شيعت أمس جنازة الفنان الراحل سعيد صالح من مسجد مستشفي القوات المسلحة بالمعادي، وسط غياب تام للفنانين، حيث لم يحضر الصلاة علي جثمانه إلا "سامح الصريطي، ومنير مكرم، وعهدي صادق". وقال عهدى صادق، الصديق المقرب للراحل، إن خبر الوفاة كان فاجعة كبُرى له، ولكن لله ما أعطى ولله ما أخذ، و"سعيد" كان إنسانا طيبا جدا ومحبوبا من كل الناس ولن يعوض. وتعرض الفنان عادل إمام لهجوم شديد عبر مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة مثل "تويتر" و"فيس بوك" بسبب تغيبه عن جنازة صديقه سعيد صالح، وأعلن عدد من رواد هذه المواقع استيائهم من الفنان الكبير لعدم حضور جنازة صديق عمره ورفيق دربه، وتعجب أحدهم من عدم حرص الزعيم علي قول "سلام يا صاحبى" لصديقه في اللحظات الأخيرة ، لكن الفنان عادل إمام نعى ، صديق عمره، بصورة تجمع بينه وبين النجم الراحل علي صفحته علي الفيس بوك ، تعبيرًا عن مدى حزنه لفقدان رفيق دربه. ونعى الفنان سامح الصريطي، وكيل نقابة المهن التمثيلية، الفنان الراحل سعيد صالح، قائلا :"إن مصر فقدت رمزًا يعجز الكلام عن وصف قيمته الفنية"، مطالبًا كل من يشاهد أعماله التي ترسم البسمة أن يترحم عليه ويدعو له بالمغفرة. وأضاف "الصريطي" أن ذكرياته مع "صالح" لا تحصى، أبرزها حرصه على مرافقته في أداء عمرة رمضان كل عام خلال سنواته الأخيرة، ورحلته العلاجية قبل رحيله، والتي عانى فيها وتحمل الكثير من الآلام، معبرًا عن حزنه قائلا "أخيرًا ربنا ريحه". وأكد وكيل نقابة المهن التمثيلية أن الفقيد كان إنسانًا بسيطًا وتلقائيًا ويقابل كل من يتعامل معه بحب جارف، مضيفا :"ده غير إنه كان ابن نكتة وحاضر بالضحك دايما في كل الأوقات". وبدأت رحلة الفنان الراحل الشاقة مع المرض عام 2005، حيث أصيب قلبه بضيق في الشرايين، سبب له آلام حادة بالصدر، أجرى على إثرها عملية قلب مفتوح له، كما أنه عانى من مرض السكر الذي كان سببًا لإصابته بجلطة دموية بالمخ، وفي مايو الماضي، تم نقله للمستشفى إثر تعرضه لوعكه صحية حادة، تمثلت في إصابته بهبوط مفاجئ وقيء دم، لكنه أصر على الخروج من المستشفى لعدم تقبله المكوث بها، فتعرض لأزمة أخرى، ونقل لمستشفى المعادي العسكري، ودخل في غيبوبة لمدة يوم، عندما أفاق تدهورت حالته مرة أخرى، ليتوفى صباح أمس ، بعد ليلة سعيدة قضاها مع أسرته والمقربين منه، احتفالًا بعيد مولده. وقد أضحك سعيد صالح الملايين بأعماله الفنية الخالدة التى مازالت ترسم البسمة في مصر والوطن العربى ومنها مسرحية "العيال كبرت"، و"مدرسة المشاغبين"، و"هاللو شلبى"، وأفلام "رجب فوق صفيح ساخن"، و"سلام يا صاحبى"، وغيرها من الأعمال التى أثرت تاريخ الفن المصرى ، كما قام ببطولة الكثير من أفلام الفيديو والسينما، وعمل في أكثر من 500 فيلم والعديد من المسرحيات ، وكان يقول دائمًا "السينما المصرية أنتجت 1500 فيلم.. أنا نصيبي منهم الثلث" ، وتوقع له النقاد والجمهور أن يكون نجم الكوميديا الأشهر بعد بزوغ نجمه في مدرسة المشاغبين والعيال كبرت، لكن حياته الشخصية والاجتماعية المضطربة أثرت بالسلب على مشواره فتراجع بمرور الوقت. وولد سعيد صالح في 31 يوليو عام 1938 فى محافظة المنوفية وتوفي بعد ذكري عيد ميلاده السادس