دقيت علي الأبواب قالوا كفاية ده مفيش حد .. وناديت علي الأحباب قالوا كفاية ومين هيرد .. القمر مسافر.. والسهر مسافر .. والفرحة مسافرة .. حتي الحزن سافر .. كل الناس مسافرة وهي قريبة مني .. كل الناس في غربة ومين هيسأل عني ؟.. أما احنا قريبين .. وهما قريبين .. لكن من سنين كلنا مسافرين . بهذه الكلمات يسدل الستار علي العرض المسرحي »سيرة حب» والتي كان من المقرر أن تتغني بها المطربة نجاة، بناء علي رغبة الموسيقار بليغ حمدي، ولكنها لم تكن مقتنعة بهذه الكلمات فقررت أن تعتذر بشياكة بسبب كآبة الكلمات علي حد قولها فقالت لبليغ وقتها.. ممكن نضيف جملة في آخر الأغنية، فوافق للطلب قالت »إنا لله وإنا اليه راجعون» الأمر الذي أغضب بليغ وتركها وانصرف. في ليلة 17 ديسمبر 1984 استيقظ بليغ حمدي من نومه علي كابوس ظل يطارده حتي وفاته 13 ديسمبر 93، وهو سقوط الفتاة المغربية »سميرة مليان» من شرفة منزله عارية، وبعد التحريات والتحقيقات قيد الحادث علي أنه انتحار وليس به شبهة جنائية ، ولكن فوجئ بليغ بعدها بمحامٍ يتهمه بتسهيل الدعارة فقرر السفر لباريس وبعد 5 سنوات عاد بحكم براءة وكان أول عمل غنائي يقدمة عقب هذه المحنة أغنية »أنا من البلد دي». يستند العرض إلي ما كتبه المؤلف أيمن الحكيم من خلال كتابه »مذكرات شخصية وشهادات مثيرة لرفاق رحلة بليغ حمدي» برؤية المخرج عادل عبده الذي قدم عملا غنائيا استعراضيا لأهم عمالقة الغناء الذين تعاونوا مع بليغ خلال مسيرته الفنية، علي مدار ساعتين يوميا علي خشبة مسرح البالون. يشارك في العرض مجموعة من النجوم يعيدون الروح مرة أخري لأهم كوكبة من المطربين كشهود عيان علي تاريخ بليغ الفني والشخصي. يبدأ العرض من خلال الصدفة التي تجمع »بليغ» ب »حنة» المحامية التي تجسد شخصيتها المطربة »مروة ناجي» وزوجها »سعيد» الصحفي الذي يجسد دوره الفنان أحمد الدمرداش بأحد شوارع باريس، وتتعرف عليه »حنة» وتدخل معه في نقاش حول سفره قبل أن يثبت براءته، ويبرر لها أنه ليس طرفا فيما حدث، وإنما لفقت له هذه التهمة وينتظر عودته لمصر ليثبت براءته ويأخذ الحوار بينهما طريقة الفلاش باك من خلال الحكي لأهم المحطات والمغامرات والمواقف في حياة بليغ حمدي إلي أن يستقبل رسالة استدعائه لمصر بعد أن تحدد موعد محاكمته والتي حوّلها المخرج عادل عبده إلي محاكمة خيالية تحت مسمي »محكمة الفن» ليلتف حوله عدد كبير من النجوم كمدافعين عنه وعن فنه. يري عبده أنه دخل في تحد مع نفسه لاستحضار أرواح عدد كبير من المطربين ممن عاصروا بليغ، من خلال أوبريت غنائي يعتمد بشكل أساسي ومباشر علي الغناء بمصاحبة الموسيقي الحية بقيادة المايسترو محمد أبو اليزيد، ويضيف.. فكرة تقديم عرض »سيرة حب» كانت مؤجلة منذ عدة سنوات ورغبة من وزيرة الثقافة قررنا تنفيذها تخليدا للراحل الموسيقار بليغ حمدي. وفيما يخص انسحاب المطرب محمد الحلو من العرض أكد عبده أن مسألة الانسحاب واردة في أي عمل فني، واحترمنا رغبته في عدم المشاركة لأسباب