أصبحت المواجهات المسلحة فى سيناء الآن واضحة ومباشرة بين قوات الجيش المصرى والعناصر التابعة لتنظيم التكفير والهجرة الذى ظل كامنا ساكنا لسنوات طويلة ثم خرج فجأة من القمقم ليعلن عن نفسه فى الحادث الإرهابى الأخير .. فهل ستكتب العملية نسر شهادة وفاة هذا التنظيم نهائيا. ورغم إعدام شكرى مصطفى أمير الجماعة وعدد من قادة التنظيم عقب اغتيالهم الشيخ الذهبى وزير الأوقاف الأسبق عام 1977 إلا أن الجماعة لم تمت. وظلت تعمل فى الخفاء بعيدا عن أعين الأمن المصرى ثم وجدت فى سيناء مرتعا خصبا لنشاطها طيلة السنوات الماضية .. كانت الجماعة تنتظر من الرئيس الجديد أن يعلن الحكم الإسلامى فى مصر وهو الهدف الذى نشأت من أجله .. ولكن عندما أعلن الرئيس مرسى عن التسمك بمدنية الدولة ثارت ثائرة هذا التنظيم وبدأ يخطط للعودة للعنف .. أصابع الاتهام تؤكد تورط هذه الجماعة بشكل كبير فى حادث رفح هذا ما أكده اللواء سامح سيف اليزل بل أن صحيفة معاريف نشرت أمس قائمة بأخطر خمس جماعات فى سيناء وذكرت فى سياق حديثها أن جماعة التكفير والهجرة هى المسئولة عن هذه العملية وضمت القائمة تنظيمات أخرى مثل السلفية الجهادية ومجلس شورى المجاهدين وأنصار الجهاد ومنظمة الراية السوداء . ترجع جذور الجماعة إلى عام 1965 عندما شن النظام الناصرى حملة اعتقالات واسعة للإخوان المسلمين واتهام قادة جماعة الإخوان بالتخطيط لقلب نظام الحكم والتى تم على أثرها إعدام الدكتور سيد قطب مع عدد آخر من قادة الإخوان المسلمين .. فى هذا التوقيت كان شباب الجماعة يتعرضون لأبشع وأقسى ألوان التعذيب فنبتت فكرة تكفير الحاكم فى ذهن الشيخ السكندرى على إسماعيل إذ صاغ أفكار الجماعة وسعى للاستدلال على هذه الأفكار من الكتاب والسنة لكنه سرعان ما عاد إلى رشده وأعلن تبرؤه من هذه الأفكار لكن أحد شباب الإخوان المعتقلين فى هذا التوقيت آمن بالفكر التكفيرى إيمانا مطلقا وزاد من إيمانه ما تعرض له من تعذيب كان هذا الشاب هو شكرى مصطفى الذى بايعه أنصار التنظيم ليكون أميرا للجماعة وقائدا لها . وقد ظل شكرى مصطفى فى المعتقل عدة سنوات ثم خرج عام 1971 ليبدأ نشاطه فى تكوين جماعة التكفير والهجرة وغرس فى نفوس الشباب الذين التفوا حوله الأفكار المتطرفة التى تشبع بها فى المعتقل وفى عام 1973 أمر بهجرة الجماعة إلى الجبال بعد أن أعلن تكفير المجتمع وتكفير الحاكم الذي لا يحكم بما أمر الله فلجأ أعضاء التنظيم إلى الجبال والكهوف والمغارات فى محافظة المنيا وتحديدا قرب مدينة أبو قرقاص فتم القبض عليهم فى القضية رقم 618 أمن دولة لسنة 1973 وعندما خرجوا من المعتقل عقب حرب أكتوبر اتسع نشاط الجماعة وزاد عدد أعضاءها إلى أن تم تقديمهم للمحاكمة فى قضية اغتيال الشيخ الذهبى وزير الأوقاف الأسبق (القضية رقم 6 لسنة 1977) وقضت المحكمة وقتها بإعدام خمسة من قادة التنظيم على رأسهم شكرى مصطفى وماهر عبد العزيز .. لكن الجماعة لم تتوقف عن العمل حتى بعد إعدام أميرها وقادة التنظيم بها حيث لجأت للعمل السرى وقضى العشرات من أعضائها سنوات طويلة فى المعتقلات وبعضهم أعلن توبته من هذه الأفكار كما كان للتيار السلفى المعتدل دور كبير فى إعادة الكثير من الشباب الذين آمنوا بفكر التكفير إلى الصواب .. لكن الجماعة لم تمت وعادت تطل برأسها من جديد فى سيناء . كان انتقال الجماعة إلى سيناء قد تم من خلال بعض أعضائها الذين خرجوا من المعتقلات وكانوا يمارسون نشاطهم سرا وكانوا يتدربون على السلاح وأقاموا علاقات وثيقة مع بعض التنظيمات المتطرفة الأخرى فى سيناء وقطاع غزة. جماعة التكفير و الهجرة الشيخ حسن خلف شيخ قبيلة السواركة فى سيناء أكد فى تصريحات صحفية أن عدد أعضاء تنظيم التكفير والهجرة يصل إلى نحو ألف شخص ينتمون لقبائل عديدة منهم 250 شخصا من قبيلة السواركة وحدها وهؤلاء حدثت لهم عمليات غسيل مخ لدرجة أنهم أصبحوا يكفرون آبائهم وأمهاتهم وبعضهم قام بالتفريق بين والده ووالدته ظنا منه بأن أباه كافر لأنه لا يصلى .. وقد بدأ نشاطهم يعود بشكل مكثف بعد تفجيرات طابا ودهب وشرم الشيخ وهؤلاء كان زعيمهم شكرى مصطفى ولكنهم بعد إعدامه لم يتوقفوا وزاد إيمانهم بتكفير المجتمع وتكفير الحاكم وتكفير الدولة وكانوا يرون أن مبارك كافر وأن حكومته كافرة وأن السادات كافر لأنهما تعاونا مع إسرائيل.