والسبعين بيوم واحد ، وحصل على ليسانس الآداب عام 1960 واكتشفه الفنان الكبير حسن يوسف وقدمه إلى المسرح، وكانت أولى مسرحياته "هالو شلبي"، ثم قدم بعد ذلك المسرحية الخالدة "مدرسة المشاغبين"، التي ظلت تعرض على المسرح لمدة 6 سنوات متواصلة، واتبعها بمسرحية "العيال كبرت" مع غالبية طاقم العمل احمد زكي ويونس شلبي وحسن مصطفي ، وكان سعيد صالح فنانا شاملا، تخطت قدارته الفنية التمثيل الكوميدي، حتى إنه لحّن عدة أغنيات وغناها في المسرحيات، بل لحن قصيدة "بلقيس" للشاعر نزار قباني، وحصل بعدها على نقابة الموسيقيين عام 1984 ، وكانت العقبة الكبرى في مشواره الفني هو إيداعه السجن عام 1991 وقضاء مدة عقوبة بسبب تعاطيه مخدر "الحشيش"، وهي الفترة التي قال عنها سعيد صالح فيما بعد إنها أفضل فترات حياته، وإنه عرف الله أكثر في السجن وتعلم الكثير عن الدنيا والدين ، لم يكن السجن غريبًا على سعيد صالح، فقبل ذلك قضى 6 أشهر به عام 1983، لأسباب سياسية بسبب جملته الإرتجالية التي قالها في أحد مسرحياته وهي: "أمي إتجوزت ثلاث مرات.. الأول أكلنا المش.. والتاني علمنا الغش.. والثالث لا بيهش ولا بينش"، " ، سعيد صالح الذي عُرف عنه الخروج عن النص، كثيرا ما أغضب منه الفنان والمخرج المسرحي الراحل عبد المنعم مدبولي لدرجة أنه تخلى عن العمل معه في مسرحية مدرسة المشاغبين بسبب ضيقه من كثرة خروج سعيد صالح عن النص , لكن باقي المخرجين اعتادوا على ذلك حتى صار جمهوره والفنانون المشاركون أمامه بالمسرحيات يسعدون دائمها بإفيهاته وقد تعودوا على إرتجالاته وخروجه الدائم عن النص ، وإستعان الفنان الراحل بالإفيهات السياسية التي لم تقتصر على ذلك التعبير الشهير الخاص بعصر الانفتاح والذي أطلقه في مسرحية "العيال كبرت"، بل تكرر كثيرا ومنها ما حدث في مسرحية " كعبلون"، لدرجة جعلت البعض يطلق عليه لقب " ملك المسرح السياسي " كما اشتهر بإفيهاته التى مازلت خالدة في وجدان المشاهد العربي مثل الإفيه الشهير «شراب أستك منه فيه»، و"مرسي إبن المعلم الزناتي اتهزم يارجالة " و" يامتعلمين يا بتوع المدارس". وكون النجم سعيد صالح ثنائيا فنيا ناجحا مع صديق عمره النجم عادل إمام، وقدما أهم الأعمال الفنية فى تاريخ المسرح والسينما المصرية منها مسرحية "مدرسة المشاغبين" ، كما قدما سويا أفلام "رجب فوق صفيح ساخن"، "أنا اللى قتلت الحنش"، "سلام يا صاحبى"، "الهلفوت"، "على باب الوزير"، "المشبوه"، "الأزواج الشياطين"، ومسلسل "أحلام الفتى الطائر"، وآخر أعمالهما معا فيلم "زهايمر" وجمعت بينهما صداقة طويلة استمرت حتى وفاته. وتمكن سعيد صالح من أداء أدوار البطولة في أفلام كثيرة ، اختلفت بين أدائه لدور البطل أو صديق البطل، الذي كان في أغلب الأوقات عادل إمام، وبين البطولة المطلقة أو الجماعية في أفلام أخرى خاصة في السبعينيات والتي أطلق عليها لقب " أفلام المقاولات" وكانت اغلبها مع سمير غانم ويونس شلبي ، وفي آخر أعوامه، ظهر سعيد صالح في أدوار ثانوية سواء مع صديقه عادل امام أو مع النجوم الجدد مثل محمد هنيدي في فيلم " الواد بلية ودماغه العالية "، دون أن يسبب له الأمر أي إزعاج، لأنه كان يرى في نفسه دائمًا فنانا شاملا، قادرا على الإضحاك في اى وقت ومع اى