الاقتصاد المصري إلي أين؟! سؤال حائر في ظل الأحداث التي شهدتها مصر منذ 25 يناير الماضي في ظل تراجع عجلة الإنتاج، وانخفاض أعداد السياح الوافدين إلي مصر، الكل يبحث عن إجابة للسؤال الحائر لهذا اهتم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بعنوان « ثورة 25 يناير.. التضحية- التحدي - الأمل ».. قام بالإعداد والتنظيم لها هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة.. وتشكلت هيئة الندوة من اللواء «محمود نصر» مساعد وزير الدفاع للشئون المالية عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. واللواء «محمد أمين إبراهيم نصر » - رئيس هيئة الشئون المالية وعضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة. حضر الندوة مجموعة كبيرة من الاقتصاديين والمختصين ورجال الفكر - علي رأسهم ثلاثة رؤساء وزراء سابقين د. عبد العزيز حجازي، د. علي لطفي، ود. كمال الجنزوري بالإضافة إلي د. علي السلمي ود. حسن فايق والسفير جمال بيومي ود. عالية المهدي ود. يمن الحماقي.. والعديد من الإعلاميين. في عرض مبسط شرح اللواء محمود نصر الوضع الاقتصادي لمصر خلال الثلاثة أشهر الماضية، وكذلك الستة أشهر القادمة والأسباب الاقتصادية التي أدت إلي الموقف الاقتصادي الحالي.. وكيفية اجتياز هذه الأزمة.. فأكد أن العجز وصل إلي 5,8%من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلي أن ازدياد العجز في الموازنة العامة للدولة سوف يرتفع ما بين 20 إلي 30 ملياراً ليصل إلي ما يقرب من 130 مليار جنيه بنسبة 10%، وأن حجم الدين المحلي زاد بنسبة 73% من الناتج المحلي ليصل إلي 1026 مليار جنيه مصري في 30/6/2011، ووفقا للمعايير العالمية، فإن حجم الدين الداخلي يجب ألا يزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالنسبة للتضخم فإن من المتوقع أن ترتفع معدلاته إلي 20% في نهاية العام الحالي، أي أنه سيصل إلي 14% في 30 يونية القادم مقابل 8,10% في نهاية العام الماضي. وأشار اللواء نصر إلي ارتفاع معدلات البطالة مع بداية اندلاع الثورة ووصلت إلي 10% من عدد السكان أي 9 ملايين عاطل وزيادة معدلات الفقر إلي 70% منهم 6% تقريبا تحت مفهوم معدم.. وأشار إلي أن حجم الدعم سوف يرتفع من 115 مليار جنيه في العام إلي 150 مليار جنيه نتيجة الارتفاع المتوقع لأسعار السلع العالمية وأسعار الطاقة.. وتحدث اللواء نصر عن أن 16% من حجم الدعم يصل للأغنياء ولا يستفيد منه الفقراء.. كما أن فرص العمل المتاحة انخفضت إلي 100 ألف فرصة في الوقت الذي عاد فيه ما يقرب من 180 ألف مصري من ليبيا. - أرقام متنوعة تحدث اللواء محمود نصر عن بعض الأرقام التي تعطي مؤشرات عن الاقتصاد المصري في المرحلة القادمة، حيث أكد أن حجم ما تم استخدامه من احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي خلال فبراير ومارس وصل إلي 6مليارات دولار لينقص حجم الاحتياطي من 36 مليار دولار إلي 30 مليار دولار، وأننا إذا سرنا بنفس المعدل فإن الاحتياطي من النقد