14 ألفا في عهد جمال عبد الناصر.. و19 ألفا في عهد السادات.. ومن 750 ألفا لمليون في عهد مبارك.. هذه الأرقام وردت في إحصائيات عن أعداد المعتقلين في عهد الرؤساء الثلاثة.. وبالطبع يختلف الاعتقال والتعذيب في كل عهد من رئيس لآخر.. وهو ما نكشف عنه من خلال الحوار مع ثلاثة ممن تم اعتقالهم في العهود الثلاثة.. ونبدأ مع الشاعر سمير عبد الباقي من واقع تجربته مع الاعتقال في عهد عبدال نشاهد في الأفلام التي تتحدث عن هذه الفترة مدي التعذيب الذي كان يلاقيه المعتقلون .. فماذا عن هذا المشهد في الحقيقة؟ ما نراه في هذه الأفلام ليس مبالغا فيه بل هو أقل ما يوصف به التعذيب في معتقلات جمال عبد الناصر فقد كانت هناك سلطة استبدادية تواجه المحكومين بعنف ولكن يجب أن أشير إلي أن التعذيب كان دورات وتحدث في كل المعتقلات بشكل مرتب ومنظم وبالتتابع مع الظروف الموجودة في البلد ولكن عندما كانوا يقومون بالتعذيب كان المعتقلون يجدون أشد أنواع التعذيب وإهانات ليس لها حدود فلويس عوض حبسوه في عنبر في السجن وضربوه فقط لأنه طبيب ولابس نظارة وكذلك محمود العالم والمثقفون كانوا يجبرون علي تنظيف ( البكابورت ) في عز الشتاء والقائمون علي الأجهزة الأمنية لكي يظهروا ولاءهم للنظام كانوا يضربون أي معتقل حتي الموت مثلما مات فريد حداد وشهدي عطية الشافعي والبهنساوي وعبد القادر مفتاح فكل هذه أسماء كانت تكافح ضد استبدادية النظام وكانت أجهزة الأمن توهم الناس والنظام بأنهم السبب في أي عداء لهم وهذا في المعتقل ولكن قبل الدخول في المعتقل كانوا يأخذون المعتقلين في المباحث العامة وهناك يقومون بسلخ المعتقلين بكل أنواع التعذيب وخصوصا الجلد والمياه والنار حتي يعترفوا بأي شيء لكي يرحموهم من هذا العذاب وكانوا يلفقون لهم القضايا وهناك من مات تحت أيديهم مثلما مات محمد عثمان في مباحث طنطا واختفت جثته ومثلما حدث مع فرج الله الحلو أيام الوحدة وقاموا بتذويب جثته في بانيو به حمض الكبريتيك لكي يخفوا الجثة وغيرها من أشكال التعذيب والإهانة . ماذا عن تجربتك في الاعتقال؟ كنت قد عملت مجلة اسمها صوت الفلاحين مع اثنين زملائي من دكرنس وكانت لنا أفكار ضد النظام ولم تعجب القائمين علي أجهزة الأمن وخصوصا أننا كنا ننادي بالديمقراطية فدسوا بيننا مخبرا تابعا للمباحث لكي يتم الإيقاع بنا وبالفعل فعلوا ما كانوا يريدونه فدخلنا السجن الاحتياطي مع مجموعة أخري من الشباب وهناك من ذهب للمعتقلات المجهزة للتصفية والتعذيب وتم حبسي مع مجموعة واتهمونا بالشيوعية في قسم مكافحة الشيوعية في المباحث العامة وهناك من مات بسبب التعذيب وتم سجني من 1959 وحتي 1964 في زنزانة انفرادية لمدة 30 شهرا في البداية في سجن المنصورة ولم يصدر ضدي أمر اعتقال إلا بعد حبسي بفترة وبعدها نقلوني للواحات والفيوم . وماذا عن الحياة في المعتقل والمعاملة التي كنت تجدها؟ تعرضت لإهانات طبعا وتم رميي في زنزانة بلا فرش أو غطاء أو ملابس وحافيا ولم أر النور لمدة 6 شهور تقريبا ولكن بعلاقاتي مع السجانة والمساجين جعلت الحياة أقل قسوة وكنت في سجن المنصورة وهناك كل واحد وجهده الشخصي لكي يعمل جوا بعيدا عن القسوة والإهانات وكنا نعمل في ورش وكنت أدرب فرق كرة الطائرة وتنس الطاولة وكنت أذهب للمكتبة وبدأنا نقرأ عما كان يحدث في أبو زعبل وكنت أسأل السجانة فيقولون لي خليك في حالك فطالما نحن بعيدا عن المباحث العامة لن يحدث لنا ما يحدث هناك وعندما ذهبت للواحات لم يكن هناك أكل لدرجة أن المساجين أكلوا الخروع وتسمموا والسجانة كانوا يبكون عليهم من كثرة ما كانوا يتعذبون من الألم ففتح المأمور السجن علي أرض زراعية هناك وقمنا بزراعتها لكي نأكل وزرعنا أكثر من 36 فدانا وهذا بعد التكديرة التي كان يأمر بها عبد الناصر انتهت وبدأ أيامها في عمل الإجراءات الاشتراكية في 1961.