تعرضت للضرب ب " القفا ".. والمعاناة هى سبب حفاظى على نجوميتى مازلت أشعر ب " جوع " للعب .. ولا يوجد أحد يصنع "حالة " الحضرى لو بقيت فى الأهلى كنت سأرتكب مصيبة ! نصف لاعبى مصر ليس لديهم قدرة اللعب تحت ضغط الجمهور أبناء الجيل الحالى ليس لديهم رغبة فى التعلم.. والفلوس هى السبب! الأمل فى الوصول لكأس العالم موجود.. ولكن ينقصنا الإعداد النفسى لهذه المرحلة نقف عاجزين أحيانا حينما نتحدث بأكثر اللغات تعصبا، تلك التي تدور بين جماهير كرة القدم وتجدهم يتوحدون على حب أسماء بعينها، يكنون لهم كل الحب والاحترام برغم أنهم يلعبون في صفوف الفريق المنافس، فمن منا لا يحب حازم إمام أو أبو تريكة .. ومن منا لا يطمئن حينما يحرس مرماه عصام الحضري، و" السد العالي " هو آخر من تبقى من رائحة جيل أبطال إفريقيا 3 مرات متتالية ، ومازال صامدا ويثبت أنه بالفعل ظاهرة ، وبعد مباراة غانا قررنا أن نجري معه حوارا ليس رياضيا بقدر كونه حوارا إنسانيا لنكتشف سر هذه الظاهرة.. هل مازلت تتلهف في كل مرة قبل إعلان أسماء المنضمين للمنتخب الوطني .. أم أنك لديك حالة شبع من اللعب والمباريات؟ لم أشبع من البطولات بعد، فما زلت أشعر أنني في حالة جوع للعب مباريات أخرى، وأن أمامي ما أحتاج أن أقدمه في ملاعب كرة القدم، ولذلك فلم أصل إلى حالة الشبع التي تتحدث عنها، حتى وإن كان بعد مشوار طويل خضت من خلاله العديد من المباريات، وحققت من خلاله العديد من البطولات، ويكفي أنني أشارك حاليا في حلم ملايين المصريين، وحلم لأبناء جيلي بأكملهم وهو وصول مصر إلى كأس العالم. بعد مباراة غانا .. هل ترى أن هناك أمل حقيقي في وصول المنتخب المصري إلى المونديال ؟ بالتأكيد هناك أمل كبير، ولكن هذا لا يعني أن لدينا مشكلة كبيرة في كرة القدم في مصر، وهي مشكلة عدم التأسيس، والتي من أهم عناصرها التهيئة النفسية للاعبين لخوض بطولات بهذا الحجم، وهو عنصر أساسي خصوصا بعدما أصبحت المباريات في مصر لمدة طويلة تلعب بدون جمهور. هل الجمهور كان له أثر في اضطراب اللاعبين دخل الملعب في مباراة غانا؟ بالتأكيد، فأستطيع أن أقول لك: إن هناك لاعبين في مصر إذا تواجد الجمهور في المباريات لن يتمكنوا من لعب كرة القدم، وهناك أسماء كبيرة للاعبين كبار في المنتخب الوطني، بمجرد أن تعرضهم لتواجد الجمهور أو الضغط الإعلامي ينفجرون منك، بالرغم من أن أسماءهم كبيرة ونجوم كبار. ولكن هذا يبدو كلاما غريبا في ظل أنه تردد أن السبب في الانخفاض العام لمستوى كرة القدم في مصر سببه عدم حضور الجمهور للمباريات؟ هذه مجرد مبررات ليس أكثر، فأكاد أن أجزم لك أن خمسين بالمائة من لاعبى مصر إذا عرضتهم لضغط الجمهور لن يستطيعوا حتى تقديم المستوى الذي يقدمونه في الملعب، والأمر ليس متعلقا بلاعبي كرة القدم فقط، بل أيضا هناك حكام لا يستطيعون التحكيم في ظل الضغط الجماهيري، وهذا ليس مجرد كلام. عصام الحضري لديه شخصية متجهمة ومميزة على أرض الملعب، هل هذه هي الخبرة التي تتحدث عنها؟ هذه الشخصية هي الفارق بين حارس المرمى ولاعب حارس المرمي، وهناك فارق بين الاثنين، فاللاعب مجرد مؤدٍ، أما الحارس فهو لاعب وموهبة وشخصية، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي في عدم وجود إجابة على سؤال طرح منذ سنوات بدون إجابة حتى الآن، وهو "من خليفة الحضري؟" فقد يكون هناك حراس مرمى أفضل مني، ولكن لا يوجد أحد يصنع الحالة التي أصنعها في مركزي داخل الملعب. ولكن هل ترى أن السبب وراء ذلك هو غياب الإعداد فقط؟ لا، فهناك دور أيضا على اللاعبين، فجيلي كانت لديه الرغبة في التعلم، أما الجيل الحالي ممن يعيشون العشرينات من أعمارهم ليست لديهم رغبة التعلم، ولذلك فإذا لم يكن وراءهم موجه لن يبحثوا بأنفسهم عن الطريق، فهذا الجيل يفكر بشكل غريب، ويتعامل مع ظواهر الأمور، وبالتأكيد النشأة والتربية لها عامل كبير في ذلك، فهم فجأة أصبحوا يمتلكون أموالا كثيرة ويركبون سيارات فارهة، وهم لا يعلمون أن بدون التركيز في الكرة في هذه المرحلة العمرية سيخسرون كل ما حققوه من مكاسب مادية. هل ظروف انضمامك للمنتخب من مركز شباب دمياط كان درسا لك في معرفة قيمة الحفاظ على المستوى؟ بالتأكيد، فلم يحدث قبل ذلك أن ينضم حارس مرمى من مركز شباب أو حتى ناد صغير، وهو ما جعلني متيقن بأن النوادي الكبيرة والأموال الكثيرة كلها أمور شكلية، بدون وجود لاعب يؤمن بموهبته ويحافظ على نفسه ومستواه، ويضع الكرة أمام عينيه، ولا يسمح لأي شيء أن يجعله يلتفت عنها ولو للحظة. ولكن يبدو أن هذا حلم لشاب قروي صغير قبل أن ينضم إلى المنتخب من نادي دمياط؟ هذا صحيح، فأنا بدأت لعب كرة القدم من الشارع، وكنت أخفي على والدي لأنه كان يمنعني من لعب الكرة، فكنت أقفز من شُبَّاك غرفتي للمشاركة في مباريات الشارع والدورات الرمضانية، وكنت أنزل إلى الترعة لغسيل ملابسي المتسخة من اللعب حتى لا يكتشف أمري، وقبل أن يكون هناك موهبة أو شهرة فهناك عشق لكرة القدم. كيف كانت معاناة تلك الموهبة في البدايات؟ كانت المعاناة كبيرة، فكنت أقطع يوميا مسافة 7 كم سيرا على الأقدام، وهي المسافة بين قرية كفر البطيخ ومحافظة دمياط ذهابا وإيابا لكي أتمكن من الوصول إلى مكان التمرين، ولم تكن لدي رفاهية الذهاب إلى صالة الجمنازيوم، فكنت أتدرب بقوالب خرسانية صنعتها لنفسي لبناء قوام قوي، فكان حلم الوصول هو ما يدفعني لتحمل المعاناة، وبرغم قلة الإمكانيات إلا أن الطموح كان موجودا. هل انتهت هذه المعاناة مع بداية لعبك في التشكيل الأساسي بدمياط؟ لا، حيث إن الأندية الصغير إمكانياتها ضعيفة، وهنا لا أتكلم على الإمكانيات المادية فقط، فلا أنسى ضعف التأمين وكيف كان أثره على اللاعبين، فلم يكن يؤمِّن المباريات سوى أمين شرطة وخفيران، فأتذكر ذات مرة لعبت دمياط مع ميت غمر وأحرزت الأخيرة في فريق دمياط هدفا، فتعرضت للضرب من الجمهور، فأحدهم ضربني على ظهري والآخر ضربني "بالقفا" والثالث "بالشالوط" داخل المباراة والحكم والأمن لا يرون شيئا. إذن متى جاءت نقطة التحول في صناعة نجوميتك؟ الأمر بالنسبة لي جاء تدريجيا في البداية، حينما انتقلت من لعب الشوارع، للمشاركة في مركز شباب دمياط، ثم انتقالي للعب في المركز الأول، وكنت وقتها أنظر للاعبي منتخب مصر، وكنت أتمنى فقط أن أحصل على صورة معهم، وخلال شهر ونصف من هذه اللقطة وجدت نفسي أجلس بجوارهم وأشارك معهم في المنتخب، ومن المنتخب الوطني إلى المنتخب الأوليمبي إلى المنتخب العسكري، وفي يوم وليلة وجدت نفسي ألعب في النادي الأهلي. بعد مرور سنوات على هروبك من النادي الأهلي، ألا تريد أن تقول شيئا مختلفا عما قلته من قبل عن سبب هذا القرار؟ لقد قلت من قبل: إني كنت على خلاف مع مجلس إدارة النادي ومدرب الفريق، إلا أنني أعترف أن قرار ترك النادي بهذا الشكل كان خطأ لا يجب أن أقع فيه، ولكني أقول هذا الكلام في الوقت الحالي إلا أنني وقتها كان لدي شعور أنني لو بقيت في النادي كنت سأرتكب مصيبة، خصوصا أنني عصبي ويسهل انفعالي. مشوار طويل وبطولات كثيرة ونجومية كبيرة، إلا أن من يتحدث معك يرى الفلاح القروي بشكل جليّ.. كيف لم يتغير الحضري؟ لم ولن أتغير، أو أحاول حتى تغيير لغتي أو شكلي أو نمط حياتي، قد أوفر لأبنائي ما لم يتوفر لي وأنا في سنهم، فلدي شاهندة وشدوى وشهد وياسين وشيماء، منهم عروسة عمرها 18 عاما، ولكن وضعهم مختلف عني لأنهم تربوا في القاهرة، والإمكانيات المتاحة لهم ليست كالتي كانت متاحة لي، ولكن بالنسبة لي فلا أستطيع تغيير طباعي أو نمط حياتي لمجرد أن أسلم من تعليقات الآخرين. هل وراء هذه العائلة الكبيرة قصة حب أم زواج مبكر؟ لقد تزوجت وعمري 21 سنة، وكانت تربطني بزوجتي قصة حب استمرت ستة أشهر، كنت وقتها صايع، وكانت هي من سكان دمياط، وكما يعلم الجميع أسكن في كفر البطيخ، فكنت أذهب لأراها أثناء خروجها من المدرسة، وبعدها مباشرة ذهبت لخطبتها، وكتبت الكتاب بعدها مباشرة، إلا أن قصة الحب الأكبر في حياتي هي كرة القدم، لدجة أنني آخذ الكرة في حضني وأنا نائم بدلا من زوجتي، وهي تعلم أنني أحب الكرة أكثر منها، فالكرة صاحبة الفضل علينا، وإن كانت زوجتي تعيش في فيلا وتركب سيارة أحدث موديل فهذا بسبب كرة القدم. ولكن ألا يتسبب ذلك في غيرتها بأن يسبق حبك لعملك حبك لها؟ زوجتي تعلم أنني أحبها، وفي النهاية أنا زوجها، ولكنها تعلم أيضا أن كرة القدم هي عشقي الأول، ولكي أقرب لك الصورة فسأطرح عليك سؤالا.. هل الكرة تتكلم؟ أنا أتكلم مع الكرة، وأطبطب عليها لكي تطاوعني، فكلما أفعل معها ذلك أجدها هي أيضا تطبطب على، فهذا ما يفرق بين لاعب وآخر. هل ما زال هناك ما يربطك بكفر البطيخ حتى الآن؟ بالطبع، فوالدتي هناك، وبيت العائلة هناك، وهناك شقتي التي بنيتها على يدي وتزوجت فيها، وإن كنت أصبحت مقلا في الذهاب خلال السنوات الأخيرة، إلا أن والدتي دائما ما تأتي لي بزيارات البط والوز من هناك، ودائما ما تحكي لي عن أخبار أهل البلد.