سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أيدك في جيب أخوك لنبنى مستقبلاً أفضل !
ليه تدفع أكتر لما ممكن تدفع أقل .. مبدأ اقتصادي ضربنا به عرض الحائط في ظل حالة الغضب التي أصابتنا من كل شيء في بلدنا وعلى كل شيءولا نريد أن نهدأ أو نلتقط الأنفاس منها قليلا لنعرف الفاتورة التي دفعناها ثمنا لها..
قررنا ومازلنا مصرين على أن السياسة والسياسة فقط لها الأولوية وبعدها أي شيء بلا قيمة !! عام مضى دفعنا فيه الكثير من أمننا واستقرارنا وهيبة دولتنا وسمعنا ما يعجز عقل عن تصديقه من دعاوى لهدم مصر لنعيد بنائها!! وأستمر مسلسل الفوضى والاضطرابات والفتن وتزايد الكراهية بين بعض القوى السياسية ومؤسسات الدولة . وكانت النتيجة هي الحصاد الاقتصادي المر الذي تمثل في 8.8 مليار دولار خسرتها مصر بعد هروب الاستثمارات العربية والأجنبيةوما ترتب على ذلك من تراجع الاحتياطي المصري من النقد الأجنبيوالذي كان يقدر في بداية 2011 ب36 مليار دولار ووصل الآن ل19 مليار ومن المتوقع أن يصل خلال الشهرين القادمين ل15 مليار دولار ستكون كل ما نملكه لشراء السلع الأساسية لمدة لن تزيد على الخمسة اشهر على أقصى تقدير . أيضا قدرالعجز المبدئي للميزانية العامة للدولة في عام 2012منذ عدة أشهر ب 134 مليار جنيه (22مليار دولار تقريبا)، غير أن التقديرات الجديدة تصل بهذا العجز إلى 182مليار جنيه (30 مليار دولار) وهو عجز لا تستطيع موارد الدولة الحالية والمتمثلة في تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قناة السويس واللذان يبلغا في أقصى تقديراتهما 17 مليار دولار سنويا تحمله..أيضا خسرت البورصة 195 مليون جنيه من رأسمالها. لذا نجد الدولة منذ فترة طويلة لا تتحدث إلا عن المساعدات والمنح التي وعدتنا بها الدول الغربية والعربية والتي لم تأتى ولا يبدو أنها ستأتي لان الدول التي بادرت بإعلان تقديمها لتلك المساعدات اعتبرتها وسيلة ضغط لتحقيق أهداف معينة وتواجد مشروط لها في بلدنا وعندما أدركت أن هذا غير مقبول رسميا وشعبيا تراجعت عن وعودها . وبناء على ذلك قررت الحكومة الدخول في مفاوضات للحصول على قروض من البنك الدولي لان الأوضاع الاقتصادية في مصر صادمة بل مرعبة لكن تراجع التصنيف الانمائى لمصر (حيث كان من المتوقع أن تصل معدلات التنمية في 2011 – وفقا لتقارير وتقديرات البنك الدولي – ل6.5 % لكنها لم تزد عن 1.2% ) جعل هذه المفاوضات صعبة وشروطها ستكون قاسية علينا وكذلك فوائدها . ووسط كل هذا التراجع الاقتصادي الذي بدأ تأثيره يطال الجميع لا اعرف سر الإصرار على التعامل مع هذا الملف بهذا الاستهتار على كافة المستويات .. فالقوى السياسية لا تعنيها إلا مصالحها ومعها من يطلقوا على أنفسهم النخبة والمثقفين .. أما الإعلام فنجومه غير معنيين إلا بصينية ميدان التحرير حتى ولو كانت فارغة .. وحياتهم على الشاشات أصبحت معلقة بقضايا الميدان حتى وان لم يعد لمعظمها مردود عند الناس الذين أنهكتهم الأوضاع الاقتصادية المزرية وغلاء الأسعار وزيادة معدلات البطالة . الكل ألقى بالمسئولية على الدولة لذا