والدي أردني وأمي فلسطينية وولدت في السعودية وعشت في مصر وابني تونسي! أشعر بالغربة لأن ذكرياتي متفرقة في عدة دول مهمومة بقضية "اللجوء" على المستوى الفني والإنساني..وتناولت القضية الفلسطينية في "الاجتياح" يوسف شاهين قال لي "عينيكي حلوة".. ووحيد حامد أشاد بي بدون سابق معرفة المخرج محمد ياسين وراء حالة التكتم حول مسلسل "أفراح القبة" لعبت أدوارا متميزة رغم أنها أصبحت ممثلة بالصدفة، فلم تكن الشهرة حلما بالنسبة لها.. وحياتها مليئة بالتفاصيل الدرامية الغريبة، فبينما قد ننام ونستيقظ تكون هي قد سافرت من بلد إلى بلد آخر لتنجز مهمة ما، وبين مهام عملية وأخرى أسرية نفتح لكم كواليس حياة الممثلة صبا مبارك من خلال الحوار التالي.. مشوار حياتك يشبه الترانزيت بسبب كثرة رحلاتك بين الدول.. فهل كانت لنشأتك دور في ذلك؟ هذا صحيح، فلقد كانت نشأتي لها قصة طويلة، حيث إنني ولدت في الرياض بالسعودية حيث كان والدي ووالدتي يعملان هناك، فأنا أنتمي لأب أردني وأم فلسطينية وانفصل والدي عن والدتي منذ سنوات طويلة، وحينما كان عمري سنة انتقلت معهما للعيش في مصر لمدة ثلاث سنوات أو أقل قليلا، ثم عدت للأردن مع والدتي بعدها عشنا فترة في دولة الإمارات، وخلال بقية عمري كنت في رحلات ترحال بين هذه الدول طوال الوقت، حيث إني أقضي وقتا كبيرا من حياتي في الطائرة بسبب ظروف حياتي، فلدي عملي الفني في الأردن ومصر، وشركة إنتاج فني في دبيبالإمارات، وابني تونسي الجنسية مقيم مع أختي في عمان بعد أن انفصلت عن والده، وهو يقيم هناك بسبب ظروف دراسته. هل هذه الحياة أضرت بفكرة الاستقرار أم كان في كثرة السفر فرصة لتكوين شخصيتك الفنية المختلفة؟ قد تكون فكرة السفر الكثير مثيرة بالنسبة لمن هو حياته مستقرة طوال الوقت، ولكن الأمر بالنسبة لي هو شعور دائم بالغربة والترحال وعدم الاستقرار، أبسطها أن ذكرياتي وملابسي ومتعلقاتي الشخصية ليست موجودة في مكان واحد، ولذلك أتمنى في وقت قريب أن أستقر في دولة واحدة أو دولتين على الأكثر، ولكني أعتقد أيضا أن الشيء الوحيد الذي استفدت منه خلال هذه الرحلات هو أنني رأيت ثقافات من أنواع مختلفة وهو ما جعلني أكثر خبرة، ولكنه أيضا جعلني عنيدة ولدي رأي في كل شيء، وأكره الريتم البطيء في كل شيء، ولا أحب التأخير في حياتي بشكل عام. بما أنك عشت طفولتك في حضانة والدتك.. فكيف لعبت الدور الأكبر في تكوينك؟ كنت مرتبطة بوالدتي رحمها الله بشكل كبير، فهي كانت ومازالت الإنسان الأهم في هذا العالم بالنسبة لي، حيث إني قضيت معها معظم حياتي، وهي من ربتني، وكانت فنانة تشكيلية، درست الفنون في القاهرة، وأحيانا ما كانت تشارك في بعض مناهج التعليم في مجال تخصصها، ولذلك حينما كبرت والتحقت بالجامعة في الأردن دخلت كلية الفنون الجميلة لأعمل في نفس المجال الذي كانت تعمل فيه والدتي، ولكن تغير المسار فجأة. وكيف حدث ذلك؟ الغريب أنني لم أكن أفكر يوما في حياتي أن أصبح ممثلة أو أن أكون مشهورة نهائيا، ولكن بالصدفة البحتة كان هناك دكتور في الجامعة رآني وأراد أن يعمل لي "أوديشن" لمسرحية في الجامعة، وأجبرني على ذلك، وبعدها وجدت نفسي أمثل في المسرحية وكان اسمها "الصرخة" وطفت بها العالم وحصلت على جوائز كثيرة بسببها في إيطاليا وتونس، بعدها قال لي هذا الدكتور إنني لابد أن أغير تخصصي وأن ألتحق بقسم التمثيل والإخراج، وتحدث إلى والدتي رحمها الله، فوجدتها تقول لي إني إذا قررت أن أعمل بالتمثيل فلابد من دراسته وعدم استكمال الفنون الجميلة، وكان ذلك شرطا لها، وبالفعل حولت إلى هذا التخصص، والغريب أن أول مسلسل عملت فيه بالأردن كان من بطولتي المطلقة وهو مسلسل "قمر وسحر" وكان عمري وقتها 19 سنة، وكان من خلال مخرج شاهدني أيضا بالصدفة البحتة، وبعده رشحتني مخرجة صديقة لمخرج سوري قدمت معه دور البطولة في مسلسل "الكواسر" .. فلم تكن معاناتي في الوصول أو أزمة الانتشار على قدر وصولي إلى تحمل مسئولية الأعمال في سن صغيرة. جئت لمصر بعدما حققت اسما كبيرا في عالم التمثيل بالدول العربية، فهل كان ذلك لتخطيط مسبق؟ لم يكن الأمر له علاقة بالتخطيط حيث كان أهم شيء بالنسبة لي حينما أصل إلى مصر أن يكون ذلك من خلال مشروع مهم، فلم أكن أسعى إلى مزيد من الشهرة بالرغم أنه بكل التأكيد أن أي فنان يتمنى الوصول إلى مصر لأن بها شريحة جماهيرية ضخمة، وطعم النجومية فيها مختلف عن أي دولة أخرى، ولكن لقصة عملي في مجال الفن في مصر عدة كواليس. ماذا عنها؟ أولها حينما قابلت المخرج يوسف شاهين في الأردن وقال لي "أنتي عينيكي حلوة" وممثلة جيدة، وأعطاني الكارت الخاص به وطلب مني مقابلته في مكتبه بمصر، وبالطبع لم أستوعب نفسي بسبب الفرحة الشديدة لسماعي منه هذه الكلمات، وبالفعل ذهبت له المكتب وقابلته وكنت وقتها مازلت في أول سنة دراسية بالمسرح، وكانت هناك خطة للعمل معه في مشروع ولكني رجعت لاستكمال دراستي وبعدها توفى ولم أوفق في العمل معه، كما أني تلقيت اتصالا من الأستاذ وحيد حامد دون سابق معرفة، وكان سبب اتصاله أنه رآني في دور كنت قد قدمته في مسلسل عربي، وأتصل لكي يشيد بي، ووقتها لم أصدق نفسي من مدى تواضعه المدهش وأنه اتصل بي خصيصا ليبدي إعجابه بي، وأول تليفون يأتي لي من مصر بخصوص المشاركة في عمل كان من المخرج سمير سيف، وكان من أجل ترشيحه لي في دور بمسلسل "نسيم الروح" مع الفنان مصطفى شعبان. لكني أعتقد أن بدايتك الحقيقية في مصر كانت من خلال فيلم "بنتين من مصر" فهل ترين ذلك؟ هذا صحيح، فقبل أن يظهر المسلسل على التليفزيون رشحتني المخرج والمؤلف محمد أمين لبطولة فيلم "بنتين من مصر" ووقتها عرض علي الدورين لاختيار دور بينهم فاخترت دوري، ولكن كانت الصعوبة هو العمل نفسه، فهو فيلم مهم جدا، ولكن عنوانه كان إشكالية في حد ذاته، فأنا أول مرة جمهور السينما المصرية يتعرف فيها علي كممثلة أردنية وأقدم فيلم عنوانه "بنتين من مصر". وأين ذهبت بعد هذه التجربة؟ بعد هذا الفيلم قامت ثورة يناير وتعثر الإنتاج السينمائي في مصر، وما عرض علي من مسلسلات لم يكن على نفس مستوى ما قدمته، وبالنسبة لي لم تكن لدي مشكلة هم التواجد، فطالما أنه لم يعرض علي ورق جيد متأكدة أنه سيخرج منه عمل جيد لن أقدمه، ففكرة الجودة تسيطر على تفكيري دائما، ولدي الاستعداد أن أتوقف سنة وسنتين دون عمل لتحقيق هذه الفكرة. هل هذا يفسر العودة القوية في رمضان الماضي من خلال مسلسل "العهد"؟ بالتأكيد سعدت بتقديم دور "ريا" في مسلسل "العهد" وهو الدور الذي حقق نجاحا كبيرا، وقدمت أيضا بعده في السينما فيلم "الثمن" مع الفنان عمرو يوسف، وجسدت من خلاله شخصية لاجئة سورية تضعها الصدفة في طريق شاب مصري، وبشكل عام أنا مهتمة بقضية اللجوء، حيث إن أمي كانت لاجئة فلسطينية وعاشت حياتها خارج وطنها، كما أن فكرة الأطفال الذين يتربون في المخيمات فكرة تسيطر على تفكيري دائما، ومن الأشياء التي تسبب لي وجعا كبيرا ولا أستطيع أن أكون غير فعالة تجاهها، وأفعل ذلك من خلال عملي الفني ومن خلال أيضا العمل الإنساني والاجتماعي، فأنا متطوعة في عدة جهات كمواطنة أردنية وليس كممثلة عربية، وفي بعض الأوقات أعمل في بعض برامج الأممالمتحدة التي تخدم في هذا السياق. قدمت أيضا من خلال مسلسل "الاجتياح" معاناة الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، فهل كانت مشاركك نابعة من اهتمام واقعي بهذا الشأن؟ بالطبع، فهذا المسلسل من إنتاج المركز العربي للإنتاج الإعلامي بالأردن، وهو عمل مشترك من إخراج التونسي شوقي الماجري وشاركني فيه مجموعة من الممثلين العرب مثل عباس النوري ومنذر رياحنة وإياد نصار وعدد من الممثلات والممثلين السوريين والفلسطينيين والأردنيين, وقد صور المسلسل معاناة الشعب الفلسطيني خلال اجتياح الضفة الغربية ومجزرة جنين سنة 2002 وقد قدم الجيش السوري الدعم والآليات العسكرية لتصوير العمل، كما يحكي ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح مخيم جنين قبل أربع سنوات، وقد قدمته لإيماني بالقضية الفلسطينية قلبا وقالبا. كنت ضمن قلائل من الممثلين العرب الذي شاركوا في السينما الهوليوودية من خلال فيلم "هاملتون" فكيف كانت تلك التجربة؟ بالفعل قد شاركت في "هاملتون" وهو فيلم أمريكي إلى جانب الممثل هيرش براندت، وكان ذلك عام 2012، وقدمت من خلاله دور شرطية بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقدمت الدور باللغة الإنجليزية، باستثناء بعض المشاهد التي تكلمت فيها باللغة العربية أثناء تحاوري مع مواطنين عرب خلال أحداث الفيلم الذي يأتي في إطار سلسلة أفلام بوليسية معروفة للمشاهد الغربي. عرض لك مسلسل "أفراح القبة" الذي شاركت من خلاله بالموسم الرمضاني الماضي، وكان يصاحب هذا العمل حالة من التكتم، كلمينا عن كواليس هذه الحالة؟ بالفعل لم يكن من المسموح لنا جميعا كفريق عمل التحدث عنه إلا أن أحداثه مستلهمة من رواية "أفراح القبة" للرائع نجيب محفوظ، وهذا ما حرص عليه المخرج المتميز محمد ياسين، ولكن لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أعمل فيها معه، ولكن لدي إيمانا كبيرا أن هذا المسلسل تحديدا سوف يكون عملا مهما سيبقى للتاريخ بإذن الله.