راوية عطية.. اسم قد لا يعرفه كثيرون اليوم، ولدت في 19 أبريل 1926 وأكملت تعليمها على عكس أغلبية المصريات وقتها، دخلت مدرسة الأميرة فوزية الثانوية في سن العاشرة وشاركت في مظاهرات ضد الاستعمار، وفى إحدى المرات أصيبت برصاصة وحملتها هدى شعراوي على ذراعيها لتداوي، وبالرغم من حصولها على الثانوية العامة شعبة علمي إلا أنها التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم تاريخ، و حصلت على الليسانس سنة 1947، ثم دبلوم في التربية وعلم النفس، و ماجستير في الصحافة، و دبلومة في الدراسات الإسلامية، وبعد تخرجها بالصحافة ثم اشتغلت في التدريس لمدة 15 عاماً، وفي سنة 1956 كانت أول امرأة تعمل ضابطة في الجيش المصري في اثناء العدوان الثلاثي ودربت 4000 امرأة على الإسعافات الأولية والتمريض لجرحى الحرب ووصلت لرتبة نقيب، ثم رشحت راوية عطية نفسها لعضوية مجلس الأمة في انتخابات 1957وكانت أول امرأة في مصر والدول العربية تصبح عضواً في البرلمان وعمرها لم يتجاوز 31 عامًا، وقال الرئيس عبدالناصر عنها "لقد آمنت بكفاح المرأة المصرية من كفاح السيدة راوية عطية"، ونشرت مجلة "الجيل" 1957، مقالًا كتبته راوية عطية عضو مجلس الأمة قالت فيه "الهجوم على المرأة لن يجدى خصومها أبدًا.. فقد ثبت بالتجربة أن المرأة تنتصر دائمًا فى كل جولة تخوضها ضدها الرجل، والضجة التى ثارت حول الفساتين الضيقة لا معنى لها.. فإذا اقترضنا أننا سوف نخضع هذه الملابس النسائية لسلطان التشريع..فأى تشريع وأى قانون هذا الذى سوف يحدد الملابس الضيقة والملابس الفضفاضة.. ومن هو الذى سوف يحكم بأن هذا فستاناً ضيقاً أوفستاناً واسعاً، وما هو المقياس؟ ومن الذى سيتولى منع السيدات من ارتداء هذه الملابس..هل البوليس مثلا؟ إن مثل هذه الحالات لا تعالج بتشريعات.. لكن بتقوية الوازع الخلقى والنزعات الدينية، والذين أثاروا هذه الضجة هم أنفسهم الذين حاولوا إسقاطى فى الانتخابات لكنى انتصرت عليهم، وثبت بالدليل العملى أن كلمتهم ليست هى كلمة الشعب"، وفي حرب أكتوبر 1973 كانت راوية رئيسة جمعية أسر الشهداء والجنود ولذلك لقبت ب"أم المقاتلين"، وتم اختيارها الأم المثالية لعام 1976 وحصلت على نوط الواجب من الطبقة الأولى من الرئيس السادات، كما قامت بدور بارز في حرب الخليج حيث قامت بدورات إسعاف وتمريض ودورات دفاع مدني للسيدات الكويتيات اللاتي حضرن للقاهرة، وفي سنة 1993 اصبحت راوية عطية رئيسة المجلس القومي للأسرة والسكان حتى وفاتها سنة 1997.. نسيت أن أقول لكم إن "أم المقاتلين" كانت أول عضو في البرلمان عن دائرة الجيزة.. أى كانت ممثلة برلمانية عن منطقة الدقي، وأصبحت تمثلها بعدها آمال عثمان والتى تخصصت في الفوز علي مرشحي الإخوان بداية من مأمون الهضيبي في انتخابات 2000 وحازم صلاح أبو اسماعيل في انتخابات 2005 وعصام الشاهد في انتخابات 2010، وعقب ثورة 25 يناير طمع فيها الإخواني عمرو دراج قبل أن يهزمه الدكتور عمرو الشوبكى.. وحالياً يجلس مكان أم المقاتلين النائبان عبد الرحيم علي وأحمد مرتضي منصور.. وبالتالي ليس دائماً اليوم الأجمل هو الذي لم يأت بعد.. فقد يكون هو الذي ذهب بلا عودة.