تتعلق به شخصيا، وبالفعل وقع الاختيار علي الفنان إيهاب فهمي الذي برع في تقديم الدور بشهادة الجميع. بليغ حمدي »مش غريب عني» لسان حال الفنان إيهاب فهمي الذي عاش داخل الشخصية منذ ما يقرب من 14 عاما فيقول.. قدمتها في مسلسل »العندليب» وهذا العمل أتاح لي فرصة التقرب إلي بليغ بشكل قوي، وأكسبني جميع لزماته وحركاته بالإضافة إلي روحه، وفي المسلسل كان هناك مساحة لتقديمه بشكل أوسع، لكن من خلال هذا العرض المسرحي نتناول آخر خمس سنوات في حياته منذ لحظة سفره لباريس وحتي صدور حكم البراءة. ويضيف فهمي قائلا.. كان بليغ دائما يقول إن سر جمال ألحانه مصدرها القرآن الكريم، وكان يبحث عن شيء مفقود داخل حنجرة معظم المطربين وهو الصدق والإحساس. الفنان مجدي صبحي يؤكد أن خفة دم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ساعدته للوصول للجمهور بسهولة، والهدف ليس تقديم سيرة ذاتية له، بل لمحة سريعة لأهم المواقف التي جمعت بين عبدالوهاب وبليغ، خاصة عندما قرر بليغ أن يطلب يد ابنته »إش إش» واختفي كعادته في ظروف غامضة. ويضيف صبحي: للمسرح حالة خاصة وهذه النوعية من الأعمال تتطلب رؤية ونظرة مختلفة، فحاولت الاقتراب من روح الموسيقار عبد الوهاب وطريقة أدائه وطبيعته التلقائية وخوفه الشديد من انتقال الأمراض له عن طريق السلام ، وروحه المرحة ساعدتني في تقديم الشخصية بشكل جديد ومختلف دون الإخلال بمضمون العرض. المطربة مروة ناجي قالت إنها تقدم في العرض عدداً من الأغنيات لكبار المطربين مما تعاونوا مع الراحل بليغ حمدي، وهو الأمر الذي دفعها بشدة للمشاركة في العرض بشخصية »حنة» المحامية، ومن وجهة نظري العمل دعوة لاستعراض سير الرموز البارزة في كل المجالات التي تمثل زمن القيم وزمن الفن الجميل. ويري الفنان أحمد الدمرداش أن عرض »سيرة حب» مرحلة جديدة مسرحيا أعادته إلي الكوميديا من خلال شخصية »سعيد الصحفي» والعمل بصفة عامة يعبر عن هوية المسرح الذي يتناول دائما الجانب المظلم في حياة العمالقة، والموسيقي بالنسبة »لأبو النيل» كما كانوا يلقبونه لم تكن مجرد عمل أو مهنة بل حالة حب وعشق متواصلة، وسعدت جدا بالمشاركة في هذا العمل الذي يوثق لحياة ملحن وموسيقار كبير ظلم فنيا في حياته وبعد وفاته. أم كلثوم كان لها حضور قوي في حياة بليغ والتي تجسد شخصيتها الفنانة نهلة خليل، عندما احتضنته وشجعته ، وقالت إنها استطاعت أن تقترب من أم كلثوم من خلال أغانيها التي قدمتها لأنها تشارك في العرض بالغناء أكثر من التمثيل، وأحاول أن ألقي الضوء علي أهم المحطات التي جمعت بين كوكب الشرق وبليغ فهو لحن لها 12 أغنية بداية من »حب إيه» عام 59 وحتي »حكم علينا الهوي» عام 73. إضافة إلي أن أم كلثوم في تلك الفترة بحثت عن ملحنين جدد بعد ما تعاونت مع زكريا أحمد والقصبجي ورياض السنباطي، ثم تعرفت علي بليغ وأقنعها بالجديد، وأم كلثوم كانت تبحث عن التجديد في إطار الأصالة. الفنانة سمية درويش التي تجسد شخصية الراحلة »وردة» تؤكد أن وردة