صار الملف الاقتصادي قضية على وزارة الجنزورى فقط حلها لان الدولة دائما هي المخطئة قبل وبعد 25 يناير .. أما نحن فأبرياء براءة الذئب من دم ابن يعقوب لذا معظمنا يمد يده ويرفع صوته بطلباته في كافة الاتجاهات والمجالات دون اعتبار للحالة التي تمر بها بلادنا ولابد من تعليق أخطأنا على شماعات مرة تكون المجلس العسكري لأنه مش عارف يدير المرحلة الانتقالية ومرة عصام شرف لأنه لم يكن يصلح أصلا للمنصب .. أما كمال الجنزورى فهو مخطىء حتى قبل أن يحلف اليمين لأنه لا يحوز رضا البعض . الشماعات جاهزة دائما أما مواجهة أنفسنا بالحقيقة فهو الأمر الصعب فهل يمكن أن نقول بشجاعة إننا أضعنا أول عام بعد 25 يناير في تظاهرات واعتصامات واضرابات ووقفات احتجاجية أوقفت تقريبا عجلة الإنتاج في الكثير من المجالات الحيوية ؟ هل يمكن أن نعترف بأننا حصلنا على زيادات في الأجور ولم يقابلها حتى الحفاظ على معدلات العمل وليس زيادتها ؟ هل يمكن أن نقر بأننا لم نتجاوز عن مشاعر الغضب لدى البعض ضد المؤسسات الأمنية ونتصالح معها وندعم وجودها لعودة الأمن للشارع المصري بما يعنيه ذلك من عودة تدفق الاستثمارات والسياح وبالتالي العملات الأجنبية علينا . هل أقر احد رجال الأعمال من حيتان النظام السابق والذين ارتدوا ثوب 25 يناير وعملوا فيها ثوار ومجاهدين ضد الفساد بأخطائه تجاه هذا الشعب في فترة سابقة وحاول تطهير أمواله والتي تزكم رائحتها الأنوف من شدة الفساد وتبرع بعدة ملايين ولن أقول مليارات لانتشال اقتصادنا عن عثراته .. هل اجتمع مرشحي الرئاسة ورموز القوى السياسية ومعهم الحقوقيين والنشطاء والإعلاميين وأعلنوا التبرع ولو بجنيه لهذا البلد .. بالتأكيد لا. حتى الفنانين والرياضيين - والذين أصابت بعضهم نوبات من الزعامة لمجرد خروجهم لميدان التحرير- بما يملكوا من قاعدة جماهيرية لم نسمع من واحد فيهم عن أي تحرك لمساندة بلدهم في هذا الموقف العصيب لكن بالتأكيد نسمع أغاني ووصلات حب شفوية في وسائل الإعلام بلا توقف وكما يقولون في المثل العبقري (هو الكلام عليه جمرك) .. فكلنا بنحب مصر لكن وقت الجد الفلوس أهم . أيدك في جيب أخوك لنبنى مستقبلاً أفضل مازال شعار الكثيرين ممن يتصدرون المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاعلامى.. والغضب والسخط على كل شيء في البلد مازال سيد الموقف عند شريحة كبيرة من الشباب .. وفكر الهدم والتدمير هو الأعلى صوتا .. أما أنين البسطاء من الحاجة فلا يسمعه أحد ومؤشرات ثورة الجياع لا ينتبه إليها أحد مع إنها لو قامت فلن يستطيع أحد إخمادها ..فالجائع لا تحدثه عن الديمقراطية والعاطل لا تسأله عن معنى الانتماء لوطن لم يجد داخله فرصة للحياة الكريمة . لذا أصبح لزاما على الجميع أن يتوقفوا عن تعاطى السياسة ويركزوا في الاقتصاد الذي كان السبب الأول والرئيسي لخروج 65% من المصريين في 25 يناير- وفقا لدراسة أجراها معهد جالوب - .. فمن خرجوا من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية لم يجدوا شيئا حتى الآن مما طلبوه وهذا هو الخطر القادم الذي سيحرق مصر . الهام رحيم