رغم السنوات الأربع والثلاثين التى قضاها فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، إلا أن هامته لم تنحن وإرادته لم تقتل، بل زادته هذه السنون صمودا وتحديا، هو عميد الأسرى الفلسطينيين المحرر الأب الروحى للحركة الأسيرة هو "نائل البرغوثى" الذى اعتقل وعمره 17 عاما ، وكان لم يتوقع أن يقضى زهرة شبابه وراء القضبان. وخرج نائل البرغوثى أقدم أسير فى العالم من السجن ضمن صفقة التبادل فاقدا والديه، إلا أنه لم يفقد حبه لوطنه فلسطين الذى ضحى بأكثر من ثلاثة عقود من أجلها، ولم يندم عليها ولو للحظة واحدة. ونائل البرغوثى يلقبه أهل قريته (كوبر) التابعة لمحافظة رام الله والبيرة والتى تعرف أيضا بقرية الأبطال والمقاومين، فى إشارة إلى عائلة آل البرغوثى، ب "أبو النور" . وفى حوار مع موفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله، قال عميد الأسرى المحررين "إننى عرفت معنى النضال الوطنى وأنا عمرى عشر سنوات من ضابط مصرى كان ضمن قوات خاصة ويمر من منطقة قريبة من قريتنا فى ظل هزيمة 67 .. وقال لنا سوف نعود (جدعان)..هذه الكلمات أثرت في كثيرا، وأكدت لى مدى قوة التمازج بين شعبى الفلسطينى والمصرى..وأن مصر ستظل رائدة وقوية بفضل أبنائها الشجعان". وأضاف "جاءت صفقة التبادل لتعيد الفكرة للانسان الفلسطينى بأن هناك أخا شقيقا له فى مصر يشعر به وبمعاناته..إننى شعرت بفرح شديد عندما جاءنا مسئولو المخابرات المصرية وأبلغونا بأنه سيتم إطلاق سراحنا". وتابع "شعورى بعد إطلاق سراحى لايزال ممزوجا بالفرح الشديد والحزن الأشد.. فإننى فرح لخروجى إلى فضاء أوسع وأرحب .. فيما أنا حزين لأن هناك رفاقا لى فى نفس الغرفة ونفس القسم قضوا معى 20 و25 سنة ومازالوا فى سجون الاحتلال". وأشار إلى أن أول شىء فعله عندما وصل إلى قريته هو زيارة قبر والديه، قائلا "كنت أتوق جدا لرؤيتهما فور خروجى، ورغم أن الأحضان التى استقبلنا بها إخواننا وأهلنا وأحباؤنا، غير أنها لم تواز الحد الأدنى من حضن أبى وأمى". وعن مشاركة حماس فى الإضراب عن الطعام بسجون الاحتلال، أجاب عميد الأسرى الفلسطينيين المحرر نائل البرغوثى قائلا "إننا فى حماس شاركنا فى الإضراب ولكن بشكل جزئى يوما بعد يوم لأننا كنا نعلم أن مطالب الأسرى مطروحة على المفاوضات فى إطار صفقة التبادل..وكنا ندرك أنهم يريدون أن يجروا الحركة الإسلامية للضغط على الجانب المصرى فى المفاوضات". وفيما يتعلق بتحوله من تنظيم فتح إلى حماس، قال (أبوالنور) "إننى لم اعتبره تحولا وإنما تطور طبيعى .. فالإنسان الذى يعيش فى ظرف مقاومة وجهاد فى وقت يبتعد عنها الطرف الآخر لظروف سياسية مقتنع بها ولم تحقق شيئا..تجعله يبحث عن وسيلة أكثر قربا إليه من أجل ممارسة قناعاته". وأضاف "الإنسان دائما يبحث عن البيت الأكثر دفئا فيه خاصة وأننا ليس لنا مصالح شخصية ولا نبحث عن أموال قد نجنيها..ففى تحولنا دفعنا ضريبة أكثر لأننا ذهبنا إلى منطقة فيها سخونة على خلفية التحولات الكثيرة التى وقعت". وتابع :إن التحول الذى حدث فى مصر ، هو تحول فى عقلية الناس..وتحولنا جاء من قناعتنا بأن أكثر من 20 سنة من المفاوضات مع إسرائيل فى إطار منظمة التحرير لم يحقق شيئا، بل بالعكس زادنا إهانة وإذلالا حتى أن أبناء المنظمة أنفسهم موجودون فى السجن. وعن تقييمه لصفقة التبادل، قال عميد الأسرى المحررين "إنها جيدة جدا..فهى صفقة وطنية مشرفة جدا للشعب الفلسطينى ككل للمقتنع فى حركة حماس وغير المقتنع فيها، لأنها أطلقت سراح أناس من فتح والجبهة الشعبية لم يطلق سراحهم على مدار 22 عاما من المفاوضات..فأقدم خمسة أسرى تم إطلاق سراحهم من فتح". وعن خططه المستقبلية، قال "إننى سأتابع مستجدات الحياة كما سأبنى حياتى الخاصة"، موجها التحية لكل الشعب المصرى بدءا من أسوان وحتى العريش والشيخ زويد".