(والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدرى القاتل في أي شيء قتل ولا يدرى المقتول على أي شيء قتل ) حديث لرسولنا الكريم قفز إلى ذهني وأنا أتابع كروت التكفير والموت التي يوزعها بعض الشيوخ على الأمة الإسلامية ليشحنوا بها هممنا أكثر على القتل وسفك الدماء . فمنذ عدة أشهر أطلق القرضاوى فتواه الرهيبة بإهدار دم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافى وكانت النتيجة المأساوية وهى سفك دماء ما يقرب من 50 ألف روح ليبية أؤكد أن الكثير منها يصدق فيها قول رسولنا الكريم لا تعرف لما قتلت أو قتلت !! فالدين سلاح رهيب واستخدامه في إصدار فتاوى أهدار الدم مرعب التأثير على قطاعات عريضة من الشعوب العربية البسيطة التعليم والتي تعتبر بعض الفتاوى الشاذة واجبة التنفيذ في الأوقات العادية فما بالنا ومثل تلك الفتاوى تصدر في وقت تقاتل وتصارع سياسي أو قبلي . وعقب هذه المأساة الإنسانية في ليبيا كان على بعض الشيوخ أن يراجعوا أنفسهم قبل إصدار مثل هذه الفتاوى ذات البعد السياسي و ليس الديني غالبا والتي يدفع ثمنها الأبرياء دائما إلا أنى فوجئت على مدار الأسبوع الماضي بتكرارها مع الرئيس السوري بشار الأسد ولكن هذه المرة لم يكن صاحبها القرضاوى فقط بل أنضم إليه الشيخ المحلاوى – إمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية - والذي قال خلال مؤتمر لدعم الشعب السوري( إن النيل من هذا المجرم (بشار الأسد) بات واجبا على كل مسلم يستطيع ذلك) . وأضاف (أنه على كل الثائرين أن يدركوا أن من يقوم منهم بقطع رقبة هذا الخائن - يقصد الأسد - فإنه ولو قتل في سبيل ذلك، سيكون بإذن الله شهيدا، وسيحشر مع سيد الشهداء بالجنة). هكذا بكل بساطة أفتى الشيخ بقتل الرجل – الذي مهما كانت درجة الخلاف السياسي معه فلابد ألا نصبغه بصبغة دينية - ومنح الشهادة لمن يقتله بل وادخله الجنة .. وهو نفس الكلام الذي كرره صفوت حجازي خلال مؤتمر طلابي بجامعة القناة حيث قال بكل هدوء "من قتل بشار له الجنة".. والحقيقة لا اعرف من أعطى هؤلاء الشيوخ علم ربهم بمن سيدخل الجنة من عدمه ومن منحهم صكوك الشهادة ليوزعوها على من يريدون. ولم يتوقف الأمر عند هذا فقط حيث تطوع القيادي السلفي ياسر برهامي بإخراج بشار من الإسلام حيث قال خلال المؤتمر الجماهيري الذي أقيم قبل أيام بمسجد التقوى بالإسكندرية لنصرة الشعب السوري (أن بشار علوي كافر أشد حقدا على المسلمين من اليهود أنفسهم) وهذا القول بالتأكيد يسهل مهمة من يفكر في قتله ويزيد حماسه للمهمة ذات الغطاء الديني والدين منها برأ . فنحن في القرن الواحد والعشرين نقدم على فتاوى لم تصدر في العهود الإسلامية الأولى .. فبشار الأسد حتى هذه اللحظة متهم من ألد أعدائه بقتل عشرة ألف سوري باعتباره راعيا ومسئول عن رعيته التي تقتل – وهذا وفقا للأرقام الصادرة من الأممالمتحدة – وهناك الكثير من الفتاوى بقتله في حين ثبت تاريخيا أن الحجاج ابن يوسف الثقافي – حاكم العراق في العهد الاموى - قتل ما يزيد عن ال120 ألف مسلم ولم يجرؤ أحد من علماء الإسلام أثناء حياته أو بعد وفاته على تكفيره أو إهدار دمه وكان اتفاقهم جميعا على ترك أمره لربه .. فلماذا لا نترك بشار وغيره لربهم وعندما نتحدث في الشئون السياسية يكون حديثنا سياسي ونترك الدين لاستخدامه في مواضعه الصحيحة . لقد أساءت الطريقة التي قتل بها القذافى للمسلمين والإسلام وكانت ابعد ما تكون عن روحه السمحة وزادت من الخوف منه في العالم وتشويه صورته .. وشوشت تفكير المسلمين المعتدلين الذين باتوا في حيرة من أمرهم لاسيما وان ما يحدث يحدث باسم الدين . فصل السياسة عن الدين صار أمرا حتميا ومنح تأشيرات دخول الجنة من بشر لبشر فيه تجرؤ على الله لابد من التصدي له لأنه من غير المنطقي أن يكون القتل وسيلتنا لتصفية أعدائنا واستخدام الدين كسكين .. فلابد أن يلتزم رجال الدين بالاعتدال ومن لم يستطع منهم قول الخير فليصمت . ما يحدث في مصر وسوريا وليبيا واليمن وتونس سياسة وكل الأطراف في هذه الدول تعمل لتحقيق مصالحها وأهدافها السياسية .. فنحن أمام ثورات أو انتفاضات أو حركات تغيير سياسي أو قد يكون بعضها حركات عنف اجتماعي كل ذلك سيصنفه التاريخ بكل حياد لكننا بالتأكيد لسنا أمام صراعا طائفيا أو مذهبيا ومن يريد أن يحوله لذلك عليه أن يخجل من نفسه لأننا في نهاية الأمر مسلمين سواء كنا سنة أو شيعة وفتح الباب أمام مثل هذا النوع من الحروب في العالم الاسلامى سيفنى الملايين .. لذا لابد أن يكون دور الشيوخ ما أمرهم به الله في قوله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ( .. بدلا من إغراقنا في بحور لا تنتهي من الدم المسفوك وللأسف باسم الإسلام. الهام رحيم