فنان أمامه ، ومن أشهر الأعمال التى قدمها فى التليفزيون مسلسل "السقوط فى بئر سبع" مع النجمة إسعاد يونس عام 1994، والتى قدم فيها دور شفيق الجاسوس الذى يبيع وطنه من أجل المال، كما شارك فى مسلسلات "المصراوية"، و"آن الأوان"، و"رجل بلا ماضى"، "البرارى والحامول"، و"المارد"، و"العبقرى"، "عودة الروح"، "أشجان"، "هارب من الأيام"، وتعرض صالح في حياته للعديد من الأزمات والنكبات، وتنازل عن أدوار كبيرة، حبّا في أصدقائه، مثل الواقعة الشهيرة بتنازله عن دور "بهجت الأباصيري" لصديقه عادل إمام في مسرحية "مدرسة المشاغبين" ، كما تعرض لأزمات عديدة بسبب المشكلات والخلافات العائلية بين زوجته الثانية وابنته الوحيدة هند والتي خرجت من الاطار العائلي لتنتشر في وسائل الإعلام وتسبب ألما نفسيا ومعنويا للفنان الراحل . الفنان الكبير حسن يوسف مكتشف سعيد صالح وصاحب الفضل الأول عليه في اقتحامه عالم المسرح كما قال صالح بنفسه يقول " للعربية نت " إن سعيد صالح كان عبقريا وموهوبا ونقى السريرة وطيب القلب ومن الأجيال المظلومة إعلاميا حيث لم يحظ بحقه كفنان قدير قدم أروع المسرحيات والأفلام فى تاريخ السينما المصرية , مضيفا أن الحديث عن إكتشاف سعيد صالح لايساوي شيئا الأن بعد فقدان فنان أصيل وقدير مثله أمتع جمهوره ورسم البهجة والضحكة على شفاه ووجوه الملايين في الوطن العربي واصبح سلطان الكوميديا . ويضيف يوسف قائلا لقد اكتشفته فى الستينيات وكان موهوبا بحق ويستحق الحصول على فرصة ، وكان أول عمل مسرحى له هو مسرحية “هالو شالبى”، التى انطلق منها إلى عالم المجد والشهرة , و لاقت نجاحا كبيرا ،ثم توالت اعماله. ، ويقول يوسف إن سعيد كان له من إسمه نصيب فقد كتبت له السعاده بوفاته يوم الجمعة وهو من الأيام المباركة وأدعو الله أن يكتبه من الصالحين ويغفر له مطالبا الملايين من محبيه بالدعاء له بالرحمة والمغفرة . كما نعت الفنانة الكبيرة نادية الجندى الفنان الراحل وقالت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك : "وداعا سعيد صالح ستبقى أعمالك خالدة بعدما رسمت البسمة على وجوهنا"، كما طالبت الشعوب العربية بالدعاء له لأنه كان قد أسعدهم طوال مشواره الفنى بأعمال مميزة. كما قالت نادية الجندى، إن الراحل سعيد صالح كان قد شاركها فى عدة أعمال سينمائية مميزة ورائعة وأول أفلامها كبطلة وهو فيلم "بمبة كشر" وأول بطولات الراحل فى السينما كانت أيضا من خلال هذا الفيلم ومن الأفلام الأخرى التى شاركها بطولتها "عزبة الصفيح" و"الضائعة" و"جبروت إمرأة" و"شهد الملكة" و"الخادمة". ونعت الفنانة يسرا اللوزي سعيد صالح، وكتبت على موقع "فيس بوك": "رحم الله الأستاذ سعيد صالح...الحمد لله أن جاءتني فرصة العمل معه و لو مرة واحدة في فيلم "بالألوان الطبيعية ". وكتبت الفنانة شيريهان من خلال تدوينة عبر تويتر إنا لله وإنا إليه راجعون في المبدع المصري، النجم الفنان سعيد صالح. وكتب المطرب إيهاب توفيق :" البقاء لله في وفاة الفنان الكبير سعيد صالح ..الله يرحمه ويصبر أهله ..إنا لله وإنا إليه راجعون". وكتب محمد رمضان على "فيس بوك" : "بحق هذا اليوم المبارك .. الله يرحمك ويحسن إليك .. أستاذي سعيد صالح .. وداعا يا عاشق الابتسامة"..