من أبرز نتائج ثورة عام 2011 تزايد التواجد النسائي في العمل العام، إلا أن هذا التواجد قد صاحبه استمرار التحرش الجنسي و العنف ضد المرأة المصرية. ناقش أساتذة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، آن جاستاس، رئيس قسم علوم الاجتماع والإنسان والنفس والمصريات وطبيية نفسية ممارسة و هيلين ريزو، أستاذ مساعد في علم الاجتماع، التحرش في مصر بعد الثورة وهم يرون أن التحرش الجنسي يؤذي النساء من جميع الطبقات والمذاهب، وقد يكون التحرش جسدياً أو جنسياً أو نفسياً. توضح جاستاس أن التحرش الجنسي يعد شكلاً من أشكال الإساءة. تقول جاستاس "أعتقد أن نحو 85% - 90% من النساء اللاتى أقابلهن أثناء ممارسة عملي قد تعرضن إلى شكل من أشكال التحرش الجنسي، أو الاغتصاب، أو العنف الجسدي، التي كثيراً ما تصدر عن أفراد أسرهن." تعرف الأممالمتحدة التحرش الجنسي بأنه "فعل غير مرحب به من النوع الجنسي، أو طلب للحصول على إرضاءات جنسية، و أي سلوك آخر لفظي أو جسدي ذو طبيعة جنسية." يحمل مصطلح التحرش الجنسي في طياته نطاق واسع من السلوكيات والتصرفات، التي تتراوح من الاغتصاب إلى التلفظ بتعليقات أو إطلاق الدعابات الجنسية، والتي يمكن أن تحدث في مكان العمل، أو الشارع، أو المنزل. توضح جاستاس أن الرغبة في إيذاء شخص آخر سواءً كان لفظياً، أو جنسياً، أو جسدياً ينبع من الشعور بالضعف أو انعدام الثقة، حيث يحاول المهاجم من خلال هذا الاعتداء أن يشعر بالقوة والتحكم. وتضيف، قد تكون عقلية المهاجم السائدة هي عقلية غوغائية، حيث يحدث الهجوم في الأماكن العامة، وبالتالي يسهل على المهاجمين المحتملين إيذاء ضحاياهم. تقول جاستاس "إنه أمر غير شخصى، فهو أمر يتصل بالنوع. ومع استمرار شعور الرجال المصريين بالغلبة على أمرهم أو بالانفصال عن السلطة السياسية بعد الثورة، قد تكون ردة أفعالهم تجاه ذلك هو التغلب على النساء. وبناءً عليه، إن أردنا أن يتوقف الإيذاء والهجوم، يجب أن يجد هؤلاء المهاجمون مصادر أخرى لتشعرهم بالثقة في النفس. يجب أن يحدث تحولاً في فهمنا لهذا السلوك الهجومي حتى نتوقف عن التساهل مع مثل هذا السلوك أو التغاضى عنه في صمت." تنتج أيضاً حوادث التحرش عن آثار نفسية سلبية هائلة لدى الضحية. تقول جاستاس، "إن الأعراض تكون شبيهه بأعراض الاضطراب النفسي لما بعد الصدمة. قد يصعب على النساء النوم ويصبن بالصداع بسبب التوتر. وبوجه عام، يشعرن بالحزن والخوف و الخزى." توضح جاستاس، التي تدربت في الطب النفسي بالولايات المتحدةالأمريكية، أنه بينما تقوم جميع الثقافات بكتمان وإخفاء التحرش ونتائجه النفسية، يعمل النشطاء في مصر الآن على الترويج لحملات لمنع التحرش بشكل أفضل. تقول جاستاس "هناك رسالتان دائماً ما يطلقهما النشطاء الأمريكيون في هذا الخصوص بوجه عام. أولاً: إن التحرش ليس غلطتك، وثانياً: إن كنت تتعرضين للإيذاء، فعليك الخروج من هذا الموقف. سيكون أمراً مثيراً للاهتمام أن نرى أي هذه الرسائل سيتم استخدامها في محاربة التحرش الجنسي والعنف المنزلي على المدى الطويل." .. يعتبر تقبل السيدات للرسالة الأولى مهمة صعبة. تقول جاستاس "تتحمل الكثير من النساء مسئولية ما يحدث لهن من تحرش، ويلمن أنفسهن على ذلك، ويقسين على أنفسهن من الناحية النفسية. وعادة ما يتم ترسيخ تلك الأفكار من قبل الثقافة المحيطة بهن." تعتقد جاستاس أن أفضل طريقة لمحاربة التحرش أو مثل هذا النوع من الأذى هي التحدث علناً عن الأمر، "سنعرف ما مدى تأثيره مع الوقت، لكن ما يهم هو تزايد معرفة الناس بمشكلة التحرش الجنسي." تعمل ريزو مستشار بمنظمة خريطة التحرش (امسك متحرش) HarassMap، وهي منظمة تصنف حوادث التحرش الجنسي وتضعها على خريطة لمصر على الإنترنت. تذكر ريزو أن البيانات الموجودة على الخريطة لا تمثل العدد الفعلي لحوادث التحرش الجنسي لأنها تشتمل على الحوادث التي يتم التقدم بها فقط. تقول ريزو "تحاول الكثير من مجموعات حقوق الإنسان أن تدفع الرجال لتحمل مسئولية أفعالهم و لكن لا تتوافر معلومات كافية عن كيفية القيام بذلك. يعد المركز المصري لحقوق المرأة أحد المراكز التي تسعى للقيام بذلك الأمر. يسعى هذا المركز إلى إصلاح القوانين المتعلقة بالتحرش الجنسي، حيث أن القوانين الحالية تفرق بين تصنيفات خاصة بالإهانة والاغتصاب، دون تعريف لما هو التحرش الجنسي، وبالتالي يجعل من الصعب تجريم ومعاقبة مرتكبي حوادث التحرش." هناك منظمة أخرى أصبح لها تواجداً متزايداً وهي قوة ضد التحرش الجنسي الجماعيOperation Anti-Sexual Harassment (OpAntiSH)، والتي تنشر وقائع التحرش الجنسي على صفحتها على موقع فيسبوك. تقول جاستاس "هناك المزيد من قصص التحرش الجنسي التي ستخرج إلى النور والتي حدثت أثناء الثورة. وحتى مع الحديث المتزايد عن هذه القضايا في وسائل الإعلام، تنتظر النساء سنوات لكي يحكين قصصهن. إنه لأمر مشجع للغاية أن تبدأ السيدات في التحدث علناً عن تجاربهن، ويتطلب القيام بذلك الكثير من الشجاعة، ويساعد كل من الرجال والنساء على إدراك إنسانيتهم المشتركة."