الجزائرية من الفنانات اللاتي يصعب تقديمهن علي الشاشة، وحاولت بمساعدة المخرج عادل عبده أن نصل إلي أقرب شكل من خلال أهم الأغنيات التي تعاونت فيها مع الموسيقار بليغ حمدي، بالإضافة إلي الموقف الذي أثارحفيظة الوسط الفني كله في تلك الفترة، عندما سافر إلي لبنان ولم يحضر حفل زفافه. وأضافت درويش قائلة: جمعني بالفنانة وردة لقاء منذ 17 عاما في إحدي المناسبات وأشادت بأدائي وبصوتي. وكانت بداية التعاون بينه وبين وردة عندما أحضر له عازف الكمان »أنور منسي» شريطا مسجلا عليه أغنية بصوتها »يا ظالمني» لأم كلثوم وارتبط بها وتزوجها حتي انفصلا عام 79 بعد 7 سنين زواج. أما المطرب شيكو فيقول خبرتي في التمثيل قليلة ولكن ساعدني المخرج عادل عبده علي تخطي رهبة الخوف من الوقوف علي خشبة المسرح بإسناد شخصية »عزيز» لي وهو صديق بليغ في غربته، وهو أقرب شخص له وكاتم أسراره وحتي لايغفل موهبتي الغنائية جعلني اقدم اغنية واحدة من خلال العرض. الفنان ناصر عبدالحفيظ يؤكد علي أن شخصية الخال عبد الرحمن الابنودي احد اهم الشعراء والكتاب الذين تعاونوا مع بليغ، وكان لهم دورا واضحا وبارزا عقب النكسة، وحتي العبور، وكانت الكلمة الوطنية أهم سلاح المطربين في ذلك الوقت ومن خلال مشهدين للخال الذي يلتقي ببليغ من خلال كلمات »موال النهار» والذي تسبب في خلاف بسيط بينهما لولا تدخل عبد الحليم حافظ الذي أضاف شطراً للاغنية تنهي الخلاف في ذات اللحظة وتظهر حالة التناغم والحب من أجل الخروج بالأغنية للجمهور متكاملة الأركان. الكاتب والمؤلف أيمن الحكيم يقول إن فكرة العرض محاولة لنقل صورة مختلفة عن الكتاب، وقررت تقديم عمل فني جديد علي المسرح في صورة محاكمة لبليغ، عندما عاد من باريس وتم استئناف الحكم الصادر ضده وحصل علي البراءة، حيث يطلب شهادة أصدقائه مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ والشيخ النقشبندي ومحمد رشدي والأبنودي، ويدخل الجميع ليقول كلمته عن بليغ، وكان من المقرر تقديمه علي مسرح الفن ويخرجه جلال الشرقاوي لكنه انشغل بالعرض المسرحي »هولاكو» في ذلك الوقت إلي أن أسندته وزيرة الثقافة للمخرج عادل عبده، وأن ينتجه قطاع الفنون الشعبية ويعرض علي مسرح البالون. فكرة تقديم عرض سيرة حب مغامرة ومعركة فنية جديدة من معارك المخرج عادل عبده، لعودة المسرح الاستعراضي مرة أخري، خاصة علي مسرح الدولة ، ونجح في عملية المزج بين أداء الفنانين المشاركين والانتقال عبر الشاشة التي يقدم من خلالها بعض المقاطع الحقيقة لبليغ والجلسات الفنية التي جمعت بينه وبين كبار المطربين. العرض يضم نخبة كبيرة من الفنانين المشاركين بشخصيات تأثرت بفكر وألحان بليغ حيث يقدم الفنان عماد عبدالمجيد شخصية المطرب محمد رشدي، وعمرو أصلان شخصية الشيخ النقشبندي، وشريف عواد دور الموسيقار رياض السنباطي، ويجسد أحمد الأمير شخصية عبدالحليم حافظ، وقام بتصميم الديكور والأزياء محمد الغرباوي، تدريب استعراضات حسام التابعي، مخرج منفذ محمد شافعي.