطاليا لم أحقق فيها شيئا، لكن البطولات الأهم كانت في كندا 2014 وكانت بطولة قوية جدا حققت فيها ميداليتين ثم بطولة كازان 2015 وحققت ميداليتين ثم شاركت فى منافسات بطولة القارة في أمريكا 2017 وحققت ثلاث ميداليات في منافسة قوية جدا، وأعتقد أن أقربهم إلى قلبى هى بطولة العالم فى روسيا عام 2015 والتى حصلت فيها على المركز الثالث على العالم والميدالية البرونزية فى 50 ظهر و100 ظهر ووقتها صعدت على المنصة وتم تكريمى وبصراحة كنت فى قمة سعادتى . - وكيف تتلقين ردود أفعال العالم عند فوزك فى البطولات العالمية ؟ أجد تشجيعاً وحفاوة شديدة من كل أنحاء العالم عند تحقيق أى نجاح أو الفوز بأى بطولة، لكن على الجانب الآخر أستشعر علامات تعجب واستغراب من البعض الذين يعتقدون أن المرأة المصرية عليها قيود شديدة أو أنها غير قادرة على اقتحام مجالات معينة أو ممارسة حياتها بشكل طبيعى خصوصا أننى شاركت فى بطولات عالمية فى أسوأ الأوقات والظروف التى مرت على مصر خلال عامى 2011 و2012. لكنى الحمد لله استطعت أن أغير هذا الرأى وأن أثبت للعالم كله أن المرأة المصرية قادرة على أى شىء بالعمل والاجتهاد وليس بالكلام. - ومن مثلك الأعلى فى السباحة ؟ بلا شك السباح المصرى العالمى عبد اللطيف أبو هيف هو مثلى الأعلى، فمنذ طفولتى وأنا أضعه أمام عينى وأتمنى أن أصبح مثله فى يوم من الأيام، فهو بطل عالمى من طراز فريد . - هل تتلقين أى دعم من الاتحاد المصرى للسباحة ؟ إطلاقا، لا أتلقى أى دعم مادى أو حتى معنوى من أى جهة، وأنفق على السباحة والسفر والمشاركة فى البطولات العالمية والدولية من معاشى الخاص، رغم أننى لست من الأغنياء، لكنى أفعل ذلك فقط من أجل رفع اسم بلدى مصر دائما، وأفخر أننى بطلة مصرية من الألف إلى الياء فأنا لا أحمل غير الجنسية المصرية ولم أتدرب على أيدى مدربين أجانب وبالتالى فأنا مصرية حتى النخاع ولم أتلق أى مساعدة أو دعم من الداخل أو الخارج . - ماذا استفدت من السباحة نفسيا وصحيا ؟ الرياضة بصفة عامة والسباحة على وجه الخصوص علاج نفسى، فمن يشعر بأى حزن أو ضيق ويمارس أى رياضة يشعر براحة نفسية شديدة وتحسن سريع فى المزاج لأنها تخرج الإنسان من أى ضغوط بسهولة شديدة، كذلك الحال على الجانب الصحى فالرياضة تنشط الدورة الدموية ومفيدة لصحة القلب وتقوى الجهاز التنفسى، وهذا استشعره بنفسى الحمد لله فأحيانا يكون عندى صداع أو ألم فى القدم أوغير ذلك وبمجرد نزولى فى المياه أجد كل الآلام اختفت تماما. - ولماذا لم تتجهى لمجال التدريب لتفيدى غيرك من خبراتك ؟ لأن التدريب فى الأساس "دراسة"، بمعنى أنه لا يجوز أن أقوم بالتدريب لأننى سباحة ماهرة فقط، فهذا لا يؤهلنى للتدريب على الإطلاق، وأنا شخصيا لا أتدرب بمفردى بل معى مدرب مسئول عن تدريبى هو د.أحمد القاضى وهو يعلم جيدا وبدقة كيف أتدرب وما هو الأنسب لسنى وإمكاناتى وغير ذلك . فمجال التدريب ليس سهلا ويحتاج إلى دراسة قوية . - هل من بين بناتك أو أحفادك من ورث عنك عشق السباحة ؟ حفيدتى الصغرى "فيدجى" 7 سنوات هى الوحيدة المهتمة بالسباحة وترافقنى فى التمرين وتشجعنى وتتحدث عنى مع صديقاتها، وأتمنى أن تصبح يوما ما سباحة عالمية . - بم تنصحين الشباب الذى لا يقبل على ممارسة الرياضة ؟ أنصحهم بأن يكونوا أكثر اهتماما بصحتهم؛ لأنها نعمة من الله وأن يكون لديهم إرادة ويتخذوا من أمثالى قدوة لهم، فنحن كبرنا فى السن لكن هذا لم يمنعنا من ممارسة الرياضة والحفاظ على صحتنا، وأعتقد أن عدم رغبة بعض الشباب فى ممارسة الرياضة يؤكد مقولة أن "الشباب شباب القلب" فالسن هو مجرد رقم مكتوب فى البطاقة الشخصية وليس له علاقة بالتصرفات فهناك من هم فى عمر الشباب ويشعرون أنهم فى سن الشيخوخة، وأقول لهم أيضاك "كفى جلوسا على المقاهى وإضاعة الوقت والطاقة فيما لا يفيد حتى لا تندموا بعد فوات الأوان". - ماذا عن خطتك فى الفترة المقبلة ؟ أستعد حاليا لبطولة العالم للماسترز فى كوريا الجنوبية- إن شاء الله- فى يوليو القادم، وبالتأكيد أتمنى الحصول على المركز الأول فيها وستكون هذه البطولة هى السادسة التى أشارك فيها حتى الآن بعد التقاعد.