جرائم قتل وخطف وسرقة وقطع طرق في عز النهار وبلطجة وتعدي علي قيم المجتمع.. هذا ملخص لحالة الأخلاقيات في المجتمع المصري في الفترة الأخيرة.. وهي بالتأكيد ليست نتيجة للثورة.. ولكنها حالة أصبحت تحتاج إلي تفسير بعد أن غابت الأخلاق إلي حد ما عن الشارع المصري.. فما أسباب هذا الفساد الأخلاقي؟!. يقول الدكتور علي ليلة- أستاذ علم الاجتماع-: بطبيعة الحال المجتمع في أثناء تطوره التاريخي من 1952 وحتى 2011 تغيرت فيه منظومة القيم، وضعفت إلي حد كبير بسبب التغييرات الأيدلوجية والاجتماعية في المجتمع، وخاصة أن مؤسسات التنشئة الأخلاقية المتمثلة في المدارس والجامعات والإعلام أصابها نوع من الضعف والانحراف، وانتهينا إلي أخلاق وقيم ضعيفة عاجزة عن توجيه البشر إلي سلوك جيد، ويجب أن نشير إلي أن الثورة في حد ذاتها حدث إيجابي، ولكن دائما ما تعقب الثورات فترة صغيرة تشهد فوضى واضطرابات وسلوكيات خاطئة تستمر حتى يستطيع المجتمع أن يلم شمله من جديد، فالثورة تبرز قيم جديدة، وسلوك مثل البلطجة وهروب المسئولين بأموال الشعب والانتهازية وحكاية أنك لست من ميدان التحرير وأنك كذا وكذا، ويضاف إلي ذلك إلي أن الأخلاق ضعيفة في الأساس، فيصبح بذلك المجتمع بلا أخلاق، ولكن كل ذلك طبيعي جدا ،وخصوصا أننا في مجتمع يعيد ترتيب أوضاعه، وكل القيم تتفاعل مع بعضها، ولكن في النهاية تنتصر منظومة الأخلاق، وكل الفساد الأخلاقي الذي نراه حاليا هو كان موجود من قبل الثورة، ولكن الثورة كشفت غطاء الفساد وعورة المجتمع، ونري ما هو تحت هذا الغطاء مثل البلطجة والسرقة والأنانية في المطالب الفئوية، والانتهازية في إضراب المعلمين، وغيرها من عورات المجتمع التي كانت مختفية وفضحتها الثورة. ويقول الدكتور فتحي الشرقاوي- أستاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس-: التغييرات التي حدثت في النظام والمعتقدات والآراء جعلت الجوانب الانفعالية أكثر من الجوانب العقلية، واتجاهات كل فرد لن تتغير بسهولة وفي لحظة، فسمات شخصية الأفراد لا تتغير بالمعنى السريع، ولكن هناك تعديلات تتم على المدى البعيد، فالآراء تتغير بسهولة ولكن الأصعب القيم، ونحن في مرحلة كثرة الآراء ولم تصل إلي اتجاه والبعض يلعب على هذه الوتيرة فهناك فتن ومظاهرات ووقيعة ومطالب فئوية، فمرحلة الاتجاهات لو طالت سنجد اتجاهات سلبية للثورة، كما أن بعض المشاعر تطفو على السطح، مثل عدم الإحساس بالأمان في الشارع والخوف على الرزق وعلى الأولاد، بجانب أن هناك من يلعب في الظلام، ونجد أن هناك سلوك أكثر اضطرابا ويميلون إلي المنفعية، ونسمع من يقول أننا كنا نعيش في أمان من قبل، ولكن الحقيقة أننا الآن نعيش في أمان مستقبلي، وأؤكد أن أسوأ ما في جوف المجتمع يظهر في الثورات لأنها مثل البركان، وبعد ذلك نتخلص من كل ذلك، فالثورة سوف تظهر أجمل وأرقي ما في المجتمع بعد ذلك، فنحن في مرحلة اختلاف في الآراء وهذا يحدث بين النخبة، ولكن ما يهم رجل الشارع الأمان المادي والأمان في الشارع ومن يقود البلد ويكون المرجع ويدير شئون البلاد، ورجل الشارع يريد أن يأكل ويستقر ويتعلم وينتج، وما يحدث طبيعي أن يؤثر على الأخلاقيات، لأن هناك من هو ضد الثورة فلذلك نجد أسوأ ما في جوفه يظهر على السطح، فكل واحد وله مصالحه وعندما تتأثر يثير القلاقل والمشاكل ، فكلما تستقر الثورة نجد الأيدي تعبث، وعلى المصريين أن يصبروا ولا يسمحوا لأحد بأن يلعب عليهم فنحن في مرحلة التعافي ويجب أن نتحملها وسنعود بعدها أجمل مما كنا عليه ، فعندما نجد عدالة اجتماعية وكل واحد يحصل على حقه سنقول ساعتها أن الثورة قد أتت ثمارها، أما ما يحدث في الشارع فله علاقة بانفلات أمني يكاد يكون مقصود، وأقول لجهاز الداخلية أن اليد المرتعشة لا تبني.