الأجنبي لن يصمد أكثر من ستة أشهر ويصل إلي رصيد صفر مع شهر سبتمبر المقبل وهو وضع خطير للغاية.. وذلك بسبب أن حجم ما نستورده - من السلع الغذائية والتموينية يبلغ من 5,2 إلي 3 مليارات دولار شهرياً.. وقد أوضح اللواء نصر أن رصيدنا من السلع التموينية والأغذية يتناقص.. فرصيد القمح يكفي من 4 إلي 6 أشهر والزيت شهرين.. والزيت التمويني 3 أشهر والأرز 29 يوما والسكر 4 أشهر فقط. وأضاف أن خسائر مصر اقتصاديا في الفترة الماضية بلغت 2,1 مليار دولار شهريا بواقع 15 مليار دولار سنويا إذا استمرت الأحوال علي ما هو عليه. بالإضافة إلي ذلك فإن الاستثمار الأجنبي توقف تماما.. وأن حجم الاستثمار المباشر يصل إلي 11 مليار دولار وكلها في قطاع البترول بالإضافة إلي ذلك انخفضت تحويلات المصريين إلي 5,1 مليار دولار مقابل 4 مليارات دولار في الأوقات العادية، كذلك انخفاض طاقة الإنتاج بمعدل لا يقل عن 20% مشيرا إلي قيام عدد كبير من المنشآت بتسريح العمالة لديها.. وقد أدي ذلك إلي انخفاض معدل النمو من 8,5% إلي 8,3 ومن المتوقع أن يصل إلي 2%. أرقام كثيرة سردها اللواء نصر في تقييم الموقف الاقتصادي توضح حقائق متنوعة في المرحلة القادمة.. وأن هذا التدهور سيستمر في حالة استمرار الاعتصامات والاحتجاجات والمطالب الفئوية وتوقف دوران عملية الإنتاج وأن لا السياحة ولا الاستثمار ستغامر بالمجيء إلي مصر، مادامت الأوضاع الموجودة حاليا غير مستقرة. بعد أن انتهي اللواء نصر من إلقاء بيانه بدأ د. عبد العزيز حجازي - رئيس الوزراء الأسبق - حديثه عن رؤيته للواقع الاقتصادي بأنه يختلف مع الرقم الذي أصدره وزير المالية بشأن معدل النمو وأكد أنه ليس 8,3 وإنما 5,2%وهو فارق شاسع.. وتحدث د. حجازي عن أننا في مرحلة لابد أن نتحدث فيها عن اقتصاديات الأزمة، فالأزمة كان لها إيجابيات وهي الحريات.. والعناصر كلها تأثرت بالأزمة. ثم ما هي البرامج والخطط للخروج من الأزمة في 2011، 2012 وما هي الملامح الخاصة بالمستقبل وأري أن هناك 3 أو 4 نقاط أساسية : 1- قضايا لابد أن تناقش وبمنتهي الحرية ما هي الهوية أو المنهج الخاص بالاقتصاد المصري، لأن أي تفسير لبرامج مستقبلية لابد أن يعتمد علي توافق وطني بمنهج ويجمع بين مزايا الرأسمالية والاشتراكية أو الطريق الثالث الذي يجمع بينهما؟. 2-ما هي البرامج والآليات التي كانت موجودة وما هي الآليات التي تصلح للمرحلة القادمة؟ وطالب د. عبد العزيز حجازي بضرورة توفير التمويل اللازم للمصانع من خلال البنوك لأن هذه المصانع تمثل عملية الإنتاج.. وانتقد د. حجازي دمج وزارتي الصناعة والتجارة الخارجية في وزارة واحدة رغم أنهما متعارضتان وطالب بوضع استراتيجيات سياسات للوزارات واضحة المعالم لا تخضع لأهواء الوزراء ولا تتغير مع التعديلات الوزارية مع انعدام الترابط دائما بين التخطيط والتنفيذ.. وأكد د. عبد العزيز حجازي ضرورة الاهتمام بمشكلة الحد الأدني للأجور لأنها تمثل أولوية للمجتمع. - الانفلات الأمني والاقتصاد د. علي لطفي - رئيس وزراء مصر عام 