توفى ظهر اليوم الكاتب الكبير أنيس منصور بعد صراعا قصيرا مع المرض و رحلة طويلة مع الأدب و الصحافة إستطاع من خلالها أن يثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات الهامة فى مجالات عديدة يأتى على رأسها أدب الرحلات . و قد ولد أنيس منصور فى 18 أغسطس 1924 فى قرية صغيرة بجوار محافظة المنصورة ، ألحقه والده بكتاب القرية الذى استطاع من خلاله ان يحفظ القرأن فى سن صغيرة و يبدو ان هذا الكتاب ترك أثرا عظيما فى نفسه لذلك خصص له مساحة كبيرة فى كتابه الشهير " عاشوا فى حياتى " و الذى تحدث فيه عن الناس الذين كان لهم شأنا و تأثيرا فى حياته . أشتهر أنيس منصور بنبوغه و عبقريته فى المدرسة الثانوية و كان دائما ما يحصل على المركز الأول على كل طلاب مصر ، ثم التحق بكلية الأداب قسم فلسفة و حصل على الليسانس عام 1947 و عمل أستاذا فى نفس القسم بالجامعة منذ عام 1954 و حتى 1963 ثم تفرغ للعمل الصحفى بعد ذلك و الذى بدأت رحلته معه من على باب جريدة أخبار اليوم حيث عمل مع مصطفى و على أمين و كامل الشناوى الذى كان له مكانة خاصة جدا فى قلب أنيس منصور ، ثم ترك الأخبار و توجه الى الأهرام و التى استمر فيها حتى وفاته حيث أسس فيها واحدا من أشهر مقالاتها و هو عمود " مواقف " و الذى ظل من ابرز علامات جريدة الأهرام لسنوات طويلة . بالرغم من عشق انيس منصور للصحافة إلا ان عشقه للأدب كان أكبر بكثير لذلك دائما ما كان يقول انه أديبا يعمل بالصحافة ، و كان عاشقا للشعر ايضا و قد حاول فى مرة ان يكتب قصيدة عندما كان فى المرحلة الثانوية و عرضها على استاذ اللغة العربية و كأن أخوه هو الذى كتبها و يبدو ان القصيده لم تعجب الأستاذ فقال له " قول لأخوك يروح يلعب فى الشارع " و من وقتها لم يكرر انيس منصور التجربة و كانت هذه هى اول و أخر مرة يكتب فيها الشعر بحياته . اما الأدب فقد كان له معه رحلة طويلة و كان لأدب الرحلات تحديدا مكانة كبيرة عند أنيس منصور لدرجة انه ألف فيها العديد من الكتب منها " حول العالم فى 200 يوم " ، " بلاد الله لخلق الله " ، " غلايب فى بلاد غريبة " ، " انت فى اليابان " ، "أعجب الرحلات فى التاريخ " ، و كانت له مؤلفات أيضا فيما وراء الطبيعة منها " الذين هبطوا من السماء " و " الذين عادوا الى السماء " ، " لعنة الفراعنة " و قد حققت هذه المؤلفات و مازالت تحقق مبيعاتا كبيرة حتى الأن فضلا عن انه تمت ترجمتها لعدة لغات فى العالم . رأس أنيس منصور تحرير عددا كبيرا من المجلات منها الجيل و أخر ساعة و أكتوبر و فى كل جريدة منهما كان له بصمة خاصة ، و كانت دائما أراءه التى يكتبها فى مقالاته أو يدلى بها فى حوارات إذاعية او تليفزيونية تثير جدلا كبيرا ، الغريبة ان أنيس منصور لم ينفصل يوما عن الأجيال الجديدة بالعكس كان متابعا جيدا لكل ما يقدموه فى الأدب و الصحافة و الفن و تحديدا الغناء حيث كتب عن معظم نجوم الأغنية الشبابية فى بداية ظهور هذا المصطلح و يذكر انه هو نفسه كانت له تجربة مع الغناء عندما كان شابا و غنى بالفعل فى افراح أقارب اصدقائه عندما كان فى المرحلة الثانوية فى المنصورة و لكنها تجربة لم تستمر طويلا . حصل أنيس منصور على عددا كبيرا من الجوائز منها جائزة الفارس الذهبى من الإذاعة و التليفزيون لمدة أربع سنوات متتالية ، جائزة كاتب الأدب العلمى الأول من أكاديمية البحث العلمى ، كما فاز بلقب الشخصية الفكرية العربية الأولى من مؤسسة السوق العربية فى لندن ، فضلا عن جوائز أخرى كثيرة منها جوائز الدولة التشجيعية و التقديرية بالإضافة الى جائزة الإبداع الفكرى لدول العام الثالث و جائزة مبارك و جائزة الأداب من المجلس الأعلى للثقافة 2001. كان لأنيس منصور عادات غريبة بعض الشىء منها خوفه الشديد من الإصابة بالبرد و الأنفلونزا و الذى وصل الى حد الوسواس القهرى ، كذلك كان لا يأكل سوى النباتات فقط اما اللحوم و جميع المنتجات الحيوانية و منتجات الألبان فلم يكن يتناولها على الإطلاق و كان لا ينام إلا أربع ساعات تقريبا ، و هذه العادة حرمته من أهم رحلة كان يتمنى ان يقوم بها و هى حلة الى عالم الفضاء حيث انه من شروطها ان من يقوم بها لابد ان ينام قبلها بستة أشهر تقريبا لمدة لا تقل عن عشر ساعات يوميا و كان هذا أمرا مستحيلا بالنسبة لأنيس منصور . تزوج أنيس منصور أكثر من مرة و لكنه لم ينجب اطفالا بناء على رغبته الشخصية و كان له مقولة شهيرة فى هذا الأمر و هى "ان الأولاد الإقتراب منهم وجع دماغ و البعد عنهم وجع قلب " رحم الله كاتبنا الكبير أنيس منصور و عوضنا عنه خيرا .