صديقى العزيز.. تحية طيبة وبعد. أعرف أنك صرت مؤخرا تبنى بعض مواقفك بعيدا عن العقل، تؤثر فى مواقفك كراهية ما موجودة بداخلك، لو كنت أحظى ببعض الثقة عندك، فاسمح لى أن أخبرك بفكرة أن المبالغة في الكراهية تقود البعض إلى الوقوف في الجهة المقابلة دون أن يفكر فى النظر إلى أسفل قدميه ليرى أين يقف. حاول أن تتخلص من كراهية الأشخاص، فقط حتى تستطيع أن تشاهد وتستطعم الفكرة من وجودهم،هناك نماذج بشرية تدفعك للأفضل بأن تتعلم منها ومن تجربتها وتقلدها، وهناك نماذج بشرية تدفعك للأفضل بأن تتعلم منها ألا تصبح مثلها أبدًا. تخلص من يقينك التام العدوانى المبالغ فيه بأن اختياراتك أنت هى الأفضل وهى الأكثر صحة، وتأكد يا صديقى أن أي شخص فينا عبارة عن 60 % ماء و40 % اختيارات خاطئة. أعرف أن وجهات نظرك تتأثر كثيرا بما يقال فى البرامج التليفزيونية، ألم تشعر بالملل يا صديقى العزيز؟ ألم تلاحظ المأساة التى نعيشها، معدو البرامج في مصر يمتلكون أجندة تليفونات واحدة، يحفظون أرقام من فيها ويتصلون بهم لا إراديًّا بالطريقة نفسها التي نتصل بها بأي رقم ثابت لمطعم ما لعمل أوردر، لن تجد مطعمًا يعتذر لك عن عدم تلبية الأوردر بخلاف أنك لا تمتلك خيالًا في الطهي، والنتيجة أننا نأكل الطعام نفسه كل يوم، حتى أصبحت حياتنا بلا طعم. أنت أبضا يا صديقى أصبحت تقول كلاما بلا طعم مثلهم لأنك تردد ما يقال فقط. حاول أن تغير طريقتك ولا تخف من الفشل، هناك من يفشل قبل أن يبدأ لأنه يكسر مجاديفه بنفسه، وهو شخص يقول له "هنرى فورد": العوائق هي كل ما تراه عندما تنظر بعيدًا عن الهدف، وهناك من يفشل لأنه قصير النفس، وهو شخص يقول له "جون ماث": إن كنت لن تمشي الطريق إلى آخره فلم تمشه من الأساس؟ وهناك من يفشل لخلل في طريقة تفكيره، وهو شخص يقول له "ديفيد بوليم": قد تعتقد أنك تفكر من جديد والحقيقة أن كل ما تفعله هو مجرد إعادة ترتيب لأفكارك القديمة وأحكامك المسبقة. أعرفك منذ طفولتك مغامرا، تتحرك بضراوة وتقول للكسالى من أفراد الشلة إن اللعبة التى تليق بهم هى (الأوله)، الأوله لعبة البنات المفضلة تلخص قصة حياتهن في بلد شرقي، لابُدَّ من الخفة والدلال مع تشغيل المخ والحرص، فالحركة من مربع إلى مربع محسوبة، ودخول مربع خطأ غلطة لا تغتفر قد تهدم اللعبة كلها. امنح المسافات حقها يا صديقى، لكن توقف كل قليل، وستكتشف ما يبهجك، فمع كل خطوة في عمق الحياة يعيد الإنسان اكتشاف نفسه، أكرر دائما كلما كان هناك فرصة أن أهم اللحظات في حياة الواحد مرتبطة باكتشاف كم تغيرت علاقته بالأشياء الثابتة من حوله، مع كل محطة جديدة تعرف عن نفسك ما لم تكن تعرفه من قبل وبمرور الوقت تكتمل الصورة. امنح الأفكار الثابتة التى تعتقد أنها خلاصة الحكمة فرصة أخرى، ستظل الأفكار فى مكانها (ماتخافش مش هتطير)، لكن أنت اليوم غير قبل عام، مالم تراجع أفكارك فهذا يعنى للأسف أنك لم تتعلم شيئا، أما إذا كنت قد تعلمت واكتشف الكثير وتخشى الاقتراب منها، فأنت هنا قد حولتها إلى أصنام، وموضوع عبادة الأصنام ده خلصنا منه من زمان على ما أعتقد يعنى. قليل من الجرأة سيسعدك، وإنصاف الأفكار والأشخاص ستجده ممتعا، ومشاعرك هى الوقود الذى تحرقه ماكينة روحك، فكن حريصا على أن تكون من أصدقاء البيئة.