1986- تحدث عن الفترة القادمة ومحاولات اجتياز الأزمة الاقتصادية - وأكد علي مجموعة من الحقائق : أولا : الانفلات الأمني القائم وله الأولوية رقم «1» علي طريق استعادة الاقتصاد المصري لعافيته، فلابد من خطة سريعة وعاجلة تحقق الأمن والاستقرار، لأن السياحة والاستثمار لن يحضرا مادام الأمن غير مستتب وبما يمثلان الجزء الأكبر من عملية التنمية. ثانيا : الهوية الاقتصادية.. ما هي هويتنا الاقتصادية.. هل هي اشتراكية أم رأسمالية.. والحقيقة أننا لابد أن نشجع القطاع الخاص، لأن 70% من الناتج القومي يقدمه القطاع الخاص.. ولابد أن نوضح للجميع ما هي هوية النظام الاقتصادي المصري في المرحلة القادمة. ثالثا : الضرائب.. لابد أن تعود الضرائب لتكون تصاعدية لأن هناك سوء توزيع دخل.. الضريبة التصاعدية معمول بها في أعتي الدول الرأسمالية.. وليكن الحد الأقصي 35 أو 40% ولابد أن تكون شرائح. رابعا : إعادة النظر في الأولويات الاقتصادية للحكومة في الموازنة العامة.. أولويات الإنتاج الحكومي، فليس من المعقول أن أنفق 4 مليارات جنيه علي الطريق الصحراوي لخدمة المنتجعات وأترك تطوير العشوائيات مثلا. خامسا : وضع حد أدني وأقصي للدخول.. وليس المرتبات في القطاع العام والحكومة.. سادسا : الأموال المصرية.. لابد من سرعة اتخاذ الإجراءات في إصدار أحكام نهائية ضد الفاسدين الذين هربوا أموالهم خارج مصر لاستعادتها لأن هناك خطورة أن تضيع وأن تتوه في حسابات أخري، مادامت الإجراءات القضائية بطيئة للغاية. سابعا : وضع اسم مصر في القائمة السوداء في منظمة العمل الدولية بسبب سوء القوانين التي تحكم علاقات العمل في مصر. ثامنا : الاتفاقيات الخاصة بتصدير الغاز الطبيعي، لابد أن يعاد النظر فيها.. وأن نتبني مشروعات للبتروكيماويات تحقق عائدا أعلي من بيع الغاز الطبيعي الخام بعشر مرات. تاسعا : الدعم.. وطالبت مرارا وتكرارا بتحويل الدعم العيني إلي دعم نقدي، فالدعم يصل إلي 100 مليار يستفيد منه الأغنياء أكثر من الفقراء. - حكومات في غير مصالح الناس وأخيرا تحدث د. كمال الجنزوري الذي أكد أنه خلال العشر سنوات الأخيرة، كانت كل السياسات النقدية في غير صالح الناتج القومي، لأن الناتج القومي كان شوية غاز + موبايلات + سياحة.. وأكثر من 55% من السياحة في مصر فقيرة+ عائد قناة السويس.. القطاعات الإنتاجية في مصر لا تقدم سوي 2% من الناتج القومي، وللأسف لم تهتم السياسات الاقتصادية بهذه القطاعات إطلاقا.. وهي صناعة وزراعة وتعدين واستثمار وسمعنا عن حكومة ذكية وقرية ذكية.. ولا أحد يعرف ماذا كانت تفعل للاهتمام بالإنتاج ، مما جعل مصر تتزايد في معدلات الفقر.. مثلا إيرادات الجمارك في 2004،12% من قيمة الواردات وكانت إيراداتها 12 مليار جنيه.. بعد 8 سنوات زادت وإيراداتها 3 مليارات جنيه إلي 23 مليارا.. والجمارك دخلها 14 مليار جنيه.. كيف يحدث هذا.. كل هذا كان يتم لصالح فئة معينة ومجموعات معينة.. كيف أنفق 4 مليارات سنويا لدعم الصادرات لثمانية أفراد يتحكمون في سوق التصدير؟