الفن كالسكين يمكن أن نطبخ بها ويمكن أن نقتل بها فاختار ما شئت ..هكذا كان رد الشيخ الشعراوي - رحمه الله- عندما سئل عن الفن وهل هو حلال أم حرام..والسؤال لماذا قبلنا أن تتحول السينما لسكين نذبح بها بقلب بارد قيم وأخلاق المجتمع.. لماذا تحولت الشاشة الذهبية لمنصة لإطلاق صواريخ الانحلال والابتذال والانحراف علي أبنائنا ؟؟ ولماذا نصمت أمام سيل الشرائط السينمائية الرخيصة التي تحكي لنا قصص البلطجية العظام من عبده موته إلي القشاش والتي تتصدر صور أفيشاتها راقصات من العيار الثقيل مثل دينا وصافيناز ومطربي ملاهي شارع الهرم الذين يسممون أخلاق أولادنا بسلوكيات الملاهي الليلية التي يعملوا بها. كيف نقبل أن نسمع من يغني "ياني ياني عن النص التحتاني هموت يا ناس عليه" ولا نثور علي هذا الرخص والتدني الأخلاقي؟؟ ظل الكثيرون يتغنون بحرية الرأي والتعبير ومن هذا الباب الشيطاني مرت الكثير من أفلام خالد يوسف وإيناس الدغيدى وهاني جرجس بكل ما حملته من عري وإباحية وقيم شاذة صادمة للمجتمع الذي حاصرته الكثير من المنابر الإعلامية غير المسئولة والتي روجت داخله لفكرة الحرية المطلقة وحاولت أن تجبره علي تجرع هذا السم القاتل علي انه دواء لمعالجة الكثير من القضايا المسكوت عنها..وكأن مشاكل العلاقات الحميمية وغرف النوم أصبحت هي الشغل الشاغل للمصريين !! ومنذ 25 يناير 2011 ومع تراجع الأحوال الاقتصادية مما اثر علي صناعة السينما – مثلها في ذلك مثل الكثير من الصناعات- وجدنا أنفسنا أمام عائلة السبكي للإنتاج وبعض الشركات الصغيرة إلي جانبها والذين قرروا إتحافنا بأفلام "اللحم الأبيض ". وهذه النوعية من الأعمال غير الفنية شكلا ومضمونا تختلف عن سينما المقاولات التي ظهرت في مصر في بداية التسعينيات ..لان أفلام المقاولات كانت ميزانتها بسيطة وقصصها خفيفة وأبطالها من نجوم الصف الثاني لكنها في معظمها لم تكن تصطدم مع قيم المجتمع . أما سينما "اللحم الأبيض" فهي التطور الطبيعي لسينما "خالتي بتسلم عليكي " و"سلملي ع البتنجان "التي كانت تقدمها نادية الجندي التي لم تكن تجيد إلا التمثيل بالجسد ..والجسد فقط ، للعب علي غرائز المشاهدين بأفلام انتهكت حرمة صورة المرأة علي الشاشة ولوثتها بطريقة مذرية . عادت سينما نادية الجندي في ثوب جديد ارتدته دينا وحورية فرغلي وصافيناز ثوب أكثر إباحية ورخصاً .. مطرز بالأفيهات الجنسية الصريحة والأغاني الشعبية التي لا تملك إذا سمعتها إلا أن تطلب بوليس الآداب للقبض علي مؤديها بتهمة ارتكاب فعل فاضح !! عاد هذا الشكل الفج من السينما لكن بصورة أكثر تجاوزا و ابتذالا عما كانت تقدمه نادية الجندي - بمبه كشر السينما المصرية- .. ولا اعرف أين الرقابة علي المصنفات الفنية من هذه المخلفات الفنية ؟ ولماذا لم ترفضها ؟؟ وهل هذه هي حرية التعبير التي يبشرونا بها ؟ أين جمعيات حقوق المرأة التي صدعونا بكلامهم عن تمكين المرأة وحريتها ومساواتها بالرجل أليس من الأجدي لهذه الجمعيات إذا كانت تعمل لصالح المرآة المصرية بصدق وليس لصالح أجندات الجهات المانحة لها فقط أن تهتم بآدمية المرأة المهدرة في هذه الأعمال التي حولتها لدمية جنسية رخيصة ..أين منظمات حقوق الأمومة والطفولة من الأطفال الذين يتم المتاجرة ببراءتهم في هذه الأعمال ؟؟ أين وزارة الثقافة المصرية ولماذا لا تتدخل بقوة لمنع هذه الأفلام التي تسيء عند عرضها في الخارج لصورة الشعب كله وتقضي بذلك علي قوتنا الناعمة التي امتلكنا بها قلوب وعقول الإخوة العرب لسنوات طويلة ..من يقبل أن نصدر أفلام غادة عبد الرازق ورانيا يوسف واوكا واورتيجا بعد أن كنا نقدم لهم أعمال فاتن حمامة وسعاد حسني ورشدي أباظة .. كيف تتحول المرأة المصرية لجارية في سوق المتعة السينمائي بعد أن كانت في أفلامنا شجرة الدر وجميلة بوحريد ورابعة العدوية والشيماء. كيف نقبل بتحول سعد الصغير لفتي الشاشة الأول ومثله محمد رمضان بدلا من عمر الشريف واحمد زكي . نعلم علم اليقين أن صناعة السينما تكاد أن تتوقف ولكن ليس معني رغبتنا في إنقاذها واستمرارها أن نقبل بتلك النوعية من الأعمال لان هناك فرق بين الإبداع والانحطاط وبين حرية الرأي والانحلال .. السفالة ليست فناً ولن تكون ، وفيما تقدمه دينا وصافيناز وهيفاء وهبي ومن علي شاكلتهم سما قاتل ..